05 مايس / أيار 2012
قام الأسد بدعم الإرهابيين لفترة طويلة.كان نظامه والجهاديون متفقين فيما بينهم على دعم المقاومة ضد القوات الأمريكية في العراق.ولكن الإرهابيين يرتدون اليوم عليه.
بقلم راينر هيرمان Von Rainer Hermann، أبو ظبي
أثار الشاعر السوري أدونيس موجة من الاستياء عندما صرح من المنفى الباريسي بأن المتظاهرين في وطنه ليسوا إلا متعصبين دينياً لأن مظاهراتهم تخرج من الجوامع. هذا لا يعني أنه، الشاعر العربي الحي الأكثر شهرة، متعاطف مع الرئيس بشار الأسد ونظامه. ففي الصيف الماضي فقط طالب أدونيس الأسد بالتنحي. لكن الدين بالنسبة للقومي السوري العلماني أسوأ من نظام الأسد.
وقف المثقفون السوريون في وجه أدونيس على الفور. هل على المتظاهرين أن يتجمعوا في دار الأوبرا؟ يتساءل الروائي خالد خليفة باستياء. فمن المعروف أن الجوامع هي الأماكن الوحيدة في سوريا التي يمكن لأكثر من خمسين شخصاً التواجد فيها. يرد الصحافي إياد عيسى على تصريحات أدونيس بشكل أقسى، حيث يقول أن أدونيس لا يقف مع الثورة لأنه يؤمن بأنها يجب أن تبدأ في صالة الرقص الكلاسيكي وأن تُستوحى من أشعاره النخبوية، التي لا يفهمها غيره. لكن هذه الثورة هي ثورة شعب، يقول عيسى بفخر.
“عصابات ارهابية مسلحة”
.في المقابل استخدم النظام في دمشق تصريحات أدونيس ليؤكد نظريته التي يرددها بلا كلل أوملل بأنه لا توجد مظاهرات سلمية وإنما عصابات إرهابية مسلحة تغلغلت القاعدة بينها. وجاءت تصريحات رئيس المخابرات الأميركية جيمس كلابر ” James Clapper ” ، في منتصف شهر شباط لتدعم نظرية النظام هذه. تحدث كلابر في جلسة استماع له في الكونغرس عن الظاهرة المثيرة للقلق بأن القاعدة وسعت نفوذها في سوريا حيث أن التفجيرات هناك حملت بصمة القاعدة. وتابع بأنه إذا كان ذلك صحيحاً فإن النظام في دمشق يتحمل جزءاً من المسؤولية.
إشارة إلى المجتمع الدولي
كانت خطوة قيام الجهاز القضائي السوري في شهرشباط بإطلاق سراح أبو مصعب السوري، أحد أهم المفكرين الجهاديين وأكثرهم خبرة, أهم من الفيديو المسجل لزعيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري، والذي يطالب فيه جماعته بلعب دورٍ في الثورة السورية. فلقد أثار إطلاق سراحه الكثير من التساؤلات واعتُبر إشارة من سوريا إلى المجتمع الدولي بأن من يساهم في إسقاط الأسد سيحصد الإرهاب الإسلامي.
قام أبو مصعب السوري والمولود في حلب عام 1955 من خلال إدارته لمعسكرات التدريب في أفغانستان بجمع خبرات قتالية. لكن ما جعله مشهوراً هو كتابه الشامل بعنوان “الدعوة إلى المقاومة الإسلامية” والذي أصبح بمثابة كُتيّب عمل لكل جهادي. في كتابه هذا قام بتطوير نظرية الجهاد الفردي والتي، بخلاف تعاليم بن لادن، لا تطرح تشكيل منظمة جهادية وإنما التلاؤم مع النظام نفسه بما يؤدي لإسقاطه لاحقاً. بناءً على ذلك، فإن وجود “بصمة للقاعدة” على عمليات التفجير في سوريا بعد إطلاق سراح أبو مصعب السوري لا يمكن أن يكون مجرد صدفة. إضافة إلى تشكيل ما يسمى ب “جبهة النصرة لحماية بلاد الشام” و التي تنتمي لطيف تنظيم القاعدة وقد أعلنت مسؤوليتها عن عدة عمليات.
اليوم تتدفق الأسلحة عائدةً إلى سوريا
يدخل الأسد في لعبة مليئة بالمخاطر. فعلى الرغم من وقوف النظام والجهاديين في صف واحد فيما يتعلق بدعم المقاومة ضد القوات الأميركية في العراق، إلا أن الأسلحة التي كان يتم تهريبها إلى العراق سابقاً تتدفق اليوم عائدة إلى سوريا، بحسب النيويورك تايمز. تبين من خلال المجموعة الإرهابية فتح الإسلام في مخيم اللاجئين الفلسطينيين نهر البارد قرب طرابلس أن الحدود الفاصلة بين نظام الأسد و جهاديي القاعدة متداخلة. قام الجهادي الفلسطيني شاكر العبسي، والذي تدرب في عام 1976 في ليبيا على عمليات التفجير، إثر إطلاق سراحه بتأسيس هذه المجموعة الإرهابية, وذلك بعد أن سُجن في السجون السورية لمدة ثلاث سنوات.
من الواضح أن من يشكل نواة هذه الجماعة هم أعضاء سابقين في الجماعة الإرهابية “فتح الانتفاضة”، التي تأسست بدعم من جهاز المخابرات السورية لتقليص نفوذ رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات. وعلى الرغم من أن العبسي أنكر وبشكل مستمر حتى وفاته عام 2007 أن يكون جزءً من تنظيم القاعدة. إلا أنه اعترف بأنه يتبنى نظريته في الجهاد لمحاربة الغرب. بعد إطلاق سراحه عام 2005 تعاون مع الفلسطيني المتطرف أبو خالد، والذي من المفترض أنه قام بتفويض من المخابرات السورية بتدريب فلسطينيين وعرب آخرين في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق. لم تقم المخابرات السورية بتهريب هؤلاء إلى العراق كما أرادوا وإنما إلى مخيم نهر البارد في لبنان لإثارة الفوضى هناك.
ليس من الخطأ اليوم افتراض اختراق الجهاديين من طيف تنظيم القاعدة للمعارضة السورية سواءً كان ذلك بالتعاون مع المخابرات السورية أم لا. ويؤكد على ذلك أيضاً ما صرح به قائد عمليات الجيش السوري الحر الجنرال مصطفى الشيخ لجريدة “الشرق الأوسط” القومية العربية بأن ثلاثة أرباع المجالس العسكرية المحلية للمنشقين فقط تخضع لهرمية الأوامر العسكرية الخاصة بمجلسه العسكري الأعلى.
يقوم المجلس العسكري الأعلى ضمن الجيش السوري الحر بتخطيط و تنفيذ العمل العسكري. إن عدم تبعية جزء من المقاتلين إلى أية هيئة يتوافق مع مفاهيم المنظّر الارهابي أبو مصعب السوري الذي يوصي بالجهاد الفردي، والذي أعطى بدوره النظام السوري الفرصة للعمل على تنفيذ خطط تشتيت المعارضة.
المصدر
Faz.net