مع المتظاهرين في حماه: من فنتازيا العلويين إلى سريالية الأمم المتحدة

بيير بيتشينان Pierre Piccinin

 مقالة كتبها Piccinin بعد عدة مقابلات أجراها وصورها بالفيديو في سوريا في ديسمبر- يناير 2011/2012

(هذه المقالة هي الجزء الأول من سلسلة مقالات نشرناها لنفس الكاتب لنعرض تغير أفكاره بعد اعتقاله ومكوثه في سجون النظام. تأكد من الاطلاع على المقالتين الثانية والثالثة)

بعد مرور أكثر من عام على بدء الاضطرابات في سوريا، في غمرة “الربيع العربي”، تبقى حكومة البعث مهيمنة على البلاد ومازال الهدوء يعم القسم الأكبر من البلاد، وغير معني بحركة معارضة متشرذمة متمركزة في مدينتي حمص وحماه، وفي بضعة تجمعات سكنية قريبة من الحدود التركية واللبنانية، والتي تتعرض لهجمات منتظمة من قبل جماعات سلفية مسلحة شديدة العنف ومن قبل الجيش السوري الحر المكتظ بعناصر خارجية قطرية وليبية، يدفعهم الجيش الفرنسي لإشعال حرب أهلية في مخيمات اللاجئين التي يستخدموها كقواعد جوية لهم.


كيف يمكن شرح صمود هذا النظام وبهذه البساطة أمام ما يُطلق عليه اسم “مد الثورةالشعبية” المصرّة على إسقاط النظام العلوي وعلى كامل الأصعدة السياسية والاقتصادية السورية، وهم الذين يشكلون أقلية لا تتجاوز الـ 10٪ من السكان.

ولعل المعادلة لا تجد توازنها بهذه البساطة. فمن ناحية المجتمع السوري بأطيافه المتنوعة الأديان والطوائف، هو بعيد عن فكرة حشد الصفوف ضد العلويين، الذين هم أيضاً لا يسيطرون على السلطة بشكل كامل.

حتى في الثمانينات، عندما تعرض حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد والمحرك الأساسي “للانقلاب العلوي”، إلى مشاكل صحية، عيّن مجلساً قيادياً من ستة أشخاص لتسيير شؤون البلاد. جميعم كانوا سنّة.
وكذلك رؤساء الوزارات الذين توالوا في حكومة بشار الأسد كانوا سنة، منهم على سبيل المثال، وزير الدفاع والمالية والنفط ورئيس المخابرات العامة، كل هذه المراكز الحساسة لا يتحكم فيها علويين.
وهناك تمثيل لكل من المجموعات والطوائف الدرزية والمسيحية والشيعية والكردية في الحكومة.
ومن هنا نرى أن المعارضة تبقى أقلية وتلقى دعماً خارج الحدود، أكثر مما هو دعم من الشعب السوري نفسه.
من هنا تأتي ثقة روسيا “والصين” المهتمة بضمان ورقتها القوية الأخيرة في لعبة الشرق الأوسط وترفض بعناد تأييد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يسمح بتدخل مشابه للتدخل الذي تسبب بقتل عشرات الألوف من الليبيين المدنيين عندما تم تدمير مدينة سرت، خاصة (جرائم حرب أطلسية، طالبت على أثرها موسكو بتشكيل لجنة تحقيق أممية).

فمن ناحية، إن الأمم المتحدة فعليا ليس لها الحق بتقرير طبيعة الحكومة في دولة ذات سيادة مستقلة، ولا دين رئيسها، وهذا ما يجعل من نص الرسالة التي وجهتها الجامعة العربية إلى مجلس الأمن والتي تطالب برحيل بشار الأسد، الرسالة التي فرضتها قطر بدعم من فرنسا، تتعارض مع أبسط الحقوق الدولية، ويجعل منها سريالية.

ومن ناحية أخرى، إذا كان النظام البعثي نظام دكتاتوري قمعي، فالعديد من مجموعات المعارضة هي كذلك أيضاً، فالمعارضة متفرقة مشكّلة من مجموعات صغيرة ذات أهداف مختلفة، ولا تمثل بالضرورة تطلعات الشعب السوري. وكمثال على ذلك الفصائل الإسلامية الرجعية، الذين يقتلون خصومهم ويرتكبون الفظائع الشنيعة (التشويه، قطع الرؤوس، الخطف) ضد العسكريين والمدنيين الذين لا يرفضون دعمهم. لذلك فإن روسيا تشترط في حال تدخل من الأمم المتحدة، أن يستهدف بالإضافة إلى النظام، جميع المجموعات التي تستخدم العنف، ومن ضمنهم الجماعات التي تتلقى دعما خارجيا من فرنسا وقطر.
من فانتازيا النظام إلى سريالية الأمم المتحدة، تنفصل صورة سوريا في الإعلام الافتراضي عن ما يحصل حقيقة على أرض الواقع.

شاهد المقالة الثانية والثالثة:

(رابط المقالة الثانية – شاهد بلجيكي عن سوريا: “ما رأيته هو الجحيم على الأرض”)

(رابط المقالة الثالثة – سوريا : رحلة إلى الجحيم : في قلب سجون المخابرات السورية)

المصدر

Du fantasme alaouite au surréalisme onusien

3 responses to “مع المتظاهرين في حماه: من فنتازيا العلويين إلى سريالية الأمم المتحدة

  1. حركة معارضة متشرذمة متمركزة في مدينتي حمص وحماه!! الفصائل الإسلامية الرجعية!!
    ماهذا المقال العدواني و المتخلف عن الواقع

  2. عفوا اعذرني على التعجّل… و لكن لماذا لا توضحون ذلك في أعلى المقال مثلا..
    ولكم جزيل الشكر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s