كريستوف ريبارتشيك Christoph Rybarczyk
هامبورغ؛ من استطاع امتلاك قلوب الأطفال، لا يحتاج الكثير حتى يستحكم بقلوب أهاليهم أيضاً. الكاتب رفيق شامي، مختصٌ في الكيمياء في ألمانيا، ألّف كتباً كـ “حلاّب الذباب”، “الشاة في ثوب ذئب” و”سر الخطاط”.
أسلوبه الساخر متقن لدرجة كبيرة، مفرداته اللغوية مؤثرة لدرجة أنه حصد كل الجوائز الممكنة ووصلت مؤلفاته لمرتبة أكثر الكتب مبيعاً وتُرجمت لأربع وعشرين لغة. يمكن للمرء أن يُناقش “الروائي” في السياسة أيضاً. في حالة سوريا: قتل، ضرب حتى الموت ومذابح. يقدم رفيق شامي مزيداً من المعلومات بمقارنة الديكتاتوريات العربية مع النازيّة.
تنبض دمشق، العاصمة السورية، عميقاً في قلبه. من هناك، يسلك غضبٌ على الرئيس بشار الأسد طريقَه إلى لسان الكاتب، لم تسلم منه ألمانيا أيضاً، كما ذكر في إحدى كتبه. لم ترعَ السفارة السورية في ألمانيا حتى الآن أيَّ حدثٍ ثقافي. يكاد لا يعمل فيها إلا عناصرُ المخابرات. اعتُقِل بعض السوريين في ألمانيا بسبب نشاطاتهم التجسّسية، من بينهم طلاب وتجّار. لقد صدم هذا كثيرين، “لكنه لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي” يقول رفيق شامي في حديث مع صحيفة أبيند بلات (صحيفة المساء).
قام والد الأسد بإنشاء خمسة عشر جهاز مخابرات. من قام بتدريب النظام على هذا؟ “جهاز مخابرات ألمانيا الشرقية شتازي والمخابرات الروسية كي جي بي”. تُعتبر روسيا الصديق الأخير للأسد. في عام 1971 هرب شامي بطريقة أو بأخرى من دمشق بصفته طالباً. تم منع جريدة الحائط التي عمل عليها. لديه ذكريات مرّة: “كان أمراً مريعاً، شيوعيون روس على توافق تام وصداقة كاملة، متضمّناً ذلك القُبل، مع دكتاتوريي سوريا ومصر والجزائر، بينما يقبع شيوعيون عرب في أقبية أجهزة أولئك الدكتاتوريين ويموتون في معتقلات التعذيب الصحراوية”.
يوجه شامي كلمات قاسية لعائلة الرئيس: “كانت سوريا من وجهة نظر الحاكم مزرعة لقبيلة الأسد: هنا الدجاج وهناك الخيول. لم يكن بإمكانهم تخيّلُ أن عبيدهم سيثورون عليهم”. يتوجّه بكلامه هذا إلى الأسد ولكنه يضمّن أيضاً جيل الآباء، الذين تعوّدوا على هذه الحالة. “لا نقرأ إلا عن موضة السيدة الأسد وأن الدكتور الأسد درس في لندن، وكأنّ هذا دليل على حب الحرية والتمدن. غوبلز (وزير الإعلام زمن هتلر) كان أيضاً يملك درجة دكتوراه”.
يهاجم الرئيس شعبه “بجيش من القتلة”. من الصعب جداً التحقق من التقارير القادمة من سوريا. عضو الحزب الديمقراطي المسيحي الأسبق والمؤلف يورغين تودينهوفر يُشكّك في معلومات المعارضين. تودينهوفر يؤكّد أن بعض الفيديوهات التي تم تحمليها على شبكة الانترنت قد تم التلاعب بها. يُعلّق شامي “يتم تحميل مابين أربعين إلى خمسين فيديو يومياً على موقع يوتيوب، تُظهر كيف تم تدمير حمص وكيف يقتل جنود الأسد سوريين. في الواقع كان هنالك ثلاث أو أربع فيديوهات مزورة وصلت لوسائل الإعلام. لكن الأغلبية الكبرى حقيقية”. وحول تودينهوفر يطلق حكمه التالي “لا يمكنني أن أصدّق رجلاً شرب الشاي مع بشار الأسد ووصف الثوار بالإرهابيين. لا يمكنني أن أصدقه نهائياً عندما يُسمي قومياً سورياً كعلي حيدر بالمعارض الحقيقي”. يملك الكاتب تصوراً كاملاً لمستقبل المجتمع العربي. سيكون المستقبل واضحاً بقدر ماهو مُفاجئ. الديمقراطية، مراعاة حقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة. “نظام الاستهلاك غربي، أجهزة الكومبيوتر غربية، فما المانع من حكم سوريا وفقاً للديمقراطية الغربية؟”. سيقول بعض الناس أن النساء في سوريا ينبغي أن يحصلن على نصف حقوقهن فقط. لكن هذا يعبر عن العصور الوسطى وليس عن سوريا في العام 2012.
يبدو أن ما تبذله دبلوماسية السلام، حلول الأمم المتحدة وجهود الدول العربية أمر غير واقعي بعض الشيء. فكرة شامي مذهلة جداً عن كيفية انتقال سوريا من الديكتاتورية الحالية إلى المجتمع منفتح. وهو يتطلّع بتفاؤل تُجاه المبعوث الخاص للأمم المتّحدّة: “كوفي أنان شخص محترف. لا يمكن أن تنطلي عليه خدع الأسد كما حصل مع بعثة الجامعة العربية” هناك في الأفق حالة انسداد. “لا يستطيع الأسد خنق الثورة. ولا يستطيع الثوّار إسقاط الأسد” يمكن للرئيس أن يفّكر باللجوء إلى روسيا أو إيران. كما يتصوّر شامي مشاركة فيه عائلة الرئيس في حل سلميّ: “يمكن للمعارضة تشكيل حكومة انتقاليّة مع المعتدلين من أعضاء عائلة الأسد في الصف الثاني”. تفكير أفلاطوني؟ مدينةٌ فاضلة؟ لشخص، ناجح في تأليف كتب الأطفال، فإن الخيال سياسة يوميّة.
المصدر
Assad schickt Killer gegen das Volk
Hamburger Abendblatt