د. نيكولاس فان دام
حلّ الأزمة السورية ومعيقاته
- مقدّمة
يُظهِرُ غالبية البشر ضعفاً في مقدراتهم حين يتعلّق الأمر بوضع خطط وسيناريوهات للمستقبل، ولعلّ قصور الخيال وهو أمرٌ شائع للغاية يقف خلف ذلك الضّعف، لذا فإنّك تجدهم أكثر قدرةً على تصوّر مرحلة تالية لحدثٍ معيّن بعد انقضاء جزء يسير من سيرورته. ثمّة ناحية أخرى متّصلة الأهمية في هذا الشأن تتلخّص في نزعة عامّة لدى النّاس لخلط ما يُعرَف بالتفكير الموضوعي مع ما يمكن وصفه بالتّمنّي.
أمّا في الحالة السورية فلدينا ما يفوق ذلك لجهةِ أنّ أحداً لا يرغب بأن يقدّم تحليلاً قد يُنظَرُ إليه أو ربّما يتم تفسيره على أنّه يتعارض أو يسبّب حرجاً لأولئك السوريين الشجعان ذوي المقاصد الطيبة والسلميّة الذين يناهضون طغيان الأسد والذين لم يتمكنوا حتى اليوم من تحقيق هدفهم في الاننقال إلى سوريا الحرّة والديمقراطية. ويُفهمُ في هذا السياق الانتقاد اللاذع الذي ساقته المعارضة ضدّ بعض الأكاديميين الذين أشاروا في معرض تحليلاتهم منذ المراحل الأولى لانطلاق الثورة السورية إلى أنّ تلك الأخيرة لم تكن سلمية بحتة وأنّ معارضي الأسد استخدموا السلاح والعنف ضدّ قوّات الأمن والجيش السوريّيْن. إنّ رواية كهذه من شأنها أن تدعم رواية النظام في تصدّيه لـ “مجموعات مسلّحة” علاوةً على أنّها تسهم في تقويض الشرعية الأخلاقية التي تستند إليها المعارضة.