الآمال و المخاوف من البعثة العربية الى سورية

الآمال و المخاوف من البعثة العربية الى سورية

جيم ميور – بي بي سي نيوز

فيما تستعد دمشق لاستقبال طلائع المراقبين العرب، تدور أسئلة عديدة حول احتمالات نجاح مهمة بعثة السلام العربية، ونوايا الحكومة السورية تجاهها.

هل يحمل التصعيد المفاجئ والصارخ للعنف ، خصوصاً في محافظة إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا ، إشارة إلى أن قوات النظام تبذل قصارى جهدها بغية القضاء على جيوب المقاومة في تلك المنطقة الإستراتيجية الهامة في اللحظة الأخيرة قبيل وقفٍ متوقعٍ للعنف؟

إذا صح ذلك فإنه يعني أن الرئيس السوري بشار الأسد وأركان نظامه جادون في تنفيذ خطة السلام العربية، وهو افتراض أدلى به بعض المحللين، وحتى بضعة معارضين للنظام.

يعتقد هؤلاء أن الخطة العربية ستؤدي إلى سقوط النظام كونه سيكون مضطرا إلى وقف القمع المسلح الذي ثبت أنه السبيل الوحيد لبسط سيطرته على العديد من المناطق.

“بشار ليس لديه خيار آخر، انه لا يستطيع أن يفتح البلاد أمام مراقبين، حتى في ظل وجود المبادرة العربية” ، يقول مسؤول عربي رفيع المستوى ممن يمتلكون خبرة طويلة في التعامل مع السوريين.

وأضاف “اذا فعل ذلك فسيرحل، سيكون في ذلك نهايته الحتمية، الأمر بهذه البساطة، وهو سوف يلجأ إلى كل خدعة ممكنة لمنع حدوثه.”

معاندة الصعاب

بموجب خطة السلام العربية، يتحتم على السلطات في سورية سحب جميع القوى المسلحة، و الإفراج عن كافة المعتقلين ، فيما سيُسمح لمئات المراقبين العرب – بالإضافة إلى الصحافة الدولية والعربية– بالتجول في البلاد دونما عوائق.

في بداية الانتفاضة الشعبية أعلنت السلطات غير مرة أن قواتها قد انسحبت من مدن مثل درعا وحماه، ولكنها تعود بعد وقتٍ قصير لكي تدخلها مجدداً بعد فقدانها السيطرة عليها.

لذلك من المتوقع أن تنفلت أجزاء كبيرة من البلاد من قبضة الحكومة إذا ما تم تنفيذ الخطة بالكامل.

المدينتين الكبريين –دمشق نفسها، وحلب في الشمال– فقط بقيتا بمنأى نسبي عن أعمال العنف، ولكن التقارير الواردة من هناك تشير إلى تصاعد الأحداث هناك في الفترة الأخيرة، على الرغم مما يبذله النظام من جهود لمنع تفاقمها.

مع تصاعد الضغوط الدولية و الداخلية بقوة أكبر يوما بعد آخر، يبرز السؤال: هل قرأ النظام في سوريا تلك الإشارات الواضحة فقرر التخلي عن السلطة، أوحتى الانفتاح على عملية نقل للسلطة بأكثر الطرق سلاسة في ظل الوضع الراهن؟

إنه أمرٌ يصعب تخيله.

الزعماء العرب الآخرين الذين حاصرتهم انتفاضات شعوبهم بدوا وكأنهم يعيشون في فقاعة، مقنعين أنفسهم بأن تلك الشعوب تحبهم حقاً، وأنهم يستطيعون النجاة والاستمرار بمجرد مواجهة المتمردين وسحقهم.

على ما يبدو أن القيادة السورية ليست استثناء هنا. ففي كل يوم تقريبا، و لساعات عدة، يعرض التلفزيون الحكومي السوري لمسيرات ضخمة موالية للنظام في دمشق والمدن الأخرى، رافعة شعارات تعبر عن رفض التدخل الخارجي ودعم استقلالية صنع القرار في البلاد.

فسرت تدريبات عسكرية قامت بها سورية مؤخراً على أنها رسالة تحذير للعالم الخارجي

في الواقع –بغض النظر إن كان محكوماً بالسقوط أم لا– فإن السيد الأسد يبدو واقفاً على أرض أكثر صلابة من بعض نظرائه العرب السابقين ممن خسروا النزال.

يبدو ان قلق بعض شرائح المجتمع من احتمال الاستيلاء على السلطة من قبل الأغلبية السنية – التي قد يشوبها أيضا متشددين إسلاميين– يدفعها للتمسك به، بما في ذلك طائفته العلوية، كما العديد من المسيحيين والأقليات الأخرى ، وحتى الطبقة الوسطى السنية من رجال أعمال و تجار مستفيدين من نظامه الحاكم.

لكن في المقابل يبدو أن هذا الدعم يتضاءل مع تراجع الأوضاع المعيشية حيث يعتقد بعض المحللين أن الانهيار الاقتصادي قد يكون عامل الحسم في سقوط النظام، وفي وقت أقرب مما يظنه الكثيرون.

مرة أخرى تنفذ القوات المسلحة للبلاد مناورات بالذخيرة الحية يتم عرضها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الحكومية لنقل رسالة مفادها أن الجيش لا يزال موحدأ وقادراً على التعامل مع أي تهديد داخلي أو خارجي.

لكن على الرغم من الضغوط التي يواجهها الجيش حتماً في التعامل مع الانتفاضة، لم تصل حتى الآن أية إشارة عن انشقاق وحدات عسكرية كاملة، أو عن تحركات داخل القوات المسلحة – حيث يشكل السنة الجزء الأكبر منها رغم تقلد العلويين المناصب القيادية الرئيسية فيها– للقيام بانقلاب، إذ أن ذلك سيكون أمراً صعباً في ظل وجود آليات للسيطرة والتحكم متغلغلة داخل الهيكلية العسكرية.

عدا عن أن ذلك يتطلب السيطرة على مراكز القوة في دمشق، فلسنوات عديدة بقيت الفرقة الرابعة الفائقة الولاء للنظام –والتي يقودها شقيق بشار الأسد الأصغر ماهر المعروف بقسوته– الوحدة العسكرية الوحيدة المسموح لها بالاقتراب أو المرور داخل العاصمة.

أساليب المماطلة؟

كل هذا يشير إلى أن الأسد وعائلته وأصدقاءه الذين يمثلون الدائرة الضيقة الممسكة بزمام السلطة قد يعتقدون بقدرتهم على الاحتفاظ بالسيطرة إذا ما استجابوا لاقتراحات التعاون مع المبادرة العربية لكسب الوقت، مع الاستمرار بالتوازي في محاولة سحق المعارضة وإلقاء اللوم على “إرهابيين مسلحين” في أعمال العنف الحاصلة.

هذا على الأقل ما خشيه نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان بينما كان المراقبون العرب يستعدون للبدء بمهمتهم.

ناشد المرصد السوري لحقوق الإنسان، و هو أعلى مجموعات حقوق الإنسان صوتا في سوريا، جامعة الدول العربية بعدم السماح للبعثة بـ إلقاء طوق النجاة” للنظام عبر السماح له بكسب الوقت.

يؤكد المرصد انه من المستحيل أن تتمكن فرق صغيرة من المراقبين –يتوقع أن تبلغ بضع مئات بحلول منتصف كانون الثاني– من رصد عشرات المناطق المضطربة ومئات السجون ومراكز الاعتقال العشوائية التي أنشأتها أفرع النظام الأمنية السبعة عشر في جميع أنحاء البلاد.

يقول نبيل العربي الأمين العام للجامعة أن البعثة ستكون قادرة على التحرك بحرية داخل سوريا.

نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قال أنه ينبغي في غضون أسبوع أن يتضح فيما إذا كان النظام جاداً في تنفيذ الخطة ام لا.

الأميركيون والأتراك وغيرهم هم أيضا غير مستعدين للوقوف إلى جانب الرئيس الأسد والسماح له بخرق المبادرة العربية خصوصا بعد أحدث جولة من إراقة الدماء.

في نهاية المطاف فإنه من خلال توقيعه على بروتوكول جامعة الدول العربية يوم الاثنين – وهي وثيقة شديدة الصرامة– يعترف النظام ضمنا انه في مأزق رغم سابق تبجحه وتحديه في مواجهة كل العقوبات والضغوطات الواقعة عليه.

من الناحية النظرية، فقد ألزم النظام السوري نفسه بانهاء جميع اعمال العنف والتحرك نحو ما وصفه وزير الخارجية وليد المعلم يوم الاثنين بانه “النموذج السوري الحديث والمتزن للديمقراطية والتعددية”.

من ناحية أخرى يجد النشطاء والمتظاهرون الذين لمسوا الجانب المظلم الذي ضمن للنظام البقاء في السلطة أنه من الصعب تصديق ذلك.

المصدر:

BBC News

Hopes and fears for Arab mission to Syria

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s