
دافيد كينر David Kenner
الثلاثاء 13 آذار/ مارس 2012
إليكم هذه الأحجية: يدعو شريط فيديو إلى اتخاذ إجراءات دولية للقبض على جوزيف كوني Joseph Kony، رجل حرب العصابات الأوغندي وقائد بضع مئات من الرجال أقدم على قتل 151 مدنياً خلال العام الماضي، هذا الشريط شُوهد من قبل 76 مليون شخص حتى الآن على اليوتيوب. في هذه الأثناء، فإن الرئيس السوري بشار الأسد – المتحكم بـ 600 ألف رجل والمزودين بالسلاح، فضلاً عما يناهز الـ 5000 دبابة، والذي يقتل عادة أكثر من 100 شخص في اليوم الواحد، وفقاً لناشطين – مازال يثير حنقاً أقل بكثير من نظيره!
يبدو الخلل فاضحاً بصورة خاصة على التويتر Twitter. وفقاً لرياض منتي مشرف وحدة الإعلام الاجتماعي في قناة الجزيرة، فقد استخدمت الكلمة الدلالية #Syria (hashtag) حوالي 6.6 مليون مرة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية. بالمقارنة، فإن الكلمة الدلالية Kony# قد جرى استخدامها 11.5 مليون مرة في الأيام السبعة الماضية. من الواضح أن ثمة أمر ما حيال جوزيف كوني يستثير الجمهور على النحو الذي عجزت عنه سوريا.
سألت منتي عما يعتقد أنه السبب في ذلك. فأجاب بأن التباين في التغطية بين سوريا وجوزيف كوني لم يفاجئه: بعد كل شيء، فالانتفاضة في سوريا متواصلة منذ عام، والتغطية – المأخوذة في الغالب من مقاطع على اليوتيوب منخفضة الدقة، أو تلك المتحدثة عن تقارير بسيطة لعشرات قتلوا في مدينة ما غير معروفة – ليست مواتية لجذب طيف واسع من الجمهور.
“من حيث الرواية التي جرى عرضها، ليس للشأن السوري القدر نفسه من الخصوصية”، يقول منتي مضيفاً “ثمة الكثير من الموت والدمار، إلا أنه لم يحمل ذلك الرابط الشخصي الحميم مع الناس”.
شريط فيديو كوني، على سبيل المقارنة، هو عكس ذلك تماماً. يقول منتي، لقد جرى إنتاجه بأسلوب مهني، وقد روى قصة مباشرة للضحايا وللأشرار معاً، وقدّم رسالةً بسيطة: “أوقفوا كوني”.
“الطريقة التي جرى عليها إخراجه – كان شبيهاً بإنتاج هوليودي”، حسب منتي. “كان ماكراً للغاية، لقد استهدف جمهوراً محدداً جداً، واستطاع استثارة مشاعر الجماهير كونه خلق ذلك الرابط الشخصي معها”.
تلك هي الوصفة لجذب محبي جوستين بيبر Justin Beiber وليدي غاغا Lady Gaga لمناصرة قضيتك، وجعله الفيديو الأسرع نمواً والأكثر مشاركةً بكل الأوقات. في سوريا، حيث الجدل حول التدخل يبدو في كثير من الأحيان خياراً من جملة خيارات خاطئة وحيث ترد تقارير عن استهداف الصحافيين في البلاد من قبل قوات الأسد، فإن ثمة صعوبة في تكرار نجاح فيديو كوني.
السؤال الأكبر هو ما إذا كان بالإمكان ترجمة أي من تمرّد الإنترنت هذا إلى واقع عملي في العالم الحقيقي. وجد منتي، أنه في ذروة الاهتمام العالمي بشريط فيديو كوني، فإن حوالي 140 ألف تغريدة tweet فقط خرجت من أوغندا حول القصة، وأن الأوغنديين كتبوا حوالي 2000 تعليق فقط على الفيسبوك من مجموع خمسة ملايين تعليق– نسبة لا تكاد تذكر إذا ما جرى مقارنتها بطوفان التعليقات القادمة من الولايات المتحدة وأوروبا.
من المؤكد أن العديد من السوريين يحبون أن يروا شريط فيديو واسع الانتشار يجلب انتباه المجتمع الدولي إلى فظائع نظام الأسد. إلا أن الحقائق القاسية على أرض الواقع، والقرارات المتخذة من قبل رجال أنانيين في العواصم الأجنبية – وليس اليوتيوب – هي ما ستحدد مستقبل سوريا.
المصدر
Joseph Kony vs. Bashar al-Assad