عرفه أصدقاؤه بـ (ماوكلي)، كما كان يدعو نفسه. كان من أوائل منتجي الفيديوهات التي وثقت بدايات الثورة السورية. كان أيضا أحد مؤسسي (شاهد عيان سوري)، مجموعة الفيسبوك التي ما زالت توثق الأحداث الجارية في سوريا على الأرض حتى يومنا هذا. بشكل عام، كان ماوكلي نشطا للغاية في الحراك السلمي السوري.
لم نعرف اسمه الحقيقي، أنس مشمش، سوى بعد استشهاده. ولد أنس في حماه، المدينة التي عرفت المذبحة الرهيبة عام 1982 على يد الأسد الأب. ينحدر أنس من أصول فلسطينية، وقد كان رحمه الله مصمم غرافيك ورسوم متحركة ذا مستقبل واعد.
كانت موهبة أنس، وعدسته، تهديداً حقيقياً لنظام الأسد، وكان عليهم إسكات صوته كبقية الأصوات. سلّم جسد أنس لعائلته في 23 تشرين الأول بعد قتله تحت التعذيب.
أصاب الحزن العميق صفوف ناشطي الثورة السوريين بكل أطيافهم لفقد ماوكلي. ما زالت خسارته حتى اليوم مبعثاً على الألم، بخاصة بسبب طريقة استشهاده، ولا يخفف من هذا الألم إلا الإيمان أن الشهيد الآن إلى جوار ربه، في مكان أفضل.
ماوكلي، أنس، لن ننساك ما حيينا. فلترقد في سلام يا صديقي..
قام فريق المترجمون السوريون الأحرار بتأليف المادة التالية كتحية لماوكلي. ما يلي هو ملاحظات شخصية من أحد أعضائنا، يليها فيديوهان مترجمين كأمثلة عن إنتاج ماوكلي
ماوكلي، الشاب الهادئ، المتزن، المرح، المتفائل، المليء بالنشاط والأفكار الإبداعية، عرفته منذ الأشهر الأولى لانطلاقة الثورة السورية المباركة.
كان بيننا بضعة رسائل على الفيسبوك ومكالمة سكايب واحدة. كنا نتكلم عن وضع حماه والثورة وكان بدوره يسألني عن دمشق الياسمين. حلمنا كثيرا بشكل سوريا الحرة، الدولة المدنية الحضارية، وغالبا كنا نختم حديثنا بدعوات لله بالخلاص للمعتقلين وبالفرج على أهل سوريا المنكوبين وبالرحمة على شهداء سوريا الحبيبة. حدثنا كثيرا أنا وأصدقاءه عن المظاهرات في حماه وعن النشاطات التي أبدع فيها أهل حماه الأبية.
لم أعمل معه في أي من أعماله الفنية التي نفذها من أجل ثورة الكرامة والحرية، لكنني من موقف واحد فقط عرفته وكأنني أعرفه منذ سنين خلت. ففي شتاء 2011 اُختطفت إحدى قريباتي في حماه ولجأت له كي استفسر عن أنسب طريقة لمعرفة مكانها أو الوصول إليها. وفاجئني هذا الشاب بشهامته وبخلقه الرائع وبحميته حين تبنى القضية وكأن أخته هي من اُختطفت. لم يتوان يوما واحدا على السؤال عن آخر الأخبار، ولم يدخر فرصة لسؤال من حوله ومن عرفهم عن إمكانية معرفة مكانها… وظل متبنيا الموضوع إلى أن عرفنا مكانها واطمأننا بأنها بخير..
لم يخطر ببالي أنه سيُعتقل، كان كثيرا ما يغيب عنا لكثرة انقطاع الاتصالات والانترنت عن حماه، ويعود لنقول له: الحمد لله على السلامة، قلقنا عليك، انتبه على حالك. وكان جوابه دائما: “لا تقلقوا.. لن نموت ناقصين عمر.. وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..”.
إلى أن جاءنا خبر استشهاده تحت التعذيب في السجون الأسدية.. بكيناه كثيرا.. وأسكن خبر استشهاده قلبنا حزنا فوق حزن..
رحمك الله يا ماوكلي وأسكنك فسيح جناته..
دم الشهيد مو نسيانينو.. دمك يا ماوكلي مو نسيانينو.. ومكملين من بعدك متل ما كنت دائما تقول.. إما النصر أو الشهادة..
أفلام من انتاج ماوكلي
حماة ثورة تغيير لا ثورة انتقام
عيد ميلاد الحرية: أغنبية من فعاليات أيام الحرية
أيضاً كتب أصدقائنا في مجلة سوريتنا نص عن ماوكلي رحمه الله تحت عنوان “نبض الروح ذاكرة لشهيد.. إنسان“