الحكومة السورية تقوم بتفخيخ ذخيرة بنادق الثوار

أعطبت ذخيرة مفخخة اليد اليسرى لمحمد صالح حاج موسى عندما انفجرت في سلاحه

أعطبت ذخيرة مفخخة اليد اليسرى لمحمد صالح حاج موسى عندما انفجرت في سلاحه

شيفرس C. J. Chivers

19 تشرين الأول/أكتوبر 2012

دير سنبل، سوريا- في محاولة الحكومة السورية احتواء انتشار التمرد بشكل سريع,  قامت الحكومة باللجوء إلى واحدة من أقذر الخدع المعاصرة في أرض المعارك: وضع ذخيرة مفخخة ووضعها بين إمدادات الذخيرة غير المفخخة التي تصل للمتمردين. استخدام الذخيرة المفخخة يؤدي إلى انفجارها داخل أسلحة المقاتلين وبالتالي إلى جرح المقاتلين، وفي بعض الأحيان إلى مقتلهم, وإلى تدمير أسلحتهم التي يحصلون عليها أساسا بصعوبة.

وفقاً لما يردده الثوار, بدأت الحكومة التي فقدت هيبتها والتي تواجه تحدي مقاتلي المعارضة عبر البلاد استخدام هذا الأسلوب الجديد في مواجهة مقاتلي المعارضة مع بداية العام.
على مدار العام (2012) قامت الحكومة السورية التي تسيطر على الأجواء  بقصف العديد من معاقل الثوار بالطائرات القتالية وأيضا بالمدفعية. على الرغم من ذلك استمرالثوار بالمقاومة, مستخدمين أسلحة في غالبها خفيفة.

التلاعب بالذخيرة وسيلة ماكرة تضرف ثقة المتمردين في ذخيرتهم وتساهم في الوقت نفسه في إصابة عديد صفوفهم.

يقول غدير حموش قائد مجموعة قتالية في محافظة ادلب أنه يعرف خمس حوادث انفجرت فيها البندقية بسبب تفخيخ الذخيرة ويضيف: “عندما يحصل ذلك, نخسرالرجل والبندقية.

وفقاً لإفادات أكثر من عشرة من القادة في سوريا والعديد غيرهم من المقاتلين, ومن خلال  معاينة البندقيات المحطمة ومحتوى الذخيرة المفخخة,  يستهدف هذا الإجراء بشكل أساسي البنادق وذخيرتها, لكنه يشمل أحيانا قذائف الهاون وقذائف ال أر بي جي.

يعتبر التكتيك مثيرا للجدل في ظل كونه لا يميز المستهدف في القتل وسببه

يقوم قائد المجموعة أن الحكومة السورية تعتبر المصدر الأساسي للذخيرة المتلاعب بها, إذ تقوم الأخيرة بمزج الذخيرة المفخخة مع الذخيرة العادية وطرحها في السوق السوداء التي هي بدورها المصدر الأساسي لتسليح المتمردين.

المصدر الآخر هو الذخيرة القادمة من العراق. فخلال حرب العراق الأخيرة قام البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية بتمرير ذخيرة متلاعب بها بشكل سري إلى المجموعات المتمردة, حسب ما قاله عدد  من الجنود والمسؤولين الأمريكيين.

تدير الولايات المتحدة الأمريكية برنامجاً مشابهاً في أفغانستان, في محاولة لها لتقويض حركة طالبان. تقدم الولايات المتحدة مساعدات إنسانية ومساعدات لوسائل اتصالات للمتمردين في سوريا لكنها رفضت تزويدهم بأي نوع من أنواع السلاح.

عملية التصنيع والتوزيع الصامت لأدوات عسكرية متلاعب بها، تنفجر في أوقات غير متوقعة, عملية لها تاريخ طويل, ولكنها غالباً تمر دون أن توثق للرأي العام. استخدمت الجيوش البريطانية والألمانية هذا التكتيك خلال الحرب العالية الثانية, فيما طورت الولايات المتحدة الأمريكية ذخيرة كلاشينكوف متفجرة في الستينات, ومررتها سرا إلى متمردي جنوب الفيتنام وأيضا إلى جنود شمال الفيتنام.

أشارت أحدى وثائق الاستخبارا الأميركية التي اضطلعت عليها  النيويورك تايمز أن أن الاتحاد السوفيتي عمل على برنامج مشابه في أفغانستان خلال الثمانينيات من القرن الماضي.

يقول نيكولاس مارش Nicholas Marsh, الباحث في معهد السلام للدراسات في أوسلو في مجال الأسلحة وتجارة الأسلحة غير المشروعة, أن هذا التكتيك غير منتشر للأسباب المذكورة أعلاه ويضيف:

“المشاكل المترافقة مع استخدام هذا التكتيك هي نفسها التي ترافق استخدام الألغام… لا يمكنك أن تتنبأ بمن سيقوم بالاستيلاء على الذخيرة المتلاعب بها واستخدامها.

في الكثير من الحالات, وصلت الذخيرة المتلاعب بها إلى هدفها: المقاتلون الهادفين لاسقاط حكم الرئيس بشار الأسد. إصابة صالح حجي موسى (36 عام) في مرتفعات جبل الزاوية مثال على ذلك.

السيد موسى كان جزءا من مجموعة حاصرت حاجزا عسكريا للقوات الحكومية في نهاية الربيع (2012) وقامت بمهاجمته. عندما ضغط على الزناد, حدث انفجار بين ذراعيه، كما قال، أسقطه أرضاً.

“اعتقدت أن قذيفة سقطت فوقي”. تعرض وجه السيد موسى لإصابة مباشرة بينما اهترأت يده اليمنى واضطر أن يمضي شهوراً في النقاهة, إلا أنه عاد الآن من جديد لساحات القتال بيده الملتوية والتي تحمل ندبا.

الجيش الأمريكي وقوات المهام الخاصة الضالعة في توزيع ذخيرة متلاعب بها في أفغانستان والعراق قاموا بشرح عدد من الخطوات المتبعة لاحتواء انتشار الذخيرة المزيفة الأكثر خطورةً على المدنيين.

حسب أقوالهم, في برنامج البنتاغون, تحتوي الذخيرة المفخخة على كميات صغيرة أو محدودة من المواد المتفجرة تودي لتعطيل السلاح بشكل دائم. يستخدم هذا النوع من الذخائر المفخخة في حال إمكانية وصول الذخيرة لجهات غير الجهات المستهدفة,  كما هو الحال عندما يتم القاء صندوق الذخيرة المفخخة من شاحنة نقل لتبدو وكأنها سقطت خطأ.

هناك ذخائر مفخخة تحتوي مواد شديدة الانفجار. تستخدم الأخيرة في حال توقع وصول الذخيرة المفخخة إلى جهات محددة. مثال على ذلك, وضع الذخيرة المفخخة في أسلحة مقاتلين من الأعداء الذين سقطوا خلال القتال, مع توقع أن يقوم  زملائهم المقاتلين باستخدام تلك الذخيرة التي وجدوها في أسلحة زملائهم لاحقا.

شرعية استخدام هذا النوع من التكتيكات غير واضحة. رفض البنتاغون التعليق على برامج التلاعب بالذخيرة في أفغانستان والعراق. “لسوء الحظ لن نستطيع تقديم أية معلومات بخصوص هذا الموضوع”. يقول المقدم في الجيش الأمريكي والناطق باسم البنتاغون جيمس جورجي James Gregory  في رده عبر البريد الالكتروني.

من تحدث عن هذا التكتيك، من محاربين قدامى وموظفين، تحدثوا بدون التصريح عن هويتهم لأن موضوع استخدام هذا التكتيك ما زال يعتبر سريا بالتالي لا يجوز للمقاتلين القداني أو الحاليين الادلاء بتصريحات حوله وإلا خضعوا للمساءلة القانونية.

لا نعرف إذا كانت الحكومة السورية قد زرعت ذخائر مفخخة بشدات انفجار متفاوتة. إلا أن المحللين والمقاتلين يتفقون في أنه مع مرور الوقت تصبح برامج كهذه أقل فاعلية لأن المقاتلين يصبحون مع الوقت أكثر حكمة تجاه هذا النوع من الخدع. يبدو أن هذا ما يحدث في سوريا الآن.

في الوقت الذي أصيب فيه السيد موسى لم يكن للمتمردين القدرة على تمييز الذخائر المتلاعب بها. أما الآن, يستطيع المقاتلون تحديد الذخيرة المزيفة, يقول السيد موسى، ويستطيعون استبعادها.

تأكدنا من ذلك عببر قادة المتمردين في كفر تخاريم, في الشمال. فعندما سألنا عن الذخيرة المتلاعب بها, قام المتمردون بتزويدنا بذخائر مشتبه بها من عيار 7.62×39 مليمتر, وهو عيار ذخيرة الكلاشنكوف. يفترض الختم على رأسها أنها صُنعت في عام 2006.

مصدر هذه الذخيرة غير واضح. يقول خبراء الأسلحة الذين قاموا بمراجعة صور من مجلة الـ The Times أن الختم لا يبدوا مألوفا ضمن الذخائر المتداولة في النزاعات. أحدهم قال الذخيرة تبدو إيرانية الصنع. في حين يقول الاسترالي نيك ر. جينزين-جونز Nic R. Jenzen-Jones أنها صنعت في سوريا على الأغلب.

لقد تم استبدال المادة الدافعة داخل عبوة بمادة بلون القرفة وحبيبات بيضاء. بوب غرافيت Bob Gravett, الاستشاري في مجال الذخائر المفخخة والمتفجرة والذي قام بتوثيق ذخائر مفخخة في حروب سابقة,  قال: “إن المسحوق يشبه حبيبات الـ تي إن تي TNT ربما مع بعض السكر لزيادة اشتعاله”.

يقول قائدة لثوار أن ضباطا منشقين من الجيش السوري ومخبرين داخل الحكومة السورية أعلموهم أن الجيش السوري كان ماضيا في تصنيع ذخيرة متلاعب بها وقد بدأ بتوزيعها بتوزيعها منذ ثمانية أشهر.

“لديهم أشخاص اختصوا بهذه الأشياء” يقول أبو عزاب, الذي يقود مجموعة من المقاتلين في الجبال.

كما صرح مقاتلون بأن السوق السوداء مليئة بقذائف أر بي جي التي لم تنطلق, استبدلت فيها بالمادة الدافعة مادة خاملة، أو التي انفجرت مباشرة قبل انطلاقها.

وعلاوة على ذلك، يضيف المقاتلون,  إن بعض قذائف الهاون قتلت طواقمه وسط هدير عنيف وانفجار ساطع فور اسقاط القذيفة في الأنبوب – في ما يبدو انه نمط آخر من أنماط التفخيخ والتلاعب بالذخيرة.

هذا التكتيك كان عنصرا أساسيا في قتل أو ثني جهود فرق الهاون من المقاتلين في أفغانستان والعراق, يقول ثلاثة جنود أمريكيين قدامى لديهم خبرة في مجال قذائف الهاون المفخخة. ويقولون أن التكتيك ساعد على وقف إطلاق النار على المواقع الأمريكية.

يقول أبو عذاب القائد في جبل الزاوية أن برنامج الحكومة السورية بتفخيخ الذخيرة, بالرغم من إمكانية تطوره, أصبح أقل فاعلية من ذي قبل.

“توقفنا عن شراء هذه الأشياء من السوق, ونحصل حاليا على ما نحتاج إليه عبر اغتنامه… وكذلك مازال لدينا بعض الذخيرة التي قمنا بشرائها منذ زمن بعيد.”

المصدر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s