كيف لإنشقاق أحد الموالين من القيادة أن يزيد الضّغط على ديكتاتور سوريا
دايفيد شنيكر David Schenker / New York Daily News
الجمعة، 6 تموز/ يوليو، 2012
تَوَارَدت أنباء الخميس أنَّ العمِيد مُناف طلاس، قائد قوّات النخبة في الحرس الجمهوري، وذو مسؤولية مباشرة للدفاع عن نظام بشار الأسد المُحَاصر، قد فرَّ منشقّاً عن النظام الى تركيا. ولم يتأكَّد حُدوث أيَّ فجوة في قيادة وحدته إِثر مغادرته، لكن قد يكون الأثر على الثورة الشعبية ذو أهمية بالغة.
يُعتبر طلاس أحد أفراد النخبة لدى النظام، وهو عضو في اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم، وصديق الطفولة بالنسبة لديكتاتور سوريا. وكان والده مصطفى طلاس وزير دفاع سوريا لأكثر من ثلاثة عقود في عهد الأسد الأب، و فراس هو شقيقه، وهو رجل أعمال ولطالما استفاد من علاقاته مع الأسد.
باختصار، فإنَّ عائلة طلاس تُجسِّد المؤسسة المسلمة السُنيَّة التي خدمت واستفادت من نظام الأقليات، وبالتحديد الأقلية الشيعيَّة العلويَّة التي يتبع لها النظام، والتي تؤلف 11% من إجمالي السكان، والعلويين مثل الأسد اعتمدوا على ولاء الضباط السنَّة للبقاء في السلطة، لدرجة أن وحدات أساسية في الجيش والموالية للعلويين هي وراء بعض من أفظع المذابح التي شهدتها الثورة. ولكن، منذ اندلاع الثورة، تشارك قوات كبيرة من الطائفة السنية في قمع الثورة، سواء أكان ذلك بدافع الخوف أو التفاني في الولاء.
وفي الوقت الذي يزداد فيه ارتكاب الفظائع في حق المدنيين الذين في غالبيتهم من السنَّة، يبدو أن وتيرة الإنشقاقات عن الجيش النظامي آخذة بالتصاعد.
بالإضافة إلى طلاس، الذي من المفترض أن والده وشقيقه كانا خارج البلاد وقت رحيله، فقد عبَرَ الحدود الى تركيا 84 جنديا،ً بينهم عقيداً و14 ضابطاً خلال الأسبوع الماضي. وفقط قبل أسبوع، نجح أحد الطيارين السوريين في اللجوء إلى الأردن مع طائرته من طراز ميغ 21 بعد تهريب عائلته إلى خارج البلاد.
والآن حوالي تنقل تقارير عن وجود ألفان من الجنود السوريين المنشقين في تركيا، إلى جانب عدد آخر غير معروف قد تخلُّوا عن وحَداتهم في الجيش النظامي للإنضمام إلى الجيش الحر ومحاربة النظام. ويبدو واضحاً أن هؤلاء الجنود بعد تزويدهم بالأسلحة والذخائر من قبل المملكة العربية السعودية وقطر، كما أوردت التقارير، قد أسهموا في تحسين فعالية الجيش السوري الحر على أرض الواقع.
في غضون ذلك، وبينما ترتفع معدلات القتلى في صفوف العسكريين السوريين ، تتراجع مُعدلات التجنيد.
لا يبدو طلاس نفسه شخصية ذات تعاطف خاص، بالإضافة إلى كونه مرتبط منذ وقت طويل بنظام سلطوي، وخلال الأشهر الخمسة عشر الماضية، أُعتبر أحد المتورطين في سفك الدماء، باعتباره قائد اللواء 105 في الحرس الجمهوري. وحسب هيومن رايتس ووتش، فإن اللواء التابع له كان من يصدر أوامر “إطلاق النار على المتظاهرين”.
حتى ولو انه ليس تلك الشخصية التي تطمح بها واشنطن، إلا أنه يمكن ان يلبِّي غايات مرجوة. يبدو أن طلاس مازال يحتفظ بعلاقات مع بعض المسلمين السنَّة، وأن إنشقاقه قد يشجع إنشقاقات جماعية من جيش الأسد.
وبينما يمثل هذا التصدع في القيادة ضرورة لإسقاط نظام الأسد في النهاية، فإنه لا يخلو من وجود العديد من السلبيات.
فعلى سبيل المثال، في حال قام الجنود السنَّة بالانشقاق عن الجيش بشكل جماعي والانضمام إلى المعارضة، فإن ذلك قد يعزز الطابع الطائفي للصراع المتفاقم. ومثل هذا التوجه، سيولِّد شرارة إنتقام ضد العلويين والطوائف الأخرى- مثل المسيحيين، والمُعتبرين في صف النظام، بعد رحيل الأسد.
لكن تبقى بعض الخيارات الجيدة الأخرى. فبعد الخمسة عشر شهراً من القتل، لم يعد بشار الأسد قادراً على المشاركة في عملية تسليم السلطة عن طيب خاطره، ومع عرقلة روسيا لأي جهد دولي حقيقي، وعدم وجود الرغبة في التدخل العسكري ، يتجلى بوضوح متزايد أن على السوريين القيام بعملية إسقاط النظام بأنفسهم.
وعلى هذا، فإن على كل من واشنطن والمعارضة السورية إدراك أن أساس ما عليهم في الأسابيع المقبلة هو العمل على حثِّ العسكريين على شقٍّ حاسمٍ في الجيش كإنشقاق طلاس. وذلك لأن طلاس قد لا يحمل مفاتيح الحل لمستقبل سوريا، لكن إن تم استخدامه بشكل صحيح قد يساعد في إغلاق فصلٍ بشعٍ من تاريخ سوريا.
شينكر Schenker هو زميل أوفزين Aufzien ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy.
المصدر