بقلم ستيفن هوكنغ Stephen Hawkin، نشرت في 14 شباط 2014
ستيفن هوكنغ مؤلف كتاب “تاريخ موجز للزمن” A Brief History of Time وبروفيسور سابق في جامعة كامبردج.
اعتقد الفيلسوف الإغريقي أرسطو أن العالم كان موجودا منذ الأزل. وأعتقد أن السبب وراء عدم تطور البشرية هو الفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية التي كانت تعيد الحضارة إلى نقطة البداية بشكل متكرر.
يتطور البشر اليوم أسرع من أي وقت مضى. تتنامى معارفنا أضعافاً مضاعفة مع تنامي التكنولوجيا. لكن البشر مازالوا يملكون الغرائز، وبشكل خاص النزعات العدوانية، كالتي امتلكها البشر أيام رجل الكهوف. أعطت النزعات العدوانية أفضلية واضحة ساهمت في بقاء النوع، إلا أن التقاء التقانة الحديثة مع النزعات العدوانية القديمة يضع الجنس البشري ومعها معظم أنواع الحياة على الأرض في خطر.
اليوم في سوريا، تستخدم التقنيات الحديثة متمثلة بالقنابل والأسلحة الكيماوية وغيرها بهدف الوصول لما يسمى نهايات سياسة ذكية.
لكنه لا يبدو من الذكاء مشاهدة أكثر من 100000 شخص يُقتلون، ولا حتى حين يستهدف الأطفال. إنه لمن الغباء المطلق، لا بل أسوأ من ذلك، أن تمنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى العيادات حيث يتم بتر أطراف الأطفال لعدم توفر المعدات الأساسية وحيث يموت الأطفال حديثو الولادة في الحاضنات لانقطاع الكهرباء، كما ستوثق مؤسسة Save the Children في تقريرها القادم.
ما يحدث في سوريا شئ مقيت، يراقبه العالم ببرود من بعيد. أين هو ذكاؤنا العاطفي، وحسنا بالعدالة الجمعية؟
عندما أناقش موضوع الحياة الذكية في الكون، أعتبر أن الحياة الذكية تشمل الجنس البشري، على الرغم من أن معظم سلوكه خلال التاريخ يبدو وكأنه لم يكن مساعداً في بقاء النوع. وعلى الرغم من أنه ليس واضحاً إن كان للذكاء قيمة إضافية في نجاة النوع على المدى الطويل، ،بعكس العدوانية، فنمط ذكاء الجنس البشري يتضمن إمكانية المحاكمة العقلية والمحاججة ليس فقط لخدمة مستقبلنا كأفراد بل أيضاً لخدمة مستقبلنا المشترك.
يجب أن نعمل سوية لإنهاء هذه الحرب ولحماية الأطفال في سوريا. راقب المجتمع الدولي من وراء الخطوط الجانبية لثلاثة أعوام اتقد فيها النزاع محاصراً كل أمل. كأب وكجد، أراقب معاناة أطفال سوريا ويجب أن أقول: كفى.
أتساءل مراراً كيف نبدو أمام كائنات أخرى تراقبنا من عمق الفضاء. عندما ننظر إلى الفضاء، فإننا نرى ماضيه، لأن الضوء الذي ينبعث من أجسام بعيدة يصلنا بعد زمن طويل جداً. ماذا يحمل الضوء المنبعث من الأرض اليوم؟ عندما يرى الناس ماضينا، هل سيكونوا فخورين بما سيشاهدون – كيف نعامل بعضنا البعض ونحن أخوة في البشرية؟ كيف نسمح لأخواننا معاملة أولادنا هكذا؟
نعرف أن أرسطو كان مخطئاً: الكون لم يوجد منذ الأزل. بدأ الكون منذ 14 بليون عام مضى. لكنه كان محقاً في أن الكوارث الجليلة تشكل خطوات للوراء بالنسبة للحضارة. الحرب في سوريا قد لا تمثل نهاية البشرية، لكن كل ظلم يُرتكب يمثل كسراً في ما يبقينا سوية. قد لا يكون مبدأ العدالة الشاملة مؤصلاً في الفيزياء، إلا أنه ليس أقل أهمية لوجودنا. لأنه بدون مبدأ العدالة الشاملة سنرى نهاية الجنس البشري بدون تأخير.
المصدر
Washington Post
* ملاحظة: الصورة من موقع ويكيبيديا وغير موجودة في المقالة الأصلية