سوريا: الدبلوماسية الملتوية

سوريا: الدبلوماسية الملتوية

2012 مارس/آذار27

بينما يعتقد نظام الأسد أنه في حال قدّم تنازلاً بسيطاً فإنها ستكون نهايته، تختلف جماعات المعارضة السورية على أمور عدّة، ولكنها جميعها تجمع على ضرورة الانتقام.

في حال تم دفع كلاً من الحكومة والمعارضة في سوريا للقبول بالخطة المقدمة لهم من طرف مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية السيد كوفي عنان، فإن ما يمكن قوله وبكل يقين أن كلاً من الطرفين سيقبلون ذلك على مضض وبنوايا سيئة, فبينما نيّة الطرف الأول هي عدم التخلي عن أي من سلطاته الحقيقية، يعمل الطرف الثاني بنيّة استغلال مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار لإسقاط بشار الأسد وعائلته وزملائه.

فبينما يعتقد نظام الأسد أن تقديم أيّ تنازل مهما كان صغيراً سيكون نهايته, تجمع المعارضة السورية رغم اختلافاتها على ضرورة الانتقام. من الممكن لهذا الانتقام أن يؤجّل في الفترة الراهنة، لكنهم لن يتخلوا عنه.

السؤال إذاً، هو فيما إذا كان مثل هذا الحلّ المصطنع جدير بالمتابعة. الجواب هو نعم، وذلك لعدة أسباب. أولاً، لأن هذه المحاولة الدبلوماسية التي يقوم بها عنان هي محل إجماع دولي، وتلتزم بها القوى الكبرى والجامعة العربية بالإضافة إلى الدول المجاورة لسوريا.

وبما أنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق كهذا من قبل، فإن مثل هذا الإجماع الهشّ هو إنجاز بحد ذاته. ثانياً، من الممكن أن يدفع الصراع بعيداً عن السلاح، ولو بشكل محدود، بالنظر إلى المستوى الرهيب من العنف المستمر.

انتقل هذا العنف البارحة إلى لبنان، كما أنه من الممكن أن ينتقل إلى تركيا، وهذا يعني أن الصراع ممكن أن يتحول إلى خطر إقليمي أيضاً. ثالثاً, قد تخفف عملية توزيع المساعدات على نطاق واسع، برعاية الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية، من معاناة العديد من السوريين وذلك من خلال فريق من الخبراء والمراقبين يمكن أن يكون طرفاً ثالثاً غير مباشر وقادر على أن يكون شاهداً غير متحيز لمراقبة الصراع.

وبعبارة أخرى، فإن نجاح هذه المبادرة يعتمد على إقناع الطرفين بأنها ستمكنهم من الإيقاع بالطرف الآخر. كما أنها تعتمد أيضاً على ضرورة اقتناع القوى الخارجية بأن أهدافهم ستتحقق من خلال هذه الآلية. فقد قامت العرقلة الروسية الصينية بناءً على معطيين اثنين, الأول، من غير الواقعي توقع انتصار التمرد حتى مع الدعم الخارجي، وثانياً، لا يجوز السماح للولايات المتحدة أن تقوم بتحرك أحادي آخر للهيمنة على الشرق الأوسط.

أما بالنسبة للولايات المتحدة فمن من الممكن أنهم يشعرون أنهم في ورطة بُعَيد إصرارهم على تنحي الأسد دون القدرة على تحقيق ذلك. وبينما تجتمع المعارضة السورية لحلّ بعض خلافاتها، حيث ينعقد في اسطنبول نهاية الأسبوع مؤتمر أصدقاء سوريا، تستمر دبلوماسية كوفي عنان، إلا أن الغموض لازال سيد الموقف، بما في ذلك قرار الحكومة السورية حيال موقفها. أما في حال فشلت الخطة فهذا لن يكون مفاجئاً، وفي حال نجحت أو استطاعت أن تحقق شيئاً فهو بلا شك سيضفي على الصراع شكلاً آخر، قد يكون أقل كلفة بشرية.

المصدر

The Guardian

Syria: a devious diplomacy

أضف تعليق