آن الأوان لدعم المعارضة في الحرب الأهلية في سوريا
مالكوم ريفكيند و شانشاك جوشي – فايننشال تايمز
5 فبراير 2011
إن سوريا ليست في طريقها للإنزلاق في حرب أهلية، لقد أصبحت في خضم الحرب الأهلية بالفعل، في حال تم الأخذ بعين الاعتبار أي معيار من معايير الحرب الأهلية – عدد القتلى، قوة ومقدرة التنسيق للقوى المعارضة، وشدة العنف – الصراع السوري قد تعدى كونه ثورة. على الرغم من أن القوى المتمردة منقسمة ومبعثرة فهي تقدم تحد وطني وديموقراطي في مواجهة نظام طائفي، فالأسد والغرب يواجه كلًّا منهما مفترق طرق. الطريق الأول هي الحرب الأهلية الطويلة الأمد كتلك التي دمرت لبنان. الطريق الثاني، والأفضل، هي حملة قصيرة تتوج بتفكيك نظام الأسد.
الغريب أن أياً من الطرفين لم يستخدم مصطلح “حرب أهلية”. بالنسبة لدمشق فإن استخدام تعبير كهذا سيقوض إدعاءاتها السخيفة بعدم وجود أزمة في سوريا. وبالنسبة للغرب فإن هذا المصطلح سيوازي أخلاقياً ، وبشكل ضمني، بين الأطراف المتصارعة. لكن لا بد لهذا الغموض أن يتنهي في الحال. تقوم المعارضة السورية بالتسلّح بشكل متزايد، لكنها تفعل ذلك بتردد كبير. لا يوجد تكافؤ أخلاقي بين حكومة عذبت وقتلت على مستوى هائل وبين أولئك المُكرهين على حمل السلاح ضدها.
في موسكو وبيجينغ من المألوف أن يتم النقاش حول الثورة السورية على اعتبارها هجمة جهادية ضد منارة العلمانية في الشرق الأوسط. هذه الحجج إما أن تكون غير موثقة أو مخادعة. أولاً، لأن بشار الأسد لم يتقاعس يوماً عن التعاون مع الجهاديين سواءً في لبنان أو في العراق. بالإضافة إلى أن المعارضة السورية، سواء القيادة السياسية في الخارج، أو الأجنحة العسكرية في الداخل، تملك قاعدة شعبية عريضة وتسعى إلى سوريا تعددية ديموقراطية في مرحلة ما بعد نظام الأسد، سوريا التي يمكنها أن تستوعب التنوع الديني والعرقي.
الإعتراض الآخر على الضغوط السياسية الغربية هو أنه لا ينبغي تدويل الصراع السوري. في حين أن الحرب قد تم تدويلها منذ فترة طويلة. إيران تخشى فقدان سوريا، حليفها الدبلوماسي في العالم العربي، وقد سربت الأموال، والأسلحة، والمستشاريين، والإستخبارات لدعم نظام الأسد. وروسيا تعاقدت على بيع أسلحة للنظام بقيمة خمسة مليارات دولار. إن الإقرار بأن المشاكل في سوريا يجب أن يحلها السوريون بأنفسهم كان أمراً مثيراً للإعجاب، لكنه أصبح الآن أمر سخيف.
القلق النهائي هو أن الغرب كالعادة يحث على العصي قبل الجزر- أو الحرب قبل الدبلوماسية. وهذا أيضاً ضرب من الخيال. خطة الجامعة العربية لحل الأزمة، والتي صوّتت ضدها روسيا والصين في مجلس الأمن، كانت متواضعة للغاية. هذه الخطة طالبت بنقل السلطة إلى نائب الرئيس فاروق الشرع الذي كان مخلصاً لعائلة الأسد خلال العقود الأربع الماضية. ولم يأت القرارالمرفوض على ذكر للعقوبات أو للحرب. لهذا السبب خسرت روسيا حلفاء مثل إفريقيا الجنوبية والهند، المعارضتين للحرب الليبية.
تم إستنفاد المسار الدبلوماسي لحل هذه الأزمة السياسية. بعد أن راهنت روسيا على قضية خاسرة سوف تسعى الآن إلى تجنب الإحراج. ومن الجانب الآخر، فإنه من المحتمل أن تقوم السعودية وقطر بتعميق التعاون مع تركيا لدعم الجيش السوري الحر وقيادته السياسية. الذين يعارضون هذا يستحضرون التجربة الماضية المريرة في المساعدة الدولية للمجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي، وعليهم أن يسألوا أنفسهم عن مدى إمكانية أن يؤدي استمرار الوضع الراهن إلى تفكك خطير لسوريا.
لا بد لبريطانيا والغرب تحت القيادة العربية والتركية من أن تضع نفسها على الجانب الأيمن من التاريخ من خلال تكثيف مساعدة المعارضة السورية الشجاعة. لن يكون هناك تدخل عسكري من حلف النيتو، ولكن يمكننا أن نبدأ بالعمليات اللوجستية والاستخباراتية، وتوفير معدات الإتصالات، وتقديم المشورة. ويجب علينا أن نعزز جهودنا لمنع السلاح الإيراني، الذي يتم إرساله لدعم النظام، والضغط على أعضاء الإتحاد الأوروبي، كقبرص مثلاً، لعرقلة شحنات الأسلحة الروسية. وينبغي أن يكون هدفنا الواضح هو إنهاء الأزمة من خلال قبول سوريا لخطة الجامعة العربية، أو الأكثر إسقاط النظام.
توجد على الحدود السورية حالتين تدعوان إلى الحذر. لبنان إلى الغرب والعراق إلى الشرق، وقد عانا كلاهما من حرب أهلية استمرت لسنوات طويلة وأسفرت عن مئات الآلاف من القتلى المدنيين. ليس هناك ما يضمن أن سوريا تستطيع تجنب هذا المصير ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى السياسات الصينية والروسية المفلسة أخلاقياً. تشديد الخناق بحذرعلى دمشق يمثل أفضل فرصة لتحقيق نتيجة مقبولة.
المصدر:
Financial Times