تنويه
دأبت العديد من وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة على تصنيف الشخصيات العربية في المقالات والتقارير الأخبارية في قوالب طائفية ونشر خرائط “طائفية” لسوريا بدعوى تحديد مواقع الاحتجاجات ضد النظام في سوريا وعلاقتها بالتركيبة الطائفية للبلاد، نود أن ننوه هنا إلى أن هذه الخرائط غير دقيقة في أغلب الأحيان كما أنها تعكس أنماطاً معينة من التفكير لدى بعض الدوائر الإعلامية والسياسية في الغرب التي تسعى لفرض رؤية معينة على الصراع الدائر في سوريا وطبيعة النظام السياسي المستقبلي فيه.
من الصعوبة البالغة بمكان رسم خرائط توضح التركيبة الطائفية في بلد تتنوع وتتداخل مكوناته الطائفية مثل سوريا (أو لبنان أو العراق)، فغالباً ما يعيش أبناء الطوائف المختلفة في مناطق سكنية مختلطة أو متجاورة سواء في الأرياف أم المدن الكبرى التي شهدت هجرات واسعة من شتى المناطق، لذلك فإن أي محاولة لوسم منطقة جغرافية بأكملها بانتماء طائفي معين لا تخلو من إغفال أوتشويه للكثير من الحقائق على الأرض، كما تتجاهل هذه الخرائط الانقسامات الأفقية داخل المجتمع السوري وداخل هذه الطوائف كالانقسامات على أسس طبقية اقتصادية.
إلى جانب ذلك فإن حصر الشعب العربي في قوالب طائفية ورسم الخرائط الطائفية عادة استعمارية قديمة مازالت موجودة لدى العديد من دوائر صنع القرار في الدول الغربية، حيث ما تزال النظرة السائدة هناك أن الإنسان العربي غير قادر على الارتقاء بوعيه إلى مستوى المواطنة المدنية، فهو يبقى بالنسبة لديهم أسير طائفته مما يجعله عاجزاً عن تكوين انتماءات أو علاقات سياسية تتخطى حدودها، الأمر لا يقف عند ذلك فالعديد من هذه الخرائط يعكس تصور ومخططات الساسة الغربيين لمستقبل المنطقة، حيث يتم صياغة وصناعة القرارات السياسية بناءً عليها، وهذا ما حدث بالضبط في العراق حيث دخل الأمريكيون إلى هناك بتصور مسبق أن العراقيين مقسمون طائفياً بحدود جغرافية واضحة، لذلك وقبل بروز أي انقسامات طائفية في العراق على الأرض قام الأمريكيون بتأليف المجلس الوطني العراقي الانتقالي –تحت إشراف السفير الأمريكي آنذاك بول بريمر– على أسس المحاصصة الطائفية مما عمل على ترسيخ انقسامات المجتمع العراقي وساهم بشكل رئيسي في أحداث العنف الطائفي التي اجتاحته بعيد الغزو الأمريكي.
فريق المترجمون السوريون الأحرار
وسط العلويين: تقرير نير روزن من سوريا
نير روزن Nir Rosen
27 أيلول/ سبتمبر 2012
يتم التعرف على معاقل العلويين السوريين من خلال الجنازات والمآتم . في القرداحة الواقعة في محافظة اللاذقية الجبلية، مسقط رأس سلالة الأسد، شاهدت شرطيين يقودان دراجتهما النارية إلى أعلى التلة وصور بشار موجودة على الزجاج الأمامي للدراجة . تلحقهما سيارة إسعاف، تحمل جثة عقيد في أمن الدولة. فيما كانت القافلة تسير، أطلق رجال من حولي رشقات من الرصاص. أحرج ذلك الدليل الذي يرافقني لأني شهدت هذه الحادثة وادعى أنها تحدث للمرة الأولى . إنه شهيد، لذلك يعتبر المأتم عرساً. يرمي طلاب المدارس والمعلمين الذين كانوا مصطفين على الطريق، الأرز والورود. كانوا يهتفون لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله. مئات من المشيعيين الذين اتشحوا بالسواد مشوا في شوارع القرية وصولاً إلى المقبرة المحلية للقرية . يهتفون “أهلاً بالشهيد”، والأسد أو لا أحد.
كنا في نيسان، الشهر السادس من جولتي حول سوريا. بعد مغادرتي سمعت عن جنازة أخرى بعيدة في قرية رأس العين قرب الساحل. عدد سكانها 7000 نسمة لديها حتى الآن سبعة شهداء من قوى الأمن، ستة مفقودين أو مخطوفين والعديد من الجرحى. “كل يوم لدينا شهيد” كما يقول ضابط. كل هذا فداء للوطن. تحدث ضابط آخر عن جرائم الطرف الآخر، وقال إنهم قتلوا الجندي فقط لأنه من الطائفة العلوية. أحد المرافقين الذي كان معي وبخه لأنه تحدث عن الصراع بطريقة طائفية أمامي. فيما قال جندي آخر إن “المعارضة لم تترك لنا خياراً، لا يقبلون بشيء إلا بالقتل”.
يشكل العلويوين – الطائفة الشيعية المبتدعة التي ينتمي إليها أتباع الأسد والتي ما تزال الأشد ولاءً للرئيس وحكومته، حوالي الـ10% من السكان. أغلبية السوريين ينتمون إلى الطائفة السنية العربية ويشكلون حوالي الـ65% من تعداد السكان. الطائفة العلوية هي واحدة من العديد من الأقليات، إلى جانب الكوردية السنية والمسيحية والدرزية والشيعية والإسماعيلية . لكن دائماً ما ينظر إلى العلوية على أنها حالة خاصة. القليل من العلويين فقط على اطلاع بتعاليم الطائفة، يعرف عنها المبادئ فقط. إنهم يؤمنون بتقمص الأرواح وبتأليه الإمام علي ابن عم الرسول محمد ص في ثالوث يضم علي، محمد وأحد رفاقه. وضع سلمان الفارسي العلوية خارج الإسلام. بالنسبة للعديد من العلويين، الدين أقل صرامة للتعبير عن ثقافتهم.
أصبح لدى الهوية العلوية عقدة الأقلية والخوف من السيطرة السنية. يرغب العلويون دائماً تكرار قصة تعرضهم للظلم. كتب المؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو أن “الكثير من العلويين لم يكونوا محسدوين، فقد عانوا من الاضطهاد خلال فترة الحكم العثماني، كانوا مكروهين ويتعرضون للابتزاز الدائم، وفي بعض الأحيان كان العثمانيون يأسرون نساء العلويين وأطفالهم ويتخلصون منهم عن طريق عرضهم للبيع”، كانوا يخدمون عند الإقطاعيين من السنة. عندما بدأ الانتداب الفرنسي في سوريا عام 1920 بدأت تتآكل طبقة النخبة السنية، وبدأت الأقليات، بما فيها العلويين، تتمتع بقدر من الحراك الاجتماعي. حاول العلويون العبث مع الفرنسيين لإقامة دولة مستقلة لهم لتحميهم من الهيمنة السنية.
بالنسبة للعلويين، كانت عقيدة القومية العربية الخاصة بحزب البعث، الذي استلم الحكم إبان انقلاب عام 1963، وسيلة لتخطي الهوية الطائفية. أعطاهم الانتساب إلى الجيش والخدمات المدنية سبيلاً للخروج من قراهم التي تعاني من فقر مدقع. ثم سرعان ما بدأ الريفيون عامة والعلويون خاصة بالسيطرة على صفوف الضباط في الجيش والأكاديميات العسكرية. سنة 1971 قاد حافظ الأسد، الضابط السابق في القوى الجوية والذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، والذي كان يشغل حينها منصب وزير الدفاع، انقلاباً ضد منافس بعثي. عندما توفي حافظ الأسد عام 2000 بعد ثلاثين سنة من السيطرة على الحكم، استلم ابنه بشار. في ذلك الوقت انتقل العلويون من كونهم أقلية مهمشة إلى حماة للدولة، وأصبحت الدولة بدورها حصن للهوية العلوية. وقد كتب المؤرخ بطاطو عام 1981 قائلاً “في المرحلة الحالية العمل من أجل التلاحم هو أكثر ما يخيف العلويين من كل المراتب لاعتقادهم أن عواقب وخيمة ستصيب جميع العلويين جراء سقوط أو انهيار النظام الحالي”.
تاريخياً، وقف العلويون حتى الآن على هامش الإسلام لأن الأسد الأب اضطر إلى “أسلمتهم” ليحظى بالقبول من الأغلبية السنية ليكون قائداً. يعتبر العلويون أنفسهم أنهم ليبراليون أو علمانيون أكثر من كونهم مسلمين . كثيراً ما يشيرون إلى تناولهم للكحول، وإلى لباس المرأة العلوية المتحرر وتعاملها المنفتح مع الرجل. حتى أنهم في بعض الأحيان يحطون من قدر السنة المحافظين. يذكر العلويون انتفاضة الإخوان المسلمين عام1980 على أنها عنف طائفي وأن النظام قضى على الإرهابيين، أما السنة فينظرون إليها على أنها وحشية من النظام حيث أنهم جميعاً كانوا مستهدفين. من الصعب أن تجد في هذه الأيام أحد أعضاء المعارضة السنية لم يخسر أحداً من أعمامه أو أن والده أو حتى جده اعتقل في الحملة التي تلت هذه الانتفاضة. لم تذكر قوى المعارضة شيئاً عن مصير مئات الآلاف من رجال الأمن إذا ما سقط النظام. يعتقد العلويون أن لديهم أسبابهم التي تدفعهم للخوف.
في محافظة طرطوس الساحلية ومناطق أخرى من معاقل العلويين، تم وضع عدد لا يحصى من الحواجز المؤيدة المؤلفة من الجيش السوري وأعضاء من لجان شعبية شبه العسكرية في خليط من اللباس المدني والزي العسكري. قام أهل الريف بتسليح أنفسهم. زرت في شهر أيار قرية الشيخ بدر التابعة لمحافظة طرطوس. قتل 43 من أبناء القرية الذين يعملون كعناصر أمن، كما أن سبعة آخرين كانوا إما مخطوفين أو مختفيين. أثناء وجودي في مكتب رئيس البلدية وردت أنباء عن وصول جندي جريح. سقط أول شهيد في قرية الشيخ بدر في درعا في نيسان من عام2011، بعد حوالي الشهر من بدء الانتفاضة. ومؤخراً قتل ضابط من القرية في دمشق، دفن قبل يومين من زيارتي.
تُعرف القرية بمزار الشيخ صالح العلي، والذي حارب الاستعمار الفرنسي. قال رئيس البلدية “إن الشيخ صالح قال في خطبة شهيرة له إنه يرفض فكرة إقامة دولة مستقلة للعلويين لأنه كان يحب البلاد” محاولاً أن يستذكر الخطاب فيما كان أبو حيدر رجل الأمن مستمعاً، ثم أضاف أبو حيدر “نحن لا نؤمن بحافظ الأسد لأنه علوي بل لأنه قائد عظيم”، عندما سألت رئيس البلدية كيف سيكون رد فعله إذا حكم رئيس آخر سوريا، أجابني مرتبكاً “هل يمكن لأي نظام أن يحكم لمدة أربعين سنة دون موافقة شعبه؟”. ومثل العديد من العلويين الذين قابلتهم، لا يستطيع أن يتخيل الدولة من دون الأسد. تساءل أحد الرجال الذي كان برفقة رئيس البلدية عن “سبب دعم الغرب للإسلاميين في ليبيا وتونس ومصر والسعودية وأماكن أخرى بدلاً من دعم الحركات الأكثر علمانية وتقدمية”. يؤمن رئيس البلدية كغيره من مؤيدي النظام أن هناك مؤامرة إسلامية على المنطقة. بالنسبة له فإنه لا يعتبر أن ما حصل في كل من تونس ومصر وليبيا ثورات عفوية ناتجة عن الاحتجاجات الشعبية بل هي عبارة عن مؤامرة منظمة تضم الولايات المتحدة والإخوان المسلمون ودول الخليج. أحد الرجال علق قائلاً: “هذه ليست ثورة شعبية إنها ثورة سلفية”، وتساءل أبو حيدر”ما الذي حققته الثورات في مصر وتونس وليبيا؟ صعود الإسلاميين إلى السلطة في هذه الدول زاد من قلق مؤيدي النظام تجاه المظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام”.
عندما أخذني أبو ليث بنفسه إلى الربيعة، انتشرت أخبار مجيئنا بسرعة. آلاف الأشخاص المقيمين نظموا ما يبدوا مظاهرة عفوية تدعم النظام في وسط المدينة قرب تمثال لحافظ الأسد يحمل سيفاً وغصن زيتون. التمثال المدفوع الثمن من قبل السكان المحليين كان قد نصب بعد اندلاع الثورة. خلف التمثال يوجد صورة كبيرة لحافظ ولبشار الأسد. كتب عليها الربيعة هي عرين الأسد”. كنت انتقل من منزل لآخر لأستمع من الناس عن قصص أقربائهم المصابين أو الموتى وعن شهدائهم الاثنين والأربعين.
قلت لمجموعة من شباب القرية أنني عندما زرت بابا عمرو في حمص كنت دائماً أسمع نفس القصص عن آباء وأبناء استشهدوا. قال لي عقيد في الجيش أن ابن أخاه قُتل في إدلب “أبناؤنا قتلوا وهم ذاهبون إلى العمل، يوجد فرق بين قتل شخص ذاهب إلى العمل من أجل البلد وقتل شخص مسلح يحمل السلاح ضد الدولة. هل هذه مظاهرات سلمية التي قتلت خمسة ضباط في نقطة التفتيش؟”.
في السنة الماضية كانت قرية الربيعة العلوية قد تصادمت مع جيرانها من القرى السنية. في الصيف الماضي لم يستطع طلاب القرية السفر لمدينة حماه لتقديم الامتحانات لأن المعارضة كانت قد أغلقت الطريق. هاجر قرابة 30 عائلة علوية من قرية قريبة غالبية سكانها من الطائفة السنية واستقروا في الربيعة، يشعرون أنه لم يعد آمناً البقاء حيث كانوا موجودين، كانت العائلات المشردة مستاءة من رد فعل الحكومة. قال لي أحد الرجال: “لم يكن لدينا أي أسلحة لندافع عن أنفسنا ونرد بها”، يتساءل والد أبو ليث، وهو جندي متقاعد “لقد أرسلوا الدبابات ولكن المعارضة قامت بإغلاق الطريق. نريد الدولة أن تحل مشاكلنا وأن يعيدنا الجيش إلى أرضنا. كان على الجيش أن يدخل البلدة ولكنه كان مشغولاً بحماه. لماذا تأخذ الدولة كل هذا الوقت؟ “فقط الجيش يستطيع حلها” ويضيف “إذا قمنا بالرد بأنفسنا سيكون عنفاً طائفياً وجميع البلدات المجاورة سوف تنضم لهم ضدنا وسوف يفوقوننا عدداً”.
توجهت فوراً من الربيعة إلى الشمال الغربي باتجاه العزيزية، قرية مسيطر عليها من قبل العلويين كانت قد اصطدمت مع جيرانهم من قرية التمانة السنية. ويعمل أغلب رجال القرية إما بقوى الأمن أو في الجيش كما هي الحال في معظم القرى العلوية الأخرى. جميع القرى السنية المحيطة تدعم المعارضة، وبدأت ميليشيات المعارضة بتنفيذ عملياتها في هذه المنطقة منذ الربيع الماضي. سلحب، المدينة الأقرب، تحتوي على مئات المشردين من الأمهات والأطفال العلويين الذين فروا من قراهم وضيعهم. لا يبدو أن القتال بين العزيزية والتمانة سيتراجع أو يتوقف، وجد في المدينة العديد من النساء أُصبنّ بحالة أقرب للهستيريا. صرخت امرأة، كانت قد وصلت توها إلى سلحب، في وجهي”لقد غادرنا تحت القصف! كرامتي غالية! قائدنا شريف! هؤلاء خونة! كل شيء في سبيل بشار!”
بينما اشتكت امرأة أخرى قائلة: “لقد طلبنا من الدولة تعزيزات ولم يرسلوا شيئاً”. أجمع الجميع أنهم كانوا مقربين مع جيرانهم السنة حتى بدء الثورة .قالت امرأة: “لقد كنا جيران نأكل سوياً، نزور بعضنا البعض. وبعد ذلك حصل تحريض طائفي . أصبحوا يتظاهرون ويشتمون.على الرغم من إحباطهم من النظام لعدم قدرته على حمايتهم – تسمع هذه الجملة من العديد من أعضاء المجتمع العلوي- أردوا أن أعلم كم هم مخلصون لبشار. قالت إحدى النساء: “يستطيعون قتلنا جميعاً ولكن حتى لو بقي واحد فقط سوف يبقى داعماً للرئيس “.إنه تناقض مثير للاهتمام حيث يعتبر العلويون أنفسهم أفقر سكان البلاد حيث تنحدر أصولهم من قرى فقيرة، كانت قد أهملت تماماً من قبل دمشق، إلا أنهم مستعدون للموت في سبيل البلد التي يقولون دائما أنها فشلت في حمايتهم.
تعرفت في بداية الثورة على الدكتور يحيى الأحمد، شخصية لها تأثيرها في إحدى مناطق حمص العلوية والتي تنتمي الى الطبقة المتوسطة. كان همه الرئيسي أن يعمل مع رفاقه السنة وذلك للتخفيف من الاحتقان الطائفي. كنت جالساً على سطح البناء خلال أحد اجتماعاته عندما أطلق أحد القناصة النار علينا فجأة. لم يصب أحد بأذى اشتبه الطبيب وزملاءه أن القناص لم يكن من فرق المعارضة إلا أنه متعصب بقوة للنظام . عندما التقينا مرة أخرى في بداية هذه السنة كانت الأوضاع قد تدهورت – والبناء كان قد قصف مرتين من قبل المعارضة وكان يقضي معظم وقته في مدينة قريبة. تقريباً كل المحلات التجارية قد أصيبت. قال لي: إن العلويين يختطفون في حين يقوم آخرون بالانتقام مستخدمين القوة. سألته عن عدد العلويين الذين قتلوا. أجابني قائلاً: “المقتولين، أعدادهم؟ توقفت الساعة عن الدوران ولم يعد للأرقام أي أهمية” أصدقائي من المعارضة يقولون ذات الشيء عن موتاهم.
تابع يحيى حديثه قائلاً: إن الرجال المسلحين يسيطرون على الأوضاع، لقد تسلحت، إنه رد فعل، في حال فشلت الحكومة في نشر الأمن عندها سوف أقوم أنا بذلك. لا تستطيع كعلوي أن تضع كل ثقتك في الدولة. ماذا لو نام رجل الأمن المتواجد على الحاجز؟”، موقف يحيى قد تغير”لو سألتني السنة الماضية من يستطيع الحلول مكان بشار الأسد كنت سأجيبك هذا الشخص أو ذاك. اسألني الآن سأجيبك بأني لا أقبل أحداً غير بشار الأسد “.لكن يوجد لديه التناقض نفسه الموجود لدى العديد من العلويين. “إضعاف بشار دور الأمن في الحياة اليومية هو أحد أسباب الوضع الحالي”.
أردته أن يعترف بالعدد الهائل من المدنيين الذين قتلوا نتيجة حملة القمع التي شنتها القوات الحكومية فأجابني قائلاً: “دائماً ما يقتل”.
أشخاص بريئون، لا تستطيع التمييز إذا ما كان الهدف بريء أم لا. هل تظن أن هناك أي حكومة في العالم لن تقوم بالدفاع عن نفسها؟
قال لي مسؤول أمني رفيع، والذي كان مسؤولاً عن العمليات في حمص، أن ثمانين من الضباط وصف ضباط اعتقلوا بسبب ارتكابهم لانتهاكات، وأعمال وحشية وتعذيب وعلى الأقل عشرة منهم سيتوقعون حكماً بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً. بدا التأكيد بدون أهمية مقارنة بأعمال النظام الوحشية ضد المدنيين (إذا كان الأمن قد حاول ضبط أخلاق وتصرفات رجالهم فإنهم لم يقوموا بنشرها) ليس من الخطأ أن تكون مشاعر العلويين هكذا تجاه الغضب من العمليات القمعية والدولة في حيرة لمعرفة كيف تحميهم .إنه هذا الشعور، الذي أدى لتزايد الميليشيات القوية المستقلة التي تتصرف وكأن لديها حصانة وغالباً ما تحرج النظام . تتحمل هذه الميليشيات المسؤولية عن عدد من المجازر التي ارتكبت في حمص وحماه ولكن بشار الأسد ليس في موقع يخفض من قوة أشد مؤيديه. مهندس علوي في حمص، والذي انضم إلى المعارضة قال لي إن المرة الأولى التي رأى فيها العصابات المؤيدة للنظام كانت في آذار 2011 وقال: “كانوا عشوائيين ولا أحد ينظمهم، كان لديهم نوادٍ فقط، ولكن تم تنظيمهم في شهر تموز/يوليو. الآن يعملون على مسؤوليتهم الشخصية… أكثر الأشياء خطورة في الحرب الأهلية هم الأشخاص الذين يعيشون عليها ويرزقون منها. رأيت ذلك في لبنان. إنها حرب أهلية مفتوحة في حمص”.
في عهد حافظ الأسد كان مصطلح الشبيحة، والذي يعني الشبح، يُشار به إلى العصابات الإجرامية المنظمة والسارقين الذين يتعاونون مع رجال الأمن. بعضهم جزء من عشيرة الأسد، شقيق بشار الأسد اشتهر بسحق وسجن أعضاء من شبيحة الأسد الذين خرجوا عن السيطرة ولكنهم كانوا جميعهم علويين دون أي أدنى شك.عندما بدأت الثورة أصبحت كلمة شبيحة تشير إلى الميليشات الموالية للنظام وإلى أي موال للحكومة في حينها. عاجلاً ما بدأ الكثير من المواليين للنظام بالهتاف في المسيرات “نحن الشبيحة!! اللعنة على الحرية!! شبيحة للأبد”. قال لي أحد رجال الأمن في حمص أن الآلاف من عناصر الشبيحة أو اللجان الشعبية موجودون في أحياء حمص العلوية. لا يدفع لهم للقيام بأعمال الميليشات كما قال، ولكنهم مازالوا يقبضون رواتبهم من الحكومة مع العلم أنهم لا يذهبون للعمل. يتبعون لرؤساء البلديات. ثم تابع قائلاً: “يستطيعون اعتقال أي شخص يريدون من حي الخالدية أو البياضة السنيين وتسليمه إلى قوات الأمن، إنهم ينسقون مع قوى الأمن”، وكان المهندس المعارض في حمص أكثر صراحة: “الشبيحة هم أشخاص يحبون بشار أكثر من بشار نفسه. الشبيحة ثقافة وليسوا أشخاصاً . يشعر الشبيح أنه فوق القانون بل هو القانون نفسه. حتى الآن مازالت الدولة تستطيع السيطرة عليهم ولكني غير متأكد إذا كانوا سيستطيعون التحكم بهم في المستقبل. الدولة تستخدمهم حالياً، الدولة تقوم بذلك. وأضاف أن العلوي الذي ينضم للمعارضة يعتبر خائناً للطائفة. بعض المعارضين العلويين في حمص قُتلوا على أيدي الميليشيات الموالية، في نيسان 2011 وفي إحدى ساحات حمص الرئيسية قامت المعارضة وكان من بينهم بعض العلويين بتنفيذ اعتصام تم فضه بمجزرة نُفذت من قبل قوات الأمن وبعض عناصر اللجان الشعبية.
ماذا سيكون مصير العلويين في حال سقط النظام؟ وماذا سيحل بالقاعدة الشعبية لبشار؟ سؤالان غير متشابهين . تضم الفئة المؤيدة لبشار أقليات أخرى غير العلويين وطبعا السنة. منذ البداية وصفت الحكومة حراك المعارضة على أنه طائفي – اتهام يشجع النزعة التي يزعمون دائما أنهم يشجبونها -ولكنهم امتنعوا بعناية كاملة عن أي تصرفات توحي بالطائفية، حتى لو كان مؤيديهم من العلويين أقل حساسية. يقول الموالون إنهم مشكلون من طوائف متنوعة في حين أن المعارضة كلها تقريباً من السنة. على الرغم من أن بعض الضباط والجنود السنة ينتمون إلى أكثر القطع العسكرية نخبة مثل الفرقه الرابعة والحرس الجمهوري، فقد أقر العديد من مثقفي المعارضة بأنه لو اقتصر مؤيدو النظام الحكومة على العلويين لكان سقط منذ فترة طويلة. في حال اختصر الصراع إلى صارع طائفي بحت بين السنة والعلويين فإن ذلك يعني أن الحكومة ستخسر مؤيديها من السنة وسيبقى فقط 10% من السكان يدعمونها إضافة إلى بعض المتطرفين من الأقليات الأخرى.
عندما سألت أبو راتب، قائد في مجلس حمص، ماذا سيحصل لقوات الأمن والشبيحة، المئات من العلويين المسلحين في حال سقطت الحكومة؟ قال لي بأنني أبالغ في الأرقام. هو توقع ما سماه مذبحة، ولكن شعرت أن بديل بشار ممكن أن يدمج من بداخل النظام ويترأس التسوية . سيكونون محطمين أثر سقوط بشار ويخسرون الحافز. قال لي قائد متمرد في دوما، أكبر مدينة في ريف دمشق: إنه قلق من القتال بين السنة والعلويين في ضيعات مثل العزيزيه والتمانة .”نحن لا نستطيع أن نقول إننا نملك الحق في أن نعيش هنا وهم لا يستطيعون كما قال، ولكن بعد الثورة سيعود العلويون إلى مكانهم الطبيعي، لن يصبح لهم سلطات وقوة.
ليس واضحاً ماذا يعني بالمكان الطبيعي. هل تعني أن يتركوا مدنهم والعودة إلى تقاليدهم في المناطق الريفية. جيل جديد من النقاد السوريين المقيمين بالخارج كانوا قد ناقشوا احتمالية أن ينفصل العلويين ويحصلون على دولة، ولكن لم يستمعوا إلى أي أحد يتحدث بهذا الحديث من العلويين أنفسهم. سوريا دوماً كانت مركز أعمالهم، ومجال تورطهم كان أنهم تركوا قراهم وتوجهوا نحو المدن ليتمدنوا. من الممكن أن ينتهي بهم المطاف في مقاطعة مستقلة كنتيجة للحرب الأهلية التي للمعارضة اليد العليا فيها، ولكن هذا ليس ما يتمنونه. هم يؤمنون بأنهم يقاتلون من أجل البعث ومثله عن الوطنية السورية والعربية. الدولة العلوية لن تكون قابلة للتطبيق ولا بأية حالة. معاقل العلويين القديمة لم يكن لديها الكثير من المرافق أو فرص العمل والمجتمع المحلي يعتمد على الداعمين من الخارج مثل روسيا أو إيران. قد يشكل الحل اللبناني لسوريا النتيجة النهائية، بمعنى أن لكل منطقة مختلفة داعمين خارجيين لها. إلا أنها ليست هدفاً لأحد.
المصدر
ضبابي جداً وغير واضح المعالم مرة تذهب يمين ومرة شمل
لا يملك الكاتب فكرة كاملة او واضحة عن الوضع قبل الذهاب لسورية
ويلفت النظر قوله في النهاية الحرب الاهلية التي كان للمعارضة الدور الاكبر في حصولها
هذاهو المبرر الاوربي لعدم التدخل ولكن اعتقد ان الضرر اللاحق على الغرب سيكون اكبر حيث ان سورية الجديدة والتي لم يمد لها احد يد العون ستكون غالبا خارج نطاق السيطرة الغربية الى حد ما
مقال يحوم حول الحقيقة … ويبتعد عنها جدا في كثير من الاحيان …. يتحدث عن الخوف الوجودي لدى العلويين … ويهمل الجرائم التي قامو بها بحق مئات الالف من السوريين …. ينسى احداث التاريح …. وينسى ان حافظ الاسد الغى لغة اغلى شعبا الح احداث التاريخ وعبث بالبنية الديمغرافية لسورية … وجعل الطائفة تركب على اكتاف كل السوريين … فقط لأنهم من الطائفة … فيكفي لأي علوي ان ينطق ببعض الكلمات التي تتضمن حرف القاف .. لكي يبث الرعب في قلب اي سني .. خوفا من الاعتقال والنفوذ والعسكر الداعمين لهذا المواطن العلوي …
العلويون هم من يرفضون العيش على قدر المساواة مع السوريين وظلوا كذلك لمدة 43 سنة … ولمجرد ان قال الناس لا نريد بشار وال الاسد هب العلويون واعتبرو ذلك تهديدا لوجودهم لأنهم يعلمون علم اليقين حجم الجرائم ومدى القمع الذي مارسوه بحق الشعب الاعزل … عدا عن الامتيازات التي حظو بها دون ادنى وجه حق …
ولكن بعد ان قتلو وامعنو بقمع الشعب السوري لا اتصور ان يقبلوا في المجتمع السوري مرة اخرى على الاقل في المدى المنظور …. ولا يستحقون حتى ان يأخذوا ( مكانهم الطبيعي الذي تحدث عنه المقال )