الثورة والمسيحيون في سورية

You can read an English translation of this article here. Et en Français.

أوائل آذار / مارس 2012

–      سورية والنظام الحاكم

        سورية بلد شرق أوسطي يزيد تعداد شعبها عن العشرين مليون نسمة، يحكمه حزب البعث منذ العام 1963 وعائلة الأسد منذ العام [1]1970. النظام الحاكم نظام شمولي ديكتاتوري يكرّس تركّز السلطة في مراكز نفوذ، ينتمي أغلب أفرادها إلى طائفة دينيّة تعد حوالي 10% من سكان البلاد، هي الطائفة العلويّة، مكوّناً بذلك مثالاً واضحاً عن الأوليغارشيّة. ومن أجل تأمين سيطرة حازمة على مقاليد الأمور في البلاد، تم إنشاء ودعم أجهزة أمنية عديدة ذات صلاحيات غير محددة، هي في حال تنافس فيما بينها للحصول على رضى الرئيس. ومن هذه الأجهزة: أمن الدولة، الأمن السياسي، المخابرات العامة، المخابرات العسكرية، مخابرات القوى الجوية… وقد فرض هذا النظام في البلاد قانون طوارئ لفترة امتدت إلى أكثر من أربعة عقود، وهو قانون يسهّل ويقنون خرق حقوق الإنسان والمواطن، وما زال العمل به جارياً عملياً  إلى اليوم، رغم إلغاءه نظرياً منذ أشهر.

        إنه نظام أمني-عسكري لا يتقن إلا العنف والمساومات، وسيلة للتواصل مع الآخرين شعباً ودولاً، والسنوات والعقود الماضية زاخرة بانتهاكات متمادية كماً ونوعاً لحقوق الإنسان الأساسية: مراقبة، خرق الخصوصية، اعتقالات، تعذيب ممنهج، مجزرة تدمر، مجزرة حلب، مجزرة حماة[2]

–      اندلاع الثورة السورية

        منذ ما يقارب العام ثار قسم كبير من الشعب السوري بعد أن ازداد جرأة نتيجة لما شهده في تونس ومصر ولاحقاً ليبيا، كاسراً حاجز الخوف في بلد كان يدعى “مملكة الصمت”، وقد لاقت ثورته قمعاً شديداً تجاوز حدوداً كثيرة وصل في يومنا الحاضر إلى قصف الأحياء السكنية المأهولة بقذائف الدبابات ومدافع الهاون والأسلحة الصاروخية، وقد تجاوزت الحصيلة حتى الساعة عتبة الـ 8000 قتيل وعشرات آلاف الجرحى وعدد أكبر من المعتقلين. وإحدى أسوأ نتائج هذا القمع الشديد هو تحول جزء لا يُستهان به من الثورة إلى الكفاح المسلح الضعيف التنظيم، بعد أن اعتمد الكفاح السلمي البحت لأشهر طويلة، وأيضاً تَسَرّبْ نزعة إسلامية سلبية، انتشرت خصوصاً بين أوساط المسلحين من الثوار، هي حصيلة خيبات الأمل المتتالية، من جراء تمادي القمع، وعجز العمل السياسي الوطني المعارض، والمبادرات العربية والدولية عن وضع حدّ لما يتعرضون له.

–      موقف المسيحيين

        تتراوح التقديرات الإحصائيّة حول نسبة المسيحيين السوريين بين 5 و10%، يتوزعون على عدة كنائس منها الشرقي الأرثوذوكسي، وهو الغالب، ومنها الشرقي الكاثوليكي بالإضافة إلى كنائس لاتينية وإنجيلية محدودة العدد والانتشار. ويبدو من الواضح أن أغلبهم مؤيد للنظام القائم حالياً، رغم كل ما جرى ويجري على أرض الواقع، بينما تقف في الجهة الأخرى أقلية مسيحية معارضة تساند الثوار في مطالبهم، وتشاركهم كفاحهم، خاصة السلمي منه.

        الجزء المؤيد للنظام من بين هؤلاء يملك دوافع مختلفة، فمنهم من هو مصاب بحالة من فوبيا الإسلام، والمقصود بالإسلام هنا هو الإسلام السني حصراً[3]، وجزء آخر من المؤيدين الأكثر يفاعة، هو من اقترن وعيه لما حوله ولواقع البلاد، بفترة تولي بشار الأسد زمام السلطة، فتأثر بالصورة التي قُدِّمَ بها هذا الرئيس: شاب، عصري، منفتح، تلقى تعليماً غربياً، زوجة جميلة ونشيطة… تأييد هذا الجزء من المسيحيين للنظام يتأتى أيضاً من جهله بالتاريخ الحقيقي لسورية، فقد قُدم له هذا التاريخ في المدارس والجامعات من خلال المناهج التعليمية الرسمية، وكأنه بدأ مع حزب البعث وعائلة الأسد. أيضاً نجد بين المؤيدين من يدعم النظام لارتباطه به، لجهة المصالح المادية، وهؤلاء عادة ما يكونون من أصحاب رؤوس الأموال.

        أخيراً، جزء من الفئة التي تسمى رمادية أو وسطية، والتي تضم كماً لا بأس به من المثقفين، تُعلن حيادها تجاه الصراع الحاصل، وذلك لصعوبة تبريرها للقمع الذي يمارسه النظام، بينما تُضمر دعمها له لأسباب متنوعة، منها ما ورد أعلاه.

        في الجهة المقابلة نرى أقلية من المسيحيين تقف في صف الثورة، أي في مواجهة النظام، هؤلاء بمعظمهم ليسوا أشخاصاً عَرَفوا التزاماً سياسياً منظماً، هم مثقفون إجمالاً وكثيرون منهم علمانيو النزعة، بل إن قطاعاً لا بأس به منهم، لا يخفي إلحاده أو لا أدريته، رغم أنهم يُحسبون مسيحيين “اجتماعياً”.

        مؤيدو النظام، بما فيهم المسيحيون، مارسوا ويمارسون حرباً كلامية على أرض الواقع وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بحق المعارضين عموماً، والمسيحيين منهم خصوصاً، وكثيراً ما يصل الأمر بهم حد التهديد الشخصي المباشر للمعارضين، وقد تطَّور الأمر جزئياً إلى المشاركة الفعلية من قبل هؤلاء المؤيدين المدنيين، في ممارسة “التشبيح”، أي الأعمال شبه الميليشياوية المسلحة أو نصف المسلحة التي تهتم بقمع المظاهرات المعارضة بالقوة، كما أن هناك أنباء متواترة عن مشاركة المسيحيين، من أصحاب رؤوس الأموال، في تقديم الدعم المادي للنظام، من خلال تمويل أعمال القمع. أما الجزء المعارض من المسيحيين فيهتم بدعم الثورة إعلامياً وتنظيمياً، كما يسهم في تأمين المساعدات والإعانات الإنسانية للثوار وسكان المناطق المتضررة، دون أن يعني ذلك إحجامهم عن المشاركة في  المظاهرات، ومن الملفت أنه لم يسجل على نحو موثوق به مشاركة المسيحيين في الكفاح المسلح أو الجيش السوري الحر.

–      موقف الإكليروس

        قد انتقل موقف الإكليروس المسيحي عموماً من الارتباك والترقب إلى الدعم العلني الجلي لسياسة النظام، بما فيها ضمنياً سياسة القمع العنيف لحركة المعارضة، ولا يخلو الأمر من مواقف محدودة جداً ومتواضعة وخجولة تعلن الحياد وعدم ارتباط المسيحيين بنظام حاكم بعينه، وهو ما قد يقرأ ما بين سطوره على أنه شبه معارضة لممارسات نظام الأسد. على العموم لم تلق هذه المواقف الأخيرة تجاوباً يعول عليه.

        من المنصف للحقيقة القول، أن أغلبية الإكليروس بشقيه المؤسساتي والفردي، مؤيد متحمس للنظام حتى اللحظة، وهذا التأييد منطلقه أن النظام الحالي برأيهم هو من يحميهم من الأغلبية المسلمة، ويؤمّن بالتالي مصلحة المسيحيين الوجودية. في حين أن مواقف الكنيسة يجب أن تستند على مبادىء روحية إنجيلية لا على مصالح. فالأعداد الكبيرة من المسيحيين الأوئل الذين اقبلوا على الشهادة جراء الاضطهاد الديني، باندفاع قل نظيره في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية[4]، أصغوا في شهادتهم هذه إلى صوت إيمانهم المسيحي لا إلى صوت المصلحة، بالرغم من أن إيمانهم هذا قادهم إلى حتفهم.

        هذه المغالاة في موالاة النظام الديكتاتوري وتأييده من قبل الإكليروس والمسيحيين السوريين تترافق مع ظاهرة ملفتة: تشديد متزايد من قبل المسيحيين على النبذ الظاهري للطائفية، وترداد روايات حسن العلاقات التاريخي مع المسلمين تحت شعارات من نوع “نحن وأنتم واحد”، بينما يُلاحظ أن هؤلاء المسيحيون المؤيدون أنفسهم، المروجون لعلاقات وردية مع مواطنيهم المسلمين، وفي مفارقة عجيبة، يحاربون المعارضين لخوفهم من مواطنيهم المسلمين ذاتهم، في ممارسة أشبه ما تكون بالتقية.

        التركيز على هذا البعد وعلى أهمية دور المسيحيين الوطني في تاريخ سورية، بشكل غير دقيق، يبلغ أحياناً حد الكاريكاتورية، يمكن رده إلى أزمة وجودية مسيحية، بل أزمة هوية وعلاقة مع الآخر، تعبّر عن ذاتها بخلق ونشر مبررات بقائها، وهذا التركيز آنف الذكر، يسيء للمسيحيين بدل أن يفيدهم:

        هذا المنطق يحط من قدر أبناء هذه الأقلية كبشر، ويجعلنا نحن المسيحيون في مصاف الــ “لا بشر”. فالدور يصلح لتبرير وجود الأشياء والحيوانات، لا الإنسان، فالمرء يحتفظ بسيارته بقدر ما هي قادرة على خدمته، ومتى ما صارت عبئاً عليه، بادر إلى التخلص منها، وكذا المزارع في القرية، متى شاخت بقرته وجف ضرعها، سارع إلى التخلص منها بوسيلة أو بأخرى.

        للإنسان معايير غير تلك التي تصلح في عالم الأشياء والحيوانات. وجود الإنسان هو ما يبرر وجوده، وليس دوره هو ما يبرر وجوده، وهنا بالتحديد منشأ الحضارات الإنسانية والأخلاق، وإلا لما نُبقي على الشيخ والعاجز وذي الحاجات الخاصة؟ الإنسان يستمد أهميته من صورة الله فيه، وكل انتهاكٍ لحقوق الإنسان هو تعرض لله من خلال صورته.

        كمثال على تصريحات الإكليروس المسيحي نورد هنا ما كتبه أحد الكهنة الشبان على صفحته في موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، مخاطباً الرئيس بشار الأسد تعليقاً على مسودة الدستور الجديد، التي تحرم المسيحيين –كما الدستور المعمول به حالياً- من الترشح لرئاسة الجمهورية:

“سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، نحن معك في هذه الأزمة العصيبة التي تمر بها سورية حبيبة القلب، والتي أصبحت تنزف بسبب المخربين والعابثين بها، وللأسف بسبب أبنائها الذين باعوا وطنهم وضميرهم بثلاثين من الفضة… سيدي الرئيس نحن لا نطالب برئاسة الجمهورية لكننا نطمع بعطفك وبحنانك الأخوي الذي كان ومازال والذي سيستمر، نناشدك سيدي الرئيس”.

–      أسباب التأييد المسيحي للنظام

        الخوض التفصيلي في أسباب هذا الموقف المسيحي السوري، المؤيد للنظام الديكتاتوري لا يتناسب مع المساحة المخصصة لمقال في مجلة، لكننا سنتطرق فيما يأتي إلى أهم هذه الأسباب، بعد أن عبَّرنا عن بعضها سريعاً أعلاه:

        تعاني الكنيسة الشرقية بشقيها الكاثوليكي والأرثوذوكسي من أزمة قديمة العهد، فهجرة المسيحيين ما زالت مستمرة منذ أمد طويل، مستنزفة أعدادهم، وأسباب هذه الهجرة متشعبة، منها ما له علاقة بسوء تفاهم مزمن ومتبادل مع المسلمين، ناتج عن فهم سلبي عنيد للإسلام، كما إلى أزمة جلية يعانيها الخطاب الإسلامي تجاه الأقليات في الشرق.

        لم تمارس الكنيسة من خلال مؤسساتها دوراً توفيقياً واعياً وناضجاً بين المسيحيين والمسلمين، إلا فيما ندر جداً، مما ساهم في تراكم عوامل وحوادث صغيرة، إنما متكررة، في الذاكرة المسيحية، وأيضاً لم تشهد الساحة المسيحية أي مراجعة ذاتية جدية لمسألة العلاقات المسيحية-الإسلامية إلا نادراً على صعيد نخب النخب التي هي بطبيعتها محدودة التأثير، إن لم نقل منغلقة على ذاتها.

        والجدير بالذكر أن سورية لم تشهد أزمة طائفية مسيحية-إسلامية بمعنى الكلمة منذ أحداث العام 1860، أي منذ قرن ونصف، وقد بدأت هذه الأزمة المؤلمة في لبنان أصلاً، بين الدروز والمسيحيين الموارنة بالدرجة الأولى، لتمتد لاحقاً إلى دمشق، بين المسلمين السنة والمسيحيين، وكانت حلب قد شهدت أزمة مماثلة قبلها بعشرة أعوام، أي في عام 1850، وقد كان للسلطات العثمانية الحاكمة حينذاك يد في تفعيل الأزمة بشكل أو بآخر، وفي الحالتين –دمشق وحلب- لم تطل أحداث الأزمة سوى أيام معدودة.

        ترافقت هجرة المسيحيين بتراجع مستواهم الثقافي ودورهم التنويري. ومن مسببات هذه الهجرة، وتراجع الدور الثقافي ما شهدته سورية تحت حكم حزب البعث في النصف الثاني من ستينات القرن المنصرم، من حملات تأميم واستيلاء على الأراضي الزراعية وعلى المعامل والمدارس الخاصة باسم الإشتراكية وغيرها.

        أِثْرَ التأميم –دون إهمال دور ما قبله- هاجرت نخب مسيحية شتى إلى خارج البلاد، مخلّة بذلك بنوعية الوجود المسيحي في سورية. وقد تراجعت ثقافة من بقي منهم داخل سورية، نتيجة سياسات التعليم التي اتبعها النظام الحاكم في تجلٍ معروف من تجليات الديكتاتورية: تجهيل الشعب ونفي النخب يسهل الحكم ويضمن استمراريته.

        طبعاً لم تنجو الكنيسة الشرقية التي نخرها الفساد من تدخلات وتضييقات رجال الأمن والمخابرات مما جعل من بقي صامداً فيها في وجه التيار الشمولي الصاعد، ينكفىء بدوره، وشيئاً فشيئاً بدأت الكنيسة تتشبه بشكل أو بآخر بالنظام الحاكم لجهة المحسوبيات والفساد وضعف النوعية.

        قد يكون أحد مبررات التمسك الشديد المستغرب من قبل المسيحيين السوريين بنظام حاكم كانت ممارسته للسلطة وبالاً شديداً على حالتهم ما يعرف بـ “تناذر استوكهولم” حيث تتعاطف الضحية مع الجلاد، وتبادر إلى حمايته والدفاع عنه رغم أنه السبب في شقائها. وأيضاً تأثر المسيحيون في سورية تأثراً ملحوظاً له رواسبه في اللاوعي المسيحي، بحالة المسيحيين في لبنان وما رافق حربه من مآسي أضرت بهم، وحالهم في مصر، وهجرتهم من العراق. هذا التأثر دفعهم إلى موقف الحذر الشديد، بل المعاداة المباشرة لأي تغيير سياسي، في تبني معلن لمقولة “الاستقرار على حساب الحرية”.

        وربما بسبب شمولية النظام الحاكم في سورية، نرى المسيحيين بعيدين عن الإهتمام بالشأن العام، وغالباً ما لا يتابعون ولا يتفاعلون إلا مع ما يمسهم مباشرة كمسيحيين. فبدل السعي إلى مساواة مواطنية تنصفهم وتحميهم فضلوا في ظل حكم كحكم الأسد أن يتحوَّلوا إلى جماعة منغلقة على ذاتها، تحاول الحفاظ على بقائها ومصالحها، تفضيلاً وصل بهم حد التطرف في حالاتٍ عديدة، وقد ساهم في هذا التطرف المسيحي، في الحالة السورية الحاضرة، ضعف وتشتت وعجز المعارضة السورية، نتيجة ما يقارب النصف قرن، من الإضطهاد، وإنعدام الحياة السياسية في البلد.

        خلاصة القول في أسباب تأييد أغلبية المسيحيين للنظام الديكتاتوري في سورية، هي أن هناك خوف عميق من الآخر المسلم، ساهم المسيحيون أنفسهم في خلقه، تترافق معه أو ربما تسبقه، عنصرية وفوقية، تظهر حيناً وتتخفى أحياناً أخرى، ترى في المواطن المسلم إنسان من طبقة حضارية أدنى. هذه “العنصرية” ربما تعود جذورها إلى فترة كان للمسيحيين فيها تفوق علمي وحضاري ومادي ذو أسباب موضوعية زالت بمرور الزمن، خاصة في أيام حكم البعث كما أسلفنا أعلاه، فزال التفوق واضمحلت النخبوية، ولم يبقَ سوى الشعور الزائف فاقد السند بهما.

        ونضيف إلى أسباب التأييد ما له علاقة بحالات نفسية تظهر في الجماعات التي تعاني مما يشبه ما تعرض له الشعب السوري من ديكتاتورية وقمع وتجهيل… كــ “تناذر استوكهولم” سابق الذكر، مع ملاحظة أن كل مواطني سورية حالياً ممن هم في سن 65 وما دون لم يعرفوا في حياتهم مذ بلغوا (في سن السادسة عشرة) إلا حزب البعث، بوصفه حزباً حاكماً وحيداً، وكل من هم في سن 58 وما دون لم يعرفوا في حياتهم مذ بلغوا، إلا عائلة الأسد في القصر الجمهوري.

–      خلاصة ورجاء

        موقف المسيحية السورية هو موقف مؤسف ومؤلم ومناقض للروحانية المسيحية الحقة، كما عرفناها في الإنجيل وفي محطات تاريخية عديدة، هذا الموقف قد يستدل به على حالة الاحتضار التي يعيشها الوجود المسيحي في هذا الشرق.

        بكثير من الجهد، التي تتطلبه محاكمة عقلية موضوعية في ضوء المعطيات المتوفرة والمتوقعة، إذ إن الجانب العاطفي والذاتي يكاد يطغى على ما غيره، يمكننا ترجيح سقوط قريب لنظام بشار الأسد، المسألة مسألة وقت، والوقت في الحالة السورية الحاضرة، يعني مزيداً من الدم والموت، وكل الآثار السلبية المترتبة على المدنيين.

        لا يمكن لعاقل أن يتخيل أن الحكومات الأولى بعد سقوط نظام الأسد ستكون حكومات مثالية أو مرضي عنها شعبياً على صعيد واسع، تلك المرحلة ستكون خطوة أولى بعد سقوط النظام على طريق بناء دولة ديموقراطية وعصرية ومدنية، تحترم حقوق الإنسان. ستشهد هذه المرحلة المقبلة هزة عميقة للكنيسة، هزة نرجو أن تكون بداية لنهضة مسيحية جماعية تجعل المسيحيين واعين لقيمهم ودورهم ولحقيقة مكانتهم كمواطنين لا كجالية.


كاتب هذا المقال رجل دين مسيحي سوري شاب، كتبها دون توقيع ليأمن على نفسه من الآثار السلبية الأكيدة في حال عُرفت شخصيته الحقيقية.


[1]  حافظ الأسد 1970-2000 ثم نجله بشار 2000 وحتى اليوم.

[2]  الحصيلة المرجحة لمجزرة حماة قد تتجاوز العشرين ألف قتيل لقوا مصرعهم خلال أقل من شهر واحد.

[3]  الإسلام حسب المذهب السني هو دين أغلبية السوريين، تقدر نسبته بـحوالي 70%

[4] حتى صدور مرسوم ميلانو عن الإمبراطور قسطنطين الكبير حوالي 313.

3 responses to “الثورة والمسيحيون في سورية

  1. كالعادة تنظرون بعيد واحدة و مصرين على الكذب فكلنا شاهدنا العنف و شاهدنا المد الوهابي و الخطابات الطائفية و انتم تبررون …نحن كمسيحين و هذا موقف اغلب الناس الذين اعرفهم نثق بالدكتور بشار و نثق بقيادتنا الحكيمة التي دائما تعاملنا على اساس مواطنة وليس على اساس ديني او طائفي – كما يحدث الان للاسف – ونحن نرفض العنف من اي طرف كان ونرى ان السلطة قد تعاملت بعنف لكن هناك عنف مضاد و هناك قتل على الهوية كما حدث في بانياس و جبلة ولازالت دماء نضال جنود الطاهرة اكبر برهان على الحقد الوهابي الاعمى الذي لايميز احد… و نحن نعلم ان اذا انتصرت الثورة – لاسمح الله – فسوف تكون مصر حاليا باخوانها و سلفيها و تونس وليبيا جنة امام ماستؤول اليه الامور عندنا فللأسف اغلبية الثورجية هم مرؤون كاذبون ولاانكر انه يوجد شرفاء يهمهم مصلحة البلد لكن الاغلبية مدفوعون دينيا سلفيا من قنوات العهر الطائفي كصفا ووصال وعندما امر السيد الرئيس الشرطة و الامن بعد احداث درعا المؤسفة من عدم اطلاق النار كان رد الفعل عكسيا وكان عنف رهيب و شهداء من قوى الامن و الشرطة بالمئات مما استدعى تدخل الجيش
    فماهذه الحرية اذا كان عرابها فداء السيد ,,,
    ماهذه الحرية عندما عبرنا عن رأينا بالشوارع و بالملايين في حلب و دمشق ولم يذكر احد من قنوات الغباء الخليجي الطائفي اي شئ عنها ..
    ماهذه الحرية التي تقف مع سياسة القتل و التصافي و الكيل بمكيالين
    ماهذه الحرية التي تلغي الاخر و تأخذ بيد اعداء سوريا الازلين
    ماهذه الحرية عندما اقول لشاب جاهل في مقتبل العمر لماذا تشارك في المظاهرات فيقول لي لأن الرئيس من الطائفة x
    كفاكم كذبا و مرائاة فأنتم تسعون الى تحرير سورية من حريتها

  2. أتأسف ان يصدر هذا المقال من رجل دين مسيحي يدعي الديمقراطية و الحرية و هو يجرد المسيحين من وطنيتهم و دينهم لمجرد انهم يخالفونه الراي وهذا واحد من اسباب فشل المعارضة التي تأسس وجودها على إقصاء الاخر و انوه هنا على ان المقال مليء بالمغالطات :١-لم تكن التحركات سلمية باي وقت من الأوقات بل عل العكس التخريب و القتل و الخطف من السمات التي طبعت هذه التحركات٢-ان يتهم كاتب المقال المسيحيين المؤيدين بالقيام بالتهديد و الاعتداء على المعارضة هو امر معيب لانه يعلم علم اليقين ان من يهدد و من يهاجم هو المعارضة التي كلما انزعجت من احد تضع اسمه في قائمة العار و تحل دمه زوهذا منتهى الحرية و الديمقراطية اما اذا كان الهدف التحريض ضد المسيحين فاهنؤك لانك بمقالك هذا حققت المطلوب ٣-من انت لتصف المسيحين بالجهل و لا بشر اين دورك كرجل دين تجاه رعيتك في تثقيفهم اذا كانوا جاهلين فعلاً ٤-عليك احترام اراي الاخر اذا كان الهدف فعلا الديمقراطية٥- احيطك علما ان مادة الدستور التي تنص على دين رئيس الجمهورية قد قام بوضعها المندوب السامي الفرنسي في الول دستور سوري ادعوك ان تقرا تاريخ سورية ٦-كنا و ما زلنا نعيش في سورية حالة من التآخي بين مختلف الطوائف تعجزعقولكم عن إدراكها و محاولتك إعطاء وصف للعلاقة بيننا محاولة رخيصة هدفها وضع شرخ من المعيب لأي مواطن سوري ان يقوم به فكيف بالأحرى رجل دين  

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s