حلّ الأزمة السورية ومعيقاته

د. نيكولاس فان دام

حلّ الأزمة السورية ومعيقاته

  1. مقدّمة

يُظهِرُ غالبية البشر ضعفاً في مقدراتهم حين يتعلّق الأمر بوضع خطط وسيناريوهات للمستقبل، ولعلّ قصور الخيال وهو أمرٌ شائع للغاية يقف خلف ذلك الضّعف، لذا فإنّك تجدهم أكثر قدرةً على تصوّر مرحلة تالية لحدثٍ معيّن بعد انقضاء جزء يسير من سيرورته. ثمّة ناحية أخرى متّصلة الأهمية في هذا الشأن تتلخّص في نزعة عامّة لدى النّاس لخلط ما يُعرَف بالتفكير الموضوعي مع ما يمكن وصفه بالتّمنّي.

أمّا في الحالة السورية فلدينا ما يفوق ذلك لجهةِ أنّ أحداً لا يرغب بأن يقدّم تحليلاً قد يُنظَرُ إليه أو ربّما يتم تفسيره على أنّه يتعارض أو يسبّب حرجاً لأولئك السوريين الشجعان ذوي المقاصد الطيبة والسلميّة الذين يناهضون طغيان الأسد والذين لم يتمكنوا حتى اليوم من تحقيق هدفهم في الاننقال إلى سوريا الحرّة والديمقراطية. ويُفهمُ في هذا السياق الانتقاد اللاذع الذي ساقته المعارضة ضدّ بعض الأكاديميين الذين أشاروا في معرض تحليلاتهم منذ المراحل الأولى لانطلاق الثورة السورية إلى أنّ تلك الأخيرة لم تكن سلمية بحتة وأنّ معارضي الأسد استخدموا السلاح والعنف ضدّ قوّات الأمن والجيش السوريّيْن. إنّ رواية كهذه من شأنها أن تدعم رواية النظام في تصدّيه لـ “مجموعات مسلّحة” علاوةً على أنّها تسهم في تقويض الشرعية الأخلاقية التي تستند إليها المعارضة.

استمر في القراءة

ســــوريا .. ماهو التالي ؟

 ســــوريا .. ماهو التالي ؟

رعب وإرتباك وحيرة هي ردود الأفعال على التقارير الإخبارية القادمة من سوريا. وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة فقد سقط حوالي 9000 قتيل خلال الإثني عشر شهراً الماضية منذ أن فجر الربيع العربي شرارة الإنتفاضة في أنحاء البلاد، ولكن ورغم ذلك لايزال هناك تخبطاً دولياً واضحاً حول كيفية الإستجابة لما يجري. لقد تمادت السلطات السورية في عنفها وتخبطها، ولقد أدى مقتل مراسلة صحيفة الصنداي تايمز البريطانية ماري كولفن خلال حصار حمص إلى جذب المزيد من الإهتمام الدولي للحقائق الدموية على الأرض. لم ينفع عنف النظام سوى في رفع عزيمة المتظاهرين وإصرارهم على إسقاط الرئيس بشار الأسد وحزبه الذي يحكم سوريا منذ خمسين عاماً. ولكن، وبحكم موقع سوريا في قلب منطقة الشرق الأوسط، فإن أي اندلاع لحرب طائفية على نطاق واسع من شأنه أن يورط السعودية وإيران ومن المحتمل روسيا أيضاً. الأسبوع الماضي نَظّمَ الأسد إستفتاء على دستور جديد، وهو مالاقى شجباً على صعيد واسع على اعتباره أمر مشين، في الوقت الذي يناقش فيه مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الدور الذي يمكن أن يقوم به للضغط على القيادة السورية. استمر في القراءة

نِظام العَنتَِريات

              جثة مرمية على الشارع لا يُمكن سحبها نتيجةً لإطلاق النار, دبابات تَقصف الأحياء السكنية, رُعب ودم في المشافي حيث يُسعَفُ إليها الجرحى من ناشطي المعارضة. إن ما يعرض على التلفاز من مشاهد عما يجري في حمص يمكن أن يكون نداءً أخلاقياً, كم يمكن للعالم أن ينتظر وهو يشاهد نظام الرئيس السوري بشار الأسد وهو يذبح شعبه ؟

ومع ذلك فإن أي تدخل عسكري غربي سيكون كارثياً كما يرى الدبلوماسي الهولندي السابق ومؤلف الكتاب ذائع الصيت  الصراع على السلطة في سوريا نيكولاس فان دام. كسفير هولندي سابق في عراق صدام حسين, يدرك فان دام جيداً مدى قسوة وسوء الديكتاتورية ولكنه يرى أن هناك ماهو أقسى وأسوأ من ذلك وهي الحرب الأهلية كالصراع الطائفي الذي عايشه وخَبِرَهُ في لبنان عندما بدأ عمله بالسلك الدبلوماسي هناك. عندما تتصادم الطوائف ضد بعضها البعض يصبح الجميع معرضين لخطر الموت وفي سوريا المنقسمة دينياً فإن حرباً طائفية تلوح في الأفق كما يرى فان دام. يهيمن بعض أعضاء الطائفة العلوية على النظام في سوريا وهم فرقة من الشيعة يشكلون ما نسبته 12% من مجموع السكان بينما تَتَشَكل المعارضة من خليط من جميع الطوائف ولكن السنة والذين يشكلون أكثر من 60% من مجموع السكان يلعبون الدور الأهم داخل المعارضة. يخشى العلويون من العودة إلى فترة الخمسينات والستينات حيث كانوا مضطهدين ومهمشين بينما يتجه الإستياء والسَخط داخل السنة نحو الإنفجار وهذا ما يؤجج الصراع. لا يزال النظام متشبثاً بالسلطة, بدأت المعارضة بمظاهرات سلمية ولكنها ما لبثت أن رفعت سقف مطالبها وبدأت ترد على النار بالنار. إذا ما أراد الغرب دعم المعارضة عن طريق تسليحها مثلا فإنه بذلك يكون كَمَن يصب الزيت على النار يخشى فان دام. قد تكون المعارضة أقوى عددياً ولكن النظام يملك وحدات النخبة المسلحة بالأسلحة الثقيلة

استمر في القراءة

العقوبات وحدها لن تُجدي

نيكولاس فاندام Nikolaos Van Dam

السياسي المخضرم نيكولاس فان دام يدعو للحوار مع النظام في سوريا.

” إنّ الغرب يتعامل مع القضية السورية بشكل خاطئ ” يقول نيكولاس فان دام، “أنا أفتقر للتواصل المباشر، إنّ من يريد أن يكون ذو تأثير عليه أن يحاور، تماماً كما يفعل الروس”

هذا الدبلوماسي الهولندي السابق هو من أشهر الخبراء بالشأن السوري وهو يرى أبعد من ذلك فبعد أن عمل لسنوات طوال في السلك الدبلوماسي وخصوصاً في العالم الاسلامي فانه يتعامل بحذر مع الربيع العربي كما يقول ” ليسَ من الضروري أنْ تستحقّ نتائج الربيع جائزةً حسَنَة”.

” لا أفهم لماذا يرفض الغرب الحوار مع النظام في سوريا فالتواصل هو المفتاح لحقن الدماء، إنّه ضروري حتى بوجود رئيس بعبع كالأسد” يقول الدبلوماسي الهولندي واسمه المختصر غووس، لا أرى أنّ الطريقة التي يتعامل بها الغرب مع سورية مجدية فالوضع الآن هو كالتالي ” أنا أتحاور معك فقط عندما تنفّذ ما أقول، لكنّ هذا غير مجدٍ. “

يعتَبَر نيكولاس فان دام البالغ 66 عاماً من أشهر الخبراء بالشأن السوري، وهو صاحب الكتاب المعروف “الصراع على السلطة في سوريا” الذي صدرت نسخته الرابعة في العام الماضي.
“تقف سوريا على مفترق طرق الآن، فإمّا أن يكون هناك اصلاحات في ظل النظام الحالي أو أن تنزلق البلد إلى حرب أهلية، ولكي تستطيع أن تؤثر يجدر بك أن تحاور، بينما ومن خلال رفض الحوار فإنّ الاتحاد الأوروبي والولايات يستمرون في النّأي بأنفسهم عن كل مايجري، وإذا ما اخترت التواصل عبر الرسائل أو الخطابات العلنبة فعليك أن لا تقطع ذلك كله.”

استمر في القراءة