تحليل: يعتبر هجوم النظام السوري على المدينة الثائرة استهانة بخطة السلام العربية

آليستر ليون Alistair Lyon

 لندن : الثلاثاء 8 تشرين الثاني /نوفمبر 2011

 رويترز : قوض هجوم النظام السوري على مدينة حمص الثائرة خطة السلام العربية وكشف فشل الغضب العالمي  في إجبار الرئيس بشار الأسد على وقف عملية القمع العنيفة ضد الانتفاضة الشعبية المندلعة قبل ثمانية أشهر.

 وقد تم استخدام الدبابات والقناصات لترويع المتظاهرين وملاحقة المنشقين عن الجيش في مدينة حمص، ويقول ناشطون أن هذا قد أسفرعن مقتل أكتر من 100 شخصاً منذ إعلان الجامعة العربية بتاريخ الثاني من نوفمبرعن قبول دمشق للخطة العربية الرامية إلى سحب الجيش من المدن وبدء حوار مع المعارضة.

 وقال مرهف جويجاتي، وهو باحث أكاديمي ولد في سوريا ويقيم في واشنطن،  بأن “خطة السلام العربية قد ماتت منذ إعلانها”، فالعنف لم يهدأ، والنظام السوري في حالة تحدٍ كاملة.

 من ناحية أخرى، يجتمع وزراء الخارجية العرب يوم السبت القادم بهدف مراجعة الخطة العربية التي لم يكن قدرُها ليفاجئ أياً من مناهضي حكم الأسد.

 وقال المحامي وليد البني، وهو معارض سوري خبر الاعتقال عدة مرات، وغادر سوريا متجهاً إلى باريس منذ أسبوعين “لا أعتقد أن عاقلاً توقع أن يقوم الأسد بسحب قواته من الشوارع ويسمح بالمظاهرات السلمية”.  وأضاف “إن غياب مجرد التهديد بالتدخل الخارجي ينظر له من قبل السلطات على أنه رخصة للإمعان بالقتل”.

 ويعيد العجز العربي الواضح عن ثني الأسد عن المسار الذي اختاره لنفسه للمواجهة ضد من يسميهم المليشيات الإسلامية والعصابات المدعومة من الخارج الكرة إلى ملعب القوى الغربية التي سبق للرئيس السوري أن تجاهل أو انتقد مواقفها المنددة.

 وقد لعب الأسد على إثارة المخاوف بأن سوريا من دونه قد تنزلق إلى الحرب الأهلية، والإسلام المتشدد، أو الصراعات الطائفية الدموية على غرار ما حدث في العراق، ما قد يتسبب بما وصفه بـ”زلزال” يضرب المنطقة.

 قال نديم شحادة ، من مؤسسة شاتام هاوس للدراسات الفكرية في لندن “إن الأسد قد خسر السلطة من حيث الشرعية”، لكنه أضاف أن المجتمع الدولي قد عمل إلى حد كبير على دعم الأسد من خلال دعواته المتكررة له بالإصلاح والحوار والتي ذهبت كلها أدراج الرياح.

 حاجـز الخوف :

“يبدو أن الشعب الذي يتظاهر في سوريا قد كسر حاجر الخوف، إلا أن المجتمع الدولي لم يفعل بعد”.فالعديد من السوريين قد تحددوا جهازاً أمنياً مرهوب الجانب ليحافظوا على مطالبهم بالتغيير، بالرغم من سفك الدماء المستمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 3500 سوري حسب ما تقول الأمم المتحدة، بما فيهم 1100 جندي وعنصر أمن قتلوا وفقاً للحكومة السورية.

 استطاعت القوى الغربية، وبموجب تفويض من مجلس الأمن لحماية المدنيين، من تقديم الدعم الجوي للثوار الليبيين للاطاحة بمعمر القذافي، إلا أنهم استبعدوا أي نية بتكرار هذا الدعم في سوريا نظراً لموقعها الأكثر حساسية في الشرق الأوسط. إلا أن قراءة الغرب لقرار التفويض هذا دفع بروسيا والصين لمعارضة أي تحرك في مجلس الأمن ولو حتى على مستوى الانتقاد لسوريا التي استلهمت انتفاضتها من البلدان الأخرى في العالم العربي.

من ناحية أخرى، فإن الجامعة العربية، التي سبق و جمدت عضوية ليبيا لديها ودعمت إقامة منطقة حظر جوي فيها، تعاملت مع النظام السوري بمرونة أكثر.

لقد عززت التهديدات السوداوية، التي أطلقها الأسد، المخاوف لدى الدول المجاورة لسوريا كإسرائيل ولبنان والعراق والأردن وتركيا من العواقب المزلزلة المحتملة لتحول القوى في بلد يتوسط العديد من جبهات الصراع في الشرق الأوسط.

 فعدم الاستقرار في سوريا، الحليف العربي الأقرب لإيران، من شأنه أن يصل إلى لبنان والعراق، اللتان تعانيان من انقسامات طائفية متفجرة. إسرائيل، في المقابل، التي اعتادت لزمن طويل على حالة الهدوء المخيمة على حدودها مع سوريا، تخشى أن سقوط الأسد قد ينذر بمجيء حكام لايمكن التنبؤ بتصرفاتهم .

من ناحية أخرى، قد يتحول اللاجئون السوريون، الذين تسللوا إلى كل من لبنان وتركيا، إلى مصدر قلق خاصة لتركيا التي تتوجس تجدد الدعم السوري للمتمردين الأكراد في جنوب شرق البلاد.

 ومازال الأسد يتمتع بدعم قوي من الأقلية العلوية التي ينتمي إليها، إلى جانب جزء من نخبة رجال الأعمال في كل من دمشق وحلب، وكذلك المسحيين وآخرين من الذين يخشون مجيء الإسلاميين الراديكاليين إلى السلطة، كما ويعتبر وجود قادة الأمن والجيش إلى جانبه أمر في غاية الأهمية.

 ويقول أحد أبرز المعارضين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بأنه لا يزال هناك “شرائح من الشعب السوري يقفون على الحياد، بسبب خوفهم على حياتهم في حال نزولهم إلى الشارع، أو أنهم لا يزالون يراهنون على بقاء الأسد”.

 ويضيف أن جامعة الدول العربية أحرجت الأسد بخطتها التي إن قام بتنفيذها ستكون بمثابة دعوة لأعداد ضخمة من المحتجين لمليء الشوارع. وقد تقوم الجامعة العربية بتجميد عضوية سورية في الجامعة وتحويل ملفها إلى الأمم المتحدة، الأمر الذي يضع ضغوطاً على روسيا والصين لتغيير موقفهيما.

 ويقول مصدر من الجامعة العربية بأن اللجنة الوزارية قد تعود إلى دمشق برسائل تأنيب وربما تحمل معها موعداً نهائياً جديد لتنفيذ الخطة، أو أن تقوم الجامعة بارسال مراقبين عرب لمعرفة من ينتهك الخطة. إلا أنه من غير المرجح أن يتم اتخاذ إجراءات فورية أكثر صرامة كتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية أو تحميلها مسؤولية العنف.

 وقال وحيد عبد المجيد من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة بأن الجامعة مكبلة بخلافاتها الخاصة مع كل من الجزائر ولبنان واليمن الذين يعارضون معاقبة سوريا، في حين مازالت العراق والسودان وموريتانيا مترددة. ويضيف بأن هذا يضع الجامعة في وضع محرج، فهي تعقد الاجتماعات ولكنها غير قادرة على التحرك.

لا خيار عسكري:

وتبدو القوى الكبرى مترددة ومنقسمة بالرغم من اتفاقها في ما يبدو على استبعاد الحل العسكري، حيث يقول جويجاتي ” ليس من المستبعد في هذه الظروف أن تقوم تركيا بتحرك ما بدعم ضمني من واشنطن وكبرى العواصم الأوروبية”.

 لكن تركيا، المنتقد الأكثر شدة لصديقها القديم، قد تقوم بفرض العقوبات التي وعدت بها منذ أسبوعين، أو قد تقوم بارسال إشارات واضحة بحصوص فرض منطقة آمنة أو منطقة حظر جوي في سوريا.

 من ناحية أخرى، تبدو خطابات الدول الغربية المنشغلة بأزمة الاقتصاد العالمية أكثر حدة، ولكنه ابخلاف ذلك تبدو في حيرة من أمرها، حيث قالت هيلاري كلينتون ، وزيرة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين “يجب أن يعلم هؤلاء الزعماء الذين يحاولون دفع المستقبل إلى الوراء باستخدام السلاح بأن أيامهم أصبحت معدودة” مشيرة في ذلك إلى سوريا، مع اعترافها بصعوبة تكرار السيناريو الليبي “للتحرير”.

 في اليوم ذاته، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بأن تصرف النظام السوري بعد الموافقة على خطة السلام العربية “غير مقبولا أبداً” وأنه “لا يمكن الوثوق به بعد الآن”، ولكنه على غرار نظيره البريطاني وليام هيغ الذي وجه انتقاداً للسياسة السورية، لم يقدم أي خطة للتحرك.

 ومع أن الغرب حث معارضي الأسد على تشكيل جبهة موحدة متجانسة، إلا أن شحادة من مؤسسة شاثام للدراسات الفكرية رأى أنها خطوة عبثية، نظراً لتنوع الآراء الكامنة بعد سنوات قمع طويلة، جاء ذلك في معرض حديثه حيث قال “إن هذه ليست بمعارضة حقيقية، إنها المجتمع السوري بأسره”.

 و رأى جوشوا لانديس Joshua landis وهو خبير بالشؤون السورية من جامعة أوكلاهوما أنه ما لم يتم اتخاذ خطوات أكثر حدة من الخارج أو نمو معارضة داخلية أكثر قوة، فإن الأسد قادر على البقاء لسنوات، ويضيف أيضاً “اليوم، مازالت المعارضة ضعيفة والجيش السوري يمتلك اليد العليا. ومن الممكن أن يتغير هذا الوضع في حال تمكنت المعارضة من تأسيس حركة تمرد حقيقية، أو إذا مضت تركيا إلى حرب مع سوريا من خلا توفير الدعم لبعض الثائرين، أو إن تم شن هجوم وتدخل خارجي مثلما حدث في ليبيا. ” لا يلوح أي من هذه الاحتمالات في الأفق”. مجادلاً طرحه هذا لوجود وجود عصابات حرب صغيرة من الممكن أن تبدأ بالانتشار وتقوم بازعاج الجيش والحكومة السورية، حيث يقول لانديس في هذا الصدد ” إن حصل هؤلاء على الدعم والتمويل الخارجي والأسلحة، يمكنهم أن يحولوا الأمور إلى تمرد حقيقي بمرور الوقت”.

 المصدر:

Analysis: Syrian attack on rebel city mocks Arab peace plan
Alistair Lyon
LONDON
Tue Nov 8, 2011 8:30am EST

http://www.reuters.com/article/2011/11/08/us-syria-struggle-idUSTRE7A73JW20111108

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s