كلاريسا وورد Clarissa Ward
سي بي اس
5 كانون الأول 2011
دخلت إلى سوريا كسائحة، وخلال اليومين الأولين، كنت تماماً كما دخلت. بينما كنت في طريقي إلى دمشق متخذة الطريق الواصل إلى الحدود مع لبنان، كان السائق الذي يرافقني- والذي لا يعلم الهدف الحقيقي من رحلتي هذه- يؤكد لي بأن الأمور على ما يرام في العاصمة.
“انظري هنا، الحياة طبيعية، هل ترين أي جيش؟ لا يوجد أي مشاكل هنا”، أخبرني بذلك بينما كنا نقود سيارتنا. ظاهرياً، على الطريق، بدا لي أن ما قاله حقيقة، فالمحلات كانت مفتوحة، وحركة المرور طبيعية في الشوارع.
ولكن بينما كنت أسير في الأحياء المرصوفة بالحجارة في المدينة القديمة، كنت مذهولة بحقيقة أني كنت الأجنبية الوحيدة هناك بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
فسوق الحميدية بما يحتويه من متاجر للتوابل والجواهر المتلألئة المنسقة بشكل لا يصدق، كان مزدحماً بشكل طبيعي مع وجود سياح من كافة أنحاء العالم، حيث كانوا يبدون إعجابهم بالأواني الجميلة، ويحاولون استخدام مهاراتهم التفاوضية المكتشفة حديثاً.
ولكن الآن، وجودي كان غريباً بشكل كاف ما دفع أحد الباعة للاقتراب مني وهو يحمل زوجاً من الأقراط. “يجب أن تأخذي هذه”، قال لي. “ولكني لا أستطيع أخذهما، يتوجب علي دفع ثمنهما”، تحججت. “لا، لا… إنها هدية شكر لك لأنك أتيت إلينا”.
في أحد المتاجر الفندقية الجميلة، دعاني المدراء الذي يتحدثون الإنكليزية بطلاقة لشرب الشاي، حيث استمعت إليهم بينما كانوا يتحسرون على قلة عدد الزائرين، أي إشارة مباشرة إلى الوضع السياسي كانت تبقى في حدها الأدنى (فلا فائدة مرجوة في الحديث بصراحة إلى أجنبي)، ولكن من الواضح للعديد بأن الحياة قد تسمرت مكانها. أخبرني أحد المدراء “نعلم بأنه لا يمكننا فعل شيء سوى الانتظار”.
كانت المطاعم ما تزال ممتلئة بالدمشقيين الأثرياء الذي يدخنون “الشيشة” ويطلقون ضحكاتهم غير مبالين لهذا العالم، إنها نعمة الإنكار الوهمية. لكن ما إن اختفت الأنوار بفعل انقطاع الكهرباء أثناء العشاء، حتى سارع العاملون في المطعم إلى إشعال الأضواء التي تعمل على البطارية والتي كانت مجهزة لهذه الحالات. كان من الواضح أنها ليست المرة الأولى التي تُقطع فيها الأنوار، وهي إشارة صغيرة إلى أن العقوبات الدولية الصارمة بدأت تتخلل كل جوانب الحياة في العاصمة السورية.
خلال اليومين الأولين، كان الهدف الأساسي بالنسبة لي التأكد من أن ما من أحد يلاحقني، قضيت ساعات وأنا أتجول في الأزقة الخلفية الضيقة للمدينة القديمة، كنت أنظر نظرة عابرة خلف كتفي باستمرار لأرى ما إذا كان يتبعني أحد.
في المقاهي، كنت أختلس النظر من خلف الدليل السياحي الذي كان بخوذتي لألاحظ الزبائن، هل هناك من يحدق بي؟ هل سبق لي وشاهدت أحدهم في أماكن أخرى ترددت إليها سابقاً؟
ما إن شعرت بالطمأنينة بأنني غير مراقبة، حتى اتصلت بأحد مصادر المعارضة، وأخبرته بأنه يمكننا أن نلتقي، أخذت حجابي الجديد، أو غطاء الرأس، وقمت بارتدائه حسب الطريقة التي تعلمتها على اليوتيوب، لكي تخفي شعري الأشقر بشكل كامل.
كنت على أتم الاستعداد لرؤية الوجه الآخر لسوريا.
المصدر
Sneaking into Syria
World Watch
CBS News