حكم عائلة الأسد يجعل إمكانية إقامة دولة علوية أمراً مستحيلاً

فيصل اليافي  24 تموز يوليو 2012

تظهر على الهضاب في أقصى غرب سوريا قلعة الحصن المذهلة. هذه القلعة التي تعتبر القلعة الصليبية الأكثر محافظة على آثارها وتاريخها في العالم. منذ القرن الحادي عشر كانت هذه القلعة قاعدة الهجمات الاوروبية الصليبية على سوريا. لطالما كانت مركزاً لتسديد الضربات ومكاناً للحفاظ على ساحل المتوسط آمناً من الإمبراطوريات العربية التي كانت تحاول استعادته.

هل من الممكن أن يحدث شيء مماثل في غرب سوريا قريباً؟ مع وصول الانتفاضة إلى مرحلة حاسمة أصبح هناك حديث عن “الخطة ب” – في حال لم يستطع نظام الأسد أن يقضي على الثوار بشكل نهائي- الخطة تتضمن أن ينسحب العلويون إلى الجبال في أقصى الغرب متمركزين حول مدينة اللاذقية الساحلية حيث يمكن إقامة دولة علوية. وبوجود قاعده روسية في طرطوس والملايين المكدسة في البنوك الأجنبية يمكن للأسد أن يصمد طويلاً كي يقيم دولة.

هل من الممكن أن يحدث هذا حقاً؟ من الممكن أن تكون قد بدأت هذه الخطة بالتحقق فعلاً. تبدو الهجمات الحالية كالمذبحة التي حدثت في ضيعة التريمسه في 12 تموز مدروسة بهدف تهجير السنة في غرب سوريا من بيوتهم وإبعادهم شرقاً وبعيداً عن مركز العلويين. هناك نظرية تقول بأن نظام الأسد يخطط لإبعاد السنيين الخائفين على حياتهم من مناطق غربي حمص وحماة اللتان مازالتا مدن ذات غالبية سنية.

من المؤكد أنه في حال سقوط الرئيس بشار الأسد سيكون هناك هجوم انتقامي على العلويين الذين يشكلون أقلية منبثقة من الشيعة فيما أغلبية سوريا من السنة.

أغلب السوريين ليسوا طائفيين بالمعنى المطلق. ولكن بالرغم مما يقوله قادة المتمردين الآن فإنه من المؤكد أنه ستتم مطاردة عناصر الشبيحة (مرتزقة النظام الذين قاموا ببعض أبشع المجازر والاغتصابات، وهم في غالبيتهم من العلويين) والتخلص منهم . ومع إدراك هذا الواقع، وبعد أن حكم العلويون دولة سنية لأربعة عقود فإنه من الطبييعي أن يخاف العلويون على سلامتهم بعد سقوط الأسد.

ومع ذلك فهناك الكثير من الأسباب التي تدفع للاعتقاد بأن وجود دولة علوية ليس مرحب به من قبل كثير من العلويين ولن تنجح بأية حال. على الرغم من أن النظام السوري مكون من غالبية علويّة إلا أنه لا يتمحور حول طائفة واحدة بل حول عائلة واحدة. فالكثير من العائلات العلوية ماتزال فقيرة ولكن لهم الأفضلية في القوات المسلحة. وفي حال تم اقناعهم أن حكومة سنية لن تهددهم فإنهم على الغالب لن يقفوا مع هذا النظام  الهمجي، والذي إذا استقر وشكل دولته في غربي البلاد فإنه سيتابع بطشه وقمعه المنظم .

بالإضافة إلى ذلك فإن موقع العلويين العاديين في دولة كهذه سيكون سيئاً للغاية. لقد جمع نظام الأسد ثروة هائلة. فوفقاً لتقرير حديث من ألاكو Alaco ،شركة إستخبارات مالية من لندن، فإن الأسد والمقربين له من النظام يتملكون سبعين بالمئة من مصادر الدولة، أراضيها، ترخيصاتها وشركاتها. ما الذي سيدفع العلوي العادي للتفكير أنه في الدولة الجديدة، حيث سيعتمد أغلب العلويين على الأسد  بشكل كامل لحمايتهم، ستكون عائلة الأسد مستعدة لإشراكهم في ثروتها؟

هناك خوف حقيقي بين العلويين من الهجمات الانتقامية عليهم ولكن في الوقت نفسه هناك إعتراف سائد بأن مستقبل العلويين سيبقى في سوريا. كانت هناك مظاهرات مناهضة للنظام حتى في اللاذقية. وقد انشق العديد من الجنود العلويين وانضموا إلى الجيش الحر. واحد منهم اتهم الأسد بتعزيز الحرب الطائفية كي يبقى في السلطة. هذا و قد تعهد المتمردين بالتحضير لحماية المناطق العلوية من أي حملات انتقامية.

سيقف أغلب العلويين مع سوريا جديدة إذا تم إقناعهم بأنه سيتم الحفاظ على سلامتهم. وقرارهم هذا سيكون عاملاً مهماً، ففي حال قرر الأسد أن ينسحب إلى الجبال الغربية، لن يكون هذا الحال مستقراً ودائماً.

وعلى الرغم من أن رؤوس القيادة في الجيش السوري، وبنسبة كبيرة جداً، هي من العلويين إلا أن نسبتهم ضمن الرتب الأخرى ليست كذلك. ففي الجيش لا يشكل العلويون أكثر من عشرة بالمئة  وهم متمركزون في الحرس الجمهوري المميز.

لم يستطع النظام بكل قوته العسكرية أن يسحق المتمردين المسلحين بالأسلحة الخفيفة، فعشرة بالمئة لن تستطيع أن تصمد لوقت طويل ضد قوى المعارضة المسلحة والتي تتمسك بباقي البلد.

يقول البروفسور الأمريكي والمحلل للوضع السوري جوشوا لاندز Joshua Landis، وهو أحد منتقدي إمكانية قيام دولة علوية، بأنه لا يوجد بنى تحتية داعمة لقيام دولة على الساحل “لا مطار دولي، لا مركز للطاقة الكهربائية ولا صناعة“. ستجد الدولة العلوية نفسها، وبسرعة، بأنها غير قادرة على دفع مرتبات جنودها.

كل هذا يبقى حالياً مجرد تخمين. الأسد مازال ممسكاً بدمشق وجيشه مازال يحاول إخماد الثورة. بشكل عام فإن إيجاد وطن للعلويين في الجبال هو خيال سياسي بدأ منذ بدء الامبريالية الغربية.  لم يكن الصليبيون، الذين احتموا بقلعة الحصن، سوريين، كانوا يسعون للسيطرة على سوريا وكانت الأراضي المحيطة بالقلعة مليئة بالقرى التي لم تكن ترغب بوجود الصليبيين بينهم ولكنهم اضطروا أن يدفعوا ثمن هذا الوجود.

هذا ليس حال العلويين الآن. العلويون سوريون ويجب أن يجدوا مكانهم في حكومة سورية ديمقراطية. إذا استطاعت قيادة الثورة -بشكلها الحالي- إقناع العلويين العاديين بأن مستقبلهم آمن فسيكون واضحاً بأنهم لا يريدون دولة للأسد في الجبال. هم لا يريدون دولة للأسد أبداً.

المصدر

Assads’ family rule makes an Alawite state impossible

One response to “حكم عائلة الأسد يجعل إمكانية إقامة دولة علوية أمراً مستحيلاً

  1. كاتب المقال رسم سيناريو بتخيله هو .والحقيقة فان كافة الترجيحات بان العلويين سيقومون بتشكيل دولة شبه مستقلة حتى تستقر وتبرز المعالم السياسية الجدية في دمشق ولن تكون براسة الاسد كما يتوقع التقرير.ثم ان الدولة او الفيدرالية العلوية لن تكون هي الوحيدة في سوريا فالمسيح والاكراد سيطالبون باقاليم او فدراليات وستحتاج سوريا على الاقل سبع سنوات للاستقرار السياسي حيث سيتكرر سيناريو العراق في سوريا من تفجيرات وعصابات خطف وقتل واغتيال الكفاءات وتتصارع العصابات السياسية على الكعكة ثم ان العلويين لديهم عقيدة موحدة وهي لا تجعل من بشار الاسد القائد الاوحد ولا اتوقع ان بشار سيقيم هو وعائلته اصلا في الدولة العلوية المفترضة.ولا توجد اي احتمالية في المنطق ان يسلم العلويين مصيرهم للسنة وخاصة وان الجيش الحر اصبح في كثير من تشكيلاته سنة وهابية وقاعدة وهم من المتشددين والذين يكفرون العلويين..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s