حالة طوارئ في سوريا
الأسد على حافة الإفلاس
بدأت العقوبات المركزة والمفروضة من قبل الاتحاد الأوربي، الولايات المتحدة والجامعة العربية تؤتي أُكلها. الرئيس السوري لم يعد قادراً على دفع فواتيره.
بدأت الليرة السورية بفقدان قيمتها، وقد تم تجميد المشاريع الإستثمارية الأجنبية، والمال المتبقي لايكاد يكفي. بعد ثمانية أشهر من الاضطرابات في سوريا يبدو أن الاقتصاد السوري قد بدأ يتأثر. العقوبات التي تستهدف ضرب الاقتصاد يتم تسريعها عبر إجراءات مشددة من قبل تركيا، والاتحاد الاوربي، والولايات المتحدة. بنفس الوقت مُنع بشار الأسد ووزيرا الاقتصاد والمالية من السفر إلى دول الاتحاد الأوربي. بالنسبة للأسد فإنه يجد صعوبة في الحفاظ على شبكته المعتمدة على الواسطة، والاقتصاد الذي تديره العائلة.
ومع هذا فإن الأسد لم يرتدع، ومازال جيشه يهاجم المعارضين بلا رحمة. الأمم المتحدة رفعت تقديراتها لأعداد الضحايا في سوريا حتى 4000 ضحية. رئيسة مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نافي بيلاي Navi Pillay حذرت من خطر حرب أهلية وطالبت بتدخل المحكمة الجنائية الدولية.
هذا هو الثمن الذي ينبغي علينا دفعه
البعض يتهم المتظاهرين بأنهم يتسببون بالمشاكل الاقتصادية للبلد, يقول سمير سعيفان Samir Seifan وهو محلل اقتصادي سوري مرموق في دبي, يقول المتظاهرون في الرد على ذلك, هذا هو الثمن الذي ينبغي أن ندفعه. إنهم يثابرون بتصميم و يأملون أنو يروا ضوء في نهاية النفق.
تستهدف عقوبات الجامعة العربية بالتحديد سوريا بطريقة مؤلمة. تقريباً نصف الصادرات السورية (ماعدا النفط) تُصدّر إلى الدول العربية المجاورة. السياحة انهارت، وقد أثر حظر استيراد النفط السوري في الاتحاد الأوروبي، والذي بدأ من شهر أيلول، قد أثر أيضاً بشكل كبير. قبل ذلك كان أكثر من تسعين بالمئة من النفط السوري يتدفق إلى دول أوربية. وبناءً عليه يقول صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السوري سينكمش بنسبة اثنين في المئة هذا العام.
لم تعد الأمور على مايرام في سوريا وذلك منذ بداية تطبيق أولى العقوبات، يقول سمير سعيفان Samir Seifan. لم تعد هناك وظائف جديدة، ونسبة البطالة تتصاعد، والحكومة أصبحت بوضع بالكاد يسمح لها بتغطية نفقاتها. عندما تعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والعسكريين فإن الخناق سيضيق تماماً على الأسد. ومع ذلك فلا أحد يعرف متى ستأتي هذه اللحظة. وفوق كل هذا، مازالت فعالية تلك العقوبات موضع جدل.
فإذا ماكانت حالة الطوارئ المتصاعدة في البلد ستدفع نظام الأسد لإعادة التفكير أو ستؤدي إلى تحول سياسي، هو أمر غير مؤكد منذ مدة طويلة. شددت جامعة الدول العربية على استبعاد المواد الغذائية والأدوية من العقوبات. العقوبات ينبغي أن لا تؤثر على الشعب، ولكن هذا الأمر لا يمكن تجنبه.
الأسد لن يجوع أو يتجمد من البرد
لا أعتقد أن بشار الأسد سيجوع أوسيتجمد من البرد. في النهاية الشعب وحده سيعاني من العقوبات، يقول طارق وهو ناشط شاب ومحام في دمشق. أصبح النقص والعوزمع مرور الوقت أكثر وضوحاً في حياة الناس. الجميع خائفون مما سيأتي. البارحة كنت أشتري من السوق، يمكن للمرء رؤية الخوف في عيون الناس، يضيف الحقوقي. الجميع يسألون أنفسهم: ماذا سيحصل معنا؟ الكثيرون بدؤوا بتجميع المؤن.
تُقطع الكهرباء في المدن بشكل دائم ولساعات عدة. الغاز وزيت التدفئة على وشك النفاذ، لكن هذا لا علاقة له بالعقوبات وإنما بسبب أن النظام يستهلك تقريباً كل الوقود من أجل الدبابات. بطبيعة الحال، فإن كل هذه العوامل مجتمعة تساهم في التدهور الاقتصادي العام.
منع استخدام الآي فون
لا يستطيع الناس تدفئة بيوتهم، فيما تنخفض درجات الحرارة إلى درجة التجمد. وبنفس الوقت فإن دعم النظام بدأ بالتآكل، حتى أنه بات يخشى من الآي فون الذي تم منع استخدامه. كما أفاد موقع الأخبار اللبناني “النشرة”، أن الهدف من هذا القرار هو منع الناشطين من تحميل مقاطع الفيديو،التي توثق عنف قوات النظام ضد المتظاهرين، على الانترنيت.
يفتقر النظام بشكل متصاعد إلى الوسائل التي تمكنه من الحفاظ على شبكة المحسوبيات التي يعتمد عليها. إلى الآن تدعم طبقة كبار التجار وجزء من تجار المدينة النظام لأنهم يستفيدون منه. النظام سيفقد المبرر لبقائه عندما لن يتمكن من الحفاظ على سوية الحياة الكريمة للناس، يقول سمير سعفان Samir Seifan: الاقتصاد لوحده لايمكنه أن يؤدي لسقوط النظام، ومع ذلك فهو وسيلة لتحقيق هذا الهدف.
بالنسبة للنظام هناك بعض الثغرات.
على الرغم من كل هذا يبقى لدى النظام ثغرات لينفذ منها: فالعراق ولبنان لن يلتزما بقرارات جامعة الدول العربية. يبلغ حجم التجارة الخارجية مع هذين البلدين فقط عشرون بالمئة. وفوق هذا كله لاتوجد عقوبات رسمية بعد من قبل الأمم المتحدة على سوريا.
حلفاء سوريا الأقوياء، روسيا و الصين، أعاقوا كل الجهود في مجلس الأمن. الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا تضغطان الآن باتجاه قرار حاسم من مجلس الأمن. في هذا الأسبوع تم تسليط الضوء على المزيد من الأعمال الوحشية في سوريا: لجنة تحقيق تابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي تتهم النظام، في تقرير صدر مؤخراً، بجرائم خطيرة ضد الإنسانية. الحديث يدور عن جرائم إبادة جماعية، واعتقالات تعسفية، وتعذيب جنسي حتى ضد الأطفال.
المصدر:
WELT ONLINE