خـلاف أمريكي – أوروبي على الإستراتيجية المتبعة حول سوريا في مجلس حقوق الإنسان

خـلاف أمريكي – أوروبي على الإستراتيجية المتبعة

حول سوريا في مجلس حقوق الإنسان

كولم لينش – فورين بوليسي

الخميس 1 ديسمبر 2011

قالت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة , سوزان رايس , يوم الاثنين للمراسلين في نيويورك أن تقرير الأمم المتحدة الذي يوضح الفظاعات التي ترتكبها قوات الأمن السورية يؤكد الحاجة لأن يقوم مجلس الأمن باتخاذ إجراءٍ يهدف إلى وضع حد لحملة القمع التي أودت بحياة أكثر من 4000 شخص , معظمهم من المحتجين السلميين.

لكن على مدى الأيام اللاحقة, أخذ دبلوماسيون أميركيون في جنيف بالعمل خلف الكواليس لاستبعاد اقتراح تقدم به الاتحاد الأوروبي يقضي بأن يقوم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برفع توصياته إلى مجلس الأمن للنظر في تقرير الأمم المتحدة حول الانتهاكات في سوريا و ليقوم “باتخاذ الإجراءات المناسبة” لوقفها, جاء هذا هذا وفقا لدبلوماسيين غربيين رفيعي المستوى و مدافعين عن حقوق الإنسان.

وكان دبلوماسيون غربيون قد صرحوا أن مسؤولين أميركيين قاموا بإبلاغهم هذا الأسبوع أنهم يعارضون إحالة هذا الموضوع إلى مجلس الأمن من قبل مجلس حقوق الإنسان لأن ذلك قد يمثل سابقة يمكن استخدامها مستقبلاً ضد إسرائيل.

 ففي تشرين الأول من عام 2009، طلب مجلس حقوق الإنسان من مجلس الأمن النظر في تقرير غولدستون , الذي انتقد بشدة تصرفات إسرائيل خلال الهجوم الذي قامت به على قطاع غزة بين العام 2008-2009 والتي أطلقت عليها اسم عملية (الرصاص المصبوب).

وقد تم تبني القرار وسط معارضة الولايات المتحدة له , إلا أن أعضاء مجلس الأمن لم يظهروا حماسا كبيراً للتصرف حيال الملف.

ويأمل دبلوماسيون أوروبيون هذا الأسبوع أن يتمكنوا من استخدام مجلس حقوق الإنسان كأداة سياسية لزيادة الضغط على الرئيس بشار الأسد عبر التلويح بما يعتقدون أنه الشيء الوحيد الذي يخشاه ألا وهو دور أقوى لمجلس الأمن في معالجة الأزمة, حيث قال أحد الدبلوماسيين الغربيين، والذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه “سيكون مخيباً للآمال, ولكن غير مستغرب أن تتسبب سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل بانحراف سياستها نحو اتخاذ أقسى الإجراءات الممكنة ضد سوريا”.

إلا أن مسؤولين أميركيين اعترضوا على تلك الرواية، حيث قالوا أنهم على الرغم من أنهم لا يعتقدون أنه من المناسب أن يقوم مجلس حقوق الإنسان بإملاء ما يتوجب على مجلس الأمن فعله , فإن واشنطن تؤيد اتخاذ ما يمكن من قرارات أكثر صرامة ضد سوريا.

كما أكدوا أن الولايات المتحدة الأمريكية قادت جهوداً دولية في الأمم المتحدة للتأكيد على محاسبة المسؤولين السوريين على جرائمهم في آخر المطاف.

واستشهدوا بدعم الولايات المتحدة في شهر آب لبيان مجلس الأمن الذي طالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم على أفعالهم , و بالتحرك با تجاه حشد التأييد للحيلولة دون انتخاب سوريا لشغل مقعد في مجلس حقوق الإنسان, وبعقد ثلاث جلسات خاصة لإدانة الجرائم في سوريا والتحقيق فيها.

من ناحيته، صرح مارك كورنبلاو Mark Kornblau، المتحدث باسم بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، لصحيفة تورتل باي Turtle Bay “أن الولايات المتحدة كانت على مدى شهور عدة في مقدمة الدول الضاغطة على مجلس الأمن لاتخاذ قرار ضد النظام السوري, و للقيام بتحركات وإصدار بيانات تنديد عبر منظمات الأمم المتحدة الأخرى كمجلس حقوق الإنسان، ولكن ببساطة إن مجلس حقوق الإنسان لايستطيع أن يحيل المسائل إلى مجلس الأمن لأنه هيئة فرعية تتبع الجمعية العامة، ومجلس الأمن يحدد بدوره أي من قضايا السلام العالمي والأمن سيقوم بالبحث فيها”.

جاء هذا النقاش بعد نشر تقرير الإدانة الصادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة يوم الاثنين حول سلوك سوريا، في الوقت الذي يتحضر فيه مجلس حقوق الإنسان للتصويت على قرار يدين تصرفات سوريا.

وكانت مسودة سرية حصلت عليها صحيفة تورتل باي Turtle Bay قد تضمنت “إدانة قوية للانتهاكات المستمرة والمنتشرة والمنهجية والجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية من قبل السلطات السورية”.

كما اتهم مشروع القرار في مسودته المذكورة السلطات السورية بـ “تنفيذ الإعدامات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة و قتل وتعذيب المحتجين والمدافعين عن حقوق الإنسان و الصحفيين”.

و طالبت مسودة القرار السلطات السورية بالوقف الفوري لحملتها الأمنية وإجراء تحقيق مع منتهكي حقوق الإنسان من رجال الأمن و الجيش، والسماح لمراقبي حقوق الإنسان التابعين للأم المتحدة بالدخول إلى سوريا, كما حثت جامعة الدول العربية و أعضاء آخرين في الأمم المتحدة على دعم الجهود الدولية المبذولة لحماية السكان في سوريا.

وكانت مسودة قرار سابقة فقد تضمنت إشارة محكمة الجنايات الدولية، عبر تكرار الفقرة الخاصة بذلك والتي تتحدث عن “ضرورة المحاسبة وإنهاء الحصانة وتقديم الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة , بما في ذلك تلك التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية (الأمر الذي قد يستدعي تدخل محكمة الجنايات الدولية).

وحيث أن الدعوة إلى المحاسبة بقيت في المسودة النهائية لمشروع القرار, إلا أن الإشارة إلى محكمة الجنايات الدولية قد تم حذفها بناء على إصرار الولايات المتحدة, التي لا تمتلك عضوية هذه المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها.

ولم يؤكد المتحدث الأمريكي مارك كورنبلاو Mark Kornblau ما قامت به الولايات المتحدة من تقييد للغة المستخدمة, ولكنه صرح “نحن سنتمر بالضغط من أجل المحاسبة, لكن مرة أخرى هذا لا يدخل في نطاق اختصاص مجلس حقوق الإنسان , بل هو مسؤولية مجلس الأمن”.

وكان مدافعون عن حقوق الإنسان قد وجهوا انتقادات للأسلوب الذي تنتهجه الولايات المتحدة في المفاوضات الجارية , حيث قالت بيكي هيكز Peggy Hicks ، المكلفة من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة المفاوضات أنه “يجب على الولايات المتحدة أن تقود المساعي لزيادة حدة اللهجة المستخدمة لا أن تقيدها”

من جانبه صرح خوزيه لويس دياز Jose Luis Diaz ، ممثل منظمة العفو الدولية “نعتقد أنه بات من المهم أن تتضمن مسودة القرار الحالية توصية للجمعية العامة ومجلس الأمن للنظر في تقرير لجنة التحقيق الذي أفضى إلى وجود جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت في سوريا , فالأعضاء في مجلس حقوق الإنسان الذين يؤمنون بالعدالة الدولية عليهم أن يدافعوا عن إيمانهم هذا “.

 المصدر:

U.S. and Europeans clash over Syria strategy at Human Rights Council

 Foreign Policy

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s