جيم موير Jim Muir – أخبار البي بي سي – بيروت
7 كانون الأول 2011
الرئيس الأسد حكم سوريا منذ وفاة والده في العام 2000- (رويترز)
في أول مقابلة له مع وسائل الإعلام الأمريكية منذ اندلاع الانتفاضة في شهر آذار، كان من الواضح أن الرئيس السوري بشار الأسد يسعى إلى إقناع واشنطن بأن ردة فعل نظامه تجاه التحدي الذي يواجهه كان طبيعياً، وأنه سيتخطى كل الضغوط الحالية التي تُمارس ضده.
بيّن بأن هجمات الجماعات المسلحة كانت أهم ما يميز الأحداث منذ البداية، والتي ازدادت سوءاً فأودت بحياة أكثر من 1100 عنصر من قوات الأمن، والعديد من المدنيين أيضاً، الأمر الذي قال عنه إن الولايات المتحدة أو أي بلد آخر ما كانت لتتساهل معه.
هناك الكثير تم استشفافه، فحينما أشارت المذيعة باربارا والتر Barbara Walter إلى “قواته المسلحة”، قاطعها الرئيس ليقول بأنها “ليست قواته” وإنما هي قوات الدولة.
ولحساسية الاستنتاجات التي تم استخراجها من هذا الحديث، سارعت وزارة الخارجية السورية إلى عقد مؤتمر صحفي للتأكيد على أن ملاحظة الأسد تم تحريفها خارج سياق النص، وأنه لم يكن يحاول أن يتنصل من المسؤولية، وإنما كان يوضح فقط بأن القوات المسلحة هي مؤسسة حكومية، وليست ملكية خاصة له.
لقد أقر الرئيس بوجود “أخطاء” اُرتكبت على الأرض، ولكنه قال بأنها أخطاء تم ارتكابها بشكل فردي، وليست نتيجة لسياسات الدولة أو أية أوامر من الجهات العليا.
منصب جديد؟
هدفت المقابلة إلى تقديم دفاع مفصل عن تصرفات النظام ومكانته، في الوقت الذي تتراكم فيه الضغوط والعقوبات.
طرح العديد من الإشكاليات التي صرح بها من قبل، إلا أن هناك بعض النقاط الجديدة. أحدها حين اعترف بأن غالبية السوريين لم يكونوا مع النظام أو ضده، وإنما كانوا في الوسط، وأنه كان يأمل الفوز بتأييدها له من خلال ما أطلقه من برامج إصلاحية. فلا إمكانية لوجود قيادة تحكم سوريا إذا كانت غالبية الشعب ضدها. نقطة أخرى أثارها الأسد وهي اعترافه بأن هناك اضطرابات وحالة عدم استقرار في أكثر المناطق في البلاد، وأن هناك انشقاقات في صفوف الجنود وضباط الجيش. لكنه قال إن الوضع العام في البلاد مستقر، ووصف حالات الانشقاق في الجيش بأنها شيء عادي يحدث في أي جيش وفي أية وقت، وعزا ارتفاع نسبة التمرد الحاصل إلى “الظروف الراهنة”.
الصمود في وجه العاصفة
على الرغم من هذه الاعترافات، إلا أن الأسد أكد بأن البلاد ليست على حافة الانزلاق في حرب أهلية، التي تتطلب، وفق ما فسره، انقسامات في الجيش وحالات فرار فردية.
كان متفائلاً حيال تأثير العقوبات التي أعلنتها مؤخراً كلاً من الجامعة العربية وتركيا، حيث قال إنه سيكون لها “الأثر الفاعل” في تحفيز الإنتاج المحلي والموارد، على الرغم من اعترافه بأنها قد تسبب بعض الأذى.
بشكل عام، أعطى الأسد انطباعاً عن شخص يعتقد أنه سيصمد في وجه العاصفة التي لا شك أنها بدأت تلوح في الأفق، فسوريا بانتظار أن تسمع رد الجامعة العربية على قبولها المشروط للبروتوكول الخاص بنشر مراقبين دوليين، كجزء من خطة السلام العربية الواسعة.
يعقد أعضاء الجامعة العربية مشاورات حول الاقتراحات السورية القاضية بإضافة بعض التغييرات والتوضيحات على شكل ملاحق مكملة للاتفاقية، وحول مطالبتها بأن يكون للحكومة السورية دوراً في تحركات بعثة المراقبين وتشكيلها.
الانزلاق نحو الصراع
إن الآمال الدولية لإيجاد حل سلمي معلقة على مبادرة الجامعة العربية، والتي تطالب بوقف كامل للعنف وسحب القوات المسلحة من الشوارع.
في المقابل، يشكك قادة المعارضة بقبول النظام السوري بالخطة من حيث المبدأ، ويوجهون اتهاماتهم إلى دمشق باللعب على عامل الوقت ومحاولة الظهور بشكل لائق.
كما يعتقد ناشطون أنه في حال تم تطبيق الاقتراحات، فإن مناطق كبيرة من البلاد ستغدو خارج سيطرة الحكومة. في غضون ذلك، تستمر آلة العنف في العديد من المناطق، مع تشديد وطأتها على مدينة حمص، ثالث أكبر المدن السورية.
فمع الحوادث التي تقع يومياً، تتحدث بعض التقارير الواردة عن عمليات انتقام طائفية، وعن هجمات على قوات النظام التي تقوم بها قوات منشقة عن الجيش، أو متمردون مسلحون، الأمر الذي جعل من هذا الوضع يثير تحذيرات بأن البلاد في طريقها إلى الانزلاق إلى حرب أهلية.
وبالنظر إلى ما حدث في العراق في العامين 2006 و2007، هناك جدل كبير حول ما تعنيه الحرب الأهلية بالضبط، في ظل غياب تعريف دولي ومقبول لماهية الحرب الأهلية.
ولكن إن لم يكن هناك حرب أهلية صريحة، فمن المؤكد أن هناك مؤشرات خطيرة بدأت تترسخ حول إمكانية اندلاع حرب أهلية في بعض مناطق سوريا، وسط إثارة المشاعر الطائفية والمخاوف من ارتفاعها.
المصدر
Between the lines: Assad interview
BBC