لماذا تريد روسيا بيع السلاح لسوريا

فريد فير Fred Weir

19 كانون الثاني/يناير 2012

تقاوم روسيا، والتي تملك عقوداً لأسلحة أُبرمت مع سوريا بقيمة 5  مليارات دولار، ضغوطاً دولية متزايدة لمعاقبة حليفتها. في الأمس لم يتم نفي التقرير المتعلق بشحنة الأسلحة الأخيرة.

تتشبث روسيا بموقفها في وجه تحرك المجتمع الدولي باتجاه معاقبة النظام السوري على حملتها الهمجية لحركة الاحتجاج الشعبية والتي دخلت شهرها الحادي عشر.

لن تكتفي روسيا باستخدام حق الفيتو في وجه أي عقوبات تعرض على مجلس الأمن، وهي أحد الأعضاء الخمسة الذين يملكون حق الفيتو، إنما يبدو أنها مستعدة للاستمرار بإمداد النظام السوري بأسلحة روسية وبكميات تعادل مليارات الدولارات وذلك بموجب عقود موقعة من قبل النظام. كما أنها لن تقطع الإيماءات الودية الروسية تجاه نظام بشار الأسد، مثل زيارة حاملة الطائرات الروسية الوحيدة الجاهزة للعمل ميناء طرطوس السوري هذا الشهر.

بعد أن تجاوز عدد قتلى الانتفاضة السورية الـ5.000 في الأشهر الأخيرة، ينادي القادة الدوليون بفرض زيادة العقوبات على نظام الأسد. إلا أن رفض روسيا لهذا النوع من الإجراءات يزداد صلابة بسبب تزايد شكوكها بالنوايا الغربية من جهة، بالإضافة إلى تزايد مخاوفها من خسارة حليفها الأقدم والأهم في الشرق الأوسط عن طريق تغيير النظام السوري برعاية غربية من جهة أخرى.

يضيف بعض المحللين أن عدم الاستقرار السياسي الروسي المحتدم قد زاد من حدة مقاومة الكرملن التقليدية لأي سوابق تبدو كتشريع لتدخل خارجي بالشؤون الداخلية لبلد مستقل.

“يُظهر القادة الروس سوريا على أنها الحليف الأساسي في الشرق الأوسط، والذي تربطنا به روابط سياسية، عسكرية واقتصادية جيدة”، كما قال أليكساندر جولتس Alexander Golts، خبير عسكري لصحيفة يزهيدينفي زورنال Yezhednevny Zhurnal الإلكترونية. ويعتقد السيد جولتس أنه بما أن فلاديمير بوتين شبه متأكد من عودته إلى الرئاسة في آذار/مارس المقبل، فذلك يعني أن التجارب السياسية التي تتضمن تعاوناً كبيراً مع الغرب والتي تمت في عهد الرئيس ديميتري ميدفيديف من المرجح أن تصبح من الماضي. “لدى بوتين رهاب من الثورات الملونة. إنه يفهم (الثورات المطالبة بالديمقراطية) على أنها نتيجة لمؤامرات غربية”، يضيف جولتس. “إن موقفهم هو، لن يتم خداعنا بعد الآن”.

كما رفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف Sergei Lavrov ، في مؤتمر الصحافة السنوي يوم الأربعاء، المخاوف التي أُثيرت بسبب شحنة السلاح الروسية المرسلة إلى القوات المسلحة السورية في الشهر الجاري قائلاً: “لا نرى أي ضرورة لشرح أو تبرير ما نفعله، طالما أننا لا نخالف أية اتفاقيات دولية أو أي قرارات صادرة عن مجلس الأمن”.

عقوبات الأمم المتحدة ستكلف روسيا 5  مليارات دولار في مبيعات السلاح

رفضت الشركة الروسية الرسمية لتصدير السلاح، روسبورون للتصدير Rosoboronexport، إعلان أي تفاصيل عن عقود بيع السلاح لسوريا اليوم. كما كرر وزير الإعلام الروسي، فياشيسلاف دافيدينكو Vyacheslav Davidenko، كلام السيد لافروف بأن “روسيا لن تقوم بأي خطوة تخالف عقوبات الأمم المتحدة. وفي حال عدم وجودها، فإننا نستطيع تزويد سوريا بأي بضائع وخدمات”، على حد تعبيره.

ولكن حسب مركز تحليل تجارة السلاح العالمية المستقل (CAWAT) في موسكو، تحتل سوريا المركز السابع بين زبائن روسيا في السوق العالمية، فقد سلمت 8 مليارات دولار لشركة التصدير الروسية روسبورون Rosoboronexport في عام 2009. وقد بلغت المبيعات لسوريا في العقد الأخير حوالي 10% من صادرات روسيا للسلاح.

كما جاء في الدراسة أن روسيا قد تخسر حوالي 5 مليارات دولار في حال فرض عقوبات الأمم المتحدة على سوريا، كما تشمل الخسارة أيضاً العقود الحالية التي تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار، جاء ذلك في دراسة أجراها مركز تحليل تجارة السلاح العالمية المستقل. قامت روسيا في السنوات الأخيرة بتحديث أسطول دبابات تي-72 السوري كما زودت سوريا بـ24 من طائرات ميغ-29 المقاتلة الحديثة، بالإضافة إلى كميات من الصواريخ المضادة للطائرات، صواريخ مضادة للدبابات، وأسلحة خفيفة. كما توجد في مراحل المفاوضات المختلفة عقود شراء أسلحة روسية جديدة بقيمة 3.5 مليار دولار، منها غواصتان (واللتان تعملان بالديزل والكهرباء (diesel-electric  والمزيد من طائرات ميغ-29 المقاتلة، صواريخ إسكندر-إي المتنقلة، بالإضافة لدبابات تي-90 الحديثة وأسلحة متنوعة أخرى، تشمل سفناً حربية وطائرات هليكوبتر.

إن خسارة السوق السورية قد تكون ضربة قاسية لصناعة تصدير السلاح الروسية، والتي خسرت ما يقارب الـ4.5 مليار دولار لعقود أُبرمت مع ليبيا، وما يعادل الـ13 مليار دولار بسبب عقوبات مجلس الأمن على إيران.

“كانت سوريا الحليف التقليدي ومستورد السلاح من روسيا منذ عام 1971، لذلك فإن لدى روسيا وجهة نظر مختلفة عن أمل الغرب بإسقاط النظام الحاكم في سوريا”، كما يقول إيغور كوروتشينكو Igor Korotchenko، مدير مركز تحليل تجارة السلاح العالمية المستقل ((CAWAT. “لذلك، تراهن روسيا على تأمين الدعم السياسي والعسكري للنظام السوري، ويرى القادة الروس أن ذلك يصب في المصلحة الوطنية لروسيا نفسها على المدى البعيد”.

لا يتفق الجميع مع ذلك.

“إني أشك فيما إذا كانت هذه العقود تخدم مصلحة روسيا بالشكل الأفضل. هناك اختلاف بالآراء داخل النخبة الحاكمة في روسيا، إلّا أن الغلبة تبدو للمجموعة التي ترى في سوريا حليفاً تقليدياً ويجب تقديم الدعم له”، كما يقول أليكساندر شارافين Alexander Sharavin، مدير المعهد المستقل للدراسات السياسية والعسكرية. “برأيي، إن عقود بيع السلاح هذه واستخدام ميناء طرطوس لخدمة السفن الحربية الروسية هما أمران مهمان، ولكنهما ليسا مهمين لتلك الدرجة” لدرجة السماح لهما بالإملاء على السياسة الروسية. ويضيف “ربما كان علينا تغيير هذه المواقف منذ زمن بعيد، لأن هذه العلاقات مع سوريا تضر بروسيا وتعيق علاقاتنا مع الغرب”.

لن تكون هناك ليبيا أخرى

يتفق الجميع على أن تأكيد لافروف Lavrov على عدم وجود توافق دولي لفرض عقوبات على سوريا صحيح عملياً. إلا أن غالبية الخبراء يقولون إن لهجة الرفض المفاجئة تجاه الشؤون الغربية شيء جديد.

يزداد موقف روسيا صلابة بسبب إحساس الكرملين بأنه تم خداعه سابقاً وذلك عندما وافق على فرض حظر جوي على ليبيا في مجلس الأمن، تحت ذريعة حماية المدنيين، والذي تحول لاحقاً إلى دعم لثورة انتهت بإسقاط وقتل الزعيم الليبي معمر القذافي.

وقد اشتكى لافروف Lavrov من أن الدول الغربية تخطط سراً، وربما تسلح، ثواراً سوريين لكي يقوموا بإسقاط الأسد على الطريقة الليبية، تحت ذريعة حماية المدنيين مجدداً. “في الحقيقة إن شركائنا في الغرب يناقشون فرض منطقة حظر جوي… لا يستطيع أحد إنكار أن (بعض القوى) تقوم بتهريب السلاح إلى المسلحين والمتطرفين الذين يحاولون استغلال الحركة الاحتجاجية لتحقيق أهدافهم بانتزاع السلطة… هناك أفكار أخرى يتم العمل على تحقيقها، منها قوافل المساعدات الإنسانية، آملين تحريض القوات الحكومية السورية على الاستجابة”، كما قال.

يوافق أغلب الخبراء الأمنيين الروس الذين تمت استشارتهم لافروف Lavrov. أشار البعض إلى مسودة حل طرحته روسيا على مجلس الأمن ينادي بالحوار بين نظام الأسد ومعارضيه، وبالتنديد الدولي بالعنف سواء كان مصدره الحكومة السورية أو الثوار.

“لم تعد روسيا تهتم بما يقولونه في الغرب”، يقول أليكساندر كرامشيخين Alexander Khramchikhin، خبير في المعهد المستقل للدراسات السياسية والعسكرية في موسكو. “إن القادة الروس محقون في رؤيتهم للمعايير المزدوجة عندما يشتكي الغرب من ‘ديكتاتوريات‘ الشرق الأوسط. هل تعد سوريا حقاً أسوأ من السعودية وقطر، أم أن المشكلة تكمن في عدم كونها حليفاً للولايات المتحدة فقط؟..”.

“إن موقف روسيا من سوريا عادل ومتوازن”. يضيف أليكساندر كرامشيخين Alexander Khramchikhin، “نريد نهاية للعنف من الطرفين، ولوماً للطرفين، كما أننا ضد أي تدخل خارجي في سوريا”.

المصدر

Why Russia is willing to sell arms to Syria

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s