مايكل ناغلر وستيفاني فانهوك Michael Nagler and Stephanie Van Hook
18 أبريل/ نيسان 2012
كاليفورنيا: عندما أطلق محمد البوعزيزي شرارة الربيع العربي بإحراق نفسه في تونس، أطلق معها توقاً عارماً للحرية في جميع أنحاء المنطقة. والأكثر من ذلك، فقد استحوذ هذا الحدث على المخيلة الخلاقة للناشطين اللاعنفيين والملايين من الأفراد الساخطين على أوضاعهم حول العالم. هل وصل هذا الأمل إلى طريق مسدود مع اندلاع العنف في سوريا؟
ليس بالضرورة.
علينا أن نتذكر أن اللاعنف له جذور قوية في الإسلام، وسوريا ذات الغالبية المسلمة ليست استثناءً. وحي النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، مثل أي وحي عظيم، استند إلى رؤية تؤمن بوحدة البشرية وتنهى عن العنف وتشدد على عناصر من فلسفة اللاعنف كما نعرفها.
يعكس القرآن التعاليم نفسها التي ألهمت غاندي ومارتن لوثر كينغ. السورة رقم 103 في القرآن “سورة العصر” تنص على أن الله يفضل أولئك الذين “آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” (3: 103) – القدرة على التحمل أو الصبر من المصطلحات العربية الدالة على اللاعنف.
في حديث معروف عن النبي (صلى الله عليه وسلم) “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”، وعندما سأله أحد أصحابه: إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! كان رد النبي (صلى الله عليه وسلم): تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره.
هذه الأمثلة، من بين أمور أخرى، تظهر بوضوح أننا لسنا بحاجة للبحث خارج القرآن والحديث النبوي عن المبادئ الأساسية للاعنف التي ظهرت بشكل مستمر عبر تاريخ الدول ذات الأغلبية المسلمة. ففي كتاب “الجهاد المدني: النضال اللاعنفي، الديمقراطية والحكم في الشرق الأوسط”، الصادر عام 2010 والذي أعدته ماريا ستيفان Maria Stephan، نجد العديد من الأمثلة عن النضال اللاعنفي، حتى قبل الربيع العربي، أفضلها النجاح الجزئي لحركات المقاومة الفلسطينية.
بحسب الناشط السوري بشر سعيد فإن الحراك السلمي السوري (المعارضة اللاعنفية في سوريا) أُخذ على حين غرة باندلاع الانتفاضة في مارس/ آذار من العام الماضي. ومع ذلك، كانت بعض المكونات الموجودة مسبقاً: هناك كوادر من الشباب في العديد من المدن السورية الذين قاموا بحملات عامة كحملات تنظيف الأحياء، على الرغم من أن ذلك لفت انتباهاً غير مرحب فيه في بعض الأحيان.
كما هو الحال مع معظم الأشياء، اللاعنف يسير بشكل أفضل عندما يعرف الناشط ما عليه فعله، ولكن النضال اللاعنفي يحتاج أيضاً إلى الصبر وإلى الاستعداد للمعاناة دون تذمر، أو إلى أسوأ من ذلك إذا لزم الأمر. وسوريا اليوم لا ينقصها كل ذلك.
سعيد وغيره ممن يمثلون “أيام الحرية”، وهي منظمة تضم العديد من المجموعات اللاعنفية في الثورة، خاطروا بحياتهم مراراً لتشجيع التغيير السياسي اللاعنفي. الناشطين المؤيدين للديمقراطية في كل مدينة تقريباً من سوريا يقومون بعمل المسرحيات، وكتابة الأغاني، وإطلاق بالونات مملوءة بقصاصات ورقية كتب عليها “حرية” تتناثر على الأرض حين يطلق الأمن النار عليها.
هذه المكونات كانت ومازالت هناك لتعبئة المجتمع المدني، والتي يمكن أن يكون على ذات القدر من الإبداع، ويمكن أن تكون ملموسة أكثر مما يؤدي إلى توسيع القاعدة الشعبية المشاركة بالإضرابات ودعوات التوقف عن العمل التي أرسلت بالفعل رسالة مفادها أن الحكومة والمعارضة يجب أن يتفاوضا أو أن يعملا على إيجاد طريق للمضي قدماً.
عبر التاريخ، نجحت حركات التمرد اللاعنفي عندما يعترف بها المجتمع الدولي ويدعم نضال ناشطيها الشجاع على الأرض الواقع. منظمات مثل ألوية السلام الدولية وقوى حفظ السلام اللاعنفي، على سبيل المثال لا الحصر، تقوم بهذا النوع من عمليات حفظ السلام بواسطة مدنيين عزل على وجه التحديد، وقد حققت نجاحات ملحوظة على نطاق ضيق في مناطق يتشابه وضعها مع الحالة السورية مثل جنوب السودان وكولومبيا وسريلانكا.
نحن، الذين ننظر إلى الوضع من خارج سوريا، يجب أن نعمم المعرفة باللاعنف، وأن ندعم المؤسسات التي تتبنى هذا الفكر وتمارسه، مثل حفظ السلام بواسطة المدنيين العزل.
مايكل ناغلر Michael Nagler: أستاذ فخري في جامعة كاليفورنيا- بيركلي، ومؤلف كتاب”البحث عن مستقبل لاعنفي”.
ستيفاني فانهوك Stephanie Van Hook: حاصلة على ماجستير في حل النزاعات وهي المديرة التنفيذية لمركز Metta للاعنف.
المصدر
On the brink: Can non-violence bring Syria back?
The Daily News Egypt