البلقان في سوريا

لازال الغرب عاجزاً عن الإجماع على التدخل في سوريا – كما أن المصالح من طهران إلى بيروت تهيمن اليوم على الأوضاع في البلاد التي يتهددها ما يسمى بالبلقنة وحرب طويلة الأمد.

ويُعزى جزء من سبات الغرب حيال ما يتعلق بسوريا إلى رغبته أولاً في حل مشاكله الداخلية. ففي العام الحالي 2012 تجري العديد من الانتخابات الرئاسية الهامة، ولقد بدأت فعلاً عملية تداول مقاعد الرئاسة في عواصم تلك البلاد. ففي الولايات المتحدة وفرنسا  يخشى الرئيسان الحاليان، وكلاهما مرشحان لولاية رئاسية جديدة، إثارةَ حفيظة  مواطنيهما من خلال تنفيذ عمليات عسكرية مكلفة وغير واضحة المعالم. أما في روسيا، وعلى الرغم من أن لعبة تبادل الأدوار السياسية قد وصلت لنهايتها وقضي الأمر، إلا أن الناس هناك لايزالون شديدي الانشغال بحماية أنفسهم من غضب القيصر الجديد “بوتين” عن الاهتمام بشكل جدي بمجريات الأحداث في دمشق. ويسعى البيروقراطيون الروس حالياً إلى تأمين مقعد إضافي لهم من المقاعد الشاغرة في الكريملين قبل محاكمة “بوتين” في أيار. الصين بدورها تجد نفسها اليوم في مرحلة ما قبل التغيير الجذري، حيث سيقوم “وين جياباو”، القائد السياسي صاحب ثاني أسوأ كاريزما بعد “بان كي مون” الأمين العام للأمم المتحدة، سيقوم بتسليم السلطة إلى رئيس الوزراء الحالي “لي كيكيانغ”.

مصالح من طهران إلى بيروت

وتقع سوريا وسط شبكة معقدة من المصالح السياسية التي تمتد من طهران وحتى بيروت. وحتى يحل القادة هناك مشاكلهم الداخلية، ستبقى الطريق مسدودة أمام السوريين وسوف يُتركون تحت رحمة أقدارهم. سبق وأن تم التذكير عدة مرات بأن التدخل في سوريا سيؤدي إلى زيادة في عدم الإستقرار السياسي – على الرغم من الأسباب الأخلاقية

استمر في القراءة

عم الرئيس الأسد يتعرض إلى ضغوط للانسحاب من الجمعية السورية البريطانية

نصيحة فواز الأخرس الإلكترونية لبشار الأسد حول الأزمة هي “القشة الأخيرة” ، بعد استقالة أفراد الجمعية السورية البريطانية.

 إيان بلاك Ian Black، محرر في شؤون الشرق الأوسط

20 آذار/ مارس 2012

 

 

فواز الأخرس، الذي قدم النصيحة حول الأزمة السورية، هو الرئيس المشارك للجمعية السورية البريطانية. الصورة لـ “لؤي بشارة” / أ ف ب AFP/Getty Images

يتعرض فواز الأخرس عم الرئيس بشار الأسد إلى ضغوط للتخلي عن رئاسة الجمعية السورية البريطانية بعد استقالة جميع أعضاء مجلس الأمناء البريطانيين  احتجاجاً على القمع الوحشي للمظاهرات ضد نظام دمشق. تعَرضَ الدكتور فواز الأخرس وهو جراح قلب في مشفى هارلي إلى إحراج كبير في الأسبوع الماضي بعد نشر الرسائل الإلكترونية المسربة في صحيفة الغارديان والتي كشفت النقاب عن دوره في إسداء النصائح للأسد حول كيفية التعامل مع الأزمة، كما أظهرت كيف أن ابنته أسماء زوجة الرئيس كانت تتسوق البضائع الفاخرة بينما كان العنف يتصاعد.

وقد أقرّ السير أندرو غرين Andrew Green وهو سفير بريطاني سابق إلى سوريا وعضو في رئاسة الجمعية السورية البريطانية أن الجمعية قد واجهت حالة من الفوضى خلال العام الماضي، وأن الرسائل الإلكترونية وخصوصاً تلك التي تُظهر السيد الأخرس يقدم النصح للأسد حول كيفية دحض إدعاءات المدنيين بخصوص تعرضهم للتعذيب هو بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

“إنه من المحزن حقاً”، أخبر غرين الغارديان يوم الثلاثاء. “لقد قامت الجمعية السورية البريطانية بالكثير من العمل المفيد ولكن من الصعب أن تستمر بالعمل مع كل هذا. وفي ضوء ما كشف عنه فقد قدم الأعضاء البريطانيون الخمسة استقالاتهم من عضوية الجمعية”.

استمر في القراءة

لماذا لا نهتم بسوريا؟

أثارت احتجاجات إيران ومصر اهتمام مستخدمي الإعلام الافتراضي الغربيين إلى أبعد الحدود, فلماذا لا يحدث المثل في حالة سوريا؟

إميلي باركر Emily Parker

24 شباط/ فبراير 2012

 

 

 تظهر دبابات الجيش السوري متمركزة عند مدخل حي بابا عمرو في حمص, في 10 شباط 2012. تجاهلت سوريا المبادرة العربية لوقف سفك الدماء واستمرت قواتها في قصف حمص, مركز الاحتجاجات, فيما قالت روسيا إن وقف إطلاق النار يجب أن يتحقق قبل السماح بدخول قوات حفظ السلام. (صورة AFP/Getty)

تمتلك الانتفاضة السورية كل مقومات القصة الإعلامية الآسرة اجتماعياً: من أعمال بطولية في المقاومة, إلى انغماس مواطنين عاديين في نضالهم نحو الحرية، إضافة إلى توظيف رائع لقوة الإنترنت في اختراق حاجز الصمت المفروض من النظام. إضافة إلى ذلك فقد أكدت هيئة أممية مستقلة الخميس الماضي أن النظام السوري قد تورط في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

إذاً لماذا لا تنتشر قصة سوريا أفضل من ذلك؟

 

قرابة السنة, انخرط نظام بشار الأسد في قمع عنيف لمعارضيه. تم تصوير هذا الصراع ونقله بشتى الوسائل, من صور فوتوغرافية, وفيديو, وسكايب وتويتر. مع ذلك, لا يبدو أن هذا قد أثار اهتمام المخيلة الجمعية الاجتماعية للإعلام الافتراضي كما فعلت ثورات أخرى سابقة. عندما نزل المصريون والتونسيون إلى الشوارع في 2011, تعاطف معهم المشاهدون عن بعد عن طريق الفيسبوك والتويتر، وتظاهروا معهم في تعاضد افتراضي. في عام 2009 وخلال الاحتجاجات التي هزت إيران, غيّر الغربيون صورهم للون الأخضر ليظهروا دعمهم للثوار. حتى أن بعضهم غيّر موقعه على التويتر إلى “طهران” ليربك السلطات الإيرانية.

هناك, بالطبع, من يغرد عن سوريا, ولكن دائرة الاهتمام تبدو محصورة في بعض الناشطين أو المهتمين بشؤون الشرق الأوسط. لم يهتم جمهور شبكات التواصل الاجتماعي بالموضوع كما كانت الحال في إيران ومصر. كما نلاحظ في المخطط أدناه, فقد كان حجم التغريدات المتعلقة بسوريا (كنسبة من التغريدات الكلية) أقل بكثير من تلك المتعلقة بمصر وإيران خلال انتفاضتيهما. التقديرات هنا مبنية على عدة مصادر من المواقع الالكترونية التي تقوم بتغطية التغريدات للأحداث المختلفة (مثل Twitter’s blog, Customer Insight Group, Mashable, the Sysomos blog, Twapperkeeper). هذه التقديرات ليست دقيقة مائة بالمائة، ولكنها تقدر بشكل مقبول حجم الانشغال على التويتر بهذه الأحداث.

إذاً لماذا لا يهتم عالم التويتر بسوريا بالدرجة نفسها التي اهتم بها بمصر أو بإيران؟ إليكم بعض التفسيرات المحتملة.

 

حكاية جديدة: سوريا لا تعدو كونها الحلقة الأخيرة لسلسة من ثورات التويتر. خلال احتجاجات إيران عام 2009 كان الإعلام الافتراضي شاهداً على تجربة مماثلة في تغطية الأخبار من وجهة نظر المواطنين في دولة مغلقة وللمرة الأولى. شاهد العالم, مشدوهاً, موت المتظاهرة ندى آغا سلطان المسجل في فيديو. اليوم, أصبح هذا النوع من الصور الفظيعة شائعاً لدرجة مقلقة. الثورة السورية تنقل لنا بشكل حي ومباشر سلسلة متواصلة من الصور المخيفة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن, هل يريد الناس مشاهدة ذلك بدل الحديث عن المغنية آديل Adele أو مناقشة نهائي كرة القدم الأميركية, السوبر بول؟

 

هذا الرسم البياني يوضح عدد المرات التي ظهرت فيها كل من الكلمات المشار إليها خلال الفترة الزمنية المرافقة.

 

طول المدة: كانت الثورة المصرية قصيرة, سريعة ومتفجرة. في المقابل استمرت الثورة السورية 11 شهراً حتى الآن. في لحظات معينة, خطفت الثورة أنظار العالم كما في حصار حمص في شهر شباط/ فبراير، أو عند موت الصحفييّن أنتوني شديد, ماري كولفن وريمي أشليك. عدا ذلك فإن تصاعد الأحداث في الثورة السورية للأسف، كان أشبه بتجربة “الغلي البطيء للضفدع”, كما يقول أندي كارفن  Andy Carvin, مذيع في الـ إن بي آر. بينما يستمر كارفن وغيره بالتغريد عن سوريا, فإنه يعترف أن طول أمد الثورة قد يثبط من همة وكالات الأنباء في تغطيتها. “يمكنني أن أتخيل المحررين يقولون: ما هو الجديد في هذه القصة؟” يقول كارفن.

إمكانية الوصول: وسائل الإعلام الرئيسية لم تتمكن من الدخول إلى سوريا إلا على نطاق محدود للغاية, وبعض الصحفيين الذين كانوا شجعاناً بما يكفي للتسلل إلى هناك دفعوا حياتهم ثمن ذلك. يشير المدون أحمد العمران إلى أن الإعلام التقليدي والإعلام الافتراضي يدعمان بعضهما بشكل متبادل, ولهذا فإن غياب أحدهما يؤثر على الآخر. هذا ناهيك عن أن السلطات السورية حاولت السيطرة على ما تيسر من النشاط الافتراضي للثورة. إلا أن المشكلة لا تتوقف عن قدرة الصحفيين الأجانب على الوصول إلى سوريا. إذ أنه وبسبب استمرار القمع, لا يجرؤ السوريون بشكل عام على التغريد أو التدوين مستخدمين أسماءهم الحقيقية. المصريون بالمقابل مارسوا هذه النشاطات لسنوات قبل الثورة. وهكذا, عندما بدأت الثورة, لم يكونوا مخلوقات أو أسماء وهمية, وإنما كانت أسماؤهم وهوياتهم معروفة عند العديد من المتابعين خارج مصر, والذين بدورهم أعادوا تغريد رسائلهم لجمهور أكبر وأكبر.

 

ضعف الثقة: إن المعلومات التي تعتمد بشكل أساسي على روايات مواطنين, أو حسابات وهمية هي سلاح ذو حدين. فمن ناحية هي تمثل القصة المباشرة دون شوائب. ولكن من ناحية أخرى يصعب للغاية التأكد من الأخبار من المصادر غير المعروفة. إحدى الفبركات الشهيرة هي قصة المدونة مثلية الجنس من دمشق, والتي اتضح أنها رجل أميركي في أواسط العمر. المشكلة الأعم هي أن المراقب البسيط للأحداث لا يبدو واثقاً بشكل كامل من ما يحدث في سوريا. صحيح أن قمع نظام الأسد واضح للعيان, ولكن نواح أخرى للثورة تبقى أقل وضوحاً. بعضهم يسأل: من هي المعارضة بالضبط, وماذا يريد أغلبية السوريين حقاً؟ يقول جوليان يورك  Jillian York من Electronic” “Frontier Foundation بأن هذه المحدودية في فهم الثورة تصل إلى عالم التويتر. ما خلا بعض الاستثناءات, فإن “تغريدات السوريين بالإنجليزية لا تشبه تغريدات المصريين. إنها تخلو من السياق الواضح والدقة, ولا تبدو محددة وقابلة لإعادة التغريد”.

 

الحقائق على الأرض: إن الإعلام الافتراضي ليس كوناً موازياً. الحقائق على الأرض تؤثر دون شك على  صورة سوريا في عالم الإنترنت. بداية, فإن عدد السكان في سوريا أصغر من عدد السكان في مصر أو في إيران بشكل كبير, مع مساهمة أقل صخباً للمغتربين السوريين. إلا أن المشكلة الأكبر هو غياب حل سهل أو واضح لمعاناة السوريين. أضف إلى ذلك أن تأثير الولايات المتحدة في الحالة السورية أقل منه في حالة مصر على سبيل المثال. مشاعر الإحباط هذه خارج الإنترنت لا بد لها من التأثير على النشاط الافتراضي. لخصّ ناصر ودادي, عضو المؤتمر الأميركي الإسلامي, الموضوع بشكل ممتاز في تغريدة في 3 شباط: “لم تكن البشرية يوماً على تواصل أكثر منها اليوم, ومع ذلك نحن عاجزون عن فعل أي شيء”.

المصدر

Why Don’t We Care About Syria?