14 آذار/مارس 2012
كسوري منشق هارب: القارئة كريستين راسفايلر تكتب عن صديقها الذي يعيش منذ سنوات أسير خوفٍ دائمٍ من الاعتقال.
استنبول. نجلس على كراسي بلاستيكية بقرب الماء. ساعتان, ثلاث ساعات, ربما أكثر. النهار صافٍ و تبدو الشمس قريبةً فوق بحر من البيوت. أنا أدرس في هذه المدينة. صديقي روى لي قصته هنا.
صديقي هو خائن. اسمه موجود على اللائحة السوداء رقم اثنين و أربعين من لوائح الدولة السورية لأنه رفض تأدية الخدمة العسكرية. يجلس بقربي و يرمش بعينيه عندما أسأله, لماذا لم يؤدِ الخدمة العسكرية كما يفعل بقية الرجال. ” لأن هذا لا معنى له”, يُجيب. ” أريد أن أخدم بلدي بعلمي وليس بالسلاح.”
عوضاً عن تأدية الخدمة العسكرية ترك شعره ينمو و بدأ يسمع موسيقا الهيفي ميتال. في إحدى المرات زاره أمن الدولة في مكان عمله, و صفوه بالشيطاني. يضحك وهو يقول هذا.
تحول إلى خائن. يعيش بشكل غير قانوني في بلده. مطلوب, لايملك جواز سفر, ولا رخصةً لقيادة سيارة, لا يستطيع إقامة عرس وليس عنده عملٌ نظامي. كل شيء عبارة عن مشكلة بالنسبة لمن يرفض الخدمة العسكرية. دفتر التجنيد الخاص به و المليء بالفراغات جعل إتمام الدراسة بالنسبة له مستحيلاً. يقول لي ” أرغب أن أتابع الدراسة. هذا ما لم يقبلوا به. لماذا يدمرون مستقبلنا؟. “
يختبئ منذ سبع سنين. تحول لون شعره بسبب الضغط النفسي إلى اللون الرمادي. أحياناً كان يدرء الخطر عن نفسه بالمال.
” الدولة بالنسبة لي هي الشرطة, الفساد و الظلم. بماذا ينبغي علي أن أؤمن؟ “, يسألني. ” أريد أن أؤمن بالإنسانية “.
في العام ألفين و ستة بدأ يعمل كمتطوع في منظمة الهلال الأحمر. و في النهاية وجد عملاً في الأمم المتحدة. عندها بدأت الثورة. أنهت الأمم المتحدة عملها في سوريا. أصبحت الأمور بالنسبة له معقدة و اضطر أن يغادر البلد.
يبلغ من العمر تسعة و عشرين عاماً. لم يشارك يوما باية عملية انتخابية ولم يملك يوماً حساباً بنكياً. أريد أن أعرف ماذا تعني سوريا بالنسبة له. ” عبارة عن خطوط على خريطة, مجرد منطقة ما “. بدا لي أن هذا الكلام يصدر عن وعي, شعرت بالصدمة. لم يستخدم كلمة وطن مطلقاً.
يتهادى الماء على السور البحري تحتنا. سألته: “هل شاركت عائلتك في الانتخابات في عطلة نهاية الأسبوع؟ “. نظر إلي و كأني لم أفهم شيئاً. ” نحن لاننتخب في سوريا. نذهب إلى الاستفتاء. وهذا يعني الموافقة و عائلتي لاتريد الموافقة “
” بالطبع أكون أحياناً غاضباً, لأن هؤلاء الناس لايفهمون مبادئي “, يقول و هو يدخن سيجارته, “.”في النهاية يتركز الغضب كله على النظام”. لكنه لايبدو غاضبا و إنما حزيناً.
المصدر