سوريا، يا لها من ثورة منتصرة!

 

14 آذار/ مارس 2012 – نُشرت من قبل Huffpost Impact

Anonymous Syria ناشط سوري من حلب، مناضل مجهول من أجل الحرية.

“نحن محكومون بالأمل، وما يحدث الآن لا يمكنه أن يكون نهاية التاريخ”. تلك الكلمات كتبها الأديب السوري سعد الله ونوس ذات مرة، وهذا بالضبط ما يجعلنا مصممين على الاستمرار، إنه الأمل.

منذ عام مضى، كنا واثقين من أن الحلم الأقرب إلى الاستحالة بقيام ثورة في سوريا سيكلف ثمناً باهظاً. ومع ذلك، فقد كان الشعب مذهولاً من الفظاعات والمجازر التي تجاوزت مخيلتهم. فقط قلة قليلة من الشعب آمنت بأن طبيب العيون الذي تلقى تعليمه في الغرب سيسير على خطى أباه المتوفى بسحق أي انتفاضة.

فالشعب آمن بأن ذلك الرئيس الشاب الوسيم سيدافع عن حقوق الإنسان التي تضمنها القوانين العالمية. لقد اعتقد بأنه سيستجيب إلى مطالب الشعب، وسيقوم بقيادة برنامج إصلاحات حقيقية للانتقال بسوريا إلى دولة ديمقراطية تُحترم فيها حقوق المواطنين وتُمارس فيها الحرية السياسية بشكل سلمي.

“لقد اعتقدنا أنه سيكسب قلوبنا، ولكنه فضّل ألا يفعل ذلك”.

ففي خطابه الأول بتاريخ 30 آذار/ مارس 2011، لجأ بشار الأسد إلى وسائل والده، ولا يمكن لأحد لومه على ذلك، فقد أمضى معظم حياته كابن لحافظ الأسد الذي قام بقتل عشرات الآلاف من أبناء شعبه.

إذاً، فلِمَ يتوجب على تلك السنوات القليلة التي قضاها في إنكلترا أن تجعل منه شخصاً مختلفاً؟

ما الذي يجعله مختلفاً عن سيف الإسلام القذافي، الذي درس أيضاً في إنكلترا؟

ألقى بشار الأسد باللائمة على المؤامرة الخارجية رداً على طموحات شعبه. وتضخمت تلك المؤامرات إلى مؤامرات كونية، وذلك لأن أي شخص أو أي شيء يعارضه فهو عبارة عن مؤامرة. لقد أجاد تنفيذ ما جاء في كتيب الطغاة المائة وواحد، حيث لَعِبَ بكل حرفية على الاختلافات والانقسامات والمخاوف التي تتملك الجميع داخل سوريا وخارجها.

العالم، أو الإنسانية على وجه الدقة، تشاهد الشعب السوري وهو يموت بينما يدفع ثمناً باهظاً في سبيل حريته. إلا أن هذه الإنسانية لم تحرك ساكناً، فقط اكتفت بالحديث لتخفيف مصاب الألم والخسران. ولا يبدو أن هناك أية مساعدة تلوح في الأفق، وقد أدركنا ذلك الآن.

ستُضاف سوريا إلى قائمة العار التي لطخت الإنسانية، بعدما حدث في رواندا والبوسنة والكونغو ودارفور، والقائمة تطول ببلدان شاهدت الإنسانية فيها دلالات تنبئ بارتكاب مجازر، ولكن الأوان كان قد فات على التدخل لمنع حدوثها، لقد فات الأوان بعدما قامت آلات القتل المتصاعدة بحصد أرواح مئات الآلاف من البشر.

عندما كان الأحرار السوريون يتظاهرون سلمياً، توقعوا بأن العالم سيتحمل مسؤولياته تجاههم. لم يتخيل السوريون بأن الإنسانية التي لم تتخلَ عن إخوانهم التونسيين والمصريين والليبيين ستخذلهم.

عزيزتي ما تُسمين بـ “الإنسانية”، ما الذي جعل من السوريين شعباً لا يستحق تلقي الدعم الحقيقي لطموحاته وتطلعه للعيش بحرية وكرامة؟

وبينما ندخل عامنا الثاني من عمر ثورتنا القاتمة والدامية، قد يتساءل البعض من أين سيأتي الأمل.

إن الأمل ينبثق من شجاعة الأحرار في سوريا، الذين على الرغم من كل ما يفعله النظام لإخماد ثورتهم، لا يزالون يصّرون على إنهاء ما قد بدؤوه. لقد أظهر هؤلاء سخاءً وشجاعةً منقطعة النظير عندما يتعلق الأمر بتقديم التضحيات، فهم يدفعون الثمن يومياً بعشرات أو مئات من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم وتركوا المهمة لمن يليهم من مناضلي الحرية ليستمروا على الرغم من وعيهم الكامل بما ينتظرهم.

كل ذلك يحدث بينما تقوم موسكو بحصد النقاط ضد خصومها في الغرب.

وعلى الرغم من أن السوريين واثقين من أن الأسد ونظامه المجرم لن يرحلا ما لم تتم هزيمته بوسائل عسكرية، آثروا الحفاظ على مظاهر الثورة السلمية، في الوقت الذي يقومون فيه باحتضان الجنود المنشقين الذين رفضوا توجيه أسلحتهم إلى صدور المواطنين العزل، وفضلوا أن يؤدوا واجبهم الحقيقي بالدفاع عن شعبهم.

ينبثق الأمل من امتداد رقعة الثورة التدريجي لتصل إلى قرى وبلدات وأحياء ومدن جديدة في كل يوم جمعة، ويأتي كذلك من ازدياد أعداد المؤمنين بعدالة قضيتهم في كل من دمشق وحلب. ففي يوم الجمعة الماضي، خرج العديد من الأحياء الفقيرة في احتجاجات ضد النظام في مدينة حلب، في حين اشتعل ريفها بروح الثورة.

ينبثق الأمل من مدينة حمص، عاصمة الثورة السورية، التي شهدنا أهلها مراراً وتكراراً يخرجون في مظاهرات لتشييع شهدائهم أو للاحتفال بهم حالما يتوقف القصف، ليؤكدوا بذلك على معارضتهم للنظام المجرم.

ينبثق الأمل من مضي عام كامل على العنف الممنهج، والتأجيج للنعرات الطائفية، وما زال السوريون يقاومون غريزة الانتقام الطائفي. لقد أظهر السوريون كماً هائلاً من ضبط النفس، وآمل أن يبقى الأمر كذلك بقدر ما يجب أن يكون الأمر عليه.

ينبثق الأمل عندما يواجه السوريون الرعب بالشجاعة، والقمع بالتصميم، والموت بالتضحيات، والفقدان بالحنان، والتعذيب بالصبر، والعجز بالتحدي.

إن نظام الأسد يقف عاجزاً أمام تلك الشجاعة غير المسبوقة التي يبديها أحرار سوريا، حيث تنضب كل مصادر القوة لديه. فالأسد اليوم في ورطة، ولا سبيل له للخروج منها. لن يكون أمام النظام سوى التخلي عن السلطة. فالسوريون الأحرار عازمون على تقديم كل ما يلزم في سبيل تلمس طريق الحرية، والتأكد من أن الأسد وفرق الموت التابعة له سيُحاسبون جراء ما فعلوه بحقنا.

سوريا، يا لها من ثورة منتصرة، ويا لها من أمة عظيمة.

المصدر

Syria, What a Victorious Revolution!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s