ظهور الصحف السورية لملء تقارير الحرب

ظهور الصحف السورية لملء تقارير الحرب

نايل ماكفاركهار Neil Macfarquhar

1 أبريل/نيسان 2013

SYRIAPAPER-1-articleLarge

لينزي أداريو Lynsey Addario لصحيفة نيويورك تايمز/ عمال يقومون بطباعة صحيفة سوريا الحرة في غازي عنتاب, تركيا

أنطاكيا, تركيا- أصبح عبسي سميسم رئيس تحرير إحدى الصحف الأسبوعية السورية الجديدة على أمل أن يترك وراءه “مرحلة الفيسبوك” للثورة.

إن الحكايات القصصية والتصريحات المضللة التي تشوب الكثير من التقارير عن سوريا جعلته يدرك أهمية التغطية الأكثر موضوعية لتعزيز الجهود الرامية للإطاحة بنظام بشار الأسد.

في كثير من الأحيان, كما صرح, لم يصدق ما عرض من أخبار على القنوات الفضائية الواسعة الانتشار, كقناة الجزيرة القطرية وقناة العربية التي تديرها السعودية, كلتاهما تدعمان المعارضة بشدة. تعتمد كلتا القناتان اعتماداً كبيراً على التقارير غير المفلترة من قبل الناشطين المحليين المُتعاقد معهم كمراسلين, أو في حال تعذر ذلك تناول أي من المعلومات المنشورة على الفيسبوك كمادة إخبارية. كما قال.

ذكرَ أنه عندما تم حصار مدينة بنش في شمال سوريا, مسقط رأس السيد سميسم, من قبل الجيش السوري, قام أحد النشطاء المراسلين باستخدام عبارة محلية “دبحونا دبح” والتي تعني حرفياً باللغة العربية “نحنُ نُدبح” ولكنها تستخدم بشكل مختلف في شمال سوريا بما معناه “ضيقوا الخناق علينا”.

وفي غضون دقائق, انتشر عبر شريط الأخبار العاجلة على شاشات التلفاز مفاده أن قوات الحكومة السورية ترتكب مجزرة في بنش.

وأضاف السيد سميسم – 46 عاماً- المراسل المخضرم ذو الشعر الرمادي والوجه البشوش “لا يوجد مصدر موضوعي للمعلومات من أي من الطرفين, لا المؤيدة ولا المعارضة”. لقد سرد لنا القصة ونحن نشرب الشاي في وقت متأخر من الليل في مقهى في مدينة تركية جنوبية, والتي تشكل مركز العصب لكثير من السوريين الذين يكافحون من أجل تشكيل دولتهم المستقبلية بالرغم من استمرار الحرب الأهلية الدامية لعامها الثالث.

وأضاف ” نحن بحاجة للخروج من مرحلة الفيسبوك, حيث كل ما نقوم به هو الانتحاب والشكوى من النظام”.

 وقال السيد سميسم بأنه يعتقد أن المبالغة المنتشرة أضرت بقضية الثوار ” ببساطة عند قيام النظام بنفي الأخبار, وكانوا بالفعل على حق, الأمر الذي يعطيه المزيد من المصداقية.”

 وفقاً لمحللي وسائل الإعلام, فإن القيام بتغطية ما يجري في سوريا قد تسبب بشكل خطير في تراجع سمعة العديد من القنوات كالجزيرة والعربية. حيث كانت نشرات أخبارها في فترة ما على قدر من الموضوعية بالنسبة لمنطقة وسائل إعلامها تابعة للدولة, ولكن ينظر إليها الآن بشكل متزايد على أنها أبواق لأهداف سياسات خارجية لدولة قطر والمملكة السعودية.

 ويقول مارك لينش- Marc Lynch مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن “لقد فقدت شبكات عربية كبرى قدراً كبيراً من المصداقية فيما يتعلق بالقضية السورية”.

 وأضاف بأن التغيير بالنسبة لقناة الجزيرة يدعو للدهشة, إذ أنها اُعتبرت في وقت مضى من أكثر القنوات مشاهدة أثناء أي أزمة في الشرق الأوسط, قائلاً: “لقد فقدت الجزيرة قدرتها على أن تكون تلك الأرض الحيادية الذي يستطيع العرب المختلفون أن يتجادلوا فيه”.

 إن صحيفة السيد سميسم “شام” التي بدأ بنشرها قي فبراير/شباط انطلقت من روح هذه الموضوعية. إنها واحدة من العديد من المطبوعات التي ظهرت تقريباً في الوقت نفسه.

 إن جماعة الأخوان المسلمين السوريين, جزء من المعارضة وهم في الخارج أقوى مما هم عليه في الداخل, قد بدأوا بالتو بنشر صحيفتهم: “العهد”. اتخذت هذه الصحيفة في أولى نشراتها موقف “قلنا لكم ذلك” فيما يتعلق بمستوى العنف الذي تقف خلفه الحكومة: حيث تحاول جماعة الإخوان معالجة ما لحق بها من صيت متعدد الوجوه في سوريا كونها مسؤولة جزئياً عن الحرب الأهلية المصغرة التي اندلعت عام 1980.

 “سوريا الحرة” وهي صحيفة أسبوعية أخرى نشرت في غازي عنتاب- تركيا تشارك وجهة نظر وإيديولوجية صحيفة “شام” عن طريق تأييد التعددية والإسلام المعتدل والديمقراطية. وهنالك على الأقل كتيبة عسكرية كبيرة تقوم بنشر صحيفة خاصة به تدعى “الكتائب”, والتي تقوم بطرح تساؤلات عن أصول المقاتلين المسلمين المتطرفين.

 هنالك عدة جماعات إسلامية متطرفة, من ضمنها جبهة النصرة, والتي تميل إلى طباعة كتيبات قصيرة لنشر أفكارهم مثل التهجم على كل ما يتعلق بالدولة المدنية.

 وفي إحدى الكتيبات ذات العنوان “الخليفة” التي نشرت في مدن صغيرة في شمال سوريا ذكر أحدهم “إننا كمسلمين قد ثرنا ضد كل قيم المجتمع الغربي الكافر”. وأضاف “فكيف يمكننا ركل العلمانية خارج الباب وفي الوقت نفسه نفتح النافذة لقبولها تحت مسمى وشكل جديدين: الدولة المدنية؟”.

 تعد صحيفة “شام” أكثر مهنية من غيرها، وذلك لعدة نواح من حيث التنظيم الجيد والتصميم الحديث. وهذه الصحيفة هي امتداد لشبكة شام الإخبارية, وهي منظمة ومركز أبحاث لأخبار الناشطين. تم تأسيسها من قبل أحد السوريين الذي عاد إلى دمشق من الخارج في مراحل مبكرة من الثورة, ويتم تمويلها من قبل الأموال التي تجمع بشكل خاص.

 يعمل السيد سميسم في غرفة أخبار واحدة مليئة بالدخان مع بضع من المحررين, ويعتمد في عمله على 15 صحفياً من جميع أنحاء سوريا. التزامه بتجنب استخدام النشطاء لتقديم تقارير الأخبار أدى إلى أن التغطية الإعلامية ضئيلة في بعض المناطق المحاصرة, كدير الزور في شرق سوريا.

 كما أنه يتجنب تغطية جميع المعارك, وبدلاً عن ذلك يبحث عن المواضيع والاتجاهات الشائعة. يحتوي كل إصدار – 16 صفحة – على صفحات ثقافية وترجمات للتغطيات الإعلامية الخارجية وإحدى الرسومات الكرتونية لبلدة كفرنبل التي تسخر من حكومة الأسد والدعم الخارجي الضئيل للثوار.

 وأضاف السيد سميسم: “إن التوزيع للصحيفة عشوائي, إذ إن التوزيع داخل سوريا عادة يحدد في كثير من الأحيان من خلال الطرق التي تعد آمنة “. يتم طبع 6000 نسخة وتوزع 4000 نسخة مجاناً في جميع أنحاء سوريا, والبقية متوفرة للاشتراك الخارجي.

 ويأمل السيد سميسم والناشر أيضاً بعد انتهاء الحرب بنمو شبكة شام وتحولها إلى إمبراطورية إعلامية متكاملة بما في ذلك محطات الإذاعة والتلفزيون. وهذا طموح مشترك لسوريين آخرين ممن أنشأوا صحفهم في الوقت الحالي.

 بالرغم من قيام السيد سميسم بتجنب الفيسبوك باعتباره مصدراً للشائعات إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالأخبار فإنه يتقبله بسرور بالإضافة إلى غيرها من اتصالات الانترنت عبر الأقمار الصناعية كوسيلة للبقاء على اتصال سري مع عدة مراسلين وناشطين يعتمد عليهم كمصدر للمعلومات. وأضاف بأن مراسليه يكتبون تحت أسماء وهمية- حيث بعضهم من موظفي الحكومة.

 بالإضافة إلى أن الصحيفة تدعم الثورة بقوة, فإن السيد سميسم يسعى جاهداً ليشمل وجهة نظر الحكومة السورية, بالإعتماد بشكل أساسي على التصريحات الرسمية كما تفعل الصحف الغربية.

 وصرح السيد سميسم بأنه واجه انتقادات حادة من المؤيدين للثورة أكثر من الحكومة.

 وأضاف “قال أحدهم بأنه يشعر وكأنه يقرأ صحيفة روسية. إذ يعتقد الناس المتحمسين للثورة بأن علينا ألا نشمل وجهة نظر الجانب الآخر كونهم لا يستحقون ذلك, ولكننا نحاول أن نكون حياديين قدر الإمكان”.

 استخدم السيد سميسم هذه الصحيفة لمواجهة حالة الترويع التي يقول بأنها قد أثرت على عدة بلدات مثل “بنش”, حيث تعزز نفوذ أنصار الحركة السلفية الأصولية في ميدان المعركة وذلك للسيطرة على مجلس المدينة.

  في إحدى الافتتاحيات, انتقد التغيرات التي طرأت على طبيعة مظاهرات يوم الجمعة في البلدة منذ بدء جبهة النصرة تنظيم نفسها. حيث قال بإن الناس التي تهتف الآن لقتل العلويين كانوا أنفسهم أعضاء لجنة تنسيق بنش الذين تظاهروا كل يوم جمعة من أجل دعم المجتمع المدني.

 وأعرب محرري شبكة شام عن قلقهم إن كانت حرية التعبير الجديدة التي ظهرت في المناطق المحررة سوف تستمر بأهمية إسقاط نظام الأسد.

 مدير تحرير الصحيفة والذي طلب عدم نشر اسمه لتجنب أي تداعيات لعائلته داخل سوريا قال: “بدأت الثورة بهدف الوصول إلى مبتغاها الذي بدأت لأجله. وما لا نعرفه هو ما سيحدث بعد سقوط النظام.”

 Source:

Syrian Newspapers Emerge to Fill Out War Reporting

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s