الجوع والركوع والبقاء على قيد الحياة

الجوع والركوع والبقاء على قيد الحياة

الحرب السورية من منظور الغذاء

برنت إنغ (Brent Eng) وخوسيه سيرو مارتينيز (Jose Ciro Martinez)

نشرت في MER273

في 23 ديسمبر/ كانون الثاني 2012، بعد أسبوع من فرض نقص المؤن، تلقت بلدة حلفايا السورية 100 كيس طحين من جمعية خيرية إسلامية. وبدأ المخبز الرئيس في البلدة إنتاج الخبز، وهي حالة نادرة جداً منذ تصاعد العنف بين نظام الأسد وقوات المعارضة في مطلع تلك السنة. وأخذ المواطنون الجائعون يصطفون بانتظار دورهم.

وبعد ساعتين، أي بعد الساعة الرابعة مساء، قصفت طائرة هجوم أرضي من نوع سوخوي 22 الفرن، ما أسفر عن مقتل 60 مدنياً على الأقل ينتظرون خبزهم اليومي. [1] ويظهر فيديو يوتيوب التقط بعيد الهجوم أرغفة وأشلاء متناثرة في الشارع. [2] هذه الصور مرعبة، والصرخات مؤرقة، ولكن هناك ما هو أكثر من المذبحة التي تراها العين. فتوفير المواد الغذائية للبعض وحرمان البعض الآخر ليست إلا تكتيكات عسكرية ترتبط ارتباطاً شديداً بمزاعم الأطراف المتحاربة على السيادة والشرعية.

حتى عام 2007، تميزت سوريا بسياستها الغذائية الناجحة. وأدت التحسينات في مجال زراعة الأرض الجافة التي تحققت عبر المساعدة الدولية ودعم الدولة والتخطيط الاقتصادي المركزي إلى اكتفاء البلاد ذاتياً في المنتجات الاستراتيجية كالقمح. وعلى مدى السنوات الخمس التالية، دمر مزيج من التحرر الاقتصادي واستمرار سوء إدارة الموارد الطبيعية والجفاف الشديد الريف السوري. ووفق تقديرات متحفظة للأمم المتحدة هجر أكثر من 300 ألف شخص المحافظات الشمالية الشرقية بحلول عام 2009 بسبب الجفاف وضعف المحاصيل وارتفاع تكاليف الإنتاج. وساهمت هذه الهجرة في هجرة غير مسبوقة إلى المدن واشتداد الغضب الشعبي تجاه الحكومة.

استمر في القراءة

الترجمة الكاملة بالعربية لمداخلة انجيلينا جولي في الامم المتحدة

يوم الجمعة 24 نيسان/ أبريل 2015, مثلت المفوض الخاص لهيئة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنجلينا جولي-بيت Angelina Jolie Pitt أمام مجلس الأمن في نيو يورك للتوعية بأزمة اللاجئين المستمرة في سوريا.

السيد الرئيس

السادة وزراء الخارجية

سيداتي وسادتي

يشرفني أن أقدم تقريري لمجلس الأمن

أتقدم بالشكر لسعادة وزير الخارجية الأردني

والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين

الزملاء في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

وفي برنامج الغذاء العالمي

منذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، قمت بـ 11 زيارة للاجئين السوريين في العراق والأردن ولبنان وتركيا ومالطا. كنت أتمنى لو أن بعض السوريين الذين التقيت بهم كانوا بيننا هنا اليوم. تحضرني الأم التي التقيتها مؤخراً في مخيم في العراق، والتي كانت ستخبركم كيف سيكون شكل الحياة بعد أن يقوم مسلحون باختطاف ابنتك لتشغيلها في تجارة الجنس.

تحضرني هالة… الفتاة اليتيمة التي تعيش في مخيم في لبنان مع أخوتها الخمسة. هالة كانت ستخبركم كيف هو شعور المسؤولية، في سن الحادية عشرة، لأن أمكم قُتلت في غارة جوية وأباكم مفقود.

يحضرني الطبيب أيمن من حلب، الذي شاهد زوجته وابنته ذات الثلاث سنوات تغرقان في البحر المتوسط، حين انقلب زورق التهريب الذي كان يقلهم والذي كان يحمل مئات الأشخاص. أيمن كان سيخبركم كيف يكون الحال حين تحاول حماية من تحب في الحرب، ثم تفقدهم في محاولة يائسة للنجاة بعد فشل كل السبل الأخرى. كل السوريين الذين التقيتهم يستطيعون التحدث عن الأزمة التي يعيشونها بطريقة حقيقية أكثر مما أستطيع أنا.

حوالي الأربعة ملايين لاجئ سوري هم اليوم ضحايا لصراع لا يد لهم فيه. مع ذلك يتم تمييزهم ورفضهم ويتم التعامل معهم كعبء ثقيل. لذلك، أنا هنا من أجلهم. لأن رابطة الأمم المتحدة هذه هي رابطتهم. هنا كل البلدان وكل الناس متساوون، من أصغر وأضعف الأعضاء إلى أكبرها وأقواها. إن هدف الأمم المتحدة هو تجنب الأزمات ووضع حد لها… تقريب البلاد من بعضها… وإيجاد حلول سياسية… وإنقاذ الأرواح. ونحن نفشل في ذلك كله في سوريا. صحيح أن المسؤولية عما يحدث تتحملها الأطراف المتحاربة داخل سوريا، ولكن الأزمة تدهورت بسبب الخلاف وانعدام القرار لدى المجتمع الدولي، ما يشكل عقبة أمام مجلس الأمن ليضطلع بمسؤوليته.

اللاجئون السوريون الذين قابلتهم عام 2011 كانوا مليئين بالأمل. كانوا يقولون لي: “أرجوكِ، أخبري العالم بما يحدث لنا”. كانوا يعتقدون أن الحقيقة وحدها كافية لتحركٍ دولي. عندما عدت، كان الأمل قد تحول إلى غضب… غضب أب حمل طفله الرضيع وسألني: “هل هذا الطفل إرهابي؟ هل ابني إرهابي؟”.

خلال زيارتي الأخيرة في شباط كان الغضب قد تحول إلى استسلام وبؤس وسؤال مرير: “لماذا نحن السوريون لا نستحق الإنقاذ؟”. أن تكون سورياً عالقاً في هذا النزاع، يعني أن تكون مستثنىً من كل قانون أو مبدأ وُجد لحماية حياة الأبرياء. إن القانون الدولي الإنساني يحظر التعذيب والتجويع واستهداف المدارس والمستشفيات، لكن هذه الجرائم تحدث فعلاً، وبشكل يومي في سوريا.

يمتلك مجلس الأمن السلطة للتعامل مع تهديدات الأمن والسلام الدولية كهذه، لكن هذه السلطة لا تزال اليوم معطلة. لقد أخذت الأمم المتحدة على عاتقها مسؤولية حماية المبدأ القائل: “عندما تفشل دولة في حماية مواطنيها، فلن يقف المجتمع الدولي متفرجاً”. لكننا اليوم نقف متفرجين على سوريا. ليست المشكلة قلة المعلومات. فنحن نعلم بالتفصيل ما يحدث في اليرموك، وفي حلب، وفي حمص. المشكلة هي انعدام الإرادة السياسية. لا نستطيع أن نشاهد سوريا، مع هذه الشرور التي سببها انعدام القرار، بدون أن نفكر بأن هذا هو أدنى مستوى وصل إليه العالم في انعدام قدرته على الدفاع عن الأبرياء وحمايتهم. أقول هذا وأنا فخورة بانتمائي للأمم المتحدة طوال 13 عاماً. لا أعتقد أن الكثيرين يدركون عدد الأشخاص الذين تتولى الأمم المتحدة تأمين غذائهم وحمايتهم وتعليمهم كل يوم. عمل الخير هذا كله، تؤثر عليه سلباً الرسالة التي يتم فهمها من طريقة تعاملنا مع سوريا… وهي أنه يمكن للقوانين أن تنتهك… يمكن للأسلحة الكيميائية أن تستخدم… وللمستشفيات أن تقصف… يمكن للمساعدات أن تُمنع… ويمكن تجويع المدنيين… وبدون محاسبة.

لذا وباسم اللاجئين السوريين، أود التقدم للمجتمع الدولي بثلاثة مطالب:

أولاً: دعوة إلى توحيد المواقف. فقد حان الوقت لأن يعمل مجلس الأمن كيدٍ واحدة لإنهاء النزاع، وإيجاد تسوية تحقق العدل والمساءلة لأجل الشعب السوري. إنه لمن المشجع رؤية تمثيل وزاري من الأردن وإسبانيا وماليزيا هنا اليوم. ولكني أعتقد أننا جميعاً نرغب برؤية وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن جميعهم، يعملون هنا على إيجاد حل سياسي لسوريا كمسألة عاجلة. في الأشهر الماضية، رأينا عملاً دبلوماسياً مكثفاً في أجزاء أخرى من المنطقة. دعونا نرى إذن ما نستطيع عمله لشعب سوريا. ومع أني أرى أن هذا الحديث من الأهمية بمكان، إلا أني أحث أعضاء مجلس الأمن على زيارة اللاجئين السوريين، لكي يروا معاناتهم بأم أعينهم، ويروا تأثير ذلك على المنطقة. هؤلاء اللاجئون لا يستطيعون القدوم إلى المجلس. لذا رجاء… هلا ذهبتم أنتم إليهم؟

ثانياً: أردد ما يقال عن الدعم الكبير الذي تقدمه دول الجوار. إنه لمن المقرف مشاهدة آلاف اللاجئين يغرقون على أبواب أغنى قارات العالم. لا أحد يجازف بحياة أولاده بهذا الشكل إن لم يكن اليأس قد تمكن منه. إن كنا لا نستطيع وضع حد للصراع، فإننا لا نستطيع أن نتهرب من المسؤولية الأخلاقية بمساعدة هؤلاء اللاجئين، وبتأمين سبيل قانوني لهم نحو الأمان والسلامة.

ثالثاً: إن بربرية هؤلاء الذين يمارسون العنف الجنسي بشكل ممنهج تتطلب رداً أكثر حزماً من قبل المجتمع الدولي. علينا أن نوضح بأننا جادون في محاسبة هذه الجرائم. فهذا هو الأمل الوحيد في ترسيخ أي حل رادع. لذا أنا أدعو أعضاء مجلس الأمن إلى البدء بالتحضير من الآن لضمان تمثيل المرأة السورية في أية محادثات قادمة عن السلام، وذلك وفقاً لقرارات مجلس الأمن العديدة.

وأخيراً، أود أن أنهي حديثي هنا بالتطرق إلى نقطة أوسع. إن الأزمة السورية مؤشر على أن عجزنا عن إيجاد حلول سياسية، يتسبب بنزوح جماعي، ويحتجز ملايين الناس في المنفى بدون وطن. اليوم هناك 52 مليون إنسان في العالم مجبر على النزوح. إنهم بحر من الإنسانية المهملة. ومع أن أولوياتنا اليوم تتلخص بإنهاء النزاع السوري، إلا أن علينا أيضاً توسيع نطاق الحديث للتعامل مع مشكلة أكبر.

إن تاريخنا لا يتحدد بالأزمات التي نمر بها، بل بالطريقة التي نحن كمجتمع دولي، نتعامل بها مع هذه الأزمات.

شكراً لكم…

 

المصدر

Angelina Jolie’s speech to the UN security council