الوحشية في سوريا توحي بأن النظام في حالة يأس

ديفيد غاردنر David Gardner – لندن

12 يونيو/حزيران 2012

إذا كان هناك أي حاجة لأي دليل آخر عن طبيعة النظام برئاسة بشار الأسد، فإن الرعب في المذابح الأخيرة والمستمرة في سوريا هو خير دليل. عدد المدنيين الذين قتلوا في الحولة الشهر الماضي كان 108 شخص بينهم 49 من الأطفال و34 من النساء. أكثر من نصف الـ 78 قتيل الذين قتلوا الأسبوع الماضي في مزرعة القبير قرب حمص كانوا من النساء والأطفال.

إن وحشية كهذه توحي بأن النظام في حالة يأس لعدم قدرته على استعادة السيطرة على البلد والشعب، الذي يرفض بدوره أن يربط حزام الأمان في وجه الهجمة الشرسة. في حين أن جماعة الأسد لم تفقد سيطرتها، إلا أن موقفها لايزال في تآكل.

لقد فشلت هجمات الجيش المتكررة على مدى أكثر من عام لإخماد ما بدأ كانتفاضة مدنية، ليصبح لها بعد ذلك جناح مسلح وتبدو كأنها عملية تمرد منسقة. هناك تقارير موثوقة تفيد بأن المملكة العربية السعودية وقطر بدأت بتحويل المال والسلاح للثوار، بتنسيق من الولايات المتحدة الأميركية.

ما زال الأسد يعتمد على عدد محدود من الوحدات الموالية له وميليشيات الشبيحة التي تم استخلاصها من طائفته الأقلية العلوية – فهي كافية للتسبب في سفك الدماء الرهيبة ولكن ليست كافية لأن تسود. أما الجيش، الذي أجبر على القيام وبشكل متكرر بهجمات مناطقية (إقليمية) على نحو متتابع في جميع انحاء البلاد، أظهر علامات الأرهاق وحتى الاحباط . في أبريل/نيسان أظهر الفيديو الذي تم تسريبه للعربية- شبكة التلفزيون السعودية- أحد القادة وهو يقوم بطمئنة ضباطه بأن التعزيزات ستصل قريباً إليهم. هناك قوات جديدة يتم تدريبها داخل وخارج البلاد. سواء كان هذا صحيحاً أم لا، ماهو السؤال الذي أدى إلى هذا الجواب؟

في الشهر الماضي ، ارتفع عدد قتلى الجيش إلى أعلى مستوى له منذ بدء الصراع. يفقد النظام عشرات الجنود في وقت واحد بهجمات الكر والفر التي يقوم بها الثوار في جميع أنحاء البلاد. وبينما الثوار (المتمردين)- الذين مازالوا مجزأين- يتسلحون بشكل أفضل، بدأت الوحدات المدرعة – بقيادة شقيق الرئيس، ماهر الأسد- تظهر الضعف، خصوصاً بعد خسارة 20 دبابة، وناقلات جند مدرعة في معارك الأسبوع الماضي.

إن شرعية عائلة الأسد لا تنزف فقط في أنحاء البلاد ذات الغالبية السنية، ولكنها تنزف أيضاً داخل ملته العلوية. “لا يكف بشار عن القول بأنه سوف يفرض الحل العسكري، ولكنه غير قادر على القيام بذلك”، كما يقول سياسي لبناني بارز ذو خبرة طويلة في سوريا. “إنه يفقد شعبيته داخل جماعته”.

في الوقت نفسه، فإن حالة الاكراه الإجتماعية التي يقوم عليها الأمن السياسي السوري في وضع يُرثى له. تمثل الاتفاق القديم في رفض النظام الحرية للمطالبين بها، وفي المقابل، فإن الفسيفساء السورية الدينية مطبوعة بالتسامح، وهناك تقدم حقيقي في خنق الاستقرار، وتقاسم ما يكفي من الكعكة الاقتصادية للحفاظ على الطبقات الوسطى السنية داخل الوضع القائم. الآن، وقد سحب الأسد السكين الطائفية، أطلق العنان للفوضى، وبينما التمويل الاقتصادي والشعبي يتفكك، لم يتبق إلا القليل من الكعكة ليتم مشاركتها. إن إرهاب الشبيحة في الحولة، مزرعة القبير وأماكن أخرى، أدى الآن إلى موجة اضرابات من قبل التجار وأصحاب المحال التجارية الذين كانوا حتى ذلك الحين على الحياد.

قد تتحدث المذابح الأخيرة عن يأس متطرف أكثر. لم يكن لديهم منطق عسكري وراء التطهير العرقي في المناطق العلوية والسنية المختلطة في شمال غرب سوريا. في الواقع، إن القصف الحالي الذي استمر على مدار الأسبوع لمنطقة الحفة في سفوح الجبال الساحلية التابعة للجبال الشمالية الغربية، استهدف بلدة سنية في معقل العلويين. منذ بدأت الانتفاضة كان هناك علامات تنذر بأن النظام كان يلغي خطوط الانسحاب إلى هذه المنطقة كموقف احتياطي. وهذا يساعد في فهم المحاولات المتكررة للسيطرة على مدينة حمص، المدخل إلى الملاذ الآمن للعلويين. يقول لاجئون من المنطقة بأنه قد تم نشر مهندسيين من الجيش هناك، لتطويربنيتها التحتية الأساسية.

لا شيء من هذا يوحي بنظام واثق من مستقبله. ما يمكن أن يوحي به بأن هدف المعارضة الأكثر قدرة على التطبيق ليس هزم الجيش بل تقسيمه- عن طريق رفع القطب المغناطيسي للمقاومة المسلحة بأن يكون موثوق بما فيه الكفاية لجذب أكبر عدد من المنشقين، وعلى إضعاف معنويات النظام عن طريق رفع سعر القمع.

المصدر

Syria savagery suggests regime in despair

Financial Times