تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أغضب الأسد, إلا أن موقف أنقرة المتشدد قد يكون الحاسم.
سيمون تيسدال Simon Tisdall
16تشرين الثاني 2011
إن قرار الجامعة العربية غير المتوقع في اتخاذ إجراءات صارمة ضد سوريا ونبذ الرئيس الأسد ودعوة زعماء المعارضة إلى القاهرة لإجراء محادثات معهم أثارت غضب النظام السوري الذي يدٌعي بوجود مؤامرة تقودها الولايات المتحدة لفرض تغيير النظام بالقوة.
ولكن العداء الذي أبدته تركيا, الجار القوي والذي يملك علاقات متينة مع دمشق, يتمثل بأن أنقرة ستلعب دوراً قيادياً في فرض عقوبات على النظام السوري.
إلى وقت الانتفاضة التي مزقت الروابط القديمة, عمد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى تحسين تلك الروابط من قبل, حيث كان في نية تركيا الدخول في حرب مع سوريا عام1990 . لقد كانت نقطة التحول عام 2004 بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين, هذا الترابط يعطي تركيا نفوذاً اقتصادياً قوياً. وقد فرضت أنقرة عقوبات من جانب واحد، كما تعمل على اتخاذ تدابير إضافية بما في ذلك خفض في إمدادات الكهرباء. أردوغان عاد لانتقاد النظام السوري من جديد, وهذه المرة يمس شخص الرئيس بشار الأسد الذي وصفه بأنه: ”يتغذى على الدماء”، بعد فشله بتطبيق المبادرة العربية حيث قال:”لا يستطيع أي نظام البقاء على الحياة من خلال القتل والاعتقال, لا يستطيع أحد بناء المستقبل على حساب دماء المعارضين”.
ليس من الصعب تمييز الدوافع التركية, الفوضى على حدودها الجنوبية الهشة والمخاطر من وقوع حرب أهلية هي أسباب كافية لتدخل أنقرة بالشأن السوري. ولكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كان غاضباً بشدة من الاعتداءات على السفارة التركية والقنصلية التركية في العاصمة دمشق, والتي كان من الواضح تدبيرها من قبل النظام. أصدرت الحكومة التركية بياناً رسمياً للأتراك تنصحهم بعدم السفر لسوريا, على عكس سياسة الحدود المفتوحة.
أظهرت تركيا رغبة في مواكية تطور الرأي العام العربي. ويمكن القول في إطار آخر التطورات والذي عبر عنه الكاتب بولنت كينس Bülent Kenes بشكل رسمي في صحيفة الزمن التركية “أن العد العكسي لنهاية نظام الأسد في سوريا قد بدأ”.
مع الدعم الرسمي السعودي ودعم الملك الأردني عبد الله للثورة في سوريا وازدياد العنف في البلاد, بدأ أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو, والذيّن لديهما طموحات إقليمية في المنطقة, بتجهيز أنفسهما لمرحلة ما بعد الأسد.
في هذه الضغوط نحو إنهاء الأزمة السورية, مستفيدين من موقف الولايات المتحدة الأميركية المتحمس والتي تقوم بدور فعال والوقوف بوجه القوى الخارجية المؤيدة للنظام مثل روسيا. وبما أن هناك اختلافاً حاداً في وجهة نظر أردوغان مع واشنطن بشأن الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب على العراق، فإن هذه النظرة حول الموضوع لم تسلم من السخرية الواضحة في تصريح بين روديس Ben Rhodes مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما “نرحب جداَ بالموقف الحازم الذي اتخذته تركيا، ونؤمن بأنها ستوصل رسالة هامة للأسد بأن عليه التنحي”.
في سلسلة من التصريحات، أصر داود أوغلو على أنه “لم يعد من الممكن الثقة في الحكومة السورية” . مضيفاً بعض من الإهانة المستفزة، فقد أكدت أنقرة دعم المتظاهرين، وتحديداً دعم المجلس الوطني السوري، وهي جماعة تشكل مظلة المعارضة ومقرها في تركيا التي تسعى للحصول على اعتراف من أنقرة. وأضاف داود أوغلو “سنواصل اتخاذ مكاننا إلى جانب نضال الشعب السوري الشرعي”.
مع ارتفاع حدة التوتر بين البلدين، والاقتراحات التي من المرجح أن تطفوا على السطح من أن تركيا قد تدخل فعلياً في شمال سوريا لإيجاد الملاذ الآمن للمدنيين الذين شردتهم أعمال العنف. الآلاف من اللاجئين السوريين لجأوا داخل تركيا، بالإضافة إلى العديد من المنشقين عن الجيش السوري. في احتمالية توقع انتقام سوري، أفادت صحيفة Hürriyet بأن الرئيس عبد الله غول حذر مؤخراً من أن الأسد سيدفع ثمناً باهظاً لإثارة المتاعب في المنطقة الكردية في تركيا جنوب شرق البلاد.
إن المخاوف من انهيار سوريا الذي قد يزعزع استقرار المنطقة المجاورة بشكل خطير تحفز تركيا بدورها لرد حازم. مثل هذا السيناريو يمكن أن يؤثر على العراق، حيث المخاوف الأمنية المتزايدة مع اقتراب استكمال انسحاب القوات الأمريكية، وحتى إيران وهي الحليف الوثيق للأسد.
من الجانب السوري, يعمل النظام السوري للضغط على أنقرة، كما أشار غوخان باسيك Gökhan Bacik في صحيفة زمان اليوم. وعلى عكس العديد من البلدان المسلمة، فإن تركيا معترف بها بقوة من قبل أوروبا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وخلال العقد الماضي، فقد أصبح حزب أردوغان “حزب العدالة والتنمية الإسلامي” شعاراً للسياسة الإسلامية المعتدلة والمقبولة في أعين الغربيين.
بعبارة أخرى ، تقدم تركيا في غالبيتها المسلمة السنية، نموذجاً يُحتذى به بالنسبة للأغلبية السنية المحرومة في سوريا (وغيرها من البلدان العربية الثائرة في الربيع العربي). ليس فقط لأن أنقرة تشجع الثورة في دمشق، ولكن بات من الواضح أن سياسة الأسد في التخويف قد انتهت صلاحيتها، وأن نموذجاً عملياً مطروح الآن لدى السوريين، وأنه بعد الثورة، يمكن للتيارات العلمانية والإسلامية والطوائف الأخرى في البلاد تطبيق النموذج التركي بشكل سلمي.
المصدر:
Turkey has a key role in Syria – now and in the future
The Guardian
http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2011/nov/16/turkey-key-role-syria