الرأي العام العربي ينقلب بشكل ساحق على الأسد في سوريا
هيثر هورن Heather Horn
أوكتوبر 26 2011
أي والتغطية الإعلامية في المنطقة إلى أن التظاهرات المناوئة للأسد مدعومة بشكلٍ كبير من المواطنين في الدول العربية، حتى أنهم قد يشجعون تدخلاً خارجياً ولكن ليس من قبل الغرب.
مع استمرار الأعمال الوحشية في سورية لا بد من طرح السؤال التالي: هل يقوم المجتمع الدولي بدوره كما يجب؟ من وجهة نظر تحليلية فمن المؤكد بأن النظام السوري في “عزلة متزايدة”، ولكن ماذا يعني ذلك على أرض الواقع؟ هناك التنديد المعتاد بأعمال العنف، حيث دعت شخصيات من مثل المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى حماية المدنيين السوريين. بالطبع من غير المفاجئ أن يكون الجانب الغربي من المجتمع الدولي بشكلٍ خاص منزعجاً –على أقل تقدير- بشكلٍ متزايد من الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن إن كنت ترغب بتحديد طبيعة العزلة التي نتحدث عنها هنا فإن المؤشر الأفضل على ذلك يكمن في موقف العالم العربي.
تبدو الصحف اليومية العربية الكبرى –على الأقل– مجمعة على دعم المظاهرات المناوئة للأسد. الأكثر من ذلك فقد أعطى استطلاع جديد للرأي يوم الثلاثاء الانطباع بأن هذا الدعم يمتد ليشمل المواطنين العاديين، بعبارة أخرى لا يوجد انقسام بين النخبة الإعلامية والرأي العام حول هذا الموضوع، من جهة يبدو الأمر بديهياً: حتى خلال الصيف فقد أظهر استطلاع للرأي للمعهد العربي الأمريكي حول المواقف العربية تجاه الانتفاضات في العالم العربي بأنه على الرغم من أن الجزء الأكبر من أن تلك الآراء أجابت بأنها مازالت تعتبر أنه من المبكر استخدام مصطلح “الربيع العربي”، فإن الجواب الذي يأتي في المرتبة الثانية من حيث الشعبية هو أن هذه الانتفاضات قد جعلت العالم العربي “أفضل حالاً”. لكن من جهةٍ أخرى هناك عوامل خاصة يجب أخذها بعين الاعتبار وهي أن: الكثيرين في العالم العربي حساسون تجاه مؤشرات التدخل الأجنبي أو حتى الأحكام الأجنبية وتغلغل القيم الغربية. بالإضافة إلى أن الكثيرين في العالم العربي يريدون من زعمائهم أن يثبتوا جدارتهم في مواجهة إسرائيل: لقد قام الأسد بذلك من دون شك، فلم تكن إسرائيل أو أي من حلفائها الأوروبيين أو الأمريكيين مغرمين إلى حدٍّ كبير بالنظام السوري.
ولكن يبدو أن التأييد للربيع العربي يعلو فوق تلك المخاوف، حيث تتناول إحدى المقالات في صحيفة الحياة اليومية بعض هذه القضايا بشكلٍ مباشر، كموضوع الخوف من التدخل الأجنبي والذي تم التعبير عنه في مقالة في القدس العربي (صحيفة بارزة مؤيدة للفلسطينيين ومعادية للغرب في كثير من الأحيان)، “ماذا لو أن الناس ثاروا ولم يستطيعوا تحقيق النصر؟”، يتساءل كاتب المقالة في صحيفة الحياة. ثم تأتي العبارة التي يتم ترديدها باستمرار “يجب ألا يكون هناك تدخل أجنبي”، ولكن يتابع الكاتب كلامه: “المشكلة في هذه الطريقة في التفكير –”مشيراً إلى طريقة تفكير المتشددين– “أولاً: إن أتباعها يحبون الاستراتيجيات وعلم الجيوبوليتيك أكثر مما يحبّون الشعب […] ثانياً: يكرهون أمريكا أكثر مما يحبّون الشعب”، ثالثا:ً تتابع المقالة بشكلٍ مطول إلى حدٍّ ما لتؤكد بأن وجهة النظر هذه تظهر اهتماماً قليلاً بدعم مختلف المجتمعات العربية.
من اللافت للنظر رؤية القدس العربي –وهي الصحيفة المؤيدة للفلسطينيين والمعادية بشدّة للغرب بشكلٍ عام– تنحاز إلى جانب الشعب السوري. تنشر الصحيفة مقالةً تتساءل فيها عن طريقة تفكير الدكتاتور، مقالة أخرى يتحدث فيها شخص من سورية عن عملية تحرره من الوهم، مقالة ثالثة تصرح بشكل واضح ومباشر في جملتها الأولى “من غير المقبول أن يتجاهل المرء الألم الكبير في سوريا”، والمقالة الأخيرة تتحدث عن “نظام بشار الأسد الذي يكرر المذابح التي قام بها والده” مقارنةً تلك المذابح بالإرهاب، كما تؤكد بأن الشعب السوري يستحق أن يحظى بفرصة بناء “دولة عربية ديمقراطية وطنية حديثة”.
حتى تلك المقالات التي أظهرت قلقاً على الاستقرار في المنطقة كانت سريعة في التعبير عن شعورها بالصدمة من أفعال الأسد. صحيفة الأهرام المصرية على سبيل المثال وصفت “المخاوف المتزايدة من احتمال انزلاق سوريا إلى حرب أهلية”، ولكنها أيضاً أشارت باشمئزاز إلى “الاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام السوري”، وإلى “قتل قادة المعارضة في ظروف غامضة”. وقد نشرت الشرق الأوسط مقالة تبدي القلق حول التبعات الإقليمية على اعتبار أن سوريا كانت في يومٍ ما تشكل “صلة الوصل في العلاقة بين إيران وتركيا”، كما تخصص مقالة أخرى كاملة تقريباً للتعبير عن شكوكها حول مناورات الرئيس السوري بشأن الإصلاح.
بالإضافة إلى ذلك قد يلاحظ قراء النيويورك تايمز بأن أنطوني شديد Anthony Shadid من التايمز ليس الشخص الوحيد الذي يلمح إلى أن مقتل القذافي قد يحفز المعارضة السورية، إنها أيضاً وجهة نظر واسعة الانتشار لدى الإعلام الناطق باللغة العربية، حيث نقرأ في مقالة مكتوبة في القدس “إن كان هناك من يظن بأن قمع المتظاهرين بشكلٍ عنيف قد يجنب الحكام العرب مصير مبارك، فقد أظهر الجسد الممزق لحاكم ليبيا السابق ما هو البديل لقفص الاتهام.”
كل ذلك لا يعني بأن العالم العربي لم يعد متشككاً إلى درجة كبيرة بالمواقف الغربية من الربيع العربي، فالقراء الذين يتصفحون المقالات المنشورة على الإنترنت سيعثرون على بعض الإدانات العنيفة لدور الناتو في ليبيا، ولكن إذا كنت تبحث عن دليل على الإجماع شبه التام على دعم المحتجين في سوريا فما عليك إلا الاضطلاع على التقرير الذي نشره اليوم المعهد العربي الأمريكي؛ “الغالبية الساحقة من العرب في الدول الست التي شملها الاستطلاع وقفوا إلى جانب السوريين الذين يتظاهرون ضد الحكومة (بين 83% في المغرب و100% في الأردن). وعندما سألوا إن كان بشار الأسد بمقدوره الاستمرار في الحكم أم لا سجلت أعلى نسب الإجابات بنعم في المغرب 15% وفي مصر .14%
المؤشر الأبرز هو الدعم الضئيل الذي حصل عليه الرئيس السوري في لبنان، نلاحظ من نتائج أخرى أن اللبنانيين لم يتوقفوا عن تقييم حزب الله بشكل إيجابي، كما أن أكثر من نصف اللبنانيين الشيعة يبدون نظرة إيجابية للدور الإيراني في سوريا، ولكن في الأسئلة المتعلقة بالزعيم السوري فإنه من الواضح أن أي دعم تمتع به في السابق قد تبخر الآن.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون في رؤية المجتمع الدولي يتدخل من أجل وقف المذبحة التي تتعرض لها المعارضة؟ في الحقيقة فإن استطلاع الرأي يعالج هذه القضية أيضاً والرسالة مطابقة تماماً لما تتوقعه من قراءة الإعلام الناطق باللغة العربية حول هذا الموضوع:
“حصلت تدخلات تركيا في سوريا حتى الآن على أغلبية الدعم في جميع البلدان العربية […] البلد الذي حصل على التقييم الأدنى لدوره في سوريا هو الولايات المتحدة، وهو أمرٌ يجب أن يفهمه صناع القرار الأمريكيين على أنه بمثابة رسالة تحذيرية […]يظهر فيها بأن بلد كسوريا لا يمكن أن يتمتع فيه التدخل الأمريكي بدعمٍ واسع.”
هل سوريا هي المكان الذي ستبدأ فيه أخيراً بلدان الشرق الأوسط بمراقبة نفسها ومطالبة الأنظمة القمعية –على الأقل الأكثر قمعاً بينها- بضبط نفسها؟ من الصعب معرفة ماذا يمكن أن يقول محللو السي آي إيه CIA حول ذلك، إلا أن رسالة الرأي العام والإعلام واضحة: إنه ليس بالأمر البعيد المدى كما قد تظن.
المصدر:
Arab World Opinion Turns Overwhelmingly Against Syria’s Assad
Arab American Institutte