جورج بنيتز Jorge Benitez
10 أبريل/ نيسان 2012
كتب عبد الله بوزكورت Abdullah Bozkurt، موقع Today’s Zaman التركي: تشير عدة إجراءات اتخذتها وكالات حكومية في تركيا مؤخراً إلى أن أنقرة كانت تعد العدّة لحتمية إرسال قوات عسكرية إلى سوريا من أجل إقامة ممر إنساني. ولسوف يُستخدم هذا الممر للوصول إلى المدن والبلدات المحاصرة، فضلاً عن إمكانية إقامة منطقة عازلة آمنة للنازحين في الداخل.
في الأسبوع الماضي أشار كلٌ من الرئيس عبد الله غول ووزير الدفاع عصمت يلماز إلى أن الخيار العسكري مطروح على الطاولة، وأن على تركيا أن تكون متأهبة لهكذا احتمال. يوم السبت صرّح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، عشية زيارة تاريخية قام بها إلى الصين، بأن تركيا ستتخذ إجراءاتها الخاصة ضد سوريا بحلول الموعد النهائي الذي أقرّته الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في سوريا. الهلال الأحمر التركي (Kızılay) أعلن يوم الجمعة أنه يستعد لتقديم مساعدات إنسانية لسوريا في حال دعت تركيا أو المجتمع الدولي لإنشاء “ممر للمساعدات الإنسانية” داخل الأراضي السورية.
ما الذي سيحدث إن لم تستطع الأمم المتحدة توحيد موقفها العملي وانتهى الأمر بروسيا والصين باستخدام حق النقض (الفيتو) المتاح لهما للمرة الثالثة؟ على الأرجح أن أنقرة ستستحضر اتفاقية أضنة لعام 1998 مع سوريا من أجل تبرير التدخل العسكري، بينما تدعو أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي NATO إلى تطبيق المادة الخامسة من ميثاق الحلف، والتي تفيد بأن أي تهجّم على أي عضو كان في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة أعضائه. جرى استدعاء هذه المادة لأول مرة من قبل الولايات المتحدة في أكتوبر/ تشرين الثاني 2001، حينها قرر حلف شمال الأطلسي اعتبار الهجمات الإرهابية على برجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، موجبة بالفعل لتطبيق المادة المذكورة تحت بنود معاهدة شمال الأطلسي. وحيث أن نظام الأسد يسمح لحزب العمال الكردستاني (PKK) وأتباعه بشن هجمات على الأراضي التركية، وكونه يأوي ما بين 1500 إلى2000 من مسلحي الحزب الفاعلين في المناطق القريبة من الحدود التركية، يمكن لتركيا بالتالي الاستفادة بشكل جيد جداً من غطاء الـ NATO الأمني للحصول على المساعدة.
في العشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الثاني سنة 1998، وقّعت كل من تركيا وسوريا اتفاقية أضنة والتي شملت على شروط في غاية الوضوح لمنع نشاطات حزب العمال الكردستاني في سوريا. تلك الشروط تُلقي بكامل المسؤولية وبشكل مباشر على الحكومة السورية في هذا الشأن. على سبيل المثال، تنص المادة رقم 1 من اتفاقية أضنة على أن سوريا لن تسمح بأي نشاط على أراضيها يهدف إلى المساس “بأمن تركيا واستقرارها”. وسواء كان إرهاب حزب العمال الكردستاني أو حملة الأمن القمعية على المعارضة، فإن كلاً منهما يعتبر تهديداً جدياً يُعرّض “أمن تركيا واستقرارها” للخطر- وفي الحالتين تحتفظ تركيا لنفسها بحق اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن النفس، بما في ذلك التدخل المسلح في الأراضي السورية احتواءً للتهديد.
لكن الصفقة الأكثر شمولاً أتت في عام 2010 حينما وقع الجانبان اتفاقاً مهماً للتعاون ضد الإرهاب. وُقّع الاتفاق يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول 2010 من قبل كل من داود أوغلو ووزير الخارجية السوري وليد المعلم حيث صادق عليه البرلمان التركي في السادس من أبريل/ نيسان لعام 2011. يتضمن هذا الاتفاق 23 بنداً تترتب عليها آثار مهمة بالنسبة لتركيا. فعلى سبيل المثال، تمنح المادة السابعة من الاتفاق كلا الطرفين الحق في القيام بعمليات مشتركة في إقليم الآخر. فإذا ما اعترفت تركيا رسمياً بالمجلس الوطني السوري (SNC) باعتباره الحكومة الشرعية الوحيدة في سوريا، وهو أمر مرجح الحدوث في اجتماع باريس المرتقب لأصدقاء سوريا إذا ما فشل الأسد في تنفيذ خطة أنان، فإنه من الممكن جداً تأمين موافقة المجلس الوطني السوري لإطلاق عمليات مشتركة مع الجيش السوري الحر ضد قوات الأسد.
في كل الأحوال، فإن الحاجة الملحة إلى التحرك ضد عدوان نظام الأسد على مواطنيه من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد في أسرع وقت ممكن، هي قضية حساسة بالنسبة للأمن القومي التركي. على ذلك فإن أنقرة مستعدة، بل ومصممة بحسب بعض المسؤولين، على وضع كافة الحلول القانونية تحت تصرفها، سواء الفردية منها أو المتعددة الأطراف. وهي كما يبدو جليّاً تفضل في الوقت الحاضر انتهاج الحل المتعدد الأطراف. بيد أن تركيا لن تترد، بحلول ساعة الحسم، في التحرك بمفردها، مثلما فعلت عام 1998 في سوريا أو عام 1975 في قبرص. فلتحترسوا إذن من إشارة تفيد بأن تركيا على أهبة الاستعداد: ففي اللحظة التي تقرر فيها الحكومة استصدار تفويض من البرلمان التركي لنشر قواتها في بلد أجنبي، كما يقضي الدستور، فإن ذلك سيعني أن الطلقة التحذيرية الحقيقية لتوغل عسكري في سوريا قد انطلقت فعلاً.
المصدر
Turkey considering unilateral action in Syria and possible NATO protection