16 تشرين الثاني / نوفيمبر 2012
الموت، البؤس، الخوف، اليأس والدمار. تظهر الصور في هذه المقالة كيف تُخطف الحياة وكيف تُدمّرمدنٌ ومجتمعاتٌ بأسرها. هذه وثائق صريحة ومؤلمة من الحرب الأهليّة في سوريا تشهد ضدّ أطراف النزاع وضدّ عجز القوى العالميّة.
برلين – بلدٌ يُدمّر. ببنادق كلاشينكوف، بالقنابل، بالألغام، بالدبابات، بالطائرات المقاتلة وبالقنابل العنقودية يحارب السوريون بعضهم البعض. الحرب بين معارضي بشار الأسد وأتباعه وصلت لحدٍّ أشعلت فيه كل الخنادق. هناك قتال ونيران وقصف على كلّ شبرٍ منها. والمدنيون هم المسحوقون والضحايا.
يصعب توثيق مدى الدمار الحاصل حتى الآن. منذ 2011 عندما بدأ القتال في حمص ودُمّرت قرى بأكملها ينشر الناشطون السوريون فيديوهاتهم في يوتيوب في حين لم يتمكن صحفيون مستقلون من الدخول وكتابة تقاريرهم. ولكن بعد أن سيطر المتمرّدون على أكثر من معبر حدودي بين سوريا وتركيا، تمكن المئات من الصحفيين من الدخول إلى شمال البلاد.
الصور من المحافظات الشمالية إدلب وحلب مقلقة: شوارع مقصوفة، مدنيون مضرجون بالدماء، جثث هامدة لمقاتلين من الثوار ومن مؤيدي الأسد أيضاً. لذا قررت شبيغل أون لاين عدم إظهار الصور البشعة. ومع ذلك فإنه من الصعب تحمّل الكثير من الصور التي سنعرضها. هذه وثائق تظهر البؤس، اليأس والموت.
باستثناء صورة واحدة فإن كل الصور أخذت في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2012. في الاشهر الأخيرةازداد العنف في سوريا لحد أبعد. يقاتل الطرفان بمرارة. لم تعد توجد أعذار لأحد، لذلك تسيل الدماء بغزارة. فقد كثيرٌ من السوريين أقاربهم وأصدقائهم. مقاتلو المعارضة والنظام يدركون تماماً أنهمإن وقعوا في يد الخصم، فلن تكون هناك رحمة لترأف بهم، من قُتِل سيُقتل.
منذ الصيف بدأ النظام بقصف مدن مواطنيه بالطائرات الحربية يومياً ولعدة مرات. ويستخدم لذلك دوماً كميات هائلة من المواد المتفجّرة. كما أنه استخدم الذخائر العنقودية بشكلٍ واضح. بدأ الثوار باستخدام أساليب النظام البغيضة نفسها. 41 عاماً مارس أتباع النظام السوري أساليب التعذيب بحق معارضيهم، قتلوهم أو غيّبوهم للأبد في الزنازين.الآن يمارس العديد من المتمردين الأمر ذاته بحق معارضيهم. كلما طال العنف أكثر، ستكون المعارضة أكثر تطرّفاً وتعصّباً.
ras
- الرجل في الشارع ملقىً وينادي بالنجدة. لقد أصيب بطلقتين في بطنه، حين كان يحاول عبور الشارع. زحف إليه اثنان من المتمرّدين بحذر. إنهم الآن في منطقة مليئة بقناصي النظام. وقد تمكّنوا من سحب المدنيّ المصاب ونقله لتلقي الرعاية الطبية.
- يجلس هؤلاء على الأرض مضمومي الأيدي وينظرون بخوف إلى حرّاسهم. تم التقاط هذه الصورة من قبل ناشطين سوريين. تظهر هذه الصورة على ما يبدو مقاتلين من جانب النظام السوري تم أسرهم من قبل المتمرّدين في جسر الشغور شمال البلاد. من غير المعروف ما إذا حصل قتال بين هؤلاء مع المتمرّدين من قبلُ أم أنهم كانوا مدنيين.
- فقدت هذه الفتاة (التي ترتدي بنطلون جينز مع صورة ميكي ماوس ضاحكة) وعيها. لقد أصيبت بجروح خطيرة، حين قصفت مقاتلة عسكرية سورية حي “كرم العصر” في حلب حيث كانت تعيش مع عائلتها. قريبها يضخ الأوكسجين في رئتيها.
- يدخل ضوء الشمس من ثقوب أحدثها الرصاص. قنّاصان من المتمرّدين في مكان تمركزهما في أحد البيوت وسط حلب.
- يكمن قناصان من المتمرّدين لجنود الأسد في حلب. لقد فتحوا ثقوباً في الجدار بحيث يمدّان فوهات أسلحتهما عبرها باتجاه الشارع، فيما يبقيان هما بعيدين عن الأنظار. المكان حيث يقفان كان قبل الحرب مدرسة.
- يتعاظم جبل القمامة النتن أسبوعياً. يحمل السوريون قماماتهم إلى أحد الدوارات المرورية في حلب. توقف عمليات جمع القمامة منذ أشهر بسبب المعارك الضارية القائمة.
- بالكاد تجد شقة سالمة. في الجنوب الشرقي من حلب يمشي السكان بين أنقاض ما كان من قبل حيّهم. بعد أيام طويلة من القصف المتواصل من الجيش السوري، تضررت المنازل بشكل كبير جداً.
- سوريون يقتلون سوريين. الجنود الثمانية الموالون للأسد يلقون نظرة على جثتين هامدتين ملتويتين لاثنين من المتمرّدين. لقيا حتفهما أثناء معارك حصلت في حلب.
- يحدّق المقاتل التابع للمعارضة في سقف المشفى بحلب. يبدو أنه يتألّم. ترتاح يده اليمنى على جبينه بينما يعالج طبيب جروحاً أصيب بها نتيجة رصاصة في صدره. يمد أحد مساعدي الطبيب يده ليلمس بها رأس المحارب الثائر.
- يفتش المتمردون في بيت بحثاً عن موالين للأسد في حارم شمال البلاد. يقف أحدهم ويحدّق في الجثث الملتصقة ببعضها بجانب الجدار. القتلى من موالي الأسد. يُحتمَل أنهم أُعدموا من قبل المتمردين.
- يلقي المقاتل النحيف قنبلة من خلف متراسه الرملي باتجاه الجنود. الشرر المتطاير من القنبلة يوحي أنها محليّة الصنع. بسبب نقص الإمدادات يعين المعارضون السوريون أنفسهم. تدور رحى معارك ضارية منذ أشهر بين مؤيدي النظام ومعارضيه في حلب، لا يستطيع فيها أي طرف أن يحقق النصر على حساب خصمه.
- أحدث هذان المتمرّدان حفرة في الإسفلت، فيما يطلّ أحدهما منها. إنهما يريدان زرع لغمٍ فيها لينفجر تحت دبابة تابعة للجيش السوري, يطيّرها في الهواء.
- يتطلع مقاتل من المتمرّدين من خلال الستارة المدلّاة إلى الشارع، فيما إصبعه على الزناد. حوّل الثوار غرفة المعيشة إلى مركز قنص. لقد هرب مئات الآلاف من المدنيين تاركين منازلهم في حلب. من يترك منزله، عليه أن يحسب حسابه أن هناك سكّاناً جدد سيدخلونه.
- تدور رحى حرب شوارع حامية الوطيس في حلب منذ شهور. يصوّب مقاتل من المتمرّدين مدفعه الرشاش على مبنى يعتقد أن فيه جنوداً موالين للأسد. لقد تمكّن المتمرّدون في الأشهر الماضية من اعتنام بعض الآليات المصفحّة من جيش النظام.
- يجلس الرجل في مدينة عزاز شمالي سوريا مقابل بيته المخرّب في الشارع. يقوم بإرضاع ابنته بواسطة قنينة حليب. لقد تم طرد الجنود موالي الأسد من عزاز قبل ما يقارب الستة أشهر من الآن. ولكن الطيران الحربي السوري لا يزال مراراً وتكراراً ينفذ هجمات جوية على المدينة.
- مجموعة من الناس تأتي إلى مكان الركام ويتجمعون وسطه. يحاول رجال الإطفاء إخماد الحريق. انفجرت سيارة ملغومة في حي مزة 86 بدمشق. الحي الذي يقع بالقرب من القصر الرئاسي. حيث يعيش الكثير من موالي النظام هناك. بحسب الإعلام الرسمي السوري قُتل في الانفجار الذي حصل يوم 5 نوفمبر / تشرين الثاني 11 شخصاً. حالياً يحصلتفجير واحد على الأقلفي دمشق كل أسبوع.
- لا يزال الأب حاملاً بين إصبعيه سيجارته المشتعلة التي كان يدخنها حين سقطت القنبلة الثانية. ركض ينجو بحياته حاملاً ولده بين يديه. على بعد مئة متر يبحث منجدون عن ناجين من أذى الهجوم الأول. قصفت القوات الجوية السورية مدينة الباب شمالي حلب ثلاث مرّات يوم الرابع من نوفمبر / تشرين الثاني.
- يتربّص المقاتلون المتمرّدين في كمينٍ للجنود. تحوّل القتال في حلب بين موالي النظام ومعارضيه إلى حرب شوارع على كل شبرٍ من المدينة.
- هذه آثار التعذيب. يعرض هذا الرجل ما فعله موالوا النظام على ظهره مستخدمين في ذلك السكاكين، الأحزمة والأحذية. يشتهر نظام الأسد بأنه يعذب معارضيه بوحشية أو يغيّبهم للأبد. معظم الثوار يقومون من طرفهم الآن بتعذيب مقاتلي النظام وجواسيسه.
- يواجه المتمرّدون الجيش السوري بمقلاع من صناعة محليّة. نظراً لافتقارهم إلى الأسلحة الثقيلة والذخيرة، يقومون بابتكارها. في حلب يقومون بإلقاء قنبلة محليّة الصنع على جنود بشار الأسدباستخدام المقلاع.
- تبدو معالم الخوف واضحةً على وجهه. قبل قليل أطلق الرجل ذي القميص سماوي اللون النار على المتمرّدين والآن هو في قبضتهم حيث يصيح أحدهم في وجهه غاضباً. لقد خسر المتمرّدون الكثير من الرجال في معاركهم أثناء الدفاع عن مدينة حارم في شمال البلاد. سيحاكم مقاتل الأسد هذا سريعاً وسيتم تنفيذ حكم الإعدام فيه بعدها بوقت قصير.
- يستلقي الصبي بلا حراك على سرير “ميداني”. لقد أصيب أثناء هجوم لسلاح الجو السوري. يعتني به الآن مجموعة من الأطباء في أحد مشافي حلب. ثمانون بالمئة من الجرحى الـ 100-120 الذين يأتونإليهميومياً هم من المدنيون.
- نصب المتمرّدون منصّةً لإطلاق الصواريخ على سيارة “بيك أب”. وهو يصوّبون نيرانهم على موقع لجنود موالين للأسد في الشمال السوري بالقرب من مدينة حارم. من اين حصل الثوّار على الصواريخ: لا أحد يعرف. ربما غنموابعض الصواريخ من القوات المسلّحة السورية. لربما استطاعت بعض البلدان الداعمة للمعارضة أن تهرّب بضعة عشرات من الصواريخ باتجاه سوريا. ترفض الولايات المتحدة حتى الآن إعطاء المتمرّدين صواريخ أرض جو.
- يقف هذا الطفل الخائف باكياً على زاوية شارع في حلب. انتهى صوت طلقات المدفعية الذي يصمّ الأذان. لكن منزله مدمّر. حوّلت القذائف المنزل إلى أنقاض. لقد قصفت قوات الجيش السوري الحي لأن المتمرّدين يتمركزون فيه.
- تظهر المرآة ذات الإطارالطريق للمقاتل المتمرّد، حيث يختبئ هو على طرفه. إنه يكمن للجنود الموالين للنظام. باستخدام المرآة يريد أن يكشفهم ويقتلهم قبل أن يتمكنوا هم من فعل ذلك.
- يسلّط حفّار القبور مصباحه اليدوي على جثة رجل ميت. من هو؟ لا أحد يعرف في هذه العجالة. لقي الرجل حتفه أثناء هجوم للقوات الجوية على حلب. تم دفنه في مقبرة جماعية. قد لا يعرف أقاربه مصيره أبداً.
- الرجال الثلاثة ينتمون إلى المتمرّدين. يبدو أحدهم وكأنه خرج للتوّ من عمله المكتبي. تقريباً كل السوريين الذين يقاتلون كانوا حتى بداية الثورة مواطنين عاديين – فلاحين، معلّمين، موظفين. ولكن أرغمهم القمع الوحشي للمظاهرات على حمل السلاح. معظمهم ينتمي من مناطق سوريا الأكثر فقراً. تم أخذ الصور يوم 21 أغسطس / آب في حلب.
- أحد مقاتلي المتمرّدين يقف ملوّحاً. يصرخ انتصاراً. لقد وجّه قذيفته قبل قليل في حلب باتجاه أحد الأبنية حيث يُعتقد أن ميليشيات موالية للأسد كانت مختبئة فيه.
- كالدموع تسيل الدماء على وجنتيه. أصيب كمال بشظية في وجهه، حين فتحت طائرة مقاتلة نيرانها على الشارع الذي يسكن فيه في حلب. ماتت ابنة كمال ذات الثمانية أعوام في هذا الهجوم.
المصدر
Spiegel Online