التلغراف The Telegraph– هاريت ألكسندر Harriet Alexander وروث شيرلوك Ruth Sherlock، بيروت
2 حزيران/يونيو 2012
كتبت هاريت ألكسندر وروث شيرلوك: بدأ ظهور الشبيحة كمجموعات من المبتزين والمهربين.لكنهم اليوم، كقوات موالية حتى النخاع لنظام الأسد القاتل، قد أخذوا دوراً أشد تعطشاً للدماء وإلى حد أبعد بكثير.
كان الدخول إلى عيادة الدكتور مصعب عزاوي، في منطقة الساحل السوري على البحر المتوسط، متاحاً على الدوام لكل من قصدها طالباً المساعدة. إنما نظراً لكونه يعمل في وسط منطقة ميليشيات الشبيحة المرعبة، فثمة بعض المرضى ممن كان الدكتور يفضّل لو أمكن له ألّا يعالجهم.
يقول الدكتور عزاوي الذي عمل في اللاذقية: “كانوا كالوحوش، لديهم عضلات ضخمة، وبطونٌ كبيرة ولحىً طويلة. كانوا طوال القامة ومرعبين، يتناولون هرمونات منشّطة لتضخيم أجسادهم”.
“كنت مضطراً لمخاطبتهم كالأطفال، فالشبيحة أناس ذوي ذكاء منخفض. ولكن ذلك هو ما يجعلهم مخيفين على هذا النحو- اجتماع القوة الغاشمة لديهم مع ولائهم الأعمى للنظام”.
ريثما تستمر بلاد الرئيس بشار الأسد في الانزلاق الوحشي نحو حرب أهلية شاملة، يبرز إلى العلن ذلك العالم العنيف المظلم والسري للشبيحة.
قبل تسعة أيام، ذُبح 108 أشخاص على أيدي الشبيحة في مدينة الحولة. مرّت العصابات الموالية للأسد ببيوت القرية، بيتاً بيتاً، مقتلعين حناجر كل من صادفوهم – ومن بينهم 49 طفلاً. بعد تمام أسبوع، قام الشبيحة بإنزال 12 عاملاً من عمال المصانع من داخل حافلة في مدينة القصير الواقعة على بعد 40 ميلاً باتجاه الجنوب، فقيّدوا أيديهم خلف ظهورهم وأطلقوا على رؤوسهم الرصاص.
“هذا ابني، ابني”، صرخ رجل كهل ظهر في فيديو على اليوتيوب إثر هذه المجزرة، فيما كان يحاول دونما جدوى هز ساق جثة رجل ملقاة ووجهه للأعلى بينما قميصه الأزرق ملطخ بالدماء.
يتعرف العالم اليوم على مقدار الدموية التي يمكن أن يتسم بها الشبيحة. لكن في داخل سوريا، يعرف الناس منذ زمن مدى ما يمكنهم اقترافه من وحشية بشعة.
“حتى قبل اندلاع الثورة، كانوا ساعة حدوث أية اضطرابات يخرجون إلى الشوارع ويوقفونها نيابة عن الحكومة”، تقول سلمى التي تنحدر من عائلة علوية بارزة – وهي الطائفة الشيعية المسلمة التي ولد لها الرئيس الأسد وينتمي إليها معظم الشبيحة. أبناء عمومة سلمى من الشبيحة.
“يقومون فحسب بتكسير أذرع الناس وأرجلهم. فهم مستعدون للقتال من أجل الأسد حتى الموت. إنه أمر طبيعي- عليهم أن يدافعوا عن طائفتهم”.
شرحت لنا أيضاً كيف أن أبناء عمومتها يرتدون ملابس مدنية – “عندها يستطيع التلفزيون أن يصفهم على أنهم مجرد مدنيين يكنّون الحب لبشار”.
بالفعل، ذكر أحد الناجين من مجزرة الحولة أنه أدرك أنهم ينتمون إلى الشبيحة وليس إلى قوى الجيش، من الأحذية الرياضية البيضاء التي كانوا يرتدونها عوضاً عن جزمات الجيش السوداء. لقد تحولّت أحذية الركض البيضاء إلى مشهد يثير الرعب لدى المواطنين في سوريا، الذين باتوا يخشون الشبيحة القساة عديمي الرحمة والمنفلتين من أي قانون أكثر مما يهابون الجيش.
تزداد وتيرة القتل المتبادل من كلا الطرفين، حيث يُتهم كل من الثوار والقوات الموالية للحكومة بشن الهجمات.
لكن الشبيحة –وتعني أشباحاً باللغة العربية- هم من ينشرون معظم أوجه الرعب.
اعتاد الرئيس الأسد، ووالده من قبله، استخدام الشبيحة من أجل إرهاب السوريين نحو إخضاعهم، غاسلاً أدمغة رجال الميليشيات كيما يصدقوا أن الأغلبية السنية تمثّل عدواً لهم.
يشكل العلويون حوالي 12 بالمئة من سكان سوريا، وقد تعرضوا تاريخياً لاضطهاد السنة؛ حيث عاشوا يعانون الفقر في مناطق الجبال الريفية حوالَي حمص ومدينة اللاذقية الساحلية.
يعتقد العلويون، المنفصلون منذ القرن التاسع عن الفئة الشيعية في الديانة الإسلامية، أن الصلاة ليست ضرورية كما أنهم لا يصومون ولا يؤدون فريضة الحج. ومما يزيدهم غموضاً أن الكثير من معتقداتهم الأساسية سرية رغم ادّعاء بعض العلماء بأن العلويين دمجوا عناصر من الديانة المسيحية في عقيدتهم. السنيون يعتبرونهم زنادقة.
بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، احتاج حكام سوريا الفرنسيين إلى جنودٍ راغبين بالدفاع عن النظام ضد انتفاضة سنية، فجندوا لهذه الغاية في الجيش أعداداً كبيرة من العلويين كانوا في غاية السعادة لأنهم سوف يحاربون “مضطهديهم” من أهل السنة.
أصبح العلويون اليوم الطائفة الأقوى نفوذاً في سوريا من الناحية السياسية، كما تدين الغالبية العظمى من أرفع ضباط الأمن والجيش في الدولة بهذا المذهب. ومنه، من الجيش، برز حافظ الأسد ليقوم بانقلابه.
كان الشبيحة في الأصل زمرة من عصابات المافيا، يكسبون المال عن طريق الابتزاز. روت لنا سلمى، العلوية من عائلةِ شبيحة، كيف كان ثراء أبناء عمومها “فاحشاً” من أثر تهريب الديزل والحليب والإلكترونيات. وأضافت: “تهريب أي شيء ثمنه أرخص في سوريا إلى لبنان، وأي شيء يحتاجه الناس في سوريا من لبنان”.
غضّت عائلة الأسد الحاكمة الطرف عن سلوكهم الإجرامي وأساليبهم العنفية. في مقابل ذلك، أصبح الشبيحة أدواتاً ضاربة بيد الأسد وأشد الموالين المدافعين عنه.
يقول الدكتور عزاوي: “لقد تمّ تعبئتهم باعتقادٍ مفاده أنهم يقاتلون في سبيل نجاتهم، يقول لهم الأسد إن عليهم الدفاع عن الحكومة وإلا جرى إبادتهم؛ فإما أن تَقتلوا أو تُقتلوا”.
قدّم الدكتور عزاوي، الذي يدير حالياً الشبكة السورية لحقوق الإنسان من لندن، فيلم فيديو لصحيفة صانداي تلغراف يظهر فيه الشبيحة وهم يؤدون عملهم.
تموضع رجل ضخم، يعرّف عنه في الفيديو باسم عرين الأسد – ينتمي إلى جماعة عائلة الرئيس- شاهراً مسدسه، وابتسم من خلف مقود سيارته نافخاً عضلاته. فتورّم ذراعه الضخم كاشفاً عن وشمٍ لوجه الرئيس.
في نهاية الفيديو، يهتف الشبيحة المسلحون وهم يستعرضون منادين: “يا بشار، لا تهتم، نحن رجالك نشرب دم”.
“ذلك هو شعارهم”، يشرح الدكتور عزاوي مضيفاً أنه جرى تجنيد العديد من هؤلاء الرجال من نوادي بناء الأجسام كما تم تشجيعهم على تناول الهرمونات المنشطة. “يجري التعامل معهم كحيوانات، ويتلاعب بهم رؤساؤهم ليقوموا بهذه الجرائم. من غير الممكن إيقافهم”.
حمزة البويضة، الناشط السني من منطقة القصير، أخبر الصانداي تلغراف The Sunday Telegraph كيف شهِد بهلع على انضمام صديق طفولته إلى فرق الشبيحة.
“حتى عندما كنا في الجامعة كان ينظر إلى بشار على أنه إله. ولم يكن ليسمح لكائن من كان بالإسائة إليه في القول”.
“إنه شيء ما في عقيدتهم هو الذي يحرّكهم. ووسائل إعلام الدولة تعمل على إخافتهم من أن الإرهابيين سوف يقتلونهم في حال سقط حكم بشار. أعطى الجيش لصديقي سلاحاً نارياً وبدأ باستخدامه في إطلاق النار على الناس في المظاهرات.
لقد منحته قوات الأمن معنىً خصوصياً حيال هويته”.
تعمل الميليشيا بإخلاص أعمى لقادتها الذين يشار إليهم بلقب “معلم” أو “خال”، و هي تشبه في الواقع طريقة إدارة الشؤون العائلية على أكثر من صعيد.
سيطر نمير، ابن عم الرئيس الأسد، كواحد من أهم قادة فرق الشبيحة – بالرغم من حرص الحكومة على تجنب الارتباط المباشر مع الميليشيات وأعمالهم الإجرامية.
من غير الواضح الكيفية التي يتم من خلالها تمويل هؤلاء الشبيحة، لكن كما يعتقد الكثيرون فإن مصدره هو رجال أعمال مرتبطين بالزمرة العلوية المهيمنة على سدة الحكم.
مما هو مؤكد توّفر الدوافع المادية القوية للشبيحة كيما يدعموا النظام. فجنود المشاة قد يكسبون حتى 120 جنيهاً استرلينياً مقابل يوم واحد من سفك الدماء – وفي سوريا يعتبر هذا بمثابة ثروة.
لطالما قام النظام بدعم العلويين مادياً: ففي الثمانينات، وجّه الرئيس حافظ الأسد ببناء منازل في منطقة المزة في دمشق لإيواء العمّال العلويين الفقراء الذين انتقلوا للسكن في العاصمة. وحينما اندلعت الثورة في آذار/مارس 2011، قدّم هؤلاء السكان الشكر والعرفان للنظام عبر قمعهم العنيف لأي بادرة من بوادر التمرّد.
فضلاً عن الحقد الطائفي والدوافع الاقتصادية، لدى الشبيحة مبررٌ آخر حتى يرغبوا ببقاء نظام الأسد في السلطة.
يقول البروفسور جوشوا لانديس Joshua Landis، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما: “كونهم مرتبطون في ذهن معظم السوريين بالنظام، فالعلويون مرتاعون من القصاص في حال ما إذا سقط هذا النظام. ولربما يكون ذلك الخوف في محله إلى حد ما. فالعلويون سوف يواجهون ظروفاً سيئة إذا ما تم طُرد الأسد وجماعته خارج البلاد”.
في الواقع، فإن بثّ الطمأنينة في نفوس 2.1 مليون علوي في البلاد بأنهم لن يُستهدفوا في سوريا ما بعد الأسد لهو هدف أساسي تعمل عليه المعارضة، جنباً إلى جانب مع تشجيع العلويين العاديين على الانشقاق.
من أصل 239 منشقٍ يعملون في الشبكة السورية لحقوق الإنسان داخل البلاد، 19 فقط علويون. ومن بين أعضاء المجلس الوطني السوري الـ 311، هناك ما بين خمسة إلى عشرة علويين فقط.
أحد أبرز الأعضاء العلويين في المجلس هو منذر ماخوس الذي كان صرّح لصحيفة صانداي تلغراف قائلاً: “يدعم العلويون الأسد لأنه قيل لهم بأنه يحميهم، ولأنهم خائفون بشدة مما سيحدث عندما يرحل، على أني لا أعتقد أن انتقاماً منهم سيقع. فالشعب السوري يريد السلام”.
“إنه تحدٍّ بالغ بالنسبة للمجلس الوطني السوري أن يجذب المزيد من العلويين. فالشبيحة يقتلونهم أيضاً إذا ما حاولوا الهرب. لكننا بحاجة لهم في صفّنا”.
يتفق علويون آخرون على ضرورة بذل المزيد لتشجيع الانشقاقات. يقول عُباب خليل، وهو علوي من منظمة المغتربين السوريين في تكساس، أن الكثيرين كانوا يرغبون بالتخلي عن الأسد.
“عيّن الأسد نفسه حارساً للطائفة، لكنه من غير الصحيح إطلاقاً أن كل العلويين يدعمونه. فالأسد استهدف العلويين أيضاً”. “إنهم هناك في المظاهرات، إلا أنهم خائفين أكثر من الانقلاب عليه”.
لكن هل من الممكن للأسباب المادية والحقد الطائفي والخوف من المستقبل أن تكون كافية لدفع شخص ما إلى اقتلاع حنجرة طفل؟ تتساءل سلمى.
وتقول: “لئن علموا أن المنطقة بأكملها ضد النظام، فلن يكون لديهم مشكلة في قتل الجميع. على هذا النحو هم يعملون”.
المصدر
ما هذا المقال العظيم والتجيش الامنطقي والصوره التي هي ليست اكثر من موضه ولا تمت للشبيح بصله كما انك لم تتطرق لاصحاب الذقون من الطرف الاخر لانني على ما اظن انهم اخطر بقناعاتهم عشت ثلاثين سنه في سوريا و لم ارى شبيح خلالها
danat
اتطلع عل مراية تشوف شكل الشبيح المقرف يلي يشبه الخنزير
العلويين الذين تتهمونهم بعدم الصلاة والصوم وان من اتباعهم النصارى هو بحد ذاته سفه للعقل وتظليل للحقيقة فالي اكدر اكوله بقدر مرض القتل الي يملكه الشبيحة انه كاتب المقال عنده مرض بل ازمة شرف فكري