منشق عسكري من سوريا

 الكاتب : الكسندر ديتريش | 15/01/2012

 ” هدفنا اطلاق النار على الناس

 جندي سوري منشق من النخبة، يعطي فكرة عن نظام الأسد الوحشي.  بشكل خاص عن الشقيق الأصغر للرئيس، السفاح ماهر الأسد.

ماهر الأسد، 44 سنة، الشقيق الأصغر للرئيس السوري بشار الأسد، والابن الأصغر لحافظ الأسد مؤسس سلالة الحكام المستبدين، والذي توفي في عام 2000.

 

الصورة : ديفيد هرده

ألقى وليد قشمعي  بندقيته وهرب عندما أُجبر من قبل ضباطه على استهداف العزل من النساء والأطفال..

في الواقع، لقد توجب عليه الانتقال إلى القصر الرئاسي في دمشق بعد الحادث الذي أودى بحياة الابن الأكبر والوريث باسل الأسد في عام 1994.

ماهر الأسد السفاح شقيق الرئيس بشار الأسد (إلى اليمين)(الى اليسار)

لكن طباعه الحاده والعدائية حالت دون تأهله لمنصب الرئاسة الذي تسلمه في النهاية بشارالأسد طبيب العيون —  على اعتباره كان الخيار الثالث للأب.

قصص لا تحصى يتم تناقلها في سوريا عن وحشية ماهر ونزعته للسلطة. ففي عام 1999، أطلق ماهر النارعلى رئيس الاركان العامة للاستخبارات، وزوج شققته بشرى، آصف شوكت (52 عاماً) في المعدة، وذلك بسبب شجار عائلي. وكإجراء احترازي تم نقل شوكت إلى فرنسا للعلاج ولحمايته من شقيق زوجته.

 

أطلق ماهر الأسد النار بنفسه على المتظاهرين

قاد ماهر الأسد في عام 2008 حملة لقمع انتفاضة سجن صيدنايا في جنوب غرب سوريا، على بعد 25 كيلومترا إلى الشمال من دمشق، وجماعات حقوق الانسان تملك شريط فيديو يُظهر كيف كان ماهر يلتقط الصور عبر هاتفه الخليوي للقتلى من السجناء السياسيين.

شريط فيديو مصوّر في حزيران 2011 يُظهره وهو يطلق النار على المتظاهرين بواسطة مسدسه.

ماهر هو قائد الحرس الجمهوري، وقد جنّد معظم أفراده من الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد، وهو الذي أعطى أوامره أيضاً للفرقة الرابعة في الجيش، باجتياح بلدة جسر الشغور في 10 حزيران 2011.

تخشى الأوساط الشعبية ماهر الأسد باعتباره المنظم الرئيسي لحملات القمع الوحشية ضد المعارضة، فهو من يُنجزالعمل القذرلاخيه، تماماً كما كان يفعل عمه رفعت الأسد (شقيق حافظ ) قبل 30 عاماً، نيابة عن الرئيس  حافظ.

 فعندما انتفض الإخوان المسلمون فى شباط عام 1982 مدينة حماة السورية، كلف حافظ الأسد أخيه رفعت بقصف المدينة من الجو ورمي القنابل عليها. قُتل حينها ما بين 20000 و 30000 شخصاً، ومنذ ذلك الوقت بقيت المعارضة مقموعة لعقود عدة.

 

ماهر يحب الدم

  ماهر إذاً هو الرجل المناسب للأعمال القذرة. إلا أنه ذكي جداً، جيد التنظيم وصارم. فقد نقلت “نيويورك تايمز” حرفياً عن دبلوماسي سوري سابق يعيش حالياً في المنفى في ولاية فرجينيا، قوله: “ماهر يحب الدم”.

إن دموية عائلة الأسد أدت إلى سفك دماء أكثر من 5000 شخص، وذلك وفقاً لتقديرات سابقة للأمم المتحدة، والتي كانت قد حذرت، خلال سلسلة من الاستقالات والانتقدات الصريحة لانعدام مصداقية بعثة المراقبين العرب، من حرب أهلية.

يقول مصطفى أحمد الشيخ، وهو ضابط سابق منشق وقائد حالي في الجيش السوري الحر – ومقره في جنوب تركيا- أنه يوجد أكثر من 20000 جندي منشق، ومع ذلك فإن هزيمة الأسد والإطاحة به وبشقيقه ماهر ستستغرق ما يُقارب العام.

وليد القشعمي يعرف شقيق الرئيس أيضاً،  فقد كان الشاب ذو الـ 22 عاماً جندياً في الحرس الجمهوري (رقمه  العسكري 8747082) وكان ينتمي الى فرقة ماهر الاسد إلى حين فراره في نيسان الماضي. يعيش وليد الآن كلاجئ في ألمانيا حيث يمكنه أن يوجه إتهاماته لنظام الرئيس بشار الأسد بشكل علني.

صحيفة “العالم يوم الأحد”: ما الذي أدى إلى إنشقاقك عن الجيش السوري و بالتالي تعرضك لعقوبة الإعدام؟

وليد القشعمي: رابطت كجندي في الوحدة 227 في مقر الحرس الجمهوري في دمشق، إلى أن تلقت كتيبتنا، والمؤلفة من 250 رجلاً،  يوم السبت 23 نيسان العام الماضي أوامر بالتوجه إلى حرستا، إحدى ضواحي العاصمة، قيل لنا إنه يوجد هناك عصابات مسلحة هاجمت وقتلت مدنيين. وقتها كان لي 13 شهراً في الخدمة العسكرية، كنت مندفعاً ومتشوقاً للذهاب. ولم يكون لدي أو لدى رفاقي أية فكرة عما كان ينتظرنا هناك.

لا يسمح  للجنود خلال الخدمة العسكرية بالاتصال مع العالم الخارجي، ويُحظّر عليهم استخدام هواتفهم النقالة. لكن يسمح لهم كل شهرين بزيارة وجيزة للمنزل كإجازة. عندما وصلنا إلى حرستا تلقينا الذخيرة الحية لبنادق الكلاشنيكوف وتلقينا إشارات لا تصدر عادة إلا في أوقات الحرب، وأمرنا بأن نخلع الزي الرسمي وأن نرتدي الستر السوداء الخاصة بمكافحة الإرهاب.

 

صحيفة “العالم يوم الاحد”: وهل كان ذلك أمراً غير مألوف؟

وليد القشعمي: نعم، جداً، إذ يُمنع الحرس الجمهوري منعاً باتاً من خلع زيهم العسكري في أوقات الخدمة،.

 كما ويمنع منعاً باتاً من الاحتكاك مع الناس. مهمة الحرس الجمهوري هي حماية مؤسسات الدولة والعاصمة، فهو مجهز بشكل أمثل وولاؤه للنظام في أعلى درجاته.

والآن، فجأة، يجب علينا أن نهاجم المدنيين من النساء والأطفال ، الذين حملوا في أيديهم أغصان الزيتون والورود. وضد رجال عاري الصدور، أي أنهم كانوا غير مسلحين، حتى السكين لم نرها.

كان هناك حوالي الـ 2000 شخص يدعون الى السلام في درعا ويطالبون بإطاحة النظام. أنا نفسي انحدر من درعا، في ذلك الوقت لم أكن أعرف ما حدث هناك. ما كنت أعرفه هو أنني لا يمكن أن أُطلق النار على هؤلاء الناس الذين خاطروا بحياتهم من أجل مدينتي.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: أين كنت في حنذاك؟

وليد قشعمي: كنت في المقدمة، و كان خلفنا الضباط الذين لم يترددوا في اطلاق النار على أي منشق في الحال.

كان لدينا أوامر بإطلاق النار. يجب علينا اطلاق النار على الناس مباشرة ودون سابق إنذار. بعض أصدقائي فعلوا ذلك، ربما خوفاً من الموت. رأيت ثلاثة أطفال، وشاب وامرأة من الذين قتلو. وقد رأيت ضابطاً يطلق النار على طفل في رأسه، وسمعته يقول أن صراخ الطفل المستمر جعله يفقد صوابه.

واصلنا التقدم، ووقف الضباط خفلنا على مسافة حوالي 250 متراً، ونحن كنا على بعد حوالي عشرة أمتار من الحشد، عندها ألقيت سلاحي بعيداً وركضت باتجاه المتظاهرين. خمسة من رفاقي فعلوا مثلي. اختبأنا ضمن الحشد، ووقف الرجال  بيننا وبين جنود آخرين، أخذتنا النساء إلى بيوتهن وخبأونا هناك. لقد انشققت لأنني لم أستطع أن أطلق النار على النساء والأطفال والرجال العزل. لم يكن لدينا فكرة أن الثورة قد اندلعت، وأننا ببساطة قد أرسلنا إلى النار.

 صحيفة “العالم يوم الاحد”: ماذا حدث بعد ذلك، كيف تمكنت من الهرب خارج سوريا؟

الانشقاق هو خيانة وحكمها هو عقوبة الإعدام في بلدكم.

وليد القشعمي: اختبأت عند سكان حرستا الذين قاموا بنقلي من قرية إلى أخرى. أنا أنحدر من درعا، ولم أكن إلى حينها أعلم أنها المدينة الأولى التي اندلعت فيها الثورة. سافرت عبر البلاد مرتدياً ملابس المحجبات، وكان يرافقني دائماً أناس من حرستا.

  عندما علمت عائلتي أن المحكمة العسكرية  قد أصدرت بي حكماً غيابياً بالإعدام، قررت مغادرة البلاد. تمكنت من الهرب إلى الأردن عبر معبر للتهريب، مرتدياً الملابس النسائية بما في ذلك النقاب.

خلف الحدود أمسكت بي المخابرات الأردنية وحققوا معي.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: ما الذي حدث في سوريا بعد ذلك؟ لديك هناك أسرة، هل تم  الضغط عليها من قبل النظام؟

وليد القشعمي: نعم، فقد ألقي القبض على والدي وعلى أحد أخوتي وتم استجوابهم. قالوا لوالدي، إذا لم يوقع على وثيقة تثبت أنني مختل عقليا، فإنهم سيجعلون المخابرات السورية تعثر علي وتقتلني. وقع والدي على الوثيقة وتم الإفراج عنه.

غادرت عائلتي مع الأقارب والأصدقاء وتبعثرت في جميع أنحاء البلاد واختبأوا في أماكن عدة. أنا أعرف كل هذا من صديق لي من الثائرين، والذي لديه هاتف يعمل بالاقمار الصناعية. فقد طلبت سوريا أربع مرات من جهاز المخابرات الاردني إعادتي كما أنهم طالبوا بطردي من البلاد. أحد أقاربي، وهو عقيد في قوات الأمن، اتصل بي لإقناعي بتسليم نفسي. كما عرضت زوجته علي وعلى عائلتي المال مقابل أن أستسلم، ولكني لم أكن لأفعل كل هذا من أجل المال، ما أريده هو إظهار الحقيقة. الرد الدائم للأردنيين على الطلب السوري كان، بأنني لست في بلادهم.

وهذا هو ربما ما أنقذ حياتي. وأخيراً سافرت إلى مصر ومن هناك تمكنت، من خلال السفارة الألمانية في القاهرة، من المغادرة إلى ألمانيا. قبل ذلك، عندما كنت في سوريا، قمت بتسجيل قصتي على شريط فيديو بغية إظهار الحقيقة  للأجيال القادمة في حال وفاتي.

 

صحيفة “العالم يوم الاحد”: كجندي سابق  في الحرس الجمهوري لديك معرفة عن الداخل. هل تعرف ماهر شقيق الرئيس بشار الاسد؟

وليد القشمعي: نعم، لقد التقيت به خلال أداء القسم. إنه شخص قوي وقاس والجميع يخاف منه. وبالرغم من أنه كان برتبة عميد ولم تتم ترقيته إلى رتبة أعلى، إلا أن أعضاء هيئة الأركان العامة كانوا يلقون له التحية لأنه شقيق الرئيس.

 

صحيفة “العالم يوم الاحد”: هل يتصرف ماهر الأسد من نفسه أم بأمر من شقيقه الرئيس؟

وليد القشمعي: ليس هناك أمر واحد للحرس الجمهوري إلا ويتم التوقيع عليه من قبل الرئيس بشار الاسد. هذا هوسبب شعوري بالغضب عندما صرح في مقابلة تلفزيونية بأنه ليس لديه علم عن الأحداث والعمليات التي وقعت في بلاده. إنه يعلم جيداً ما يحدث، وشقيقه هو منفذ هذه العمليات. الرئيس نفسه هو من أعطى الأوامر بقتل شعبه، ويداه غارقتان بالدم.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: إذاً،  ماهر ينجز العمل القذر لأخيه؟

وليد القشعمي:  بالضبط، إنه قاس و عديم الرحمة تماماً مثل عمه رفعت الأسد في ذلك الوقت، والذي أنجز في الثمانينات العمل القذر لشقيقه حافظ الأسد. ماهر ورفعت يشبهان بعضهما إلى حد كبير، حتى في الطباع، بلا رحمة، لديهم هاجس السلطة ومتعصبون.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: هل ستنتصر الثورة؟

وليد القشعمي: أنا متأكد تماماً من هذا. نظام الأسد هش من الداخل، لكن الخوف هو السبب في بقائه متماسكاً حتى الآن.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: هل ممكن لعائلة الأسد أن تلعب دوراً في سوريا المستقبلية الجديدة ؟

وليد القشعمي: بالطبع لا، حتى لو بقي سوري واحد على قيد الحياة فإنه سيقاتل ضد هذه العائلة. أريد سوريا حرة وديمقراطية تحترم المعاهدات الدولية وترفض الحرب مع اسرائيل. في سوريا كهذه لا مكان لعائلة الأسد.

صحيفة “العالم يوم الاحد”: كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يُقدم الدعم؟

وليد القشعمي: أدرك أنه من الصعب فرض عقوبات أكثر صرامة وذلك مع وجود قوى لها مصالح وتستخدم حق النقض (الفيتو)، ولكن خطوة صغيرة باتجاة الحظر سوف تساعد. فعندما تفرض الأمم المتحدة حضراً على المجال الجوي السوري عندها ستتمكن القوات قطعات بكاملها مع ضباطها من الانشقاق.

تقديرياً يمكنني القول بأن 90 في المئة من جنود الجيش السوري سيغيرون موقفهم عندما يجدون نفسهم في مأمن من وحشية المخابرات والقوات الموالية للنظام.

 المصدر

Wir sollten gezielt auf Menschen schieben

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s