المرصد العلمي المسيحي – CSMonitor.com
آنا مالراين Anna Mulrine
4 يونيو/ حزيران 2012 واشنطن
يخطط البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) لعملية عسكرية في سوريا، وقد تحتوي هذه العملية على هجوم الكتروني على دفاعاتها الجوية. لكن المحللين يحذرون من أن التدخل (أي تدخل في سوريا) قد يشعل حرباً أهلية باهظة الثمن. مع تصاعد لهجة الخطاب السياسي الأمريكي ضد نظام الأسد، وقتل المدنيين في سوريا، يعمد البنتاغون إلى وضع مخططات طارئة لعملية عسكرية، قد تتضمن هجمات بنمط الحرب الالكترونية.
لكن حتى مع تعبير المخططين العسكريين عن تفاؤلهم بامتلاك الولايات المتحدة للتفوق التقني الشاسع والبراعة التكتيكية التي بمقدورها التغلب على الدفاعات الجوية السورية الصلبة وعلى سلاحها الجوي، يحذر محللون عسكريون من أن التغلب العسكري الغربي قد يؤدي إلى انفجار حرب أهلية في سوريا ستطغى على حرب العراق بمدى الدمار والفوضى. وليس لدينا سوى الانتظار لمعرفة ما إذا كان عمق هذه المخاوف السياسية سيلغي التخطيط العسكري الأمريكي لمناقشة الحل الرادع، ومدى تأثيره على النظام السوري.

رجل سوري يمشي بالقرب من جدار يحمل علم الثورة السورية، وكُتب عليه كلمة “حرية”، في شمال سوريا، يوم الأحد، 3 يونيو/حزيران. (أسوشياتد برس – AP-Associated Press)
حيث حذر وزير الدفاع ليون بانيتا Leon Panetta، يوم الجمعة، من أن الوضع في سوريا “لا يحتمل” وأن الرئيس بشار الأسد يجب أن يرحل، لكنه اشترط الدعم الواسع من المجتمع الدولي لحدوث أي عملية عسكرية (كما يخطط لها البنتاغون).
وإلى الآن، لم تتمكن الولايات المتحدة والقوى الغربية من التغلب على الموقفين الروسي والصيني المعارضين لأية مبادرات سياسية قد تمهد الطريق لاستخدام القوة في سوريا. لكن، حتى وإن كان التأييد الواسع النطاق وشيك الحدوث، فإن العملية العسكرية لن تكون سهلة، ولن تكون بمستوى ما حصل في ليبيا مثلاً.
وقد صرح الفريق المتقاعد في القوات الجوية الأمريكية دايف ديبتولا Dave Deptula، مخطط الحرب الأسبق، ومخطط العمليات الجوية الرئيسي في عملية عاصفة الصحراء أنه “من وجهة نظر الخيار العسكري، فإن سوريا تمتلك منظومة دفاع جوي تتكون من صواريخ أرض/ جو أكثر صلابةً من الليبيين”، كما أضاف أن بمقدور البنتاغون تطبيق هجمات حربية الكترونية للقضاء على هذه الدفاعات الجوية.
واستطرد السيد ديبتولا مصرحاً، أن هناك نحو 130 موقع نشط لصواريخ الأرض/ جو في شتى أنحاء البلاد، وهي أكثر صعوبة مما كان يمتلكه الليبيون لأنها تبقى في حالة تأهب أعلى، نتيجة التهديد الملموس من إسرائيل.
أما بالنسبة للطائرات العسكرية الأمريكية “الطائرات من دون طيار”، فلن تكون لها فائدة تذكر فيما تطلق عليه البنتاغون “بيئة الهواء المتنازع عليها”، وذلك بسبب سهولة إسقاطها وعدم امتلاكها لقدرات تجنب رصد الرادار على سبيل المثال. وبناءً على كلام ديبتولا، فإن هذا بالتحديد (قدرة تجنب رصد الرادار) ما دفع إلى تصميم ما يسمى بالجيل الخامس من المقاتلات النفاثة الأمريكية كالـ F22 وF35. كما يضيف، أنه لا مجال للشك في إمكانية الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية من مواجهة نظام دفاع جوي بمثل هذه القوة و”تعطيله”.
واقعياً، إن معظم نظم صواريخ الأرض/ جو (SAM) “مصممة للاشتباك مع هدف واحد كل على حدا،” يوضح ديبتولا، ثم يردف “مما يستدعي استخدام تقنية مضادة تتمثل في إنهاك دفاعاتهم الجوية بحيث تصبح عديمة الفاعلية” عبر إشباع الأجواء “وحشدها” بالموارد العسكرية الأمريكية. ولا تمثل “الحركية” (Kinetics) –بالمفهوم العسكري- الحل الوحيد. حيث بمقدور قوات الولايات المتحدة البدء بالتواصل مع الثوار المقاتلين، إن لم تكن قد فعلت مسبقاً. ويلاحظ ديبتولا، أن البنتاغون غالباً يبحث خيارات الهجمات الالكترونية.
يقول ديبتولا “لقد طورنا سبلاً بإمكانها إيهام رادارات تحديد الهدف بأنها غسالة ملابس – وهذا يصنفها خارج الخدمة من دون تدميرها”، ويضيف “إن العمليات في عالم الالكترونيات / الانترنت هي جزء لا يتجزأ” من جهود التخطيط.
ويبقى السؤال إلى أي نهاية – وإلى أي غرض؟ حيث أن محللي البنتاغون من دون شك يتساءلون حول الأمر نفسه. كما يقول ديبتولا. “إنه لمن الواضح أن الأسد قائد يجب التخلص منه – والسؤال هنا هو ما هي أفضل الطرق لتحقيق ذلك؟”
فيما يحذر آرام نرغيزيان Aram Nerguizian، الزميل في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (Center for Strategic and International Studies) من وجود اعتقاد متنامي في أوساط المحللين العسكريين القائل بأن تفكيك دولة مثل سوريا، لا يمكن الاستفادة من المثال الليبي وإنما بالأحرى الاتكال على المثال العراقي.
كما في العراق، فإن الطائفية متجذرة في سوريا، بالإضافة إلى القبلية والفوالق الاجتماعية-الاقتصادية. إلا أن أي حرب أهلية في سوريا مؤهلة لتبدو أكثر فوضوية، إلى جانب امتدادها إلى الدول المجاورة. ويضيف السيد نرغيزيان Nerguizian ، أن سوريا على عكس العراق، تمتلك خبرة قليلة في إصلاح التعليم، وبناء المؤسسات، وإعادة الهيكلة، مشيراً إلى كونها دولة متقلبة تتصارع مع عقود من الانقلاب والانقلاب المضاد. وفي ظل احتمال تدخل عسكري من قبل الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي الأوسع، “سيبرز صراع الضغوط الطائفية والقبلية،” كما يعتقد نرغيزيان، “أما النتيجة، فلا يكمن التكهن بها”.
المصدر
How a US strike on Syria might look: cyberwar could play key role