بقلم: ب.بيكرت von B. Pickert ، أ. تسوماخ A. Zumach ، ر.رايخشتاين R. Reichstein ، ج. كيللر G. Keller
31 أيار / مايس 2012
بعد مجزرة الحولة يناقش اللاعبون الدوليون ما الذي بوسعهم أن يفعلوه للشعب السوري. هنا عرض للسيناريوهات المحتملة:
شن حرب على الأسد
الهدف: سيكون الهدف المعلن: حماية المدنيين ووضع حد للعنف.هل ينبغي على مجلس الأمن الدولي إصدار قرار التدخل عسكري وبالتالي إضفاء الشرعية عليه؟ ألا يوجد حل آخر؟ الهدف غير المعلن سيكون بالطبع إسقاط نظام الأسد بقوات تدخل دولية إذا لزم الأمر.
المشاركون: لا يمتلك المقدرة العسكرية على هذا سوى الناتو وبمساهمة كبيرة من الولايات المتحدة. لكن حتى الآن لا توجد أي حكومة تُلح حقا على التدخل العسكري، لا أحد يعد مشروع قرار بهذا الصدد ويسعى لكسب الدعم الدولي له، رغم ما أدلى به الرئيس الفرنسي أولاند من عدم استبعاد اللجوء لاستخدام السلاح.
المشاكل: اثنان من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، روسيا والصين، حلفاء لحكومة الأسد. لا تمنعان حتى الآن أي فكرة حول التدخل العسكري فقط، بل تمنعان أيضا اتخاذ أي إجراء صارم من جانب الأمم المتحدة ضد النظام السوري. وبعد التجربة الليبية، يبدو أنه لا توجد الآن فرصة لتغيير موقفهما بشكل جذري في المستقبل المنظور. إن تدخلا عسكريا لحلف الناتو دون تفويض من مجلس الأمن، كما حدث عام 1999 في كوسوفو، سيكون مخالفا للقانون الدولي ولا يبدو مرجحاً.
كما أن نجاح هكذا عملية عسكرية ليس مضموناً. إذا كان الهدف في الحالة الليبية إضعاف الجيش بالحرب الجوية بحيث يكون للثوار اليد العليا عسكريا، فإن هذا لا ينطبق على الحالة السورية. فالميليشيات الموالية للنظام، والتي تتحمل مسؤولية ارتكاب المذابح الأخيرة، تقاتل في المدن ولا يمكن ضربها جوا دون تعريض المدنيين لمخاطر شديدة. ستكون هناك حاجة ماسة إلى قوات برية. ولكن من الذي سيقدمها؟ الجواب: غير معروف.
زد على هذا فإن مبدأ الناتو “مسؤولية الحماية” بالوسائل العسكرية بتفويض من مجلس الأمن فقد مصداقيته بشكل كبير بسبب التأويل المتعنت لقرار الأمم المتحدة عن ليبيا. في خريف العام الماضي عبرت الحكومة البرازيلية، كممثل لكثير من الدول في جنوب العالم، عن قلقها من أن ذلك المبدأ قد يُساء استغلاله لغايات مثل “تغيير النظام” . إذن فعلاوة على الصين وروسيا قد يكون لدول أخرى مخاوفها وخاصة أن المبدأ لن يطبق فقط على سوريا، إنما على حليفتها إيران أيضا. و أخيراً فإن الحرب ستكون باهظة التكاليف.
هل يمكن أن يتحقق هذا؟ يبقى احتمال التدخل المسلح ضعيفا جدا في الوقت الراهن.
نشر قوات أممية
الهدف:
1- إنهاء القتال و تطبيق ومراقبة باقي نقاط خطة عنان (سحب جميع الأسلحة الثقيلة من المدن والمناطق السكنية، إطلاق سراح السجناء السياسيين وحرية التظاهر والصحافة).
2 – منع شحن السلاح إلى سوريا
3 – ضمان وصول المعونات الإنسانية إلى السكان واللاجئين.
4 – الإعداد لانتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة.
المشاركون: يقرر مجلس الأمن الدولي بموافقة دول الفيتو الخمس (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا العظمى) تنفيذ عملية حفظ السلام برعاية القبعات الزرق ويوسع في نفس الوقت حظر السلاح المفروض الآن على نظام الأسد ليشمل قوات المعارضة المسلحة. كما يحظر مجلس الأمن تدريب هذه القوات وتمويلها.
من سيقوم بهذا؟ قبعات زرق لا يقل تعدادها عن 10 آلاف جندي مشكلة من وحدات من قوى الفيتو الخمس وربما من دول أخرى أيضا، مزودة بتفويض قوي من مجلس الأمن يتجاوز حد الدفاع عن النفس ويسمح باستخدام السلاح لتنفيذ الأهداف المذكورة أعلاه.
المشاكل: ستتسبب هذه المهمة في تكاليف هائلة للبلدان التي تقدم القوات. ومن غير الواضح إن كانت الولايات المتحدة ستوافق على مهمة حفظ سلام بهذه التكاليف الباهظة. فالجيش الأمريكي لم يشارك حتى الآن في مثل هذه العمليات. كما أن نشر القبعات الزرق يشترط حتى الآن موافقة الدولة التي ستنشر هذه القوات على أراضيها. والأسد لن يمنح موافقته على هذا، لأن عليه أن يحسب الحساب لخسارة السلطة حال أجريت انتخابات حرة. لكن من المحتمل أن قوات الأسد لن تجرؤ على مهاجمة الجنود الاميركيين والروس.
هل هذا ممكن؟ ارتفعت حظوظ هذا الاحتمال منذ مجزرة الحولة كثيراً، حتى لو كانت روسيا ترفض الآن مزيدا من قرارات الأمم المتحدة. مهمة المراقبين الحاليين غير كافية. تتفق حكومات الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي لجهة الخوف من انهيار السلطة المركزية في دمشق وبالتالي سوريا كلها بما لهذا من عواقب تزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. في موسكو هناك اعتراف متزايد بأن ضرر التمسك بالأسد على المصالح الروسية في سوريا وفي المنطقة و على المدى الطويل أكبر من نفعه .
دعم المعارضة
الهدف: إسقاط النظام بالوسائل العسكرية. تقوية الجيش السوري الحر بحيث يكون قادرا على صد القوات المسلحة والاحتفاظ بالمناطق المحررة، وبهذا يمكن إنشاء مناطق عازلة للمدنيين وقواعد لمحاربة الرئيس الأسد.
المشاركون: حسب واشنطن بوست قررت دول الخليج، خاصة السعودية وقطر، في نيسان الماضي تمويل المتمردين بملايين الدولارات شهريا، وينبغي على الولايات المتحدة دعم الاقتراح بتوفير المعلومات. كما أن للجماعات الاسلامية في الخارج دور: فوفقا للخبراء يجمع الإخوان المسلمون والسلفيون التبرعات ويحولونها إلى المتمردين في سوريا.
المشاكل: تتردد معظم الدول الغربية في دعم الجيش السوري الحر، فهو ليس “جيشا” له بنية مركزية إنما تجمع لمجموعة مسلحة وميليشيات متنوعة من المنشقين عن الجيش النظامي والمدنيين، ولهذا يحمل هذا الاقتراح مخاطر توسيع الفوضى والعنف. سبق للأمم المتحدة وأن اتهمت الجيش الحر بارتكاب “انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان”. كما أن السؤال المطروح عن مدى تأثير المجموعات الإسلامية في الجيش الحر يقلق الغرب. وفي هذا الوقت تتكاثر الأدلة على تغلغل المتطرفين من الخارج في الجيش الحر. وبهذا يصبح الصراع أكثر غموضا, وبالتالي لا يمكن الجزم في مسألة إلى من سيصل السلاح. حاليا يقوم سوريو المنفى بتنسيق تحويل الأموال من الخارج إلى الثوار في سوريا. المهربون يدخلون الأسلحة إلى البلاد. إلا أن المتمردين، بأسلحتهم الخفيفة، أضعف بكثير من الجيش النظامي. هناك معلومات بأن بعض كتائب الجيش الحر حصلت على كميات كبيرة من السلاح. بشكل عام يعاني الجيش الحر من نقص في كل شيء،حتى أنه يتوجب على بعض كتائبه الاقتصاد في الذخيرة.
هل يمكن لهذا السيناريو أن يكون مفيدا؟ ربما. يمكن أن يكون للقوة العسكرية للمتمردين تأثير على نتيجة الصراع. لكن سيكون على الجيش الحر أن يرفع مستوى تسليحه بشكل قوي ليكون مهيئاً لمحاربة جيش يبلغ عداده 300 ألف ومجهز تجهيزاً عالياً. كما يُخشى أن يلجأ النظام إلى وسائل أكثر وحشية: حتى الآن لم يستخدم الأسد الطائرات المقاتلة ولا السلاح الكيماوي. وقد يتغير هذا الواقع إذا شعر النظام بخطر جدي.
تشديد العقوبات
الهدف: وضع نظام بشار الاسد تحت الضغط وإرغام سوريا على تغيير سياستها.
المشاركون: ركز الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على العقوبات منذ زمن بعيد. لكن لا أحد يرغب بالانضمام إليهم. فقد فشلت العقوبات العالمية حتى الآن وعجزت أمام المعارضة الروسية. وفي الأربعاء (30 أيار) اعتبرت موسكو أن اتخاذ المزيد من الإجراءات الدولية ضد سوريا “سابق لأوانه”.
المشاكل: مجموعة الدول الأوروبية دأبت على تشديد عقوباتها منذ مطلع عام 2011 شهرياً تقريباً. مؤخرا طردت بعض دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، السفراء السوريين لديها. يُعتبر هذا أقوى سلاح في الدبلوماسية. وبهذا تكون إمكانية التحرك قد استنفدت إلى حد كبير. لتشديد الحظر المفروض على الأسلحة تحتاج الأمم المتحدة إلى روسيا، وهذه الأخيرة تقف في وجه تشديد العقوبات.
بدأت دول الاتحاد الأوروبي في وقت مبكر عام 2002، بحظر بيع الأسلحة لسوريا. منذ خريف 2011 يمنع على شركات الاتحاد الاوروبي استيراد النفط والغاز من سوريا. منذ شهر كانون الأول، حظر الاستثمارات في مجال البناء وصناعة التأمين في سورية. في شهر نيسان وُضعت المنتجات البيولوجية والكيميائية على لائحة الصادرات المحظورة. في أوائل شهر شباط فرض وزراء الخارجية الأربيون حظر السفر على 115 من قيادات النظام في دمشق. كما تم تجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي. حتى اليوم ارتفع عدد حالات حظر الدخول إلى 128 ممثلا للقيادة السورية.
تستهدف عقوبات الاتحاد الأوروبي عائلة الرئيس. في نهاية شهر آذار فُرض حظر الدخول على أم، أخت وزوجة بشار الأسد. بالإضافة إلى ذلك، قررت سبع و عشرون دولة في أواخر شهر نيسان منع تصدير الكماليات إلى سوريا و التي تستفيد منها الطبقة الحاكمة خصوصاً. كما أن الولايات المتحدة حظرت أيضاً دخول العديد من شخصيات النظام وجمدت أموالهم. كما تم تقييد التجارة مع سوريا. لكن يصعب الحكم على التطبيق الفعلي للعقوبات، وخاصة الصادرات والواردات. في الآونة الأخيرة هددت الولايات المتحدة بعقوبات أشد على الأفراد والشركات المتحايلة على العقوبات.
هل يمكن لهذا السناريو أن يكون مفيداً؟ حتى الآن يبدو أن الرئيس الأسد لم يتأثر كثيرا بهذه المضايقات. فهو قادر على شراء ملابسه الفاخرة من أماكن أُخرى من العالم.
المصدر