صحيفة البيلد: السيد الرئيس, بعد بضعة أيام يحتفل الناس في كل العالم بأعياد الميلاد و كذلك المسيحيون في سوريا, احتفال الحب و السلام. هنا في دمشق نحن في أرض هي مهد الانجيل. لماذا لاتجد هذه المنطقة السلام منذ مئات السنين؟
الرئيس الأسد: كلمة واحد تعبر عن ذلك ببساطة, الاحتلال. منذ قرون نعيش تحت ظروف شديدة الصعوبة. ولكن عندما تنظر إلى النسيج الاجتماعي في المنطقة, ستجد أنه يعيش حالة سلام. بغض النظر عن لبنان في العقود الثلاثة الأخيرة فلا توجد حروب أهلية. انظر إلى سوريا, تركيا, العراق, الأردن, فلسطين و المنطقة ككل, لاتوجد نزاعات داخلية. سبب كل النزاعات الداخلية هو الاحتلال, أولا من قبل البريطانيين ثم الفرنسيين و الآن من قبل الإسرائيليين. هذا أدى إلى وجود إحباط أدى إلى نشوء تطرف. وهذا هو سبب غياب السلام.
صحيفة البيلد: هل تقبل بوجود إسرائيل؟
الرئيس الأسد: حسناً, عندما تتفاوض مع جماعة أو مع حزب فأنت تعترف بحقهم بأن يكون لهم دولة. فعندما تتفاوض من أجل السلام فالأمر يتعلق بسلام بين دولتين موجودتين. ما لايمكن أن يفعله الإنسان هو أن يعترف بالآخر قبل وجود سلام. لايمكن أن تعترف بأي حق قبل أن تحصل على حقك أنت. الإسرائيليون يحتلون بلدنا. نحن مستعدون للسلام و لدينا خطة واضحة تقودنا إليه. ولكننا نحتاج لشريك وهو غير موجود حتى الآن, الشعب الإسرائيلي انتخب حكومة متطرفة لن تعمل من أجل السلام. هل سيغير الشعب الإسرائيلي هذا؟ لانعلم.
هل تعتقد جدياُ أن إسرائيل ستتقاسم عاصمتها القدس مع دولة فلسطينية يوماً ما؟
الرئيس الأسد: بعد كل ما نسمعه اليوم, لا. الإسرائيليون أعلنوا بصراحة أن كل القدس هي عاصمة أبدية لإسرائيل. يتحدث العرب عن أن القدس الشرقية ينبغي أن تكون عاصمة لدولتهم.
رئيس إيران محمود أحمدي نجاد يريد محو إسرائيل من الخريطة, ماذا تقول له؟
الرئيس الأسد: هل فعل أي شيء من هذا النوع؟ لا لم يفعل. نحن نتفاعل فقط مع وقائع ملموسة, وليس مع كلمات. نحن واقعيون جدا
صحيفة البيلد: مع ذلك فإن العالم كله قلق من البرنامج النووي الإيراني. و حتى السعوديون عبروا وفقاً لوثائق ويكيليكس عن قلقهم. ما رأيك في الطموحات النووية الإيرانية؟
الرئيس الأسد: إيران بلد مهم جداً في هذه المنطقة. سواء لو أعجبا ذلك أم لا, فعلينا التعايش مع هذا الواقع. ما نعلمه بعد كل شيء أن إيران لا ترغب بالاتجاه نحو الأسلحة النووية. و الأمر يتعلق الآن بالتحقق مما تفعله إيران. الإيرانيون مستعدون لقبول ذلك وهكذا يجب أن ننظر للمشكلة. نبحث عن الآليات الصائبة عبر سياسة ملائمة.
صحيفة البيلد: أنت رئيس منذ عشر سنين, كيف ترى صورة بلدك في العالم؟
الرئيس الأسد: هل تعني العالم أم الغرب؟ أسأل هذا لأن المشكلة تكمن في الغرب و ليس في العالم. تكمن المشكلة مع الغرب أنهم يعتقدون أنهم يمثلون كل العالم و ينسون باقي العالم. لايمكن للغرب أن يستمر في سياسة النعامة التي يتبعها, ببساطة دفن الرأس بالرمل و التعامي عما يجري في بقية العالم. صورة سوريا في العالم جيدة جداً, نملك علاقات جيدة جداً على الصعيد العالمي ولم تكن لدينا على الإطلاق مشاكل مع أمريكا الجنوبية, أو إفريقيا أو آسيا الشرقية. ولكن علاقاتنا مع الغرب مضطربة. بين الحين و الآخر تتحسن ولكن ليس كثيراً.
صحيفة البيلد: يضع العالم آمالاً كبيرة على الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يقرب الشرق و الغرب. أوباما مد يده بشكل صريح للعالم الإسلامي, مثلا أثناء خطابه في القاهرة. كيف يرى العالم الإسلامي أوباما اليوم؟
الرئيس الأسد: هو يرغب فعلا أن يحقق شيء ما. في خطابه في القاهرة أيقظ آمالاً كثيرة في السلام في المنطقة. و لكن عندما توقظ آمالا من دون أن تحقق نتائج فإن الإنسان يسبب العكس ويؤدي إلى المزيد من الإحباط. كرئيس أظهر أوباما نوايا حقيقية ولكننا ننظر إلى النتائج و ليس إلى النوايا.
صحيفة البيلد: كيف ينبغي على ألمانيا برأيكم و بدورها التاريخي و مسؤوليتها, أن تتعامل مع عملية السلام في هذه المنطقة خصوصاً في المفاوضات بين الفلسطينيين و الإسرائيليين؟
الرئيس الأسد: هناك الكثير من الكلام عن دور أوربي في الشرق الأوسط. الدور الأوربي يقوم به الاتحاد الأوربي. و لكن الاتحاد الأوربي ليس كتلة واحدة, خاصة من الناحية السياسية. فعندما نتحدث عن دور أوربي فنحن نعني الدول المؤثرة. حتى الآن يبذل الرئيس الفرنسي ساركوزي جهوداً في عملية السلام. ألمانيا أيضاً هي كفرنسا, دولة مؤثرة. لكن دور ألمانيا يرتبط قبل كل شيء بإرادة البلد. سياسة بلدك تكتسب وزنها ليس من الاقتصاد الضخم أو القوة العسكرية, بل من إرادة سياسية قوية. حتى الآن لايمكننا أن نلاحظ اهتماماً ألمانياً بعملية السلام و خاصة فيما يتعلق بسوريا. لم نستقبل هنا أي مسؤول ألماني رفيع منذ فترة طويلة. وعندما يغيب الحوار, كيف يمكن أن تلعب أي دور؟ هذا هو انطباعنا
صحيفة البيلد: ماهو انطباعك الشخصي عن المستشارة أنجيلا ميركل؟ كيف ترى دورها في عملية السلام؟
الرئيس الأسد: لا أملك أي انطباع عنها. لانعرف عنها أي شيء, لأن سياستها لاتتضمن أي حوار.
صحيفة البيلد: هل دعوت المستشارة الألمانية إلى سوريا؟
الرئيس الأسد: لن تقوم بدعوة أحد ما لم تشعر بأن هذا الشخص يريد فعل شيء لتطوير العلاقات. وحتى أكون صريحاً, ليس لدي أدنى فكرة عن نظرتها للعلاقات مع سوريا. هل هي مهتمة أم لا؟ الأمر لايتعلق فقط بتوجيه الدعوات و الزيارات و إنما بإرادة الطرفين و اذا ماكانت هذه العلاقة مرغوبة؟ ليس لدي أي انطباع لعدم وجود حوار بيننا, و حكومتها تقصر سياستها على بعض النواحي الاقتصادية. ولكن لاشيء فيما يتعلق بالسياسة. هذا هو الوضع.
المصدر