تحدثت فدوى سليمان –الفتاة العلوية التي غدت إحدى أيقونات الانتفاضة ضد بشار الأسد– من مخبئها إلى الجزيرة.
24 تشرين الثاني 2011
بسام الأتاسي
تبرأت عائلة سليمان منها بعدما شاهدت لقطات تلفزيونية لها وهي تقود مظاهرات معادية للحكومة في حمص.
لقد تمردت على السلطات السورية، على مجتمعها، وعلى عائلتها.
صَعَقت فدوى سليمان –وهي ممثلة سورية علوية النشأة (أي أنها تنتمي إلى نفس طائفة الرئيس السوري بشار الأسد)– الكثير من السوريين عندما وقفت على منصة مرتفعة أمام المئات من المتظاهرين المعارضين للحكومة في إحدى أكثر الأحياء السنية محافظةً وهتفت ضد حكم الأسد.
بعيد هذه المظاهرة في مدينة حمص التي تقع وسط سوريا خرج شقيقها على التلفزيون الحكومي السوري ليقول بأنه هو وعائلته يتبرأون منها، وذكر بأن الحصول على المال كان على الأرجح الدافع وراء عملها هذا، كما عبر عن صدمته لمشاهدتها على تلفزيون الجزيرة الناطق باللغة العربية وهي تصرخ بشعارات معادية للنظام خلال إحدى المظاهرات.
على الرغم من إدراكها بأن مصيرها هو إما الموت أو السجن، فإن سليمان مازالت مصرة على المشاركة في المظاهرات من أجل تبديد الفكرة القائلة بأن جميع العلويين -والذين يشكلون حوالي 10 بالمائة من السكان– هم مؤيدون لحكومة الأسد.
تقول سليمان بأنها تريد أيضاً نقض رواية الحكومة القائلة بأن الذين يشاركون في المظاهرات هم إسلاميون أو إرهابيون مسلحون.
سليمان متوارية عن الأنظار في الوقت الحالي وهي تغير مكان اختبائها باستمرار، لأنها كما تقول مطاردة من قبل السلطات السورية.
ولدت سليمان في حلب ثم انتقلت إلى العاصمة دمشق لكي تعمل في مجال التمثيل حيث شاركت في العديد من المسرحيات، نذكر منها “بدون تعليق”، “بيت الدمى”، “صوت ماريا”، و”ميديا”، بالإضافة إلى العديد من المسلسلات التلفزيونية كـ “يوميات أبو عنتر”، و”نساء صغيرات”.
تقول سليمان -المتوارية عن الأنظار حالياً- بأن قوات الجيش قد اقتحمت حياً بأكمله في حمص بحثاً عنها.
منذ بداية الانتفاضة في 15 آذار كانت سليمان من بين عدد قليل من الممثلات الذين تحدثوا بصوتٍ عالٍ ضد حكومة الأسد.
تحدثت سلميان إلى الجزيرة حول قرارها قيادة مظاهرة في حمص، وموقف الطائفة العلوية من الاضطرابات وإمكانية انجرار البلاد إلى حرب أهلية.
س: ما الذي دفعك إلى الذهاب إلى حمص وقيادة مظاهرة معادية للحكومة؟
ج: حمص مدينة تحت الحصار، أعداد الشهداء مرتفعة، والدبابات تفصل الأحياء عن بعضها البعض، كما دأب النظام السوري على خلق حالة من التوتر الطائفي بين سكانها، كل هذه الأسباب دفعتني إلى الذهاب إلى حمص تحت وقع أصوات الرصاص وانتشار الدبابات مخاطرة بكل شيء في حياتي.
أردت فقط أن أذهب وأقول نحن السوريون شعب واحد، أردت أن أنقض رواية النظام وأُظهر للناس بأنه لا توجد طائفية في سوريا، أردت أن أكشف كذبته القائلة بأن هؤلاء المحتجين هم جماعات مسلحة أو عملاء أجانب أو إسلاميون متطرفون.
س: كيف تغيرت حياتك بعد أن بثت قناة الجزيرة العربية تلك المظاهرة؟ نحن نعلم بأن عائلتك قد تبرأت منك على شاشة التلفزيون.
ج: لقد جئت إلى حمص وأنا مدركة بأن مصيري هو الموت أو السجن، حياتي الآن مهددة بالخطر، لقد اقتحمت قوات الجيش حياً بأكمله في حمص بحثاً عني كما قاموا بضرب العديد من الناس من أجل الاعتراف بمكان وجودي.
لا أستطيع إعطاء تفاصيل حول وضعي الحالي أو حول قرار عائلتي لأسباب أمنية، ولكن ما أستطيع قوله هو أن العائلات التي تنتمي إلى الأقليات تمارس الكثير من الضغوط على أبنائها الذين ينتقلون إلى صفوف المعارضة، و بسبب ذلك تحدث الكثير من الانشقاقات العائلية.
تعتقد سليمان بأن قمع الحكومة يزداد عندما ينتمي المعارضون إلى أقلية.
س: كم من أبناء الطائفة العلوية في سوريا يشاركونك موقفك المعارض للحكومة السورية؟
ج: هناك العديد من أبناء الأقليات بشكلٍ عام ممن يقفون ضد النظام، هكذا كان الحال حتى قبل بدء الانتفاضة، أنظر إلى الشخصيات المعارضة البارزة ذات الصوت المرتفع، إنهم ينتمون إلى جميع الطوائف والأديان، داخل العاصمة دمشق كنا جميعاً ننظم بعض الاحتجاجات ونشارك في أخرى.
ولكن في المدن الأخرى كالسويداء [في جنوب البلاد] أو طرطوس [في غرب سوريا] حيث أغلبية السكان تنتمي إلى الأقليات فإن الوضع سيء جداً، الناس ليس بمقدورهم التعبير عن معارضتهم لأن الحكومة أكثر وحشية في قمعها للمعارضين من أبناء الأقليات من نظرائهم من الأغلبية المسلمة السنية، فهم يهددونهم ويهددون عائلاتهم وأطفالهم حتى قبل أن يقرروا التظاهر.
س: يبدو بأن الكثير من العلويين خائفون على سلامتهم في ظل حالة الاضطراب، وعلى موقعهم في حال سقوط حكومة الأسد، كما ترد الأنباء من وسائل الإعلام التابعة للدولة وأحياناً من شخصيات معارضة حول عمليات القتل والاختطاف للساكنين في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص من قبل مجموعات مسلحة، ألا يجب أن يتخوفوا من النتائج المحتملة للانتفاضة؟
ج: أنظر، هذا السؤال في غاية الأهمية، سأجيب عليه بصراحة لأنني لا أكترث بأي شيء آخر بعد الآن، ما حدث في حمص أن النظام شكل مجموعة مكونة من 200 عنصر من قوات الأمن ونشرها في الأحياء التي تسكن فيها الأقليات، يقومون بقتل الناس ورمي أجسادهم في الأحياء الأخرى لخلق حالة هيجان طائفي، لدينا أدلة تثبت ذلك كما أصدرنا العديد من البيانات لتحذير الناس من هؤلاء المجرمين الذين يعيشون بينهم.
لقد مارس النظام الخداع مع الأقليات لعقود طويلة، والد الأسد [الرئيس السوري السابق حافظ الأسد] أعطى الانطباع بأنه حامي الأقليات، في الثمانينيات اقتحمت قواته مدينة حماه بذريعة وجود مقاتلين تابعين للإخوان المسلمين هناك، لقد دمر البيوت وقتل الناس وجعل الأقليات تعتقد بأنه لولا وجوده على سدة الحكم في سوريا لأسس الإخوان المسلمون دولة إسلامية.
س: الرئيس الأسد –في مقابلة حديثة– قال بأن الاضطرابات في سوريا هي صراع بين القومية العربية والإسلام السياسي، ألستِ خائفة من وصول الإسلاميين إلى السلطة في سوريا؟
ج: إذا اختار الشعب السوري بشكل ديمقراطي أن يُحكموا من قبل الإسلاميين فهذا خيارهم، أنا لست خائفة من أن يحكم الإسلاميون البلاد لأنك إذا مشيت في شوارع سوريا ستجد أن الإسلام هنا لم يكن في يومٍ من الأيام متشدداً أو متطرفاً، بكل بساطة فإن الإعلام الحكومي يحاول تشويه صورة المسلمين في سوريا.
س: لقد تم إصدار العديد من البيانات في الآونة الأخيرة حول إمكانية نشوب حرب أهلية في سوريا، هل تتفقين معها؟ في رأيك إلى أين تتجه بسوريا؟
ج: الحرب الأهلية ليست بعيدة الاحتمال، فالنظام لن يوفر أية وسيلة لتبرير بقائه وتبرير اضطهاده وقتله للشعب السوري.
ولكن من ناحية أخرى إذا نزلت إلى الشارع في سوريا ستلمس نضوج الناس هنا، فهم يدركون بأن مشكلتهم ليست مع الطوائف الأخرى وإنما مع النظام ومع أي شخص قد تلطخت يداه بدماء الشعب السوري، عليك أن تدرك بأن المتورطين مع جهاز المخابرات السوري ينتمون إلى جميع الطوائف.
على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات جدية ضد النظام كي نتجنب حرباً أهلية في سوريا، حتى الآن لم نر أي من أقوالهم تترجم على أرض الواقع، لقد شاهدت للتو رجلاً يبلغ 25 عاماً من العمر يُقتل بالرصاص في أحد الاحتجاجات، يستمر النظام بالقتل لأنه لا يلمس جدّيةً من قبل المجتمع الدولي.
أنا لا أرغب بحدوث تدخل عسكري في سوريا ولكنني أرغب بأن يتم اتخاذ قرارات جدّية ذات دوافع إنسانية عوضاً عن المصالح القومية.
المصدر:
http://www.aljazeera.com/indepth/features/2011/11/20111123142157924333.html#.Ts6pHLJK1AE.facebook
الايقونة ليست للمختبئين الايقونة للاحرار الذين يملؤون الساحات ليست للذين يشرون بل الرخيص