عدم ارتياح حزب الله تجاه سوريا (لوموند)

عدم ارتياح حزب الله  تجاه سوريا (لوموند) — 27 أكتوبر 2011

تحليل لور ستيفان

لا أثر لاحتجاجات البحرين ضد للسلطة الحاكمة على شاشات القنوات الفضائية المؤثرة كالجزيرة و العربية ، إنما تستمر تغطية الثورة السورية ضد نظام  بشار الأسد .

في المقابل ، فإن قناة المنار الخاصة بحزب الله توفر حيزاً واسعاً لتعبئة الشيعة بشكل رئيسي والسنة بشكل ثانوي في البحرين. ولكن الاحتجاجات في سوريا غير موجودة. أو بالأحرى ، لاوجود لوجوه المعارضين على هذه القناة. فقد تبنت القناة اللبنانية رواية السلطة البعثية للأحداث وتعطي الكلمة للمواطنين العاديين ، وتقدمهم على أنهم مؤيدين للحكومة. ولكن الروايات التي تعكس القمع — أكثر من 3000 حالة وفاة منذ بدء الاحتجاجات في 15 مارس ، وفقا للأمم المتحدة — هي غائبة تماماً عن هذه المحطة.

ينكر حزب الله على الشارع السوري الشرعية التي يمنحها للانتفاضات أخرى في كل من ليبيا واليمن متجاهلاً ضخامة التجمعات. “أعربنا عن تضامننا مع كل الثورات ضد الأنظمة المتحالفة مع الأمريكيين” ، هذا ما صرح به الأمين العام حسن نصر الله، يوم الاثنين 24 أكتوبر، على تلفزيون المنار.

وبالنسبة لمنظمة تصنف كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن، يبدو مصير سوريا أمر بالغ الأهمية. فدمشق تعتبر شريكاً استراتيجياً على الرغم من الخلافات. فهي تسمح بتسليح الجناح العسكري للتشكيل الشيعي الوارد من إيران إلى لبنان. فهي بالنسبة لحزب الله، أحد أركان محور التحالف ضد “التحالف الإسرائيلي” في المنطقة ، وفقا لنعيم قاسم، نائب حسن نصرا لله والرجل الثاني في الحزب.

خلافا لحركة حماس الفلسطينية، التي تتجاهل المسألة السورية،  أكد حزب الله مرارا دعمه للسلطة. وبرر حسن نصر الله الاثنين الماضي، مجددا دعمه لدور سوريا “في القضية الفلسطينية” و “استعدادها” للشروع في الإصلاحات، التي كان قد اعترف في وقت سابق أنها “حاجة ملحة”. كما أشار إلى “التهديدات” التي تأتي من “إسرائيل والولايات المتحدة”، والتي تسعى إلى إقامة “نظام إقليمي جديد” يقوم على “الطائفية” والتطرف الإسلامي”.  وقد أشار نصرا لله في شهر أيار الماضي إلى أنه “من بين العوامل التي تؤثر على موقفنا أن هناك ما يجري في سوريا ومن شأن هذه الأحداث  أن تؤثر على بلدنا ، لبنان والمنطقة”.

في الواقع ، فإن الأزمة السورية كان لها تأثيرها في لبنان. فحزب الله لن يملك الوقت الكافي للاستمتاع  تماما بانتصاره السياسي : حيث شكل الأغلبية الجديدة في الحكومة، بعد إطاحته مع حلفائه بحكومة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في كانون الثاني المنصرم. ولكن خفت هذا النجاح بعد أن طغى عليه اندلاع الاحتجاجات في سوريا والخوف من فقدان أحد الحلفاء. سوف تحتاج الحكومة التنفيذية إلى أشهر من المفاوضات قبل أن يجري تشكيلها في حزيران  وفي حال كان حزب الله هو المهيمن على المستوى السياسي فستؤدي النزاعات إلى إضعاف السلطة. بينما وجد معسكر “14 آذار” الذي ضعف وتحول إلى المعارضة، مجالاً للمواجهة مع سوريا والتنديد بتبعية الحكومة  اللبنانية لدمشق.

ويبدو اتساع الهوة بين صمت حزب الله  بشأن العنف المرتكب ضد الشارع السوري من جهة وبين التزامه بمبادئه عن العدالة الاجتماعية، أمراً حساساً لحزب الله نفسه كما لمؤيديه حيث حظي هذا الحزب الإسلامي بدائرة واسعة من المؤيدين لا تنتمي  لمجتمعه الصغير ومؤيديه من التبعية الشيعية، فحسب بل وتشمل أطيافاً غير متدينة أو من أتباع الديانات المختلفة، المؤيدة ل”لمقاومة” ضد إسرائيل وللرؤية الاجتماعية لحزب الله،

إنما يبدو الآن عدم الارتياح والانتقاد واضحين ضمن هذه الدائرة المؤيدة، في حين يستمر حمام الدم في سوريا.

ويذكر عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في عمان، في مقابلة مع موقع مرآة الشرق الأوسط Middle East Mirror. أن حزب الله لطالما عرف عن نفسه بأنه “حزب جماهيري” ولكن “اتخاذه لموقف ضد الجماهير” في سوريا من شأنه أن ينفي البعد الأخلاقي لهذه المنظمة، وأن يرجح الكفة لدورها “الديني”، على حساب مصداقيتها وصورتها  ونفوذها في العالم العربي، كما يقول.

ويبدو أن الاحترام والمكانة اللذان اكتسبهما حزب الله في المنطقة بعد تشكيله للجيش الشيعي، بعد نزاع عام 2006،  حين أصبح الرمز العربي الأول الذي وقف في وجه إسرائيل، قد أخذا يتضاءلان. وقد سبق له أن تضرر من جراء النتائج التي توصلت إليها المحكمة الخاصة بلبنان ، والتي أصدرت خلال هذا الصيف مذكرات توقيف بحق أربعة عناصر من حزب الله المتهمين بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري في عام 2005.

إن دعم بشار الأسد يزيد من وطأة الضغوطات على الحزب، كما يزيد الصدع الطائفي. فقد أثنى السيد حسن نصر الله على المقاتلين الليبيين المناهضين لحكم القذافي وعلى الثوار المصريين بينما لم يبد أي من التعاطف مع المتظاهرين السوريين، ذوي الأغلبية السنية، في حين لا يؤيد السلطة العلوية (وهي فرع من المذهب الشيعي) اليوم في منطقة الشرق الأوسط سوى إيران — التي ندد رئيسها “بالقتلى” في سوريا — وحزب الله الشيعي. وتشير الباحثة المختصة بحزب الله  أمل سعد غريب “إن المشاعر المعادية للشيعة موجودة، ولكن يصعب قياسها كميا، ربما يكون الأمر مرتبطاً بسمعة الحزب، ولكن بالنسبة له، الأهم هو حماية مشروع المقاومة”.

ويستمر تردد الاتهامات،  بين اللاجئين السوريين الذين استقروا في لبنان، حول تورط ميليشيات حزب الله، في قمع الاحتجاجات، يعلم حزب الله أن تأكيد هذه الاتهامات سيكون مكلفا له،ولذلك يجد أنه من الضروري أن يكذبها مراراً وتكراراً.

المصدر:

Malaise du Hezbollah face à la Syrie

Le Monde

http://www.lemonde.fr/idees/article/2011/10/26/malaise-du-hezbollah-face-a-la-syrie_1594000_3232.html

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s