هيو وايت Hugh White
10 يوليو/ تموز 2012
يجب على الغرب التفكير قبل الانتقال إلى مسؤولية الحماية.
من السهل الموافقة على مسؤولية المجتمع الدولي تجاه التدخل لحماية المدنيين الأبرياء من العنف الواسع النطاق في الحرب الأهلية المستعرة في سوريا. ومن السهل أيضاً رؤية أن فرص أي حل دبلوماسي أو سياسي لوقف ذرف الدماء آخذة في الاضمحلال. لذا يبدو أن الحل الوحيد، الذي يزداد وضوحاً، لتحقيق مسؤوليتنا يكمن في التدخل العسكري.
لكن تحديد الثمن الذي يجب أن يكون المجتمع الدولي مستعداً لتحمله لإيقاف العنف أمر أصعب بكثير. فهذا هو السؤال الذي نواجهه اليوم حيال سوريا. كيف نوازن بين تكاليف ومخاطر التدخل في مقابل مأساة آخذة بالانكشاف؟
الخبراء، كوزير الخارجية السابق، غاريث إيفنز Gareth Evans، الذي فعل الكثير لإرساء عقيدة المسؤولية الدولية للحماية، فهموا بوضوح أن التدخل لا يمكن أن يكون دوماً ممكناً. فهم على علم أن الواجب الأخلاقي للتدخل يجب أن تتم موازنته في مقابل مدى عملية ذلك لكل حالة بعينها.
فبمواجهة القصص المروعة في سوريا، يمكن التغاضي عن هذه المناحي العملية بسرعة. حيث أنه من السهل افتراض أن الغرب يمتلك القوة والقدرة على التدخل، وذلك فقط لو كان لدى قادة العالم الحس الأخلاقي والشجاعة السياسية للتصرف وفقاً لذلك، لكان بالإمكان التوصل إلى حل يمكننا، بل ويجب علينا القبول به.
إلا أن ذلك يتجاهل القيود المحددة على ما تستطيع العمليات العسكرية القيام به، كما أنه أيضاً يبالغ في تقدير الأبعاد الواسعة لقوة الغرب. فحتى بعد الدروس الواقعية من العراق وأفغانستان، لازلنا نحن في الغرب، نفترض بسهولة أن لدينا القوة – وبالأخص القوة العسكرية – لتشكيل شؤون الدول الأخرى كما نشاء.
وهذا، ببساطة، غير صحيح. ففي بعض النواحي العسكرية يمتلك الغرب تفوقاً واضحاً، وبالأخص في القوة الجوية، إلا أن للقوة الجوية حدوداً حقيقية لما تستطيع القيام به. وبعيداً عن تلك الحدود، فليس هناك بدائل فعّالة أخرى لوضع قوات برية على أرض الواقع، حيث أن الغرب فيما يتعلق بالقوات البرية ضعيف نسبياً.
إنه ضعيف بالأخص في أنواع القوات البرية اللازمة للسيطرة على مناطق، وعلى كثافات سكانية كبيرة بحجم سوريا. وهذا النوع من التدخل سيجازف بإعادة لسيناريو العراق وأفغانستان. فهل مسؤولية الحماية يستلزم على الغرب أن يسلك ذاك المسار مجدداً؟
إذاً، ما الذي تستطيع القوة الجوية القيام به؟ بالنظر إلى ليبيا العام الماضي، حيث كانت الفكرة الأساسية أن يقوم المجتمع الدولي على حماية المدنيين ومنع نظام القذافي من استخدام قواته الجوية عبر فرض منطقة حظر للطيران في جميع أنحاء البلاد.
إلا أن منطقة حظر الطيران بحد ذاتها لم تكن فعالة جداً، لأن القذافي لم يكن في حاجة لاستخدام قواته الجوية لاستهداف المدنيين، فقد كان لديه جيشٌ للقيام بذلك. لذا تحولت الأمور إلى شيء مغاير تماماً – الذي هو عبارة عن حملة متواصلة من الغارات الجوية على قوات القذافي البرية. وهذا يعني أن التدخل أدى إلى أكثر من مجرد حماية المدنيين بكثير. فقد ساهم بفعالية في إسقاط القذافي.
فيما يتعلق بسوريا فإن العبر صارمة. أولاً، في ظروف كهذه، فإن فكرة مسؤولية الحماية “لتدخل موضوعي” مجرد وهم. فالطريقة الوحيدة للمساعدة في إيقاف قتل المدنيين تكمن في مساعدة أحد الأطراف على النصر في الحرب.
ثانياً، الطريقة العملية الوحيدة المتاحة للغرب للقيام بذلك تتمثل في حملة متواصلة من الغارات الجوية على القوات المسلحة السورية، الأمر الذي لن يكون سهلاً. فسوريا تمتلك شبكة واسعة من الدفاع الجوي ترتكز على أساس صواريخ الأرض – جو الروسية، التي قد تكون شاقة جداً.
ثالثاً، لن تؤتي الحملة الجوية بثمارها بسرعة، مما قد يجعل الحرب والقتل أكثر مرارة، على الأقل لفترة من الزمن. علاوة على أنها لن تؤدي إلى هزيمة الرئيس بشار الأسد بحد ذاته، لكنها ستسهل فقط على معارضيه هزيمته.
رابعاً، لن يقدم ذلك للغرب أي تأثير على ما سيحصل بعد ذلك – من حيث من سيستلم زمام الأمور في دمشق إذا ولما يرحل الأسد، وإلى أين سيأخذون سوريا، وكيف سيتعاملون مع من يعارضهم.
هذا يترك السؤال الذي مازال قائماً عن التدخل في ليبيا مطروحاً: هل تنطوي مسؤولية الحماية على مسؤولية مفتوحة لإعادة الاعمار أيضاً؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فإننا أمام مشكلة، لأن الغرب ليس لديه أي قدرة على رسم مسار سوريا بعد الأسد.
ففي خضم أي أزمة، يسهل تجاهل العواقب بعيدة المدى كهذه أثناء السعي لاتخاذ إجراءات فورية حسنة النية. لكن النوايا الحسنة لا تضمن نتائج جيدة، والتدخلات غير المدروسة غالباً ما تكون أضرارها أكثر من منافعها.
Hugh White هيو وايت هو أستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعة ANU، وزميل زائر في معهد لاوي Lowy Institute.
المصدر