من هُم الثُوار السوريون؟

بقلم: ديبوراه آموس.

09 أيلول/ سبتمبر 2013 – 11:49

A rebel fighter inspects purchases made by civilians as they cross through a building near the front lines in Aleppo, in northern Syria, on Monday. The city has been divided for more than a year, with the rebels holding the eastern part and government troops holding the west.

مقاتل من الثُّوار يتفحَّص سوقًا أقامه المدنيون أثناء مروره يوم الإثنين بين الأبنية قُرب الخُطوط الأمامية في مدينة حلب شمالي البلاد، المدينة المُقسمة مُنذ أكثر من عام، حيث تُسيطر قوات المُعارضة على الجُزء الشرقي فيما تُسيطر قوات النظام على الجُزء الغربي منها. – الصورة: رويترز/ لاندوف

 

عندما يأتي الأمر إلى التعامل مع الثُوار السوريين، فإننا نجد انقسامات لا حصر لها مع مجموعةٍ كبيرةٍ من جداول الأعمال، حيث من الصعب، إن لم نقل أنه من المُستحيل، معرفة أي جهة هي.

ولكننا سألنا الباحثين الذين أمضوا العامين الماضيين في التنقيب في وسائل الإعلام الاجتماعي والمقاطع المُصورة على موقع اليوتيوب وقدموا لنا صورةً مُفصلةً بشكلٍ كبير عن كتائب الثُّوار، ومُنطلقاتها الفكرية وترسانتها من الأسلحة في إطار مُحاربتها لنظام الرئيس بشار الأسد.

يقول دايفيد كيلكوللينDavid Kilcullen ,: “إنها أسطورة التي تقول بأننا لا نعرف عن الثُّوار”، يعمل كيلكوللين مُديرًا تنفيذيًا لشركة كايروس Caerus، وهي مكتب للدراسات الاستراتيجية يقع مقرها في ولاية فيرجينيا، وتُتابع مجالس الحُكم السورية لصالح عُملاء من بينهم الحُكومة الأمريكية ووكالات المُساعدات ومصارف التنمية.

وقد عمل كيلكوللين في السابق خبيرًا استراتيجيًا لشؤون مُكافحة الإرهاب لصالح وزارة الخارجية الأمريكية، ويقول بأن الصراع السوري هو أحد أكثر الصراعات المفتوحة في التاريخ. حيث تدعم مجموعة واحدة من الثُّوار، وهي الجيش السوري الحُر، سبع قنوات على موقع يوتيوب، وتقوم بتحديث المواد المعروضة فيها بشكلٍ يومي. وصفحات لحملات الكتائب الإسلامية “قلبًا وقالبًا” على موقع فيسبوك، كما ويُدير النُشطاء والمُقاتلين السوريين مئات من الحسابات الناشطة على موقع تويتِر.

ويقول كيلكوللين “هُنالك مستوى جديد من التواصل”، ويُضيف “لدينا قاعدة ضخمة جدًّا من البيانات، ومن السهل معرفة ما يحصل، لكن من الصعب التحقق منه”.

بالنسبة إلى كيلكوللين، فإن أحد المآخذ الرئيسية هو تراجع دور الثُّوار المُعتدلين مُقارنة بتزايد تأثير الفصائل الإسلامية.

ويقول كيلكوللين بهذا الخُصوص: “لقد تم تهميش الجماعات والمُنظمات المدنية والعلمانية والديموقراطية”، وأضاف: “هذه هي حقيقة الحياة، ولا أظنه بأنه أمر مأساوي. نحن ننظر اليوم إلى حركات مُقاومة ذات استقطابات، والعدد الأكبر منها هي حركات مُتطرفة”.

سيرة ظهور مُتمردين:

لقد أمضى الباحثون في مكتب كايروس ساعات وهم يتصلون مع سوريا لتأكيد المقاطع المُصورة من أجل التحليلات المُفصلة التي تتضمن تقارير شهرية حول سعر رغيف الخُبز في المخابز في شمال سوريا، حيث يدور مُعظم القتال هُناك.

يعمل ناثانييل روزِنبلات Nathaniel Rosenblatt، الباحث لدى مكتب كايروس، على دراسة حول نقاط التفتيش (الحواجز) حول حلب التي تعود للثُوار، والتي تُعتبر أكبر مدينة في شمال سوريا.

يقول روزنبلات “من أقامها ومن يُسيطر عليها؟، إنه جانبٌ سياسي مهم” وذلك لفهم المُتغيرات السياسية في حلب. وهو يُدرب أيضًا فريقًا من السوريين من أجل إجراء الأبحاث هُناك حول المشروع.

وقد أجرت قيادة العمليات الخاصة الأمريكية العام الماضي دراسةً حول مجموعات الثُوار، حيث عملوا مع مُنظمي الاستطلاعات من أجل رسم شبكة الناشطين.

وقد نفذ معاذ مصطفى عملية الاستطلاع، ويعمل مصطفى لصالح قوة العمل الطارئة حول سوريا، وهي مجموعة دفاع تتخذ من واشنطن مقرًا لها. وقال بأن منظمته استطلعت آراء 1000 شخص في 14 مُحافظة سورية. وقال مُصطفى بانه أجرى عدة لقاءات مع الجنرال مارتين ديمبسي Martin Dempsey رئيس هيئة الأركان الأمريكية، إضافة إلى مسؤولين عسكريين كبار آخرين.

وقال مُصطفى: “يُمكنني القول بكُل ثقة بأن الحُكومة الأمريكية تعرف من هُم الثُّوار”، وأضاف: “وهم يعرفون من هُم الأشخاص الجيدين بينهم، ومن هم الأشرار”.

وقد أصبحت الأبحاث حول الحرب الدائرة في سوريا أكثر دقة مع استمرار الحرب طوال العامين الماضيين.

وقد نشر جو هوليداي، وهو زميل باحث في معهد دراسات الحرب، دراسةً بعنوان “من هُم الثُّوار السوريين” في شهر آذار/ مارس الماضي استنادًا على مقاطع مُصورة من أرض المعركة. وتضمنت دراسة هوليداي الشاملة أسماء القادة، وصورًا والتحالفات بين الكتائب المُقاتلة.

وقد ظهرت دراسته في الشهر نفسه الذي أخبر فيه وزير الدفاع الحالي ليون بانيتا Leon Panetta لجنة مجلس النواب حول القوات المُسلحة بأن لدى الولايات المُتحدة الأمريكية معرفةً ضئيلة بالثُّوار السوريين.

وقال بانيتا: “لا بوجد هُنالك جهة عسكرية مُوحدة بديلة يُمكننا التعرف عليها، وتحديدها والتواصل معها”.

وكانت المقاطع المُصورة عن المعارك الجارية مُفيدةً جدًّا للباحثين من أجل توثيق الأسلحة التي بحوزة الثُّوار.

A rebel fighter keeps watch for government troops in Aleppo on Sunday.

مقاتل من المُعارضة يقوم بمراقبة قوات للجيش النظامي في مدينة حلب يوم الأحد. حميد الخطيب/ رويتِرز/ لاندوف

Rebel fighters aim at government troops during fighting in the eastern town of Deir Ezzor on Saturday.

مقاتل من المعارضة يستهدف قوات الجيش النظامي أثناء القتال في مدينة دير الزور يوم السبت. ريكاردو جارسيا فيلانوفا/ وكالة الأنياء الفرنسية أيه إف بي/ جيتي إيماجِز

 وقد راقب إيليوت هيجينز Eliot Higgins، وهو مُدون يعيش في ضواحي لندن، الحرب السورية من خلال حاسبه المحمول.

حيث تفحص إليوت المقاطع المُصورة بدقة شديدة من أجل التحقق من أسلحة الثُّوار وأسلحة قوات النظام. وكثرًا ما يتم الاقتباس من مُدونة (هيز براون موسِز His Brown Moses Blog) من جانب الصحفيين ومجموعات حقوق الإنسان كما ويتابعها المسؤولون الحكوميون. وكان هيجينز أول شخصٍ أشار لاستخدام النظام السوري للقنابل العنقودية ووثقَّ استعمال الثُّوار لأول مرة لقاذفات الصواريخ الحرارية المحمولة على الكتف.

ويقول هيجينز عن ترسانة الأسلحة التي يملكها الثُّوار “لقد كونت فكرةً جيدةً جدًّا عن ما يملكونه”، وأضاف “وفكرةً عامة عن حجم ما يملكونه، ومتى استخدموها للمرة الأولى”.

ولقد كان هيجينز واضحًا حول ما لا يعرفه الباحثون، مثل كم عدد مجموعات الثُّوار التي تُقاتل في سوريا. حيث قال إن هُنالك مشكلة في تقدير العدد نظرًا لأننا لا نأخذ في عين الاعتبار أن بعض مجموعات المُعارضة هي مُجرد مجموعات مسلحة محلية تُدافع فقط عن قراها ومناطقها. وهذه المجموعات لا تُقاتل ضمن قوةٍ أكبر.

وأشار بالقول “لنقل أن لدى شخص 10000 جندي لا يستفيد منهم جميعًا طالما أن 9000 منهم لا يُغادرون بلداتهم ومناطقهم”.

ويُوافق آرون لوند Aron Lund على صعوبة تقدير عدد الثُّوار، ولوند صحافي سويدي مُتخصص في رسم خريطة الجماعات المُسلحة الإسلامية في صُفوف الثُّوار.

ويقول لوند “هُنالك الكثير من الحركات في ما بين هذه المجموعات، حيث تتجاوز التحالفات الحُدود الفكرية والعقائدية”، وقال بأن هُنالك تقارير تحدثت عن عمليات مُشتركة في أغلب المعارك الدائرة، وغالبًا ما يكون الدافع القبلي والروابط العائلية بين الثُّوار أكبر من الدافع الفكري بينهم”.

المُعتدلين مُقابل المُتطرفين:

كم عدد الثُّوار المُعتدلين وكم عدد الثُّوار المُتطرفين؟

يجمع جميع هؤلاء المُحللين على أنه أحد أكثر الأسئلة صُعوبة في إيجاد الجواب الشاف له، لوند في حوارٍ جرى معه في مُناظرة في الولايات المُتحدة الأمريكية يقول: “هُنالك منحى باعتبار (المُعتدلين) على أنهم (العلمانيين)”، ويُضيف بأنه يغلب على الثُّوار الطابع الديني وبشدة.

وأضاف قائلاً “أغلب المجموعات ليست علمانية” وأضاف هذا ما يُمكن للأمريكيين التعرف عليه. “لا يعني ذلك بالضرورة بأنه لا يُمكنك العمل مع الثُّوار لأنَّ بعضهم مُحافظون جدًّا أو حتى مُتشددين إسلاميين. لقد عملت الولايات المُتحدة الأمريكية مع المجموعات الطائفية والإسلامية من قبل في العراق وليبيا”.

ولقد وثَّق الباحثون نمو حركة التطرف لدى الثوار عبر الوقت، وجرت بعض عمليات نشر التطرف بدعمٍ من المُمولين من الخارج، وعلى وجه الخُصوص أولئك من منطقة الخليج العربي.

تقول إليزابيث موهان Elizabeth Mohan التي تعمل لدى مكتب كايروس “لدينا البيانات هُنا” وتُضيف “كان يُمكنك أن تتوقع مُنذ عامٍ مضى بأنها ستتوجه أكثر لتُصبح إسلامية الطابع”.

وتقول موهان أن هذه الجماعات بارعةٌ جدًّا في تغيير خطابها ليتلائم مع توجه مُموليها. حيث تميل الجماعات لتُصبح أكثر إسلامية لأنها تعرف ماذا يُريد أن يسمع مُمولوها والثُّوار بحاجة للسلاح.

وفي ما تدرس الولايات المُتحدة الأمريكية منح المزيد من المُساعدات للثُّوار، فإنها ما تزال تُعاني بشأن أن يكون للمجموعات التي تدعمها صلاتٍ مع كتائب إسلامية أكثر تطرفًا، ويقول كيلكوللين عن ذلك بأنها ورطة نذهب إليها بأرجلنا.

يقول كيلكوللين “لقد جعلنا الأمر أكثر صُعوبةً مما يحتاج من خلال الانتظار” الولايات المُتحدة الأمريكية ترددت في تسليح الثُّوار. يعقب كيلكوللين. “وجزء منه كان في كيفية التمويل، لقد شتَّت اللامركزية جُهود المُقاومة، وذلك بسبب أننا انتظرنا كثيرًا”.

Who Are The Syrian Rebels?

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s