منذ البداية، أي منذ أحد عشر شهراً، لم يُستثنى الأطفال من القمع في سوريا حيث قُتل 400 طفل من أصل أكثر من 7000 شهيد، بحسب احصاءات ناشطي لجان حقوق الانسان. ولكن آلة القمع الوحشية لنظام بشار الأسد لها خصوصية اخرى أقل شهرةً : ألا وهي استهداف الجرحى والمسعفين. تحول الطب الى سلاح حرب او بالأحرى سلاح للاضطهاد فأضحت ممارسة ممنهجة في سوريا- كما حصل في الشيشان والبوسنة ومؤخراً في البحرين- بحسب تصريح منظمة “أطباء بلا حدود” في بيان وتقرير صدرا مؤخراً في 8 شباط.تقول (ماري بيير آليي) – رئيسة المنظمة: “الجرحى والأطباء في سوريا مطاردون ومعرضون لخطر الاعتقال والتعذيب من قبل قوى الأمن”
بعد أشهرِ من الصمت, قررت المنظمات الفرنسية غير الحكومية كسر صمتها ، وبعد أن طال انتظارها للحصول على اذن للعمل في سوريا “منذ شهر أيار تم استدعاؤنا منقبل أطباء سوريين مقيمين في الخارج، للتاصل مع زملائهم في الداخل” تروي دنيا دخيلي مسؤولة الطوارئ في “أطباء بلا حدود”
دون أن ندعي الكمال فإن المقابلات التي اجرتها منظمة “أطباء بلا حدود” في الدول المجاورة لسوريا تظهر رغبة ممنهجة لقوى الأمن بمنع تقديم المساعدات والعناية الطبية للجرحى، ولملاحقتهم الى الأماكن التي يتم فيها اسعافهم واعتقال واضطهاد الأطباء الذين يرجح انهم يعملون مع مجموعات سرية.
فنتج عن ذلك نقص لدرجة كارثية، في الكادر الطبي وفي المواد الطبية في حين يبلغ عدد الجرحى المصابين بطلق ناري عشرات الآلاف وتبلغ حصيلة الموتى اليومية مائة شخص يومياً منذ ما يزيد على أسبوع.
الشهادات التي أجرتها منظمة “أطباء بلا حدود” مع الدول المجاورة (لبنان، الأردن وتركيا) حيث هرب المدنيون السوريون، تمت دون ذكر اسمائهم حفاظاً على سلامتهم.
المريض رقم 2 يلخص الوضع : “في سوريا لا يمكننا الذهاب الى المشافي، فهم يبترون الطرف المصاب او يأخذونا الى السجن، لقد اعتقلت مرتين ورأيت كيف يترك بعض السجناء حتى تتعفن جروحهم، ولم يتم نقلهم للمشفى، بل بعضهم توفي امامي في حين يتبول آخرين الدم بسبب النزيف الداخلي الذي يعانون منه.”
مقابلة مع مريض 2
تقدم كل المشافي الحكومية، مرغمةً، قائمة لممثلي قوى الأمن الموجودة فيها بهويات المرضى الذين تم قبولهم في المشفى وطبيعة جروحهم أو اصاباتهم.
“الهلال الأحمر مرتبط بالنظام وتسيطر وزارة الداخلية على بنك الدم”. تؤكد السيدة دخيلي من منظمة أطباء بلا حدود، “المشفى مكان خطر فقد يتم اعتقالك هناك، أو قد يرفضون تقديم العلاج او حتى قد يبتروا الاصابة.” كما يؤكد المصاب رقم 1، الذي جرحت يده، “في الحالة لطبيعية وفي أسوأ الاحتمالات قد يقطعوا اصبعاً او قد يقوموا ببساطة بتضميدها، ولكنهم بتروها من المعصم،(…) المشفى في دمشق ؟ لديهم كل ما يلزم وكان بإمكانهم معالجة يدي. ولكن الغريب أنهم قد بتروها.
مريض1
يؤكد المريض رقم 4 أنهم رفضوا علاجه لمدة 25 يوماً باستثناء الحقن في الوريد
http://www.dailymotion.com/embed/video/xofq52_syrie-interview-du-patient-4_news
مريض 4
والأسوأ، المريض رقم 5 الذي ارسل الى مقر التعذيب حيث فقد نصف يده. وتشرح السيدة دخيلي انها حصلت على شهادات عن مرضى كانو في وضع مستقر ولكن عائلاتهم وجدتهم في المشرحة في اليوم التالي.
وقد يحصل أن يتحول المشفى بذاته كمشفى حمص العسكري الى مقر للتحقيق والاستجواب من قبل المخابرات، أحياناً وبالتعاون مع الطاقم الطبي على العكس قد تتم معالجة اللمرضى وتزوير هويتهم وطبيعة جروحهم.
نتيجةً منطقية لهذه العقبات تم انشاء نظام طبابة سري وبالوسائل المتوفرة في متناول اليد، بالاضافة الى العيادات الخاصة، التي تتم مراقبتها على وجه خاص، يتم تجهيز المزارع او الأقبية او الكراجات او الحمامات ويتم تحويلها خلال أيام او ساعات الى عيادة حيث التجهيزات بدائية. يروي المريض رقم 3 كيف قام الممرض بخياطة جرحه بالابرة والخيط ودون أي مخدر.
http://www.dailymotion.com/video/xofq42_syrie-interview-du-patient-3_news&start=0
مريض 3
هذه العيادات المرتجلة يجب أن تنتقل كل حين وآخر خوفاً من يتم القبض عليها من قبل قوات الأمن. يقوم الناشطون بتوصيل الجرحى معصوبي الأعين، خوفاُ من أن بتم اختراقهم فالطاقم الطبي يشكل هدف مهم لقمع هذا ما يشرحه الطبيب 1 وهو جراح عام اضطر لمغادرة سوريا حيث كان معرضاً للاعتقال والتعذيب كما حصل مع العديد من زملائه. ويشير الى أن النقص في اجهزة الايكو (الماسح الضوئي) وطاولات العمليات والمنافس الاصطناعية وكذلك النقص في المعقمات ومواد التخدير وأكياس الدم والمضادات الحيوية ومثبتات الكسور الداخلية تكمل دنيا دخيلي.
http://www.dailymotion.com/video/xofqa2_syrie-interview-d-un-medecin-syrien_news&start=0
مقابلة مع طبيب سوري
تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع شبكة من الاطباء السوريين في الخارج يحاولون تقديم المساعدة الطبية لبلدهم.
كريستوف عياد
رابط المقال الاصلي
La médecine, arme de la répression en Syrie
Le Monde
8/2/2012