الأسد وإستراتيجية المذبحة

يعتقد الرئيس السوري أن حملةً من القتل الجماعي ستكون طريقه إلى النصر. فهل هو على حق؟

بقلم: حسن حسن

نشرت في: 4 سبتمبر/أيلول 2012

ما الذي يفكر فيه الرئيس السوري بشار الأسد؟ على مدى الأسابيع القليلة الماضية، صعَد نظامه العمليات العسكرية في جميع أنحاء البلاد – قصف أحياء في مدن موالية سابقاً، واستخدام الطائرات لإسقاط ما يدعوه مقاتلو الثوار “براميل TNT” التي تحتوي على مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، وإطلاق العنان لمليشياته لارتكاب مجازر بشعة كمجزرة مدينة داريا، حيث ذُبح أكثر من 400 شخصاً في 27 أغسطس. فقد قتل قرابة 5,000 سوري في أغسطس – مما يجعله أكثر الشهور دموية في النزاع الذي دام 17 شهراً.

وفي الوقت نفسه، باشر النظام السوري بشن هجوم عبر العلاقات العامة. فقد دعت دمشق روبرت فيسك من صحيفة الإنديبندنت Independent إلى البلاد وسمحت له بمقابلة وزير الخارجية وليد المعلم، ومرافقة القوات السورية التي تقاتل المتمردين في حلب، ومقابلة مقاتلين أجانب وجهاديين سوريين في السجن. ومن اللافت، أن الأسد نفسه، قد منح مقابلة لتلفزيون الدنيا الموالي للنظام يوم 29 أغسطس، حيث أصر على أن “سوريا ستعود إلى سوريا ما قبل الأزمة”.

رفضت وسائل الإعلام الغربية والعربية المقابلة بوصفها بعيدة عن الواقع: حيث بدت تعليقات الأسد موجهة إلى جمهور خارجي، ولم يقدم أية تنازلات للمعارضة. لكن المقابلة تستحق نظرة فاحصة، لأنها يمكن أن توفر نظرة ثاقبة على آخر تحول في تفكير النظام وتكتيكاته.

في المقابلة، أوضح الأسد أن “فهماً عاماً” حالياً سمح للنظام بتصعيد هجومه، على عكس المراحل الأولى من الثورة، قائلاً: “أراد البعض أن نتعامل مع تلك المرحلة كما نتعامل مع المرحلة الحالية. فهذا غير منطقي، حيث كانت تلك المرحلة مختلفة، وكانت طريقة عمل [المتمردين] مختلفة، حتى الفهم العام لما يحدث كان مختلفاً”.

وبالطبع، ليس هناك أي توافق عام على ذلك، لكن بعض الديناميكيات الداخلية السورية قد تحولت لصالح النظام. فقد اتخذ الكثيرون في سورية قرارهم بالوقوف مع النظام حتى النهاية. وعلى الرغم من أن بعض لا يدعمون العنف، إلا أنهم يعتقدون أن الدم ثمن يجب دفعه لمنع وقوع البلاد في الفوضى. في حين يريد البعض الآخر، نهايةً حاسمة للنزاع، بغض النظر عمن يحققها، ويرون حالياً أن المعارضة غير قادرة على ترجيح كفة الميزان.

إن هذا البلد منقسم أكثر من أي وقت مضى. فقد انقسم السوريون إلى حد كبير إلى معسكرين، في حين أنه سابقاً، كانت هناك مجموعة كبيرة في المنتصف، لم تؤيد لا النظام ولا المعارضة. والذين يميلون إلى معسكر النظام هم أساساً مجموعات الأقليات التي كانت في السابق على الحياد كالمسيحيين والدروز والإسماعيليين، لكن يشعرون بخيبة أمل متزايدة من الثوار. حيث يتناول بسام حداد، وهو معلق سوري ومدير برنامج دراسات الشرق الأوسط Middle East Studies Program في جامعة جورج مايسون George Mason University، هذا الموضوع في مقال نشر مؤخراً حيث كتب: “لقد تمترس كلا المعسكرين إلى جدارين خرسانيين، ساحقين الفارق البسيط والإنسانية”.

وتتحمل المعارضة، بعد أن فشلت بشكل واضح في توحيد صفوفها، وتقديم بديل فعال للأسد، وطمأنة الأقليات في البلاد، جزءاً من المسؤولية عن هذا المأزق. ففي الأسبوع الماضي، شن المجلس العسكري المشترك، الذي يدعي أنه يمثل نحو 60% من المقاتلين، هجوماً على المجلس الوطني السوري المعارض بسبب فشله في توحيد المعارضة خلف بديل سياسي متماسك. كما تورط المتمردون أيضاً في بعض أعمال العنف الطائفي الوحشي، كقتل خمسة ضباط علويين في مركز للشرطة خارج دمشق مع الإبقاء على حياة البقية – الأمر الذي دفع ميليشيات النظام بعد ثلاثة أيام، إلى ذبح 20 شخصاً على الأقل، من سكان البلدة في 1 أغسطس. في حين أفادت وسائل إعلام دولية أيضاً، بتصاعد التطرف في صفوف مقاتلي المعارضة على نطاق واسع، وهو اتجاه لطالما أبرزه النظام، حتى قبل أن يصبح حقيقة.

Assad’s Massacre Strategy

One response to “الأسد وإستراتيجية المذبحة

  1. ان النظام السوري ساقط رغم انف روسيا وايران واسرائيل وامريكا وكل قوى البغي في الارض بعون الله

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s