النظام السوري يريد سحق أي تعبير للمعارضة في جارته الهشة.
حلفاء الرئيس بشار الأسد في بيروت سعداء جداً للالتزام بهذا.
ميتشل بروتيرو MITCHELL PROTHERO
22 كانون الثاني/ديسمبر 2011
بيروت – دخلت مركبات رياضية مظللة الى قرية عرسال الجبلية الصغيرة، في أعماق وادي البقاع اللبناني، في منتصف ليلة باردة من الشهر الماضي. معظم عرف سكان القرية، وغالبيتهم من السنة، ما الذي كان يجري: جاء حزب الله ليختطف شخصاً من سريره.
الهدف على ما يبدو هو سوري من أقارب عائلة القرقوز المسيطرة محلياً، كان قد لجأ إلى القرية، التي تبعد فقط بضعة أميال من الحدود السورية. القبائل لا تكترث بالحدود بين سوريا ولبنان, بسبب العلاقات العائلية القوية التي تربط بين أفرادها على جانبي الخطين، فضلاً عن وجود الحكومة المركزية التي لا ترتق حتى إلى تسمية “ضعيفة”، والعديد منهم يكسبون رزقهم من أشهر مهن البقاع : التهريب عبر الحدود.
لم يكن واضحاً بعد إذا ما كان الرجل المطلوب هو سوري منشق – الأسرة تنفي بشكل قاطع أي شيء من هذا القبيل. ومع ذلك فإن الغارة التي شنتها أجهزة حزب الله الأمنية تتبع نمطاً من المضايقات، والاختطاف، والنقل القسري عبر الحدود للناشطين المناهضين للنظام السوري من قبل المواليين الكثر للنظام السوري في لبنان، والذين يشملون، بالإضافة إلى حزب الله، وحدات فاسدة من الشرطة والحركات السياسية المؤيدة لسوريا وحتى الانفصاليين الأكراد. بينما الرئيس بشار الأسد يتطلع لسحق التمرد المدهش المستمر منذ تسعة أشهر، يتحول لبنان بسرعة الى ساحة معركة أخرى بين المؤيدين والمعارضين لحكمه.
ولكن عملية التوغل إلى قرية عرسال لم تنجح كما خطط لها حزب الله. لم يعجب سكان عرسال منظر الرجال في الشاحنات السوداء، وتأكيداً على طبيعتهم الصلبة، أرسلت القبائل على الفور رجال مدججين ببواريد الكلاشنيكوف وقاذقات الرمانات، ذلك العتاد المنتشر استخدامه من قبل مهربي البقاع، ونصبوا كمينا للقافلة قبل أن تتمكن من القبض على الهارب السوري المزعوم.
بعد ذلك بوقت قصير أصدر المسؤولين المحليون بياناً، يحذرون حزب الله ضد أي محاولة لتكرار مجازفته. يقول البيان “ليعلم الجميع أن عرسال ليست يتيمة،”. “وأن أي شخص يهاجم قرية عرسال أو أية قرية لبنانية أخرى فهو بالتأكيد يخدم العدو الصهيوني وقوات الأسد.”
حزب الله الذي نفى الحادث، لم يصدر أي أرقام للضحايا، لكن اطلاق النار الذي تلا ذلك كان سيئاً بما يكفي لدرجة أن الجيش اللبناني أوفد فريقاً لتخليص رجال حزب الله من الكمين – والذي تعرض نفسه لاطلاق نار ولم يستطع أنصار الأسد الشيعة المسلحين أو قوات الأمن والشرطة من توفير الحماية لهم.
ادعى الجيش اللبناني في بيان ملتو في اليوم التالي أن وحدة من الإستخبارات كانت في مطاردة ساخنة لمجرم معروف عندما تعرضت لهجوم غير متوقع. مع ذلك، كشفت هذه الرواية في الأيام القليلة التي تلت، عندما اتهم مجموعة من المسؤولين المحليين والسياسيين السنة المناهضين لسوريا، حزب الله ببدء الهجوم – تأكدت فورن بوليسي Foreign Policy من هذه الاتهامات عن طريق عدة مسؤولين في الاستخبارات ومسؤولين في جهاز الشرطة فضلاً عن ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان.
هذا الحادث الأخير ما هو الا أحدث مثال عن أثر التمرد في سوريا الى الأراضي اللبنانية، مهدداً بزعزعة استقرار البلاد الهش أصلاً. على مدى الأشهر القليلة الماضية، وبينما كانت حركة الاحتجاج تتعاظم وتتضائل، عبرت القوات السورية مراراً الحدود اللبنانية، خارقة المناطق الحدودية التي لم تحترم في المقام الأول، و زرعوا الألغام على طول الحدود المشتركة في محاولة لوقف المهربين وردع كل من اللاجئين من المغادرة ومعارضة النظام المسلحة من القيام بعمليات.
حزب الله، الذي وقف بحزم بجانب النظام السوري خلال أزمته الحالية، كان الحليف اللبناني الرئيسي للأسد في هذه الحملة. يقع الأمن الداخلي ومكتب مكافحة التجسس في حزب الله تحت سيطرة الرجل الأكثر رعباً في لبنان، رئيس الأمن الداخلي لحركة المقاومة الإسلامية، وفيق صفا، الذي يتولى رجاله القاء القبض والتحقيق مع كل من يشكل خطراً على “المقاومة”.
في الضواحي التي يسيطر عليها حزب الله جنوب بيروت، حيث تمتلئ بالسوريين الذين قدموا للبنان لاسباب اقتصادية أو سياسية، هناك فتور ملحوظ حيث يتجنب الناس الدخول في أتون الحرب في سوريا.
“اذا تم القبض عليك من قبل رجال في سيارات دفع رباعي أو شاحنات مفيمة، فأنت مقبوض عليك من قبل حزب الله،” نسبة الى حسب ما قاله أحد السكان الشيعة في جنوب بيروت مقيم شيعي لبناني في ضاحية بيروت الجنوبية الذي يعيش بالقرب من “المنطقة الأمنية” لحزب الله، والذي يضم مبان ومقرات وعائلات كبار المسؤولين. حتى قوات الاستخبارات العسكرية يجب ان يكون لديهم لوحات على سياراتهم ويعرفوا عن أنفسهم. ولكن “المقاومة” لا تحتاج هذا العناء. لا يمكن لأحد أن يمسهم لاغتيال رئيس الوزراء – اسأل المحكمة الخاصة – اذاً هل تعتقد أنهم قلقون بشأن مخالفات المرور، أو اختطاف سوري؟ لا أحد يجرؤ على سؤالهم”.
مثل كل شي في هذا البلد المنقسم على نفسه، حيث مصداقية أي رواية بالنسبة لكل لبناني تعتمد بشكل مباشر على انتمائه السياسي. بالنسبة الى حزب الله وحلفاء آخرين للنظام السوري، فإن الأسد يقاوم تحالفاً معقداً من القاعدة والأصوليين السنة – برعاية الأمريكيين والإسرائيليين. معارضو الأسد، من ناحية أخرى، يرون أن الحكومة اللبنانية تم تخويفها بتهديدات من الغزو السوري إذا لم تساعد على سحق المعارضة في الملاذات الآمنة في الريف على امتداد الحدود.
صرح وزير الدفاع اللبناني فايز غصن، حليف حزب الله، في 21 من كانون الاول/ ديسيمبر أن بلدة عرسال قد أصبحت ملاذاً آمناً لتنظيم القاعدة، الاتهام الذي انكره مختار القرية وشيوخ القبائل فيها وأشاروا إلى أن المزارعين المحليين تعرضوا لاطلاق نار من قبل القوات السورية بينما هم يعملون في حقولهم على امتداد الحدود ، وتوغلات القوات السورية، وبالطبع، الكارثة بقيادة حزب الله الشهر الماضي.
بالنسبة الى معارضين الأسد المنشقين في لبنان، فإن الأمر الأكثر خطورة من الغارة على عرسال هي الأدلة المتزايدة أنهم ليسوا بمأمن من امتداد يد الأسد الواصلة إلى العاصمة بيروت.
خطف ثلاثة سوريين في شباط الماضي بشكل غير قانوني من موقف سيارات تابع لمركز شرطة – حيث كانوا تم نقلهم عبر الحدود وتسليمهم للمخابرات السورية – يؤكد العديد من المخاوف السورية في لبنان.
جاسم الجاسم، واحد من مئات الآلاف من العمال اليوميين الذين يكسبون رزقهم بالعمل في لبنان، تم اعتقاله لفترة وجيزة من الشرطة اللبنانية لتوزيعه مناشير تدعو لسقوط نظام الأسد، وفقا لمسؤولي الشرطة الذين حققوا في الحادث. بعد فترة قصيرة من اعتقاله، جاسم، السني من حمص، اتصل بأخوه ونسيبه ليقول أنه سيفرج عنه قريباً وأنهم يجب أن يأتوا الى فرع الشرطة في ضاحية بيروت ليأخذوه.
بعد ساعات، عندما لم يعد أي من الرجال، اتصلت زوجة جاسم بهاتفه المحمول. أجابها رجل يتحدث اللهجة السورية أجابها، وأخبرها أن الرجال الثلاثة قد عادوا الى “الوطن”. ولم يسمع عن أخبارهم مرة أخرى.
التحقيق من قبل رئيس قوات الأمن الداخلي اللبناني، العميد أشرف ريفي، من مؤيدي رئيس الوزراء السابق سعد الحريري من طرابلس، اكتشف أن الرجال الثلاثة تم القائهم في سيارات دفع رباعي تحمل علامة قوى الأمن الداخلي في موقف مركز الشرطة. حتى الأكثر إثارة للإزعاج، تبين لاحقاً أن السائق كان الملازم صالح الحاج رئيس مفرزة حماية الأمن الداخلي في السفارة السورية في بيروت.
وفقاً لضابط الشرطة المخصصة لحماية فريق السفارة والذي عمل مع الحاج في الماضي، من المعروف بشكل كبير أن الحاج يعمل بشكل مقرب من المخابرات السورية. والده، علي الحاج، كان مسؤولاً كبيراً في المخابرات اللبنانية في ظل الاحتلال السوري وواحد من أربعة كبار مسؤولي الأمن الذين تم احتجازهم لمدة سنة للاشتباه بالتخطيط لاغتيال رفيق الحريري والد سعد الحريري، والذي كان أيضاً رئيس وزراء لبناني سابق. ولكن، لأن لبنان هو فسيفساء من الولاءات والمحسوبيات، لا يوجد أي شيء لفعله وحتى رئيس الشرطة لا يستطيع فعل أي شيء لكبح جماح مثل هؤلاء المارقين الفاسدين.
“كل شخص ]في الشرطة [ يعمل لفصيلة أو حزب،” أوضح الضابط الشاب. “الفساد سيء بما فيه الكفاية، ولكنها السياسة هي التي يمكن أن تقتلك. أحياناً أعتقد أن كل من أعمل معهم لديهم اثنين من القادة – قائده في الشرطة وقائده السياسي: سوريا، ايران، المملكة السعودية. البعض تحول للعمل مع الإسرائيليين. إنها كارثة على لبنان.”
لقد اختفى معارضون آخرون كذلك، وفر الكثيرون من البلد بعد تلقيهم انذاراً بأن أسمائهم قد ظهرت على قائمة تستهدف المعارضين للنظام و يتم ملاحقتهم من قبل الحلفاء اللبنانيين لسوريا.
“السوريون لديهم ذراع طويلة في لبنان،” وفقاً لرامي نخلة، وهو منشق سوري بارز كان مقره لبنان في بداية الانتفاضة ولكنه اضطر في النهاية إلى الفرار الولايات المتحدة بعد أن تم تحذيره بأن اسمه كان على لائحة الاغتيال أو الاختطاف موجودة عند حزب الله وبعض الجماعات المنحازة لسوريا.
ناشط آخر، مازال موجوداً في لبنان ولكنه طلب عدم ذكر اسمه لاسباب تتعلق بسلامته، قال بأن الأعضاء المتعاطفين معهم من المخابرات اللبنانية يفعلون ما بوسعهم لحمايتهم، ولكن نظرا للنفوذ الكبير لحزب الله و بقايا الاستخبارات السورية في لبنان، “غالباً أفضل ما يمكنهم القيام به هو تحذيرنا عندما تأت أسمائنا للتصفية.”
حزب الله، من جانبه، نفى أي تورط له في أعمال مؤذية. أحد مسؤولي الأمن الداخلي في حزب الله وفي مقابلة مع فورن بوليسي Foreign Policy اعترف بأن فريقه كان يتصيد المعارضين السوريين، ولكنه نفى اعتقال الناشطين السلميين.
نحن نبحث عن تجار السلاح، أعضاء تنظيم القاعدة، وهؤلاء الذين يريدون زعزعة استقرار لبنان،” كما يقول. “انها كما بدأ اللاجئين العراقيين يأتون الى هنا في عام 2004. كان علينا أن نرصدهم عن كثب للتأكد بأنهم في مأمن. ولكننا لا نختطف الناس و اذا اعتقلناهم، فإننا نسلمهم للسلطات اللبنانية لمحاكمتهم.”
في بعض الحسابات الرياضية البسيطة تبين مدى عدم دقة الإدعاء بأن حزب الله يستهدف فقط تجار السلاح والارهابيين. قال أحد مسؤولي الاستخبارات اللبنانية بأن العدد الفعلي لتجار السلاح و أفراد القاعدة المقبوض عليهم “قد يصل الى 10 كحد أقصى.” في الوقت نفسه، العشرات من السوريين في لبنان تعرضوا للمضايقة أو الاعتقال، وحتى في بعض الحالات كانوا ضحايا للاختفاء.
هذه الحالة وضعت الأشخاص المهنيين في الجيش اللبناني وأجهزة المخابرات في مأزق. لا أحد في هذه الأيام يحسد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي على منصبه، الذي هو يحاول تحقيق التوازن بين مصالح الكتلة السياسية الموالية لسوريا، والتي أتت به الى السلطة، مع دائرته الإنتخابية السنية، والتي هي غاضبة جداً من تصرفات الأسد الوحشية.
في محاولة لرأب نسيج لبنان السياسي والإجتماعي –المتمزق حتى قبل أن تبدأ الأزمة الداخلية السورية – عمل ميقاتي بجهد مضاعف ليظهر محايداً قدر المستطاع بدون أن يغضب حزب الله أو النظام السوري الذي لا يرحم. قدمت حكومته الدعم للنظام السوري في الجامعة العربية، ولكن لم تحبط بشكل كامل لاجئين الحرية في لبنان.
الخوف الثابت الوحيد هو أن سوريا، التي تلقي باللوم على لبنان ذو الغالبية السنية شمال مدينة طرابلس اللبنانية ذات الغالبية السنية و المناطق الريف المحيط بها لإثارة الكثير من الاضطرابات، قد تصبح أكثر جرأة و توسع نطاق عملياتها لأكثر من غارات في محاولة لوقف تدفق الدعم للمتمردين السوريين.
قام الجيش اللبناني مؤخراً بقطع وصول الصحفيين وغير المقيمين الى منطقة وادي خالد، شمال طرابلس، حيث لجأ حوالي 5000 آلاف سوري. المنطقة أيضاً هي مرتع لدعم المتمردين، وحتى المتعاطفين من المسؤولين اللبنانيين يخشون من أن تصعد سوريا الصراع هناك.
“علينا اتخاذ [هذه الخطوات]،” قال أحد مسؤولي الاستخبارات العسكرية غاضباً في مقابلة له. “حتى لو كنت تتعاطف مع الشعب السوري، والكثير منا كذلك، لا يمكن أن نسمح للبنان السير في نفس الطريق”.
نحن المترجمون السوريون الأحرار نلتزم بالحيادية في كل ما نترجم من مواد..
ولسنا مسؤولين عن الأسلوب الذي استخدمه كاتب المقال الأصلي وتصنيفه للشخصيات الواردة في النص على اساس ديني أو طائفي أو عرقي
ومن الملاحظ عند العديد من الكتاب الغربيين استخدامهم هذه الطريقة عند الحديث عن العرب, وكأن العرب مازالوا قبائل لا يعرفون التفكير إلا بمنظور القبيلة وليس بمقدرتهم التفكير و التحليل و اتخاذ القرار بشكل منفرد. وهذا الأسلوب غير موجود عند ذكر شخصيات أميركية أو غربية فلا يصنفونهم ضمن قالب طائفي أو ديني..
فمثلا جورج بوش كان رئيس أميركا و ليس الرئيس التكساوي المسيحي البروتستانتي . و قد نبه الباحث ادوارد سعيد الى هذا الأسلوب لما يسببه من خلق و تعزيز التفرقة الوطنية التي يرغب الغرب بها..
و واحد واحد واحد الشعب السوري واحد
المصدر