هنالك ثورة تحدث في المخيمات الفلسطينية في سوريا

 هنالك ثورة تحدث في المخيمات الفلسطينية في سوريا

مع بداية فقدان بشار الأسد لسيطرته على دمشق فإن مكوناً شعبياً مهماً يتم تجاهله قد يلعب دوراً سياسياً مؤثراً.

نغم عيسى

تحليل

2 أبريل/ نيسان 2012

لا يوجد تقديرات لأعداد الفلسطينيين الذين قضوا منذ بداية الاضطرابات في سوريا, ولكن تصاعد المطالبات بإسقاط النظام السوري لم يمر مرور الكرام على الفلسطينيين في سوريا، والذين يُقدر عددهم بنصف مليون. إن ازدياد التوتر مع السلطات السورية قد يسجل تغييراً في توجه الثورة في العاصمة بشكل خاص، والتي تحتضن مخيم اليرموك, أكبر مخيمات الفلسطينيين في سوريا.

منذ اندلاع الثورة تشبثت النخب السياسية الفلسطينية في سوريا بالوقوف إلى جانب النظام. وكان في مقدمتهم الصاعقة (النسخة الفلسطينية لحزب البعث)، والجبهة الفلسطينية [الشعبية] لتحرير فلسطين-القيادة العامة، والتي ساهمت بشكل فعلي في أعمال الترهيب واعتقال المشتبهين على خلفية التظاهر من أجل الديمقراطية. وتحت قيادات من أمثال أحمد جبريل، قاموا بدعم ادعاءات النظام بأن الأسد هو حامي فلسطين، وأن النظام السوري يواجه تمرداً مسلحاً يقف وراءه إسلاميين جهاديين وقوى غربية داعمة لإسرائيل.

كان هنالك بضعة محاولات من قبل المخيم لتحدي سلطتهم – أهمها أثناء إحياء ذكرى نكبة عام 1948 في العام الماضي، ولكن دعم هذه المجموعات الفلسطينية المتواصل للنظام لم يشهد إلا ازدياداً. وقد أعطى صمت حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الفصائل الفلسطينية المعارضة شيئاً من الدفع لظهور أصوات أخرى في المخيم.

على الرغم من هذا الوضع السياسي، فإن الظروف المعيشية للمجتمع الفلسطيني كانت تزداد سوءً خلال الأشهر الأخيرة الماضية. حيث لعبت العقوبات دوراً في تأزم الاقتصاد السوري, فأسعار المواد الغذائية اليومية ارتفعت بشكل حاد: سعر صحن البيض 12 بيضة [قد تقصد الكاتبة 30 بيضة] ارتفع من 125 إلى 320 ليرة في الشهر الماضي فقط. وموارد الطاقة كالغاز والكهرباء والمازوت (الديزل المستخدم للتدفئة) محدودة جداً، وتم تقنين بيع الخبز المدعّم من قبل الدولة لربطتي خبز يومياً للمشتري.

أضف إلى ذلك، فإن العنف الذي يضرب بقية أجزاء سوريا قد طال الفلسطينيين. في الشهر الماضي وقع اعتداء بحريّ من قبل عصابات النظام على المنطقة الساحلية في اللاذقية مخلفاً دماراً في مخيم الرمل الفلسطيني. وتتعرض المخيمات في درعا وحمص لاعتداءات متواصلة منذ بدء الأزمة في بداية شهر مارس/ آذار من العام الماضي.

ولكن هذا الأسبوع، انفجرت سيارة في شارع الثلاثين على أطراف مخيم اليرموك في دمشق مودية بحياة اثنين من عناصر جيش التحرير الفلسطيني ومخلفة أضراراً بالممتلكات وفقاً لناشطين على الأرض.

رداً على ذلك ازدادت المعارضة في المخيمات وبشكل خاص في مخيم اليرموك. الاحتجاجات أمام المساجد في المخيم بدأت بأخذ منحى جدي. وبدأت تتشكل مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل أخبار مخيم اليرموك (على الفيسبوك) لتنظيم النشاطات المعارضة. في الأشهر الماضية تشكلت مجموعة “أحرار اليرموك” وهي مجموعة فاعلة تقوم بنشاطات مثل إلقاء مناشير أمام الأبواب في المخيم تدعو إلى إسقاط النظام. “تم تحذير كلاب الأسد”، كانت العبارة التي ذيلت آخر ملصقاتهم بعدما بيّنوا برنامجهم بالوقوف إلى جانب الشعب السوري.

لم تمر هذه التطورات بدون ملاحظة النخب السياسية الفلسطينية. كرد فعل غادر ماهر طاهر (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) وقياديون آخرون في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة مؤخراً إلى غزة ضمن “زيارات” سياسية. كما غادرت حماس وخالد مشعل لمتابعة الأعمال في المنطقة.

تعتبر مغادرتهم مؤشرات على ضعف قبضة النظام على العاصمة وتراجع التأييد الشعبي للأسد. لسوء حظ الفلسطينيين فإن الحكومة بدأت تلاحظ هذه التطورات وأخذت تعمل بحزم لقمع أي عصيان. لا يحدد مخيم اليرموك مزاج غالبية الفلسطينيين في سوريا فحسب، بل إنه يعتبر كأحد أكبر ضواحي دمشق، كما أنه يحتل موقعاً استراتيجياً حيث يجاور أكثر بؤرتين منتفضتين للحراك الشعبي في دمشق, الميدان والحجر الأسود. يقوم جنود مسلحون وعناصر من المخابرات بدوريات منتظمة في شوارع مخيم اليرموك. ويقول البعض بأن حادث تفجير السيارة في شارع الثلاثين الأسبوع الماضي ربما يمثل تحذيراً مُدبّراً من قبل النظام لأية اضطرابات أخرى.

ولكن مع استمرار السوريين في الصراع ضد الممارسات الظالمة لنظام الأسد المستبد ربما لن يظل الفلسطينيون السوريون هادئين. ونظراً لأن الثورة تكتسب زخماً في المخيم ربما لن يمر وقت طويل قبل أن نرى حياً دمشقياً آخر ينضم إلى الثورة، ويتقدم كل السوريين خطوة أخرى نحو وضع نهاية لنظام الأسد.

نغم عيسى, ناشطة في منظمة غير حكومية عادت مؤخراً من سوريا حيث أمضت وقتاً مطولاً في مخيم اليرموك, المخيم الرئيسي في دمشق.

المصدر:

Politics

Analysis: A revolution is taking place in Syria’s Palestinian camps

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s