الإنكار: ليس فقط نهراً في مصر

المصدر: صفحة راشيونال انسيرجنت الالكترونية

نشرت في: 23 كانون ثاني /  يناير 2012

 Erica Chenoweth إيريكا شينوويث

كتبت الأسبوع الماضي عموداً على صفحة مونكي كايج Monkey Cage الالكترونية، أناقش فيه أن سوريا الآن تعتبر في حالة حرب أهلية، وفقاً لمفاهيم قياسية علمية. فكتب جيريمي بريسمان Jeremy Pressman رداً ذكياً يتساءل عن سبب إنكار أي شخص لواقع أن سوريا تعاني حرباً أهلية. بعد كل شيء، ما هي المخاطر؟ فإعلان حرب أهلية لا يحمل معه أي التزامات دولية حقيقية، كما يفعل الإعلان عن حرب إبادة. ويبدي بريسمان نقطةً فحواها أن التردد في تسمية الوضع في سوريا بالحرب الأهلية ناجم عن مصالح الولايات المتحدة و ومعاييرها. حيث يقول:

“إن أحد الاحتمالات هو أن إدارة أوباما تفضل سيناريو يعتمد على تظاهرات ديمقراطية في مواجهة نظام وحشي. إن حرباً أهلية تعني احتدام العنف بين مؤيدي النظام و معارضوه، وسيكون من شأنه أن يعكر ذلك السيناريو.”

ثم يضيف قائلاً:

“إن الاعتراف بأن حرباً أهلية شاملة قد بدأت، من شأنه أن يعكر صفو السيناريو الذي يتضمن قيام  الولايات المتحدة بالمساعدة و حماية الحراك السلمي ضد النظام الوحشي العنيف. فأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي (الكونغرس) و الشعب الأمريكي قد لا يميلون لتأييد تدخل متزايد إذا أيقنوا أن حرباً أهلية قد اندلعت.”

ويختتم بريسمان بهذه الملاحظة:

هل من الممكن أن يكون مسؤولو أوباما قلقين أن تؤثر تسمية الوضع في سوريا بالحرب الأهلية سلباً في حسابات جماعات الأخرى داخل سوريا كالدروز والمسيحيين وأعضاء مجتمع رجال الأعمال ..إلخ؟”

أعتقد أن بريسمان قد توصل إلى شيء ما هنا. فعلى الأرجح أن تسمية الصراع السوري “بالحرب الأهلية”، قد يؤدي بالمسؤولين في الولايات المتحدة و الخارج إلى النظر في خيارات سياسية أكثر جدية، مقارنة بالتسمية الحالية “الاضطرابات”، التي تهيمن على التغطية الإعلامية للصراع. ولدي بعض الأفكار الإضافية:

1)      مخاوف من تشريع بروباغاندا الأسد:

 حيث أن معظم العنف يتم ممارسته من قبل النظام ضد المتظاهرين العزّل، فإنه لا يزال يبدو كحالة كلاسيكية من العنف من طرف واحد. وقد يقاوم المراقبون الدوليون تسمية الصراع “بالحرب الأهلية” كي يتسنى لهم الحفاظ على الشعور بما يسقط من ضحايا من الشعب السوري بشكل خاطئ، وأن النظام هو الجاني الوحيد.

 ففي آخر خطاب متلفز للأسد، ادعى أن البلاد رهينة الإسلاميين المسلحين والإرهابيين. في حين ينكر معظم المراقبين هذه الادعاءات، إضافة إلى إنكار ادعاء النظام بأن “إرهابيين” قد قتلوا 2000 جندي وعنصر من النظام.

وبالطبع، فمن المرجح أن النظام يبالغ في تقدير خسائره، وأن الأسد يتعمد تشويه المعارضة ومطالبها بشكل واضح. في المقابل، فإنه من الواضح أيضاً أن الموالين للنظام قد أصبحوا، في الأشهر الأخيرة، ضحايا هجمات عنيفة من قبل المعارضة. وقد يكون المجتمع الدولي بطيئاً في تسمية الصراع السوري بالحرب الأهلية خوفاً من أن يشعر الأسد بجرأة أكبر تجاه الصراع.

2)      الغموض الذي يحيط بقدرة الجيش السوري الحر التنظيمية في مواجهة الميليشيات المحلية:

بالنسبة للبعض، فإن أحد السمات الضرورية لحرب أهلية هو وجود خصم مسلح منظم وقادر على مواجهة النظام. وفي حالة سوريا، فالجيش السوري الحر هو الخصم المسلح الرئيسي. لكن مازال عليه أن يثبت قدرته على حل قدرة النظام على البقاء أكثر من هجماته ذات التأثير التعطيلي الفعال والمظاهرات المستمرة بشكل يومي في البلاد.

إن التقديرات حول حجم الجيش السوري الحر تتراوح ما بين 1,000 إلى 40,000 ، إلا أنه لم يتم التأكد من أي من هذه الأرقام. على أي حال، فإن الجيش السوري الحر كان قد نفى بعض الهجمات على الموالين للنظام، مما يشير إلى وجود ميليشيات محلية قد تكون مسؤولة عن ارتكاب جرائم قتل في حق الموالين للنظام بشكل مستقل عن الجيش السوري الحر. وهذا أمر ليس مستغرباً، أو فريداً من نوعه للحالة السورية فحسب، فالميليشيات المحلية الانتهازية الضعيفة التنظيم هي القاسم المشترك بين معظم الحروب الأهلية.

3)      الأمـل الصريح، قديم الطراز:

على الأرجح، أن سوريا قد دخلت في خضم الحرب الأهلية منذ الصيف الماضي. فلماذا نتباطأ إلى هذا الحد في الاعتراف بذلك؟

تظهر دراسات سيكولوجية (نفسية) أن الناس يرون ما يرغبون رؤيته. فلا أحد – حتى نظام الأسد – يريد رؤية حرب أهلية في سوريا. وأعتقد أن المراقبين في جميع أنحاء العالم – سواءً كانوا في الأمم المتحدة، أو جامعة الدول العربية، أو الولايات المتحدة، أو إيران، أو روسيا، أو الصين، أو تركيا – يأملون في توقف الاضطرابات قريباً. وأنا شخصياً، كنت أعقد الأمل على بقاء الثورة السورية سلميةً. إضافة إلى أنني كنت مقتنعاً أن أفضل فرص المعارضة للفوز تتمثل في المتابعة الفعالة للمقاومة المدنية عن طريق حراك شعبي موحد. كما أني لم أرد صرف الانتباه عن النشطاء الشجعان المثابرين الذين يوظفون الأساليب السلمية في وجه نظامٍ قمعي على أساس يومي.

 إن تسمية “حرب أهلية” تبدو عنيفة جداً، وعنيدة ولا تجسد روح المقاومة المستمرة في التكشف في سوريا.

لذا، فعلى الرغم من عدم إنكاري لحقيقة أن سوريا تعيش حالة حرب أهلية، إلا أنني لم أكن متسرعاً في احتضان هذه الحقيقة أيضاً.

للأسف، فعلى الرغم من أفضل أمانينا، لا نستطيع إخفاء الواقع عن طريق تجاهل وجوده.

المصدر

Denial: Not Just a River in Egypt

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s