19 مارس/آذار 2012
مضى أكثر من عام منذ أن قام شعبنا السوري – رجالاً ونساءً وأطفالاً، كباراً وصغاراً- بتفجير ثورة ضد أكثر الأنظمة فظاعة في العالم. أشعل فتيل الثورة طلاب بعمر 11 سنة، حيث قاموا بكتابة عبارة “ليسقط النظام”على حائط مدرستهم في مدينة درعا، كتقليد لما شاهدوه في ثورتيّ مصر وتونس اللتين بثتهما الفضائيات. قام رجال المخابرات يومها بمداهمة المدرسة – بعد تلقي بلاغ من قبل مخبريهم هناك- واعتقلوا الطلاب. حيث قاموا بتعذيبهم وضربهم بطريقة همجية واقتلاع أظافرهم. وعندما طلب آباء الطلاب المعتقلين معرفة مصير أولادهم، أخبرهم أحد أقرباء الأسد -المسؤول عن أمن مدينة درعا في ذلك الوقت- أن أبناءهم قد قتلوا. ولكن، كان في جعبته خبر سعيد، فقال لهم: إنه سيجمع نساءهم، وسيجعل حراسه العلويين يغتصبونهم لينجبوا أولاداً أفضل منهم!
على الرغم من أن السوريين عاشوا حياة مليئة بالإهانة، حيث قتلوا وعذبوا من قبل الأسد طوال 42 سنة، أثبتت هذه اللحظة التاريخية أنها شرارة للثورة. خرجوا إلى الشوارع التي شوهتها عائلة المافيا المنتمية إلى أقلية طائفية متشددة، عُزّلاً غير مسلحين إلا بكرامتهم ورغبتهم الطبيعية بالعدالة. تحدّوا الرصاص الروسي الذي أمطرهم به الأسد؛ الصواريخ الإيرانية؛ قناصي حزب الله، إلى جانب آلة القتل الطائفية عديمة الرحمة التي قضت على المئات منهم بدم بارد، ثم تزايدت الأعداد إلى آلاف ثم عشرات الآلاف. حُرقت مزارعهم، قُتلت حيواناتهم المريضة، قُصفت منازلهم ونُهبت، دُنست ودُمرت مآذن جوامعهم وكنائسهم. تم قطع كل الخدمات الأساسية – ماء، كهرباء، غاز- كعقاب جماعي شنيع. فوجد السوريون أنفسهم محاصرين وجائعين في العديد من القرى والبلدات على امتداد هذا البلد الجميل. إحدى الصور التي ستبقى مطبوعة في ذهني إلى الأبد كانت لشابين سعيا لتهريب القليل من حليب الأطفال ومعلبات السردين إلى درعا الجائعة، فتم قتلهم من قبل شبيحة الأسد برصاصة في الرأس، ثم قام الشبيحة بتصوير أنفسهم باستخدام هواتف “الآي فون” المسروقة وهم يضحكون ويشيرون إلى الرؤوس المتفجرة تحت أحذيتهم.
طبيب العيون المختل الذي تم فرضه بالقوة على السوريين من خلال برلمان والده “الستاليني” قبل 12 عاماً, لم ينزعج من اقتلاع عيون المحتجين. أصبحت المشافي العامة مراكز تعذيب، حيث قام الأطباء التابعين للنظام بحفر أجساد الناس وتقييدهم بالأسرّة ليتمكن بلطجية النظام وشبيحته من استجوابهم مستخدمين الكماشات والأسياخ. فتيات بعمر الـ 9 سنوات تم اعتقالهنّ وجلبهنّ إلى السجون ليتم اغتصابهنّ بشكل جماعي، كمحاولة لإقناع آبائهنّ وإخوانهنّ المعتقلين – بالآلاف والمئات- أن يكفوا عن أعمالهم الثورية. المعذِبون الأسديون أيضاً يضمون ممرضات جاهزات لسرقة أعضاء بشرية ليتم بيعها في السوق السوداء. كانت هذه طبيعة الوحش- جهاز شرطة فاسد استنزف بلدنا لـ 42 سنة، وتآمر ليقوم بحرمانه من مواطنيه الحيويين المليئين بالطاقات, بينما أصبح بعض أعضائه فاحشي الغنى، بثرواتهم التي يتم إرسالها إلى الخارج. إن المملكة المتحدة التي نعيش فيها اليوم هي البيت الآمن لعمّ الأسد مجرم الحرب، رفعت- المسؤول عن مجزرة حماة الشهيرة عام 1982، التي أودت بحياة 20,000 سوري خلال شهر وأدت إلى اختفاء 17,000 آخرين.
قضت الديمقراطيات الغربية معظم السنة الماضية بالترويج إلى, وببساطة, كون الأسد مصلحاً.
ربما لأنه يرتدي بدلات أنيقة وربطات عنق، وله مظهر حضاري بخلاف غيره من القادة العرب مثل القذافي وصدام حسين. تحدثت تركيا كثيراً، ولكنها سرعان ما تراجعت أمام ابتزاز الأسد, عن أنها استقبلت الكثير من اللاجئين الذين انتهى بهم الأمر في خيام غطتها الثلوج على طول الحدود مع تركيا، مصدومين ومشردين. كثّفت روسيا مبيعات أسلحتها للأسد. وقفت الصين إلى جانبه. إسرائيل فضلت وجوده في السلطة، بينما لم يقم العرب بأي عمل مفيد لإخراجه. وبهذا أصبح السوريون أكثر الشعوب وحدة في العالم.
على الرغم من سهولة الإحساس بالمرارة نتيجة تخلي المجتمع الدولي وتغاضيه عن مجازر الأسد، إلا أننا، نحن السوريون، لدينا ما هو أهم من الاستسلام لهذا الفشل الذريع الأخلاقي والسياسي. أمامنا نظام أمني مرعب لنفككه, وحدنا. يستمع الملايين حول العالم يومياً إلى جرائم الأسد من خصي الأطفال، تشويه النساء، تدمير الأحياء وارتكاب المقابر الجماعية. بالنهاية, فإن قتلانا الأحد عشر ألفاً، مغيبينا الستين ألفاً، معتقلينا المئتي ألفاً، والكثير الكثير من المهجرين داخل سوريا وخارجها, تضيف أمراً واحداً, وواحد فقط:
سوريا ستكون حرة، سوريا ستكون حرة، سوريا ستكون حرة!
رنا قباني، ولدت في دمشق عام 1958، من عائلة سياسية من الديمقراطيين من جهة والدتها، وشعراء وفنانين من جهة والدها. أتمت دراستها في جيسوس كوليج، كامبريدج Jesus College, Cambridge. كاتبة ومقدمة وصحفية منتظمة لجريدة الغارديان و البي بي سي.
وليم هيغ William Hague وزير الخارجية البريطانية: “لقد شهد الأسبوع الماضي الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية، أريد أن أعبر عن امتناني للكاتبة السورية رنا قباني، التي قدمت كتابة مروعة عن نظرتها حول الأحداث في سوريا. إلا أنني لا أتفق مع كل ما ورد ضمنها، فالمملكة المتحدة هي في مقدمة الجهود الدبلوماسية لإيقاف سفك الدماء في سوريا ومحاسبة هذا النظام المجرم. لكنه من المهم أن يستمع الناس إلى آراء وصوت السوريين، وأنا أرحب بكل وجهات نظركم حول ما كان عليها قوله”.
المصدر
للأسف يا مدام قباني….ماكان عمك ليفعل هكذا لو كان على قيد الحياة ….كنا نتمنى أن نسمع هذه الأصوات عندما كانت غزة وجنوب لبنان يكتبون التاريخ بفضل سوريا الأسد عندما كنت أنت و أمثالك في أحضان الأعداء
لو كان عمها هنا لكان لعن السلالة تبع الاسد كلها يا مقاومين وممانعين بالثرثرة تتبجحون بلبنان و غزة والجولان الذي باعه حافظ الاسد لم تطلق رصاصة واحدة تجاهه من 40 عام والقوات السورية تركت الحدود خالية مع اسرائيل لتدك المدن السورية وتهددم البوت على ساكنيها و لان جيش الاسد هو من يحمي حدود اسرائيل ممانعون مقاومون بالثرثرة عاشت سوريا حرة ابية الله سورية حرية وبس ثورتنا منصورة بأذن الله ازمة اشتدي اشتدي تنفرجي