بواسطة ديبورا أموس Deborah Amos
27 كانون الأول/ديسمبر 2011
أطلقت قوات الأمن السورية النار على رابح الزين –مواطن سوري في الثلاثين من عمره– بينما كان يحاول معالجة الجرحى المدنيين في مدينة حمص السورية، يقوم عدد من الأطباء والأناس العاديين من سوريا ولبنان بمعالجة الجرحى معرّضين سلامتهم للخطر.
حمص، المدينة الواقعة في وسط سوريا وأحدى معاقل المعارضة، ترزح الآن تحت حصار الجيش السوري. كما أنها اليوم أحد الأماكن التي يجازف الأطباء السوريون فيها بحياتهم من أجل تقديم العلاج للجرحى والمصابين.
إن مجرد تزويد تلك العيادات السرية بما يلزم من معدات يشكّل في حد ذاته عملاً خطيراً يقوم بتنفيذه شبكة من المهربين في لبنان الذين يقومون بإدخال المعدات الطبية إلى سوريا، والعمل على نقل الجرحى ذوي الحالات الحرجة خارج البلاد إلى لبنان المجاور.
في شقة بسيطة الأثاث في طرابلس بشمالي لبنان، تبتدئ المحطة الأولى على خط التهريب الطبي، حيث تم تخصيص إحدى غرف النوم لتكون بمثابة مستودع خزنت فيه على عجل ضمادات، وسماعات طبية وزجاجات بلازما الدم.
يعمل على تشغيل خط الإمداد السرّي هذا منذ أيار الماضي شابٌ صغير السن ُيدعى محمد. يشكّل هذا الخط بمثابة شريان حياة لمدينة حمص التي لا تبعد أكثر من 30 ميلاً. فتحت حصار الجيش والقصف الشديد يخشى بعض الجرحى كثيراً الذهاب إلى المستشفيات الحكومية الموجودة في داخل سوريا.
يقول محمد: “ما زلنا بحاجة إلى لوازم كثيرة لا نستطيع تأمينها كالأشعة السينية، ومعدات جراحات العظام، والتخدير”.
وحينما سُئِل عمّا إذا أمكن لهذه الجهود إنقاذ حياة البعض، أجاب: “إنها محاولة لإنقاذ أرواح الناس؛ فمنهم من وفقنا إلى إنقاذه ومنهم من لم نستطع”.
يجري محمد عبر الهاتف ترتيباته مع طاقم من المهربين يثق بهم. يتم تجزئة الصناديق إلى عبوات أصغر حجماً استعداداً لرحلة محفوفة بالمخاطر على متن شاحنات، دراجات النارية، حتى ظهور الحمير، كما يتم قطع معابر حدودية تعج بالألغام ودوريات المراقبة. يتناقشون حول أفضل الدروب لسلكها، يحددون وجهة هذه الإمدادات، وما هو المطلوب.
إنه يقوم بهذا العمل كل يوم.
الإمدادات تدخل بينما يخرج المصابون
تسير حركة النقل في كلا الاتجاهين. تلك العيادات الميدانية داخل سوريا لا تستطيع أن تفعل الكثير سوى إيقاف النزيف وبعض الألم. لكن معظم من تكون جراحهم خطرة، وهم في الغالب ممن أصيبوا طلقات نارية متعددة، يتم تهريبهم إلى خارج سوريا باتجاه لبنان.
في عيادة سرّية تقع على الحدود بين لبنان وسوريا يقول أحد الأطباء -رافضاً الكشف عن اسمه لأسباب أمنية- إن زوجته نفسها لا تعلم بما يقوم به. لكنه عندما يسقط جرحى في الجانب السوري يكون أول من يتلقى مكالمة الإغاثة.
يقول الطبيب اللبناني إن واجبه هو تقديم المساعدة، و يضيف:
“أذهب إلى الحدود، ألتقي مع الشخص الجريح، وأجري له الإسعافات الأولية الأساسية”.
تقديم العلاج غالبا ما يتم في الجزء الخلفي من سيارته و ذلك إلى أن يتمكن من القيادة إلى عيادته من أجل توفير المزيد من الرعاية المركزة.
في إحدى القرى الزراعية اللبنانية، تفتح الأسر منازلها للسوريين ممن هم بحاجة إلى فترة استشفاء طويلة.
فقد باتت إحدى الحجرات الخاوية بمثابة غرفة مستشفى لرابح الزين البالغ من العمر30 عاماً، والذي يقبع هناك منذ 20 يوماً بينما تلف الضمادات ساقه المهشمة.
يروي زين كيف فتحت قوات الأمن السورية النار على المتظاهرين في قريته قرب حمص، وعندما حاول زين مساعدة الجرحى تم إطلاق النار عليه مراراً في ساقه.
في منزل ريفي مجاور، ينهض أحد المنشقين من الجيش السوري متكئاً على وسادة لدى قدوم الزوار لعيادته. يبلغ هذا المنشق من العمر تسعة عشر عاماً، لقد داس قبل بضعة أسابيع على لغم زُرع على الحدود فبُترت ساقه من أسفل الركبة على إثر ذلك.
“لم يتسنّ لي الحصول على فرصة للقتال، لم يكن لدي أية أسلحة” كما يقول.
تم تحويل المستشفى الحكومي في قريته إلى ثكنة عسكرية، كما يقول، مضيفاً “كانوا سيقتلوني إذا ما ذهبت إلى هناك طلباً للمساعدة”.
تبكي والدته عندما تسمعه يتحدث عن الانفجار الذي أودى بساقه. لقد عبرَت الحدود إليه بمجرد معرفتها أنه أصبح في لبنان.
“أنا خائفة”، تقول بهدوء. “لدي تسعة أطفال، والضغط الواقع علينا كبير. لا يزال لدي عائلة في الداخل”.
المصدر